أعلن تنظيم "المرابطون"، المتحالف مع تنظيم "داعش"، مسؤوليته عن هجوم استهدف نقطة حدودية في بوركينا فاسو، وأوقع قتيلين وجرحى.
وقد جاء تبني التنظيم الإرهابي هذه العملية، التي وقعت بالقرب من الحدود مع النيجر، في تصريح لزعيم التنظيم عدنان أبي الوليد الصحراوي، بثته وكالة الأخبار الموريتانية.
تطور نوعي
وتعد هذه المرة هي الأولى التي يعلن فيها تنظيم متحالف مع "داعش" مسؤوليته عن هجوم مسلح في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء. كما أن الهجوم كان الأول لتنظيم "المرابطون" منذ مبايعته تنظيم "داعش" تحت إمرة أبو الوليد الصحراوي منتصف شهر مايو/ أيار من العام الماضي.
ويشكل الهجوم تحولا خطيرا في مسار نشاط الجماعات الإرهابية في الصحراء الكبرى، التي بايعت "داعش". وقد يكون بداية مرحلة جديدة من العمل المسلح، وخاصة أنه جاء بالتزامن مع صعوبات كبيرة يواجهها التنظيم في ليبيا.
وثار جدل كبير في صفوف "المرابطون" حول بيعته لـ"داعش" من عدمها. ففي حين أكد أبو الوليد الصحراوي، في شريط مصور بثه التنظيم في الخامس عشر من مايو/أيار 2015، أن التنظيم بايع زعيم "داعش" أبا بكر البغدادي؛ نفي القيادي في "المرابطون" مختار بلمختار هذه المزاعم قبل أن يعود الصحراوي ويجدد البيعة للبغدادي في شريط مصور تم نشره في العشرين من نفس الشهر.
وبرر أبو الوليد الصحراوي مبايعة أمير "داعش" بضرورة "لزوم الجماعة ونبذ الفرقة والاختلاف والجمع بين كلمة المسلمين وتوحيد صفهم". ويعكس الخلاف حول الانضمام إلى "داعش" من عدمه صراعا داخل تنظيم "المرابطون" الإرهابي المسلح.
وينحدر عدنان أبو الوليد الصحراوي من مدينة لعيون بالصحراء الغربية، وسبق أن نفذ هجمات دامية وإعدامات وقاد عدة عمليات اختطاف للرهائن خلال السنوات الخمس الماضية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها بوركينا فاسو لهجوم إرهابي؛ حيث هاجم مسلحون في أواخر شهر يونيو/حزيران الماضي نقطة حدودية مشتركة مع مالي والنيجر. لكن السلطات في بوركينا ظلت تتجاهل فرضية الهجمات الإرهابية، وكانت تنسب هذه الهجمات إلى مسلحين مجهولين يعتقد أنهم مهربون.
تواصل مباشر
ومنذ أن سيطر تنظيم "داعش" على مدن ليبية خاصة سرت؛ أعلنت دول غربية عن قلقها من تهديد حقيقي يشكله التنظيم الذي لا يخفي سعيه لإقامة إمارة في شمال إفريقيا.
وبالفعل، بدأ التنظيم بتكثيف جهوده لإيجاد موطئ قدم له في دول الجوار الليبي عبر استغلال قدراته الخارقة في مجال استقطاب الجهاديين. وهو ما تمكن منه بالفعل، حيث شن عدة هجمات في تونس بالتنسيق مع إرهابيين مسلحين ينشطون في سلسلة جبال ولاية القصرين. كما زاد فرع التنظيم في مصر وتيرة عملياته العسكرية التي تهدف إلى السيطرة على سيناء وإقامة إمارة فيها.
وبدا أن دول إفريقيا جنوب الصحراء التي تحد ليبيا خاصة النيجر والتشاد عاجزة عن مواجهة حركة السيارات العابرة للصحاري التي تحمل شحنات الأسلحة والذخائر. وهو ما عزز المخاوف لدى دول المنطقة من أن تتحول هذه الدول إلى معبر سهل يربط التنظيم الإرهابي الأم بفروعه التي تنشط في الصحراء منذ سنوات.
وجاءت مبايعة جماعة "بوكو حرام" النيجيرية لتنظيم "داعش" في مارس/آذار 2015، وتحولها إلى "ولاية غرب إفريقيا" في التنظيم، لتربك حسابات الأمنيين والساسة في المنطقة؛ خاصة بعدما تأكد أن هناك تواصلا مباشرا بين "داعش" و"بوكو حرام" التي أرسلت مقاتليها عبر التشاد إلى ليبيا للتدرب والحصول على العتاد العسكري بحسب ما صرح به مصدر في ولاية بورنو النيجيرية.
وعلى الرغم من أن شوكة تنظيم "داعش" في ليبيا بدأت تضعف بخسارته أبرز معقل له وهو مدينة سرت، فإن خطر تمدده ما زال قائما، خاصة أنه تم رصد محاولات من قبل التنظيم لنقل المعركة إلى خارج ليبيا بعد تضييق الخناق عليه فيها.
ولقد شددت كل من تونس والجزائر مراقبة الحدود البرية وفرضت إجراءات صارمة للتحرك عبرها تفاديا لتسلل المقاتلين إليهما من ليبيا، وهو ما قد يدفع التنظيم إلى البحث عن مخارج أخرى.
وتمثل دول النيجر والتشاد وبوركينا فاسو ومالي حلقة ضعيفة في المنطقة من الناحية الأمنية، وقد تكون الوجهة المفضلة للتنظيم الإرهابي في المرحلة المقبلة؛ حيث تتشاطر حدودا شاسعة ووعرة وتنشط داخلها أو على حدوها تنظيمات إرهابية بايعت جميعها "داعش". وهي على استعداد لتقديم الدعم والإسناد للتنظيم بعد طرده من ليبيا.
وقد شكلت هذه الدول بالإضافة إلى موريتانيا حلفا عسكريا لتبادل المعلومات وتسيير الدوريات بدعم مباشر من الجيش الفرنسي لتعقب الإرهابيين ومنعهم من التنقل بين حدودها؛ لكن التحالف المعروف بتجمع دول الساحل لم يحقق حتى الآن نتائج تذكر في مجال الإرهاب.