سلام خليل يروي ذكرياته مع الاختفاء القسري في العيد: تعذيب وتقييد ورائحة دماء.. العفن يغطي أمن الدولة

في الجمعة ١٦ - سبتمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

إسلام في تدوينة له على «فيسبوك»: في لاظوغلي بني آدمين كتير مترميين في الطرقات وفيه ناس متعلقين في حديد الأبواب

 

روى الناشط السياسي، إسلام خليل، المخلى سبيله منذ أيام بعد اعتقال استمر شهور، ذكرياته مع الاختفاء القسري في العيد، مرسلا رسالة مفزعة عن أوضاع المختفين قسريًا في أماكن الاحتجاز في مصر وعلى رأسها مقر أمن الدولة في لاظوغلي.

وقال إسلام خليل فى رسالة، "منذ 3 أيام وأنا أحاول أن أكتب مقالا عن العيد للمختفين قسريًا، لكن لغيت الموضوع علشان تقدروا تفرحوا أول يوم العيد من غير كآبة.. وبرغم من ذلك مش قادر أمنع نفسي من إني أنشر بشكل مبسط جزء من اللّي عيشته يوم العيد وبيعيشه حالا في اللحظة دي مختفين قسريًا كتير في أكتر من مكان في مصر.. لو نفسيتك متستحملش تقرأ عن ده متكملش".

وتابع خليل: "الزمان 17 يوليو 2015 "عيد الفطر" كان عدي عليا 50 يوم تقريبا بعد القبض عليا وإخفائي قسريًا، المكان: الدور التالت بمبني إدارة الأمن الوطني في لاظوغلي، علشان تقدر تستوعب المكان تخيل معايا المشهد ده.. "الدور عبارة عن طرقات وعلي جنب الطرقة مكاتب.. قبل ما تقرب من الدور هتبتدي تشم ريحة عفن صعبة بتقرب.. بمجرد دخولك للطرقات هتلاقي بني آدمين كتير مترميين في الطرقات كل واحد فيهم عنيه متغمية وأيديه مربوطة وجزء منهم رجليه كمان مربوطة وفيه ناس متعلقين في حديد في الطرقة أو في الأبواب، ولو فتحت أي مكتب هتلاقي بني أدمين تانيين حالهم نفس حال اللي في الطرقة".

 وأضاف خليل، "ريحة العفن بتزيد كل ما تدخل جوا الطرقات أو المكاتب "ريحة عرق لأجسام ملمستهاش المياه ولا أدوات النضافة لشهور -ريحة دم وتقرحات- خليط عفن متعتق.. كل الأصوات اللّي ممكن تتسمع هناك هي ميكس بين صوت الصرخات من غرف التحقيق وبكاء الأطفال الموجودين اللّي مبينتهيش واهات من اللّي الموجودين في الطرقات والمكات

وأشار خليل إلى أن في وسط كل هذا أنا كنت من ضمن اللّي في المكاتب (عنيا متغمية أيديا مربوطة ورا ضهري.. مخدتش دش من 50 يوم كلهم تعذيب.. دم علي جسمي وهدومي اللّي ريحتها متتوصفش من صعوبتها.. جروح في أكتر من مكان وتقرحات في أماكن مشابك الكهربا.. ممنوع من الكلام والحركة.. الاكل رغيف في اليوم.. الحمام مرة في اليوم وأحيانا مفيش ملييش إسم .. بتنادي برقم)، في الوضع ده كل واحد فينا كان بيحاول يحسب الزمن اللّي عدي علشان ميتجننش "عن طريق تغيير الدوريات اليومية للحراسة، أو سؤال أي واحد جديد وده خطر لإن اللّي الحراسة بيمسكوه وهو بيتكلم مع اللّي جنبه بيقضي بقية اليوم متعلق من أيده زيادة علي جلسة التحقيق "التعذيب".

وتابع خليل، أن في هذا اليوم عرفنا أنه العيد من الحراس وهم بيرشوا علينا معطر "علشان الباشا مش عايز يشم ربحة وحشة النهاردة"، برغم كل اللّي احنا فيه واللّي مهما وصفته مفيش إنسان هيستوعبه بدأت أسرح في حاجات كتير (وأعتقد إن بقية رفاق لاظوغلي كانوا بيفكروا ف ده ) أهلي وأصحابي عاملين إيه؟ بيقضوا العيد إزاي؟ هم لسه فاكرني؟ طب هيعرفوا يفرحوا؟ طب الحياة برا وقفت علشان اللّي بيحصلنا ولا مفيش حد حاسس بينا أصلا؟.. طب هم ممكن النهاردة يطلعونا السجن؟ أو يروحونا ؟ طب التعذيب هيكون أخف اليومين دول؟ طب هيشيلوا الغماية أو يسيبونا ناخد دش؟ وقف تفكيري وواحد من الحراس بيقومني وبيقولي "تعالي هقعدك في مكان أحسن علشان النهاردة العيد "اتحركت معاه لقيته فك الكلابس من أيدي الشمال وعلق أيدي اليمين في الحديد.. وقضيت بقية يوم العيد وأنا بالوضع ده وصوت الصرخات في ودني من غرف التحقيق

وأضاف خليل، " 21 سبتمبر 2015 كان ميعادي إني أشوف النور بعد 122 يوم إختفاء وده كان قبل عيد الاضحي بيومين.. قومونا مجموعة مع بعض ووقفونا طابور أشبه بطوابير الأسري (عنينا متغمية وأيدينا مربوطة وكل واحد أيده علي كتف اللي قدامه) كان في الوقت ده فيه طفل عنده نزيف وبيموت بالبطئ قوموه معانا وبعدين قالوله لا أنت مش طالع معاهم.. أغمي عليه من الخضة والخوف أنه هيقعد فترة أطول،  وبرغم أننا مكناش عارفين احنا رايحين فين أصلا، لكن في كل الأحوال أفضل من وجودنا في لاظوغلي.. وأنا في الطرقة قبل نزولي لركوبي المدرعة واحد من اللّي موجودين في الطرقة مسك في رجلي وطبطب عليها وكانه بيقولي متنسوناش أو بيحاول يطمني زي ما كلنا هناك كنا بنعمل مع بعض".

وأوضح خليل، "أن الوضع مأساوي لدرجة أن الاف الصفح والأيام مش هتكفي الحكايات والكلام وكل اللي وصلكم عن الاختفاء القسري هو أقل القليل، وبرغم كل ده عندي ثقة في كل المختفين قسريًا أنهم هيكتشفوا أن عندهم قوة خرافية لمواجهة التعذيب والالم والحفاظ علي إنسانيتهم أو جزء منها للنجاة بيه من المكان ده.. الجزء اللّي بيفضل فاكر بيه حبيبته وضحكتها وأصحابه ولمتهم وخروجاتهم وأسرته والمحبة اللّي فيها حتي وهو بيتعذب لدرجة خروج إبتسامة منه في وسط كل ده مع كل ذكري".

ووجه خليل رسالة إلى لأهالي المختفين وأصدقائهم، قائلاً: "أوعوا تنسوهم.. أفضلوا فاكرينهم وفاكرين ذكرياتكم معاهم كلها، أتكلموا عنهم في كل مكان.. أنتم الأمل والقشة اللّي بيتشعبطوا فيها علشان يكملوا ويفضلوا عايشين.. متيأسوش زي ما هم مش يائسين ومتعلقين بالحياة برغم كل ده علشانكم.. حاربوا وناضلوا علشانهم وخلوا لكل ده قيمة".

وأختتم خليل رسالته، "أن النهاردة بقضي العيد وسط أهلي وأصحابي من غير غماية ولا تعذيب.. بس لسه روحي متعلقة معاهم هناك، ولسه بسمع صرخاتهم وأهاتهم وبفكر في اللّي بيفكروا فيه هناك وبحس الامهم علي جسمي، وده اللّي خلاني أكتب شوية النهاردة برغم صعوبة ده عليا وعليكم".

اجمالي القراءات 4202