منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن، مرورًا بـ 30 يونيو 2013، أصبحت قرارات المنع من السفر أو المنع من دخول البلاد أمرًا غير مستغرب في المطارات المصرية.
أمس الأول، الاثنين، تم منع الناشطة النسوية ومديرة مركز نظرة للدراسات النسوية مزن حسن من السفر إلى بيروت، التي كانت تقصدها للمشاركة في مؤتمر عن حقوق الإنسان.. ليكون قرار منعها هو أحدث قرارات المنع من السفر الصادرة خلال الأشهر الماضية بحق عدد من العاملين في منظمات حقوقية، على خلفية قضية تمويل منظمات المجتمع المدني، وهي القرارات التي تعد حلقة جديدة في سلسلة طويلة من قرارت المنع من السفر التي أصدرتها السلطات المصرية منذ ثورة يناير، والتي غدت أكثر كثافة بعد 30 يونيو.
كانت مبادرة "دفتر أحوال" قد أصدرت تقريرًا قالت فيه إن 554 قرارًا بالمنع من السفر قد صدروا عن السلطات المصرية منذ فبراير 2011. ولم يتضمن التقرير، الذي صدر في مارس الماضي، القرارات التي تم إصدارها مؤخرا، بما في ذلك القرار الصادر ضد مُزن حسن.
من الرئيس الذي صدر أثناء ولايته أكبر عدد من قرارات المنع من السفر؟
تعكس الإحصاءات ازدياد عدد قرارات المنع من السفر بشكل واضح منذ 30 يونيو تحت حكم الرئيس السابق عدلي منصور، واستمرت نسب إصدار هذه القرارات مرتفعة أيضًا تحت حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.
لم تصدر الكثير من قرارات منع السفر تحت قيادة الرئيس الأسبق محمد مرسي أو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حيث صدر 21 قرارًا فقط خلال رئاسة مرسي، بينما 36 قرارًا في عهد 21 قرارًا فقط، وهي أرقام أقل بكثير من نظيراتها تحت رئاسة كل من السيسي ومنصور.
فخلال العام الذي تولى فيه منصور مقاليد الحكم، من يوليو 2013 حتى يونيو 2014، تم إصدار 279 قرارًا بالمنع من السفر، فيما صدر في المقابل أكثر من 218 قرارًا بالمنع من السفر خلال عامي حكم السيسي.
وتم انتقاد فترة حكم منصور من قبل منظمات حقوقية دولية منها منظمة العفو الدولية التي قالت في بيان لها إن مصر "تفشل على جميع المستويات" فيما يخص حقوق الإنسان.
المصريون والأجانب
تعكس الإحصاءات نتائجًا مثيرة للاهتمام، إذ تشير إلى تباين واضح بين منصور والسيسي في قرارات المنع من السفر أو دخول البلاد الصادرة في حق المصريين مقابل الأجانب. فبينما كانت قرارات المنع في مجملها ضد دخول الأجانب لمصر تحت حكم منصور، كانت قرارات المنع تحت حكم السيسي في الأغلب ضد سفر المصريين إلى خارج البلاد.
أسباب المنع من السفر:
كانت معظم أسباب المنع من السفر كما هو متوقع عائدة لأسباب دينية أو سياسية، حيث كان 257 قرارًا لأسباب سياسية و217 قرارا لأسباب دينية. واعتبرت تقارير لمنظمات حقوقية أن قرارات المنع من السفر هى إحدى طرق قمع المعارضة السياسية.
في فبراير 2016، طلبت منظمات حقوق إنسان دولية عديدة من مصر إلغاء قرارات المنع من السفر الصادرة بحق النشطاء الحقوقيين، خاصة بعد منع الحقوقي جمال عيد من السفر.
وفي بيان مشترك، أدانت منظمات، من بينها العفو الدولية وفرونتلاين ديفيندرز وهيومن رايتس ووتش، ما وصفوه بـ "زيادة معدلات إصدار قرارات ممنهجة تعسفية بالمنع من السفر". وأضاف البيان: "يبدو أن القرارات فقط تهدف إلى تقييد أنشطتهم الشرعية والسلمية للدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية".
فيما قال المسئول عن قطاع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير عن قرارات المنع من السفر في 2015: "السلطات المصرية سجنت الآلاف من المعارضين في السنتين الأخيرتين وتُحول البلاد الآن إلى سجن كبير. إن السلطات المطلقة لجهاز الأمن الوطني لا تترك أي ملاذ آخر للمواطنين".
وفي حوار سابق مع مدى مصر، قال المحامي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية سامح سمير إن قانون العقوبات نص على أن قرارات المنع من السفر ضد المواطنين يتم إصدارها فقط في حالتين: حينما يصدر حكم محكمة نهائي بمنع مواطن من السفر، أو حينما يصدر النائب العام قرارًا بالمنع من السفر ضد مواطن يتم التحقيق معه ويستمر القرار حتى ينتهي التحقيق.
وطبقا للإحصاءات، فإن معظم قرارات المنع من السفر قد أُصدرت بدون أحكام قضائية، أو لم يتم إعلان الأشخاص الصادر ضدهم القرار بالمنع باجراء تحقيقات معهم بشكل رسمي.
من جانبها، قالت منظمة حرية الفكر والتعبير في تقرير صدر في فبراير الماضي إن معظم الذين تم منعهم من دخول مصر كانوا من الأكاديميين الذي أعلنوا عن توجهات وآراء تم اعتبارها معادية للحكومة المصرية. من بين هؤلاء كان الباحث المصري الألماني عاطف بطرس، الكاتبة والأكاديمية التونسية الشهيرة أمال جرامي والباحثة والديبلوماسية الأمريكية السابقة ميشيل دان.