درب التبانة تحتوي على صحراء شاسعة قرب مركزها.. ما الذي يعنيه هذا؟

في الخميس ١١ - أغسطس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

تحتوي مجرتنا درب التبانة على فراغ ضخم، أشبه بالفجوة العملاقة داخلها، هذا الفراغ لم يسبق لأحد رصده من قبل، ويزعم العلماء أن فهمنا لمجرة درب التبانة يحتاج إلى إعادة تقييم، وذلك بعد اكتشاف فريق دولي لمنطقة في مركز مجرتنا لا يوجد بها أي نجوم صغيرة السن نسبيًا. وتتكون درب التبانة من عدة مليارات من النجوم، بما في ذلك الشمس. ويبعد كوكب الأرض قرابة 26 ألف سنة ضوئية عن مركزها.

توزيع النجوم

ورغم هذه المليارات من النجوم، فإن العلماء حريصون على معرفة كيف يتم توزيع هذه النجوم في المجرة، وللقيام بذلك، يبحث العلماء دائمًا عن النجوم النابضة، التي يطلق عليها اسم «Cepheids»، والتي تُعَدّ نجومًا مثالية لأنها أصغر سنًا بكثير من شمسنا، كما أنها تخفق أو تنبض بمعدلات ودورات منتظمة.

يمكن للعلماء مراقبة تلك الدورة ليشاهدوا درجة بريق وإشراق النجم الحقيقية، ومقارنتها مع الكيفية التي يبدو إشراق هذا النجم عليها عند النظر له من الأرض، ومن خلال هذه المقارنة وهذين العاملين، يمكن للعلماء العمل على تحديد بُعْد هذا النجم عن كوكبنا.

ولكن عندما بحث العلماء عن هذه النجوم النابضة في مركز مجرتنا، بالكاد وجدوا عددًا لا يذكر منها. فهناك جزء كبير من المساحة التي تمتد لقرابة 8 آلاف سنة ضوئية من مركز مجرتنا، يطلق عليها العلماء اسم «الصحراء»؛ لعدم وجود أي نجوم بها.

وقال نوريوكي ماتسوناغا، من جامعة طوكيو، والذي قاد هذا الفريق الدولي؛ إنهم وجدوا بالفعل بعضًا من النجوم النابضة منذ فترة في قلب وسط مجرتنا (في المنطقة التي يبلغ نصف قطرها حوالي 150 سنة ضوئية من مركز المجرة)، وأضاف: «الآن نحن نجد أن بعد هذه المنطقة هناك صحراء ضخمة، تمتد لمسافة 8 آلاف سنة ضوئية من مركز المجرة».

ما أظهرته نتائج هذا الفريق، يشير إلى أن القرص الداخلي المتطرف الذي يشكل جزءًا كبيرًا من مجرتنا، لا يوجد لديه نجوم شابة، وقد قال المؤلف المشارك في الدراسة، مايكل فيست، في بيان له: «استنتاجاتنا تتعارض مع أعمال أخرى في الآونة الأخيرة، ولكن نتائجنا متماشية مع عمل علم الفلك الراديوي، الذي لم يرَ أي نجوم جديدة ولدت في هذه الصحراء».

وقال العلماء إن هذه الصحراء كانت موجودة منذ مئات الملايين من السنين، لذا فإن العلماء يعيدون تفكيرهم حاليًا، في محاولة لفهم كيف جرى تشكيل مجرة درب التبانة.

وفي البيان ذاته الذي نشره فريق الدراسة، قال مؤلف آخر، جوزيبي بونو؛ إن النتائج الحالية تشير إلى أنه لم يكن هناك تشكيل كبير للنجوم في هذه المنطقة الكبيرة على مدى مئات الملايين من السنوات. وأضاف: «إن الحركة والتركيب الكيميائي للنجوم النابضة الجديدة يساعدنا على فهم أفضل لكيفية تشكيل وتطور مجرة درب التبانة».

وعادة ما يستخدم العلماء هذه النجوم النابضة، للعمل على الأجرام السماوية في الكون البعيد، ولكن الدراسة الجديدة أوضحت أن العمل الذي يقوم به العلماء لمحاولة فهم هيكل مجرتنا، لا يزال أمرًا بعيد المنال.

 

 

 

 

النجوم النابضة

النجوم النابضة أو المتغيرات القيفاوية، هي نوع من النجوم التي تنبض إشعاعيًا، وهي نجوم متفاوتة في كل من القطر ودرجة الحرارة، كما أنها تنتج تغيرًا في السطوع مع فترة ثابتة وواضحة المعالم والسعة من الوقت. أي أنها تتميز بتغير شدة الإضاءة والسطوع بشكل منتظم هبوطًا وصعودًا مع أوقات ثابتة.

فكرة وجود علاقة مباشرة وقوية بين اللمعان والنبض على فترات محددة، جعل من هذه النجوم مؤشرًا هامًا من المعايير الكونية الخاصة بقياس نطاق المجرة وتحديد المسافات بين النجوم والمجرات. هذه الخاصية الهامة للنجوم النابضة التقليدية جرى اكتشافها في عام 1908، من قبل هنريتا سوان ليفيت، بعد دراسة الآلاف من النجوم المتغيرة في سحب ماجلان (هما مجرتان قزمتان غير منتظمتين؛ سحابة ماجلان الكبرى، وسحابة ماجلان الصغرى).

درب التبانة

مجرة درب التبانة هي مجرة حلزونية الشكل، يبلغ عرضها حوالي 100 ألف سنة ضوئية، ويبلغ سمكها حوالي ألف سنة ضوئية. مجموعتنا الشمسية توجد على حافة هذه المجرة، والتي تبعد تقريبًا ثلثي المسافة عن مركز المجرة. ويمكنك أن ترى جزءًا من مجرتنا في الليل كمجموعة من النجوم المتقاربة، خصوصًا إذا ما كنت من سكان نصف الكرة الشمالي في فصول الصيف والخريف والشتاء. منظر المجرة يكون أكثر لمعانًا في أواخر الصيف، أو في مطلع الخريف.

وسبب إطلاق اسم الطريق اللبني على هذه المجرة، هو أن جزءًا منها يُرى في الليالي الصافية كطريق أبيض من اللبن، يظهر للمشاهد بسبب النور الأبيض الخافت الممتد في السماء نتيجة الملايين من النجوم المضيئة، والتي تبدو رغم المسافات الهائلة بينها كأنها متراصة بجوار بعضها البعض. كما تُرى هذه المجرة من مجرة أخرى على شكل شريط أبيض باهت في السماء.

أما درب التبانة، فالاسم جاء من تشبيه عربي؛ إذ رأى العرب أن ما يسقط من التبن الذي كانت تحمله الماشية، يظهر أثره على الأرض كأذرع ملتوية تشبه أذرع المجرة.

ويقدر العلماء أن المجرة تكونت قبل فترة زمنية تتراوح بين 12-14 مليار سنة، وتعد مجرة صغيرة العمر نسبيًّا بالنسبة لمجرات أخرى في الكون.

تدور مجرتنا دورة كاملة حول نفسها مرة كل 250 مليون عام، وبسبب دوران المجرة ودوران النجوم القريبة من المركز بصورة أسرع من النجوم الموجودة على الحافة، بالإضافة إلى اختلاف شدة الجاذبية من مكان لآخر داخل المجرة، بفعل تزايد كثافة النجوم في بعض الأجزاء؛ فإن هذه العوامل تؤدي لتكون أذرع حلزونية للمجرة.

 

 

 

 

سحب كحولية

ومن بين أغرب ما اكتشفه العلماء في مجرتنا أيضًا، كان تواجد سحب ضخمة من المواد الكحولية. يقول العلماء إن هناك سحابة عملاقة جدًا مكونة من الكحول، توجد في المنطقة التي تعرف باسم «W3)OH)» والتي تبعد عنا مسافة 6500 سنة ضوئية. هذه السحابة مكونة من الكحول الميثيلي (والذي يطلق عليه اسم كحول الخشب رغم أنه غير مشتق من الخشب، لكن هذا هو اسمه الشائع)، والكحول الميثيلي غير صالح للمشروبات الكحولية.

أيضًا فإن السحابة تحتوي على بعض من الكحول الإيثيلي، لكن نسبته ضئيلة نسبيًا مقارنةً بكمية الكحول الميثيلي. لكن هذه الكمية ستكون كمية عملاقة تكفي أن تغطي الأرض ملايين المرات، إذا ما علمت أن كمية الكحول الموجودة في هذه السحابة تقدر بحوالي 200 تريليون تريليون لتر من الكحوليات.

وهذه ليست هي السحابة الوحيدة الموجودة في مجرتنا درب التبانة، بل هناك عدد آخر قليل من السحب التي تحتوي على الكحول الميثيلي والإيثيلي وكحول الفينيل؛ أبرز وأكبر هذه السحب هي تلك التي ذكرناها سابقًا والتي توجد بالقرب من كوكبة العقاب، التي يمكن رؤيتها في نصف الكرة الشمالي. وتتكون الكوكبة من 10 نجوم رئيسية، بينها 9 نجوم تدور

اجمالي القراءات 3805