عقد رموز المؤسسات الدينية الاسلامية، وقيادات مسيحية بالجزائر "جلسة صلح" وضعت حداً لصراع محموم بين الطرفين دام قرابة عامين، بسبب حملة قادتها السلطات ضد مجموعات مسيحية متهمة بممارسة التبشير في أوساط الجزائريين، خاصة في منطقة القبائل بشرق البلاد. وجرى الصلح مساء أول من أمس بـ"دار الإمام" بالضاحية الشرقية للعاصمة، حيث بادر وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله بتنظيم حفل كبير بمناسبة انتهاء مهام رئيس أساقفة الجزائر الأب هنري تيسييه (فرنسي الجنسية)، واستخلافه بالأردني المطران غالب بدر الذي تسلم مهامه رسمياً.
وشارك في "جلسة الصلح"، الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين"، متزعم الجبهة المعادية للتبشير والذي قاد سلسلة تحقيقات في ولايات كثيرة، توصلت إلى أن مجموعات دينية مسيحية جاءت من فرنسا خاصة لممارسة التبشير عن طريق عرض إغراءات مادية على فقراء ومحتاجين مقابل الدخول في المسيحية. وحضر الاجتماع أيضاً، بوعمران الشيخ رئيس "المجلس الإسلامي الأعلى"، الذي شارك هو الآخر في الحرب المعلنة على التبشير والقساوسة الذين يمارسونه. وأدت الحملة إلى متابعة عدة رجال دين مسيحيين في القضاء، بتهمة "خرق قانون ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين" الصادر في 2006، والذي تعتبره الجالية المسيحية مجحفاً ويضيق عليها هامش ممارسة طقوسها.
وقال الوزير غلام الله عن تيسييه، إنه "تنحى فقط عن الوظيفة الرسمية حيث سيستمر في الجانب العملي والروحي والثقافي، خاصة أنه قرر الاستقرار بالجزائر". وأثنى الوزير على كبير الأساقفة السابق الكاردينال ديفال، قائلا إنه يحظى بتقدير الجزائريين "لأنه رجل دين يحترم الآخرين ويستجيب لدعوة المسيح عليه السلام لمحبة الآخرين". وأضاف وهو يتحدث مع تيسييه: "إنكم تجلسون مكان رجل عظيم هو الكاردينال ديفال، الذي تميز بموقف إيجابي تجاه الجزائر وغيَر نظرة الجزائريين إلى الكنيسة".
وأظهر تيسييه الذي اشتكى مراراً من "مضايقات السلطات ضد المسيحيين"، تأثراً بحفل التكريم وقال إنه "سعى دائماً من أجل السلام بين الجميع"، مشيراً إلى أن كبير الأساقفة الجديد غالب بدر "سيعمل في كنيسة نسجت صداقة قوية مع كثير من الجزائريين". وذكر غلام الله عن غالب أنه "جاء من الشام وهي منطقة معروفة بالتسامح والتعايش بين الديانات لاسيما بين المسيحية والإسلام".
ودعا الأسقف الجديد رموز المؤسسات الدينية بالجزائر، إلى "التعامل مع الكنيسة كجزء من بلدكم، فهي تشارككم أفراحكم وأحزانكم وآمالكم، وجهدكم من أجل خير الجزائر". ووصف من تابعوا تصريحات رموز الديانتين وثناءهم على بعضهم، الأجواء التي سادت اللقاء بأنها "نهاية حرب شعواء بين الطرفين"، جلبت إليها اهتمام كبار قادة العالم حيث أثارها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس وغيرهم ممن زاروا الجزائر العام الجاري والعام الماضي، وأبلَغوا المسؤولين الجزائريين قلقهم من "مطاردة المسيحيين" ومن "سطوة رجال الدين الإسلامي على الحياة العامة في الجزائر