هدم الدولة".. فزاعة الأنظمة لتكميم أفواه المعارضين
خبراء: الدول تسقط عندما تُنتهك حقوق مواطنيها
هدم الدولة" بات اتهام يلاحق كل من يعبر عن رأي معارض أو نقد لأداء المسئولين بالدولة ،فما أن يخرج صوت معارض حتى يلاحقه مجموعة من الإعلاميين ، والكتائب الإليكترونية بالتهديد والوعيد تارة ، والتحريض ضده تارة أخرى .
فيما يعتبر محللون سياسيون، أن "هدم الدولة" أسطورة أو " فزاعة" يصدرها النظام الحاكم في محاولة لإخافة معارضيه ، مؤكدين أن معارضة النظام لا تنتقص من هيبة الدولة، وأن ما يهدم الدول هو انتهاك العدالة وحقوق الإنسان وعدم السماع للأصوات التي تحمل نقدا عاقلا .
ومن بين خطابات الرئيس التي تحدث فيها عن هدم الدولة، كلمته أثناء تفقده مشروع هضبة الجلالة في البحر الأحمر، منتصف إبريل الماضي، مؤكدا أن هناك محاولات لهدم الدولة المصرية، في إشارة إلى الاحتجاجات على تسليم مصر لجزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية، ضمن إتفاقية ترسيم الحدود البحرية، مضيفا:" أنا لا أقلق من محاولات الخارج لهدم مصر، ولكن ما يقلقني هو الداخل لأن هناك مخططا جهنميا قد لا ينتبه له البعض".
وعندما احتشد الصحفيون أمام مقر نقابتهم بوسط القاهرة، بعد اقتحام الداخلية لها، اعتبر النائب والكاتب الصحفي المقرب من السلطة مصطفى بكري، هذهالاحتجاجات محاولة لإسقاط الداخلية ومواجهة مع الدولة، قائلا في مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى:"الصحفي بقى فوضوي ويريد هدم الدولة، هذا المشهد الذي تم تصديره للشعب المصري، وتابع:" كل من عادا الدولة أصبح في القائمة السوداء".
بكري أيضا وغيره كثير من النواب ومحللين سياسيين وأحزاب، اعتبروا دعوات التظاهر يومي 15 و25 إبريل، الرافضة لتسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، محاولة لهدم الدولة ونيلا من هيبتها وجر البلاد إلى الفوضى والعنف.
"خرافة هدم الدولة"، هكذا جاء عنوان مقال بجريدة المصري اليوم، للدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماعي السياسي ومدير مركز بن خلدون للدراسات الإنمائية، جاء فيه:" نُخالف الرئيس السيسى حينما يُحذر مراراً وتكراراً من هدم الدولة المصرية، ويُردّد أركان نظامه نفس الإسطوانة ".
وأضاف إبراهيم، في مقاله:"حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى، عن هدم الدولة المصرية، حقيقة الأمر أنه يقصد نظامه، ويُحاول تحصين موقعه الرئاسى فى مواجهة آخرين".
الكاتب الصحفي عبد الله السناوي، تطرق أيضا إلى الحديث عن هيبة الدولة في مقال منشور له بجريدة الشروق تحت عنوان :" الهيبة والقوة مأزق شبه الدولة"، قال فيه :" من دواعى تقويض هيبة الدول الإفراط فى القوة بلا سند قانونى أو أخلاقى واستعراض العضلات بلا سبب مقنع".
"القوة المفرطة لا تؤسس لهيبة أو استقرار ولا تحفظ أمنا وتسحب على المفتوح من رصيد الشرعية.تفلتات الأمن تسحب من الهيبة وتمنع الدولة من أن تستقر على أوضاع صلبة" هكذا رأى السناوي.
وفي هذا الصدد يقول حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، إن هناك فهم خاطئ لـ "هيبة الدولة " من جانب النظام الحاكم، موضحا أن هيبة الدولة وقوتها تأتي من احترامها للقانون وحرصها على حقوق الإنسان والعمل من خلال المؤسسات وليست قرارات فردية، ولكن البعض ينظر إلى أن الهيبة تتعلق بالسمع والطاعة واحترام الصغير للكبير والالتفاف حول رجل واحد، وهذه كلها أوهام.
وأضاف نافعة، لـ "مصر العربية"، أن قوة الدول الأوروبية على سبيل المثال تأتي من احترامها لحقوق الإنسان وصلاحيات المؤسسات المختلفة، واحترامها لقوة المجتمع المدني وإفساح الطريق أمامه، لكن أن يذوب الكل في واحد ويتحول إلى آلة صماء هذا ليس مجتمع من " البني آدمين"، ولكنه مجتمع باطش والبطش لا يؤدي إلى أي رفعة أو تقدم.
وأكد أستاذ العلوم السياسية، أن هناك فرق بين الهيبة والخوف، فالمجتمع القائم على الخوف غير محترم ويفقد آدميته، مشددا أن مصر لن تتقدم إلا إذا أمن حكامها بأن احترام المؤسسات والقانون والإنسان وحقوقه هو الذي يصنع هيبة الدولة ويصنع الصورة الجيدة، لكن انتهاك حقوق الانسان هو الذي يسيء الى هذه الصورة.
وأشار إلى أنه يجب احترام الدولة ومؤسساتها، ولكن ينبغي معرفة أن الدولة ليست نظام الحكم، وأنه يمكن أن نختلف ونعارض نظام الحكم وهذا لا يعني تقليل من احترام أو هيبة الدولة، ولا تعني معارضة النظام محاولة هدم الدولة أو التأثير على هيبتها، فعندما تذهب الناس للصناديق يمكنها تغيير نظام ولكن تغيير نظام الحكم لن يهدم الدولة إطلاقا.
وهو ما اتفق معه ستاذ العلوم السياسية الدكتور أحمد دراج قائلا " إن الترويج لنغمة هدم الدولة أسلوب تتبعه النظم الهشة الغير قادرة على حل مشكالها، فتصدر للمجتمع دائما فكرة أن الدولة ستسقط مع كل انتقاد لسياستها" .
وأردف دراج، أن النظام السياسي لا يعني الدولة والعكس صحيح، فسقوط أي نظام لا يعني سقوط الدولة، ولكن تُصدر " أسطوانة" سقوط الدولة" للعب على عواطف الناس وتخويفهم ومن ثم تنشأ جمهورية الخوف.
وشدد دراج أن الدولة تسقط بعدم إحقاق العدلة وتسوء إدارتها وتُنتهك حقوق مواطنيها، مشيرا إلى أن النظام الحاكم حين يعجز عن إدارة البلاد يجد أن المبرر الوحيد للحفاظ على نظامه هو استخدام فزاعة "سقوط الدولة"، ملوحا إلى أن الدولة الفاشية هي من تتبع هذا الأسلوب سواء الفاشية الدينية أو الفاشية في ثوب الوطنية.