إن إستقلال القضاء وتميزه الوظيفى والهيكلى لهو أمر أساسى فى إطار دولة القانون والمؤسسات ولقد ساهم نظام مبارك أكثر من غيره من الأنظمة الحاكمة الأخرى التى تعاقبت على مصر فى نزع إستقلال القضاة وإضعاف مؤسسة القضاء وتدهور مستواها المهنى والخلقى فهى من ناحية لا تدخر جهدا فى التدخل فى
شئون القضاء وخلق مؤسسات موازية تنتقص من إختصاصات القضاة مثل
§ بروز جهات القضاء الإستثنائى مثل إحالة رئيس السلطة التنفيذية لبعض القضايا المتهم بها مدنيون إلى القضاء العسكرى وذلك بهدف تحقيق السرعة فى القضاء وتحقيق مبدأ الردع من المنظور العسكرى وهى أهداف لا تتوفر فى القضاء المدنى الذى يرمى للتأنى فى نظر القضايا حتى يستطيع القضاة تكوين عقيدتهم فى هدؤء وإطمئنان للحكم كما أنه فى المحاكم الإستثنائية يتم الإستعانة بضباطين من القوات المسلحة لينضموا لهية القضاة فى المحكمة ويتم تعينهم من قيل السلطة التنفيذية
§ بروز محكمة الأحزاب حيث تنزع هذه المحكمة إختصاص الإلغاء وتتكون هذه المحكمة من هيئة نصفها قضاة ونصفها الأخر من الشخصيات العامة التى يتم تعيينها وبالتالى تقع هذه المحاكم تحت ما يمكن تسميتع بالمحاكم الإستثنائية
§ نظام المدعى الإشتراكى حيث تعطى للمدعى الإشتراكى صلاحيات فضفاضة وذات طابع سياسى وتخضع لتحريك السلطة التنفيذية لها أساسا ويوجد ذلك حالة من إزدواج جهات التحقيق فهناك المدعى العام والنائب العام
§ خضوع القضاة لوزارة العدل هو من أبرز صور التدخل فى شئون القضاة خاصة فى الناحية المالية وعن طريق سياسة الجزرو والعصا يتم التحكم فى القضاء فمن منح أو منع الإنتداب إلى المصالح والوزارات الحكومية إلى الإعارة للدول العربية
§ كما أنه من صور التدخل فى شئون القضاء تعيين النائب العام وتبعيته للسطلة التنفيذية وخطورة هذا الإجراء ليس فقط فى أن النائب العام ينزل على قرارات الدولة ولكن أيضا لأن قراراته لا يجوز محاسبتها أو مراجعتها حتى من قبل البرلمان فيصبح آداة فى يد الدولة للتخلص من الخصوم السياسيين
ويكمن دهاء النظام الحاكم فى التعامل مع القضاة فى جعل القضاة يشعرون ظاهريا بأنهم فوق النقض وان سلطتهم مطلقة ما دواموا لم يتخطوا الخطوط الحمراء ولم يستخدموا سلطاتهم ضد النظام ويبدأ إستمالة القاضى منذ بداية تعيينه فاختيار القضاة حاليا للعمل فى سلك القضاء يتم بعد تمرسهم كوكلاء نيابة وقد يكون هذا التعيين قد تم عن طريق المحسوبية, أو الوساطة, أو الرشوة. وبالتالى فبعد الجلوس على مقعد القضاء, يحس القاضى المصرى أنه يدين بمنصبه للسلطة, و يعمل ما بوسعه لإرضائها, حتى على حساب ضميره وفى نفس الوقت يرد له النظام التحية بأفضل منها فلا يتعرض له بالمضايقة ويسكت عن فساده وهناك سبب آخر يؤثر على قدرة القضاة فى الحكم السليم فالقاضى المصرى يقوم طوال حياته المهنية منذ بدايتها كوكيل نيابة بالإدعاء بعكس القاضى فى الدول المتقدمة الذى يكون عادة قد مارس القانون عمليا من موقعين, كإتهام, و دفاع, و ذلك يعطى القاضى خلفية متوازنة, بعكس ما يحدث فى مصر, حيث يتعامل القاضى المصرى مع القضايا بعقلية من يرى أن كل متهم هو غريم له فى القضية,
كذلك أدى تفشى البيروقراطية و الرشوة فى النظام الإدارى للمحاكم, بحيث أمكن لبعض مُحضرى و كتبة المحاكم التحكم فى القرار النهائى الصادر من المحكمة.
ورغم هذه الصورة القاتمة لتأثير نظام مبارك السيىء على مستوى القضاء إلا أن وقفة القضاة الشرفاء المستمرة حتى الآن تحتاج من كل منا أن يقف إعتزازا وافتخارا وتحية لكل قاض يحترم مهنته التى اشتق هدفها الأسمى من لفظ الجلالة ( العدل ) فموقف القضاة المشرف من قضي