قضت محكمة النقض بأسيوط اليوم، الأحد، ببراءة المواطن بيشوي كميل من تهمة ازدراء الأديان، وذلك بعد أن قضى ثلاث سنوات في السجن، من أصل ست سنوات كان قد حُكم عليه بها على خلفية اتهامه بازدراء الأديان وانتقاد الرئيس الأسبق محمد مرسي، وهي القضية التي تعود وقائعها لعام 2012.
مينا ثابت، الباحث بملف الحريات الدينية بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، قال لـ "مدى مصر" إن كميل، الذي كان يعمل مدرسًا في أسيوط، قد أحيل للمحاكمة في يوليو 2012 بعد أن قام شخص متورط في خصومة شخصية معه بإنشاء صفحة على موقع فيسبوك باسم كميل، انتقد فيها الرئيس الأسبق محمد مرسي وانتقد الدين الإسلامي. وهو ما واجه كميل بناء عليه تهمة ازدراء الأديان، وحُكم عليه بالسجن سنتين لإهانة رئيس الجمهورية، وأربعة سنوات لازدراء الدين الإسلامي وسنة لإهانة المدعي بالحق المدني.
وأضيف ثابت: "اتهم كميل في النيابة شخصا يدعى مايكل بتلفيق التهمة له واستخدام معلوماته الشخصية لإنشاء حساب وهمي على موقع فيسبوك للتنكيل به، فما كان من وكيل النيابة إلا أن قال له "ما فرقتش بيشوي من مايكل"، قبل أن يتم الحكم على كميل بستة سنوات". وهو الحكم الذي أيدته محكمة الاستئناف، وبعد 3 سنوات قدم محامي كميل طعنا أمام محكمة النقض التي أخلت سبيله في ديسمبر 2015 لحين البت في القضية، قبل أن تتم تبرئته اليوم.
ورأى ثابت أن تلفيق تهمة ازدراء الأديان للمواطنين المنتمين للأقليات الدينية أصبح أمرًا في منتهى السهولة، مضيفا: "لو جرؤ أي مواطن منتمي لأقلية دينية بالتلميح إلى تصريحات مشابهة لما قاله وزير العدل أحمد الزند لتمت محاكمته بازدراء الأديان فورا". وأشار ثابت كذلك إلى حالة المحامي روماني سعد، من أسيوط أيضًا، والذي صدر بحقه حكم غيابي بالحبس لمدة عام في يونيو 2013 لازدراء الأديان. وهي القضية التي تعودلأواخر شهر مايو 2012 بحسب منظمة حرية الفكر والتعبير، حينما عبر سعد في حوار له مع مجموعة من زملائه الإسلاميين عن عدم رضاه عن نتيجة المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية آنذاك، والتي اسفرت عن الإعادة بين الرئيس الأسبق محمد مرسي والفريق أحمد شفيق. فاتهم المحامون زميلهم بازدراء الدين الإسلامي بعد أن تطورت القضية للحديث عن بعض المسائل الدينية.
ورأى ثابت أن هناك حالة من انتشار توجيه اتهامات ازدراء الأديان للأقليات الدينية، وسهولة توقيع العقوبة على المتهمين في هذه القضايا. لافتًا إلى أن أكثر هذه القضايا إثارة للجدل كانت حين حكمت محكمة جنح المنيا بحبس ثلاثة أطفال أقباط خمسة سنوات لازدراء الأديان وأحالت الرابع لمؤسسة عقابية في فبراير الماضي بعد أن ظهروا في فيديو ينتقدون فيه تنظيم الدولة الإسلامية.
فيما أضاف إسحق إبراهيم، الباحث في شئون الحريات الدينية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن معظم المتورطين في قضايا ازدراء الأديان في الخمس سنوات الأخيرة هم من المنتمين للأقليات الدينية كالأقباط والشيعة والملحدين، بالإضافة إلى الشخصيات العامة والمشاهير.
وطبقا لإحصاءات أجراها ابراهيم، شهدت المحاكم المصرية تسعة قضايا ازدراء أديان منذ يناير 2015 وحتى الآن، صدرت فيها أحكام ضد 12 متهمًا، بينما ما زالت المحاكم تنظر 12 قضية أخرى. وفي أعوام 2011، 2012، 2013 تم نظر 28 قضية ازدراء أديان، تم فيها إدانة 28 متهما من أصل 42. وأضيف ابراهيم: "تغير الأنظمة المتعاقبة في الخمس سنوات الأخيرة لم يؤثر على قضايا ازدراء الأديان التي تزداد حدتها. بل ان تغيرًا ملحوظًا قد حدث في ما يخص القضايا المتعلقة بالشخصيات العامة والمشاهير، فبينما تم حفظ قضايا ازدراء أديان في عهدي المجلس العسكري ومرسي، إلا أن الفترة الحالية شهدت أحكامًا على شخصيات عامة وكتاب مثل إسلام البحيري وفاطمة ناعوت".
كانت الكاتبة فاطمة ناعوت قد صدر بحقها حمن بالحبس ثلاث سنوات في فبراير الماضي، وذلك بعد انتقادها مراسم ذبح الأضاحي في عيد الأضحى، وفي قضية ثانية، حُكم على الباحث إسلام البحيري بالحبس سنة لإهانة الدين الإسلامي، بعد أن أثارت آراؤه الفقية المثيرة للجدل حفيظة الأزهر الشريف الذي انتقد آراؤه ورفع مذكرة إلى المحكمة متهما البحيري بازدراء الدين الاسلامي والصحابة.
فيما اختتم ثابت حديثه قائلًا: "سنظل في هذه الدائرة المفرغة طالما بقيت المادة 98 من قانون العقوبات التي تجرم ازدراء الأديان".