الصراع الفلسطينى الإسرائيلى والوفاء بالعهد:
الصراع الفلسطينى الإسرائيلى والوفاء بالعهد .

عثمان محمد علي في الخميس ٠٧ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


الصراع العربى الإسرائيلى من اقدم صراعات منطقة الشرق الأوسط فى العصر الحديث .ولأنه حمل بين طياته أخطاء كثيرة، منها ما تعلق بظلم الإستعمار الغربى لأبناء المنطقة العربية فى مجالات كثيرة (لسنا بصددها الآن ) .ومنها ظلم العرب لأنفسهم برفضهم الجلوس مع المستعمر والمحتل لمناقشته وجهاً لوجه فى تحديد مصير الشعب الفلسطينى عبر تاريخ الصراع وحتى زمن قريب من العقدين المنصرمين ،ومنها تعارض المصالح تارة وتشابكها وإمتزاجها بخيانة بعض القيادات العربية لأمتهم &ae وللفلسطينين فى نفس الوقت تارة آخرى ،وتركت السحاة للمستعمر وللمحتل يحدد مصيره ومصير الفلطسينين بنفسه بعيدا عن وجودهم أو وضع الحد الأدنى على الأقل لوجودهم على الكرة الأرضية فى إعتباره ،ومنها خلط المسميات وتداخلها وصهرها كلها فى تسمية واحدة وهى –الصراع العربى الإسرائيلى ،وهو فى حقيقته وللإنصاف كان من المفترض أن يسمى –الصراع الفلسطينى الإسرائيلى ،ثم المصرى الإسرائيلى ،ثم السورى الإسرائيلى ثم الأردنى الإسرائيلى .ثم اللبنانى الإسرائيلى. لكى يكون متناسبا فى الوضعين الجغرافى والديموجرافى مع المحتل العبرى .وعلى كل الأحوال ليس هذا موضوعنا . وإنما موضوعنا ينصب على جزئية محددة أرجو ألا يخرج الحوار عنها وألا يتشعب إلى موضوعات أخرى نحن لسنا بصددها كما أننا فى غنى عنها الآن .
وهى ما هو موقف مصر (من وجهة النظر القرآنية ) فى حالة نشوب حرب نظامية بين إسرائيل وسوريا أو إسرائيل وفلسطين فى السنوات القادمه؟؟
..قد يقول قائل ،إن فلسطين وسوريا يعقدان محادثات سلام الآن بينهما وبين إسرائيل وربما تلحق بهما لبنان قريبا حول مشكلة مزارع شبعة المتنازع عليها بينها وبين سوريا وإسرائيل . واقول له نعم هذا صحيح ولكن ، هناك من الحكام وزعماء الطوائف ألعرب من يعمل على عكس هذا لخدمة مصالحه الشخصية وليتمتع بجلسته على قمة حكم الدزلة أو الطائفة أكبر قدر ممكن، مع ما يصاحبها من مزايا إقتصاديه وإجتماعيه ووو، ويقابلها أيضا من يعمل من داخل إسرائيل على تعطيل محادثات السلام وإفشالها لتظل إسرائيل تتمتع بتعاطف المجتمع الدولى من خلال آلتها الإعلامية الرهيبه المسيطرة على الوسط الإعلامى الغربى صاحب القول الفصل الحقيقى فى مباحثات السلام . وهناك ايضا من قادة الغرب من يظهر نفسه أنه مع السلام وهو فى حقيقته ضده شكلا ومضموناً لخدمة إقتصاديات بلده القائمة على صناعة السلاح فى جزء كبير منها . ولذلك يظل خيار الحرب موجودا وقائما بدرجة كبيرة ومتنامية على الأقل فى السنوات الخمس القادمة الممنوحة لإنجاح مباحثات السلام أو إفشالها نهائيا وإلى الأبد. ومن هنا كان هذا السؤال الملح والضرورى عن دور مصر (إذا قامت حرب نظامية بين سوريا وفلسطين أو إحداهما مع إسرائيل) ،وخاصة لو قفزت إلى الحكم جماعة الإخوان المسلمين ،او جىء برئيس أحمق وأرعن ليست لديه الخبرة العقلية الكافية فى فن إدارة الأزمات وتغلبت عليه لغة العواطف مثل الزعيم الأسبق؟؟؟
.ومن وجهة نظرى وقبل أن أعطى رأى ووجهة نظرى الشخصية أذكركم ببعض آيات القرآن الكريم التى تتحدث عن الوفاء بالعهد والميثاق ،ولا ننسى أن مصر بينها وبين إسرائيل عهد وميثاق على نبذ الحرب والعيش فى سلام دائم بينهما ما لم تنقضه إحداهما من جانبها ولا زال سارياً حتى تاريخه .
فيقول ربنا جل جلاله فى كتابه الحكيم ::

وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء : 34]
بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [آل عمران : 76]
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المؤمنون : 8]
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المعارج : 32]
بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [آل عمران : 76]
لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة : 177]
إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [التوبة : 4]
فمن كل ما سبق من آيات كريمات نتخذ العبرة والعظة منه فى  أوامر الله جل حلاله للمؤمنين به - فى الوفاء بعهدهم إذا عاهدوا ،ورعايتهم الدائمة لتلك الأمانات والوعود والعهود ،سواء كانت عهود دائمة أو مشروطة أو محدودة بفترة زمنية معلومة للطرفين . وهنا قد يقول قائل نحن نتعامل مع بنى إسرائيل قتلة الأنبياء واصحاب تاريخ الخيانات المتكررة على مر العصور ولن يكن لهم عهد أو ميثاق ولن يحفظوا عهدا تعهدوا به مع مصر..أقول له نعم قد يكون كلامك صحيح فى مجمله ،ولكنهم حتى الآن لم ينقضوا عهدهم مع مصر ،وأن المعاهدة المبرمة كانت حول حفظ السلام والحقوق بين البلدين فقط وليس بين كل دول المنطقة ...
وهناك آية قرآنية كريمة أعتبرها من الآيات المحكمات فى قوانين الحرب والسلام بين المجتمعات المسلمة وغيرها .وهى قول الله تعالى .
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الأنفال : 72]
فإنظروا معى إلى قول الله تعالى (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) . وكما أفهم الآية الكريمة فهما كليا أو جزئيا لهذا المقطع الحكيم منها .فلو قامت حرب بين فلسطين وإسرائيل أو بين سوريا وإسرائيل فليس من حق مصر التدخل عسكريا ضد إسرائيل أبداً أبداً ، إلا فى حالة واحدة وهى أن تكون ضمن قوات دولية متعددة الجنسيات تفصل بين الدولتين المتحاربتين ولإرجاع الدولة الظالمة المتعدية عن بغيها وعدوانها مثلما حدث فى تجمع القوات الدولية للفصل بين العراق والكويت وردع الدولة المعتدية على الأخرى فى ذاك الوقت والزمان ....

.وهذه وجهة نظرى وأرجو أن أقرأ وجهات نظركم العلمية وليست العاطفية فى هذا الموضوع ،لنتعلم منها ولنساهم فى إرساء مبدأ وقاعدة قانونية للتعامل بين الدول على أساس قرآنى من وجهة نظرى.وإذا ثبت خطئها علمياً وإجتهادياً فسنسحبها فورا وكأنها لم تكن . ولكم جزيل الشكر والتقدير ..

اجمالي القراءات 26156