حتى يصبح للصفر قيمة
حتى يصبح للصفر قيمة لا بد أن نعتبر من التاريخ البشري، وخاصة ما جاءت به الكتب السماوية عن الأمم السابقة وما فعلوه من ظلم وطغيان واستعباد للضعفاء، ومن خلال ما وضحه لنا القرآن عن تلك الأمم التي طغت وظلمت فقد جاء عن ظلم هؤلاء السابقون مئات الآيات في كتاب الله عز وجل، حتى نعتبر ، و من يريد أن يعتبر من قصص السابقين أو من خلال ما يحدث و ما يراه الإنسان في مراحل العمر المختلفة ، وهو يرى الصالحين والظالمين، وأعتقد أنه لا يوجد شخص إلا ويرى في المجتمع الذي يعيش فيه من أشخاص كانوا من الذين يظلمون أنفسهم من أجل رضا الآخرين أو يعلمون على مساعدة الظالمين في أكل أموال وحقوق الضعفاء ، وقد رأيت ذلك بأم عيني من بعض الأشخاص وما كان يفعله هؤلاء بأكلهم الحق والباطل وظلمهم الضعفاء، وعلى سبيل المثال سوف أسرد لكم قصة حدثت مع أحد الأشخاص ، الذي أُهـْـدِرَ حقه أمام عينيه من هؤلاء الظالمين وكان هذا الرجل يعمل في مجال النجارة، وهو في سن والدي، ولأنني اعمل في مجال المقاولات وأكن لهذا الرجل كل احترام فكان يصارحني عن بعض ما حدث له في الماضي، وقال لي ذات يوم ونحن في العمل كان يعمل بعض أعمال النجارة لأحد هؤلاء، وبعد أن أكمل عمله على أكمل وجه ولا يبقى له إلا أن يأخذ حقه من شيخ البلدة في ذاك الوقت، تبسم له الشيخ (بعدين يا إبني بعدين) ، ومر شهر في شهر إلى أن نفذ صبر النجار فذهب ليشتكي لعمدة القرية لينصره على من ظلمه ويعيد له حقه ، فوجد شيخ البلدة يجلس مع العمدة يشربون الشاي، وقال المسكين النجار يا عم العمدة أنا لي حساب عمل عند شيخ البلد، وأنتم مشايخنا وأهل الحق، فنظروا إليه نظرة استحقار الاثنين معاً، (نعم أنت لك حق ولكن حسك عينك تطلب هذا الحق في يوم من الأيام) أي ليس لك حق، فذهب هذا الرجل وهو مهضوم حقه أمام عينيه، كان هذا الجواب من العمدة لأحد الضعفاء، ولكن الله المنتقم الجبار لم يضيع حق هذا المظلوم، وابتلى هؤلاء بمرض استمر عشرات السنين بما كانوا يمكرون على أهل هذه القرية من أكلهم حقوق الناس والظلم والشهادة الزور، فباعتقادي أن الإنسان حتى يتفادى أخطاؤه ولا يكون ظالم لنفسه أو للآخرين يجب أن يبدأ علاقته مع الله كل يوم من الصفر كي لا يغتر ــ أي على اعتبار أنه داخل في الإسلام من جديد، ولديه مهمة صعبة، ويأمل أن ينجح فيها، فإذا استمر على ذلك مهما فعل من أعمال خير سوف يعلم أنه مقصر وبحاجة إلى وقت أكثر حتى يعوض ما قد مضى من عمره فمن هنا سوف يبدأ الإنسان في كل لحظة ويتسابق على فعل الخير طالما أنه يضع الصفر أمامه وليس الأرقام، وعلى هذا الأساس من الممكن أن يعتبر الإنسان من كل شيء ولا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا ويحاسب نفسه عليها قبل أن يأتي يوم الحساب، ندعو الله العلي القدير أن يجعلنا نعد ليوم الحساب وأن يجعلنا نبدأ من الصفر في كل لحظة ونجدد علاقتنا بالله لحظة بلحظة ، وأن يهدينا وإياكم إلى سواء السبيل.
رمضان عبد الرحمن علي