بلير: حزني وأسفي واعتذاري على إسقاط صدام أكبر مما يمكنكم أن تتصوروا

في الأربعاء ٠٦ - يوليو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

أعرب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير عن حزنه العميق لما حدث في العراق بعد التدخل العسكري لإسقاط صدام حسين، مصرا في الوقت نفسه على أنه اتخذ قراره في العام 2003 "بحسن نية".

وفي تصريحات صحفية بعد نشر تقرير لجنة التحقيق البريطانية حول الدور البريطاني في حرب العراق يوم الأربعاء 6 يوليو/تموز، قال بلير إنه مازال واثقا من أن العالم بلا صدام حسين أصبح ولايزال مكانا أفضل. وأصر على أن نظام صدام كان يتصرف بصورة غير قابلة للتنبؤ، إذ كانت تصرفاته تهدد بعواقب كارثية.

وأعرب رئيس الوزراء الأسبق عن أسفه للتطورات المأساوية في العراق، لكنه اعتبر أن وضع هذا البلاد أصبح أفضل أيضا بعد إسقاط صدام، مشيرا إلى أن هناك حكومة شرعية ومنتخبة في العراق اليوم. كما أنه أعرب عن قناعته بأن لندن لو رفضت المشاركة في العملية العسكرية في العراق، لتدخلت واشنطن لإسقاط حسين لوحدها.

وتابع أنه يدرك أن كثيرين لن يعفوا عنه أبدا، وسيتمسكون باعتقاد أنه كان يكذب على الحكومة والشعب حول الخطر الذي مثله نظام صدام. لكنه أصر على أن القرار بالتدخل عسكريا "اتخذ بحسن نية".

وأوضح: "اتضح لاحقا أن التقييمات الاستخباراتية التي تم تقديمها عندما كنا نتوجه للحرب، كانت مغلوطة. والعواقب كانت تحمل طابعا أكثر عدائية ودموية وأطول مدة مما كنا نتصوره وقت اتخاذ القرار بالتدخل".

وشدد على موقفه، متوجها إلى الصحفيين: "لذلك كله، أعرب عن حزن وأسف واعتذار أكبر مما يمكنكم أن تتصوروا".

لكنه أصر في الوقت نفسه على أنه "لم تكن هناك أي أكاذيب، ولم يتم تضليل البرلمان، ولم نقدم أي التزام سري بالدخول في الحرب ولم نزور المعلومات الاستخباراتية، بل اتخذنا القرار بحسن نية".

وفي وقت سابق، قال بلير، في بيان، إنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن كافة الأخطاء بلا استثناء والتي ارتكبتها الحكومة البريطانية أثناء رئاسته للوزراء. وأقر بأن تقرير المحققين البريطانيين يتضمن "انتقادات حقيقية وجوهرية" فيما يتعلق بإعداد العملية العسكرية في العراق والتخطيط لها وسير العملية نفسها، والعلاقة بين بريطانيا والولايات المتحدة.

وفي الو">وقال شيلكوت خلال تقديمه تقرير لجنة التحقيق: "كان التدخل البريطاني في العراق خطأ، ونحن مازلنا نواجه عواقب هذا القرار للحكومة البريطانية حتى اليوم". وأضاف أن رئيس الوزراء توني بلير تلقى تحذيرات من تنامي الخطر الذي يشكله تنظيم "القاعدة"، على بريطانيا.

تقرير تقرير "شيلكوت" في ملابسات التدخل العسكري البريطاني في العراق

وشدد رئيس اللجنة على أن الحكومة البريطانية استخفت بعواقب التدخل عسكريا في العراق، على الرغم من تلقيها تحذيرات واضحة بهذا الشأن. وأكد في الوقت نفسه أن الشعب العراقي كان أكبر المتضررين بسبب الحرب.

واستنتج المحققون البريطانيون في تقريرهم الذي استغرق إعداده 7 سنوات، أن التدخل البريطاني جاء على أساس "معلومات استخباراتية مغلوطة وتقييمات لم يتم التدقيق فيها". وأشاروا إلى أن لندن تحدثت عن الخطر الذي مثلته "أسلحة الدمار الشامل" في أيدي العراق بيقين لا مبرر له.

وأضاف شيلكوت أن أكثر من 200 مواطن بريطاني قتلوا في سياق النزاع المسلح في العراق فيما أصيب كثيرون بجروح.

وتابع أن التدخل العسكري وما أعقبه من عدم الاستقرار في العراق، حصد بحلول يوليو/تموز عام 2008 أرواح 150 ألف مواطن عراقي على الأقل، ومعظمهم مدنيون، بالإضافة إلى تشريد ما يربو عن مليون شخص من سكان العراق.

وقال شيلكوت أنه كان من الممكن أن يصبح التدخل العسكري في العراق أمرا ضروريا في مرحلة ما بعد عام 2003. لكنه شدد على أنه في مارس/آذار عام 2003 لم يكن هناك أي خطر مباشر مصدره نظام صدام حسين، ولذلك كان على الحكومة أن تواصل اتباع استراتيجية الردع، علما بأن أغلبية أعضاء مجلس الأمن كانوا يؤيدون عمليات التفتيش الأممية في العراق.

ووجه واضعو التقرير انتقادات شديدة اللهجة إلى بلير بسبب عدد من النقاط المتعلقة بالعملية العسكرية في العراق، لكنهم لم يصلوا لحد وصف التدخل البريطاني بـ "غير الشرعي". وقال شيلكوت إن لجنة التحقيق تعتبر أن القاعدة القانونية للتدخل في العراق كانت غير كافية.

كما يلقي التقرير الضوء على ما جرى بين توني بلير والرئيس الأمريكي جورج بوش خلال الأشهر التي سبقت التدخل العسكري في العراق، إذ أثارت هذه التعاملات "السرية" شكوكا كثيرة على مدى السنوات الماضية.

وحسب التقرير، قال بلير لـ بوش في مذكرة مؤرخة بـ 28 يوليو/تموز 2002، أي قبل 8 أشهر من التدخل: "سأكون معك مهما حصل. لكن حان الوقت لننظر إلى الصعوبات بشكل صريح".

وتابع: "يعد التخطيط لذلك ووضع الاستراتيجية، المهمة الأكثر صعوبة. إن ذلك ليس كوسوفو، وليس أفغانستان، وليس حتى حرب الخليج".

وقال شيلكوت تعليقا على هذه التعاملات، إن بلير بتأكيد دعمه لـ بوش، كان يسعى للتأثير على الرئيس الأمريكي، عن طريق طرح تعديلات محتملة على الموقف الأمريكي.

واعتبر رئيس لجنة التحقيق أن بلير بالغ في تقييم قدراته في التأثير على القرارات الأمريكية بشأن العراق.

وكان مقرراً في بادئ الأمر أن تقدم "لجنة شيلكوت" استنتاجاتها خلال مهلة عام واحد، لكن العمل على إعداد هذا التقرير استمر طويلا، رغم وفاة أحد أعضاء اللجنة الخمسة، وبلغت كلفته 10 ملايين جنيه إسترليني.

والتقرير المؤلف من 2,6 مليون كلمة، يركز على الظروف المثيرة للجدل التي أحاطت بدخول بريطانيا الحرب في العراق بقرار من توني بلير عام 2003.

جدير بالذكر أن التأخير في نشر تقرير شيلكوت يعود أساسا إلى الحق بالإجابة الذي منح إلى جميع الأشخاص الذين تم انتقادهم أو كانوا موضع شك، كما تعثر نشر التقرير أيضا بسبب وثائق سرية، رفعت عنها السرية فيما بعد، بما فيها محادثات بين بلير والرئيس الأميركي جورج بوش الابن.

وعملية المساءلة هذه المستندة إلى قانون استخدم للمرة الأخيرة عام 1806 وتعتبر إجراء عفا عليه الزمن، هي رمزية في الأساس ولكنها ستنال من سمعة بلير.

اجمالي القراءات 2739