في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن عالما فلك، وصولهما إلى إشارات تؤكد وجود كوكب كبير، وأبعد كثيرًا من كوكب بلوتو. ومنذ ذلك الوقت والعلماء يسعون إلى تأكيد هذا الأمر، بمحاولة رصد الكوكب بالعين، عبر التليسكوبات. إلى الآن، لم يتمكن العلماء من رؤية الكوكب المُفترض، لكن الجديد هو أنّ هذا الكوكب، قد يكون على علاقة بفناء الحياة على كوكب الأرض!
كيف هذا؟
إن كان الكوكب المفترض موجودًا بالفعل، فقد يكون مسؤولًا عن دفع عدد من الكويكبات باتجاه الأرض، والتي بدورها قد تتسبب في إفناء الحياة على وجه الأرض، وذلك طبقًا لدراسة أجراها دانيال ويتماير، أستاذ فيزياء الفلك المتقاعد. تربط الدراسة عملية الانقراض الجماعي التي تصيب الأرض بشكل دوري، والتي يمكن ملاحظتها والتأكد من حدوثها عبر مراجعة السجلات الأحفورية، التي توضح حدوث فناء كبير يصيب الحياة على الأرض كل 27 مليون سنة تقريبًا، بالكوكب التاسع المجهول.
وقد أشار العديد من الباحثين، إلى إمكانية وجود هذا الكوكب التاسع. لكن في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن عالمان عن حصولهما على أدلة قوية، تدعم هذه الفكرة السائدة عن وجوده. وكان أحد هذين العالمين، قد صرح مرة أخرى، منذ أسابيع قليلة، بأنه حصل على مزيد من الإثباتات حول وجود الكوكب.
ولا يعلم العلماء تحديدًا السبب الذي يجعل هذه الكويكبات تصل إلى الأرض بهذا الجدول المنتظم، تقريبًا كل 27 مليون سنة. ومن بين النظريات التي طرحت في هذا الأمر كان وجود نجم مصاحب للشمس، أو أن المخاطر تزداد، كوننا -كمجموعة شمسية- نسافر خلال إحدى الأذرع الحلزونية لمجرة درب التبانة.
إلا أن هذه النظرية الجديدة قد تكون التفسير المنطقي الأقرب حتى الآن. النظرية تقول، إنه إذا ما كانت فكرة دورية هبوب الكويكبات علينا صحيحة، فإنها من الممكن أن تكون نتيجة للمدار الذي يسلكه الكوكب التاسع في الدوران حول الشمس. وتوضح النظرية أن مع دوران الكوكب التاسع حول الشمس، فإنه يمر عبر حزام كيبر كل 27 مليون سنة، ما يتسبب في ضرب بعض الكويكبات الموجودة فيه باتجاه الجزء الداخلي من مجموعتنا الشمسية.
ومع وصول هذه الكويكبات إلى المنطقة الداخلية للمجموعة، فإنه من الممكن أن تصطدم بالأرض وتثير سحب من الغبار والغازات تحجب عنا أشعة الشمس وتتسبب في فناء الحياة على كوكبنا.
الكوكب التاسع الغامض
العالمان مايكل براون وقسطنطين باتيجين، وهما أستاذان في معهد كالفورنيا للتقنية، قالا إن الكوكب الجديد ستنطبق عليه بالفعل المواصفات المحددة لتعريف الكوكب، ولن يكون من نوعية الكواكب القزمة مثل بلوتو وسيرس وغيرهما. وقد صرح أحدهما بأنهما متأكدان جدًا من وجود كوكب كبير في منطقة ما وراء كوكب بلوتو، إلا أنهما لم يتمكنا بعد من رصده بشكل مُباشر حتى الآن.
الاكتشاف الجديد، أُعلن عنه في ورقة بحثية نشرت في «مجلة الفضاء»، حيث فنّد العالمان ادعاء العلماء السابق، الخاص بعدم وجود كواكب كبيرة في المنطقة الواقعة خلف كوكب بلوتوو. فالعلماء يقولون إن هناك ستة مدارات لأجسام صغيرة، أو كويكبات صغيرة تدور حول الشمس في مدارات بيضاوية الشكل خلف كوكب نبتون.
الأمر المثير الذي تحدث عنه الاكتشاف، هو أن هذه المدارات الستة، تقع الشمس في إحدى جوانبها، ويكون الجزء الطويل منها بعيدًا عن الشمس، بحيث تكون الأجزاء الطويلة لهذه المدارات الستة، في نفس الربع من الفضاء الواسع للمجموعة الشمسية، وأنها تميل في نفس الزاوية. أحد العالمين قال، إن حدوث هذا الأمر على سبيل الصدفة، يمثل احتمالًا واحدًا من 14 ألف احتمال.
التفسير المنطقي لهذه الظاهرة، يكمن في وجود كوكب تاسع كبير، جاذبيته الكبيرة هي المسؤولة عن دفع المدارات الستة في اتجاه واحد. وحتى تنتظم حسابات العلماء، فإن هذا الكوكب لا بد أن يكون مساويًا تقريبًا لحجم كوكب الأرض، والاحتمال الأكبر أن يكون أكبر من الأرض وأصغر قليلًا من كوكب نبتون.
ويتوقع العالمان أن يكون لهذا الكوكب غلاف جوي سميك، يحيط بالبنية الصخرية له، التي غالبًا ما ستبلغ كتلتها 10 أضعاف كتلة الأرض، ما يعني أن كتلة الكوكب، يُفترض أن تكون 4500 كتلة كوكب بلوتو.
وفي حين أن أقصى بعد لكوكب بلوتو عن الشمس، يبلغ حوالي 7.4 مليار كيلومتر، فإن الكوكب المنتظر سيبلغ أقرب بعد له عن الشمس أكثر من 30 مليار كيلومتر، مع توقعات بأن تكون أبعد نقطة له عن الشمس تبعد 160 مليار كيلومتر. وحتى يمكنك أن تستوعب مدى ضخامة هذه الأرقام، فإنه من المتوقع لهذا الكوكب أن يدور دورة كاملة حول الشمس، خلال من 10 إلى 20 ألف سنة من سنوات كوكب الأرض. ويبعد هذا الكوكب عن الشمس مسافة تضاهي ألف مرة المسافة بين الأرض والشمس.
أدلة متزايدة على وجود الكوكب الغامض
ذكر العالم مايكل براون، أحد العالمين الذين يؤكدان وجود الكوكب التاسع، أنه تابع إحدى الأجرام الموجودة في منطقة حزام كيبر (المنطقة ما وراء كوكب نبتون، والتي تحتوي على كويكبات قزمة وصخور وأجسام متجمدة صغيرة)، ليجد أنها تتحرك بشكل غير طبيعي، وهذه الحركة غير المألوفة لا تكون إلا نتيجة وجود كوكب تاسع كبير.
جميع هذه الاجتهادات النظرية، لم تدعمها أي مشاهدة مباشرة للكوكب. وحاليًا فإن هناك عدة تلسكوبات حول العالم تجوب السماء بحثًا عن هذا الكوكب الذي يدور في مدار بيضاوي ضخم جدًا، وهو ما يصعب من عملية إيجاده، كأنك في الحقيقة تبحث عن إبرة في كومة قش بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وقد رجح عدد من العلماء، أن يكون هذا الكوكب قد جذبته الشمس إليها، من نجم آخر كان الكوكب يدور حوله، في الوقت الذي عبر فيه هذا النجم بالقرب من الشمس قديمًا. هذه النظرية جاءت معاكسة لما رجحه بعض العلماء، بعد الإعلان عن وجود الكوكب بوقت قصير، من أن هذا الكوكب قد هاجر من النظام الداخلي للمجموعة الشمسية إلى أطراف المجموعة.
وما يرجح النظرية، هو أن الشمس قد تكونت في كتلة نجمية كبيرة، مع ما يقارب من ألف إلى 10 آلاف نجم آخر. في هذه المجموعة الكثيفة، واجهت الشمس عمليات لقاء متقارب مع عدد ليس بالقليل مع النجوم الأخرى. ويحتمل أن تكون عملية مبادلة قد حدثت بين أحد النجوم والشمس. وستبدو هذه الفكرة مثيرة جدًا، أن يقوم أحد النجوم بسرقة كوكب من نجم آخر.