التأصيل القرآنى : أملا فى غد أفضل ..

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١٥ - يوليو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا :
1ـ منذ عام 1977 بدأنا لأول مرة فى التاريخ الفكرى للمسلمين مناقشة الفجوة بين حقائق الاسلام وخرافات وأكاذيب الأديان الأرضية للمسلمين ، بدأنا بالتصوف ، ثم السنة و على هامشهما تعرضنا للتشيع.
هذا الجهد الفكرى قام بتأصيل حقائق الاسلام اعتمادا على القرآن الكريم والاحتكام اليه فى عقائد وتشريعات وأخلاقيات الأديان الأرضية للمسلمين من تصوف وسنة و تشيع ، أى كان التأصيل عملية هدم وبناء ، هدم لمقولات الأديان الأرضية للمسلمين التى تنسب نفسها للاسلام عبر احاديث و فتاوى ومزاعم بالوحى و العلم اللدنى الالهى ، وبناء لحقائق الاسلام المنسية اعتمادا على قراءة موضوعية للقرآن الكريم وفق مصطلحاته ومفاهيمة التى تختلف وتتناقض مع مصطلحات ومفاهيم الأديان الأرضية للمسلمين.

2 ـ خلال أكثر من ثلاثين عاما قمنا بمناقشة الممنوع من مناقشته وأثبتنا أنه مجرد خرافات وأكاذيب استمرت قبلنا لمجرد أن أحدا قبلنا لم يجرؤ على مناقشتها . قبلنا كان أقصى مدى وصل اليه الاجتهاد أن يجرؤ أحدهم على مناقشة بضعة أحاديث فى البخارى مثل حديث الذبابة او حديث ان يهوديا سحر النبى محمدا ، وكان النقاش يجرى على استحياء مع المحافظة على التقديس الواجب للبخارى. بعد جهدنا فى التأصيل أطحنا بالبخارى و بالسنة البخارية وغير البخارية ، ولم يعد مطروحا هل حديث الذبابة أوحديث السحر صحيح أم ضعيف ـ بل لم يعد مطروحا للنقاش هل البخارى صحيح أم زائف بل اصبح المطروح هل توجد سنة من الأصل أم لا ..

3 ـ نحن نقول إن السنة هى شرع الله تعالى وهى القرآن ، وهم يقولون أن أحاديث البخارى وغيره ممن سبقه أو أتى بعده هى السّنة ، وأنها بزعمهم وحى الاهى وجزء من الاسلام ، ويتهمون بذلك رسول الله عليه السلام بأنه ترك جزءا من الدين لم يبلغه ، وظل هذا الجزء بلا تبليغ إلى أن تم تدوينه فى العصر العباسى. أما نحن فنؤمن بما قاله رب العزة بان الدين قد اكتمل باكتمال القرآن الكريم وأن الرسول محمدا عليه السلام قد قام بتبليغ الرسالة القرآنية كاملة ، وما يأتى بعد القرآن هو منسوب للمسلمين سواء كان تاريخا أو حضارةأو فكرا أو تشريعا أو مما يتفق أو يختلف مع القرآن ، خيرا كان أو شرا ، و ليس الاسلام مسئولا عن أعمال المسلمين ، بل ان كل فرد من بنى آدم مسئول عن فعله وقوله ومساءل امام الله تعالى عما قال وما فعل .

4 ـ جهدنا فى التاصيل القرآنى أثبت أن ما يسمى بالسنة و التصوف و التشيع ليست مذاهب أو طوائف وفرق داخل الاسلام ، بل هى أديان أرضية تناقض الاسلام من الألف الى الياء ، وأساس تناقضها مع الاسلام أنها تنسب مقولاتها للنبى محمد عبر ما يسمى بالأحاديث النبوية ، وتنسبها لله تعالى عبر ما يسمى بالأحاديث القدسية أو للولى الصوفى أو للامام الشيعى عبر خرافة علم الغيب . ومبعث هذا التناقض بين تلك الأديان الأرضية والاسلام هو أنه لا وحى فى الدين بعد انتهاء القرآن الكريم نزولا ، ولا نبى ولا رسول من رب العالمين بعد محمد عليه السلام . وبالتالى فان كل من يزعم أن الله تعالى أوحى اليه وتكلم معه أو نسب حديثا للنبى محمد بأثر رجعى بعد موت النبى محمد عليه السلام إنما هو مخترع لدين أرضى يخالف ويناقض دين الله تعالى ، وبهذا الوحى الزائف يصبح أكثر ضلالا من مسيلمة الكذاب وبالتالى فلا يصح نسبته الى الاسلام ، ولكن ننسبه لقائليه .

5 ـ والواقع التاريخى يؤكد على استغلال ذوى الجاه للدين السماوى وإقامة أديان أرضية على حسابه وعلى أنقاضه ، ويستخدمون تلك الأديان الأرضية فى تدعيم سلطانهم السياسى واحتكارهم للسلطة و الثروة عبر ذلك التحالف غير المقدس بين السلطة الزمنية و السلطة الروحية ، بين الملك والكاهن ، بين الامبراطور والكنيسة ، بين الخليفة وعلماء السلطة، بين السلطان والفقيه ، بين حكم العسكر ومؤسسة الأزهر .. نفس الدور يلعبه كل دين ارضى يتحالف مع المستبد لا فرق بين المسلمين و المسيحيين ، ولا فرق بين الكاثولوكية و الارثوذكسية والبروتستانتية والسنة والتشيع والتصوف ، كلها تحالفات لاستعباد الناس باسم الله تعالى زورا وبهتانا .
والدين الالهى الحق يحرم الاعتداء و الظلم والبغى والعدوان ، ولهذا فان أشد المحرمات هى استغلال اسم الله تعالى ودينه فى غزو بلاد الاخرين واحتلالها واستعباد أهلها وسرقة ثرواتها ، لا فارق بين ما يسمى بالفتوحات الاسلامية والكشوفات الجغرافية و الحركات الاستعمارية التى كانت تحمل الصليب واسم المسيح عليه السلام .
كما أن الدين الالهى الحق يحرّم ويجرّم الاستبداد المحلى الذى يستاثر فيه حاكم محلى بالوطن والمواطنين باسم الوطنية أو القومية او باسم الدين.
كما أن الدين الالهى يحرّم ويجرّم استغلال اسم الله تعالى فى الصراع السياسى ، فى الوصول للحكم أو للاحتفاظ به ، أو فى أى صراع على حطام الدنيا ..

6 ـ ومن هنا نجح تأصيلنا القرآنى الجرىء فى توجيه الاتهام للصحابة الذين ارتكبوا جريمة الاعتداء على بلاد لم تعتد عليهم ، وقمنا بفصل حاد و تام وجرىء بين الاسلام وأعمال الصحابة الذين خالفوا السنة الحقيقية للنبى محمد عليه السلام وشريعة القرآن . وكان لا بد من توضيح وبناء الصورة الحقيقية للنبى محمد من خلال القرآن لنهدم بها الصورة المزيفة الأخرى له والتى اخترعتها أديان المسلمين الأرضية ، والتى جعلوا فيها النبى محمدا مالكا ليوم الدين ـ دون رب العالمين ـ باسم الشفاعة المزعومة ، والتى رسموا بها شخصية الاهية له تجعله شريكا لله تعالى فى الشهادة بالاسلام وفى الأذان والصلاة ، والتى جعلوه فيها الاها سيد الأنبياء و سيد الخلق و المعصوم عن الوقوع فى الذنوب ، وكل ذلك بالمخالفة للقرآن الكريم .

7 ـ وامتد التأصيل القرآنى ليوضح كيف أنشأ المسلمون اديانهم الأرضية لتسويغ جريمة الفتوحات و إضفاء الشرعية عليها ، وكان لا بد من أن تمتد أيديهم للقرآن الكريم ، ولأنهم عجزوا عن تحريف ألفاظه فقد قاموا بتحريف معانيه بوسائل شتى منها اسطورة النسخ بمعنى الحذف و الالغاء ، وقد أثبتنا أن النسخ فى القرآن يعنى الكتابة و الاثبات وليس الحذف والالغاء ، ومن وسائلهم التأويل و تحريف المفاهيم والتغنى بالقرآن وتجاهل تشريعاته ، ومع اتخاذهم القرآن مهجورا قاموا باختراع أحاديث لتقيم أسس أديانهم الأرضية فى العقائد و التشريعات بحيث تحرم ما احل الله وتحل ما حرم الله ، وتقدس وتعبد آلهة وأولياء وأئمة مع الله تعالى.

8 ـ هذا ما كشفه تأصيل الحركة القرآنية للاسلام وحقائقه وفضح تناقض الاسلام مع أديان المسلمين الأرضية ، فقد أثبت التأصيل القرآنى قيام التشريع القرآنى على الشورى بمعنى الديمقراطية المباشرة ، وعلى الحرية المطلقة فى الاعتقاد والعدل المطلق والسلام و الاحسان و التسامح والعفو و الرحمة و العطف و كل القيم الانسانية الرفيعة ، والتى عادة ما تتجاهلها أديان الناس الأرضية . وهذا البناء لقواعد وحقائق الاسلام بهدى القرآن سار بالتوازى مع قيام التاصيل القرآنى بنفى كل تشريعات الأديان الأرضية للمسلمين التى تناقض الاسلام قبل حقوق الاسلام ، فأثبتنا نفى ما يعرف بحد الردة وحد الرجم وحد قتل تارك الصلاة و حد العقوبة على الخمر ، كما أثبتنا تناقض الاستبداد والفساد مع معالم الدولة الاسلامية الحقيقية والتى هى الأصل و النموذج لكل دولة تقوم على الديمقراطية المباشرة والعدل والسلام و حقوق الانسان و حرية الفكر والمعتقد ورعاية حقوق الفقراء. وقلنا أن هذا النموذج يتناقض مع تاريخ المسلمين بمثل ما يقترب من الدولة العلمانية الحديثة فى الغرب ، وانه بمقدار ما يقترب المسلمون من الديمقراطية الغربية فانهم يقتربون من حقائق الدولة الاسلامية الحقيقية ، وأثبت التاصيل القرآنى ان المواثيق الدولية لحقوق الانسان التى انتجها الفكر الانسانى المعاصر هى أقرب كتابة تشريعية بشرية لحقائق الاسلام ، وانه بتطبيقها يكون التطبيق الأقرب لشريعة الاسلام الحقيقية.

ثانيا :
هذا الجهد التأصيلى تميز بالاتى :
1 ـ أنه ليس عملا فرديا ، ولكنه جهد جماعى دار حول القرآن الكريم ..
2 ـ إنه ليس عملا معصوما من الخطأ بل إنه يقبل النقاش ، وقد جرى تنقيحه وتصحيحه بيد رواده و شيوخه و اعلامه ، ولا يزال ، وهو يفتح قلبه لكل نقد موضوعى يخلو من السب و الاسفاف.
3 ـ أنه عمل اصلاحى اسلامى يهدف لاصلاح المسلمين سلميا من داخل الاسلام وبالاحتكام للقرآن الكريم .
4 ـ أن هذا الفكر لا يفرض نفسه على أحد ، بل يؤمن بحرية الفكر و المعتقد لكل البشر ، ولكنه من خلال دعوته الاصلاحية للمسلمين ملزم بتوضيح ما هو كفر عقيدى او سلوكى ـ ليس بقصد التكفير ولكن بقصد الوعظ والتحذير.
5 ـ ولأنه ملتزم فقط باصلاح المسلمين فإن مهمة هذه الفكر مراجعة كل ما ينسبه المسلمون الى الاسلام من خلال عرضه على القرآن الكريم ، لتوضيح الحق للمسلمين ولتوضيح حقائق الاسلام الغائبة او المغيبة خلال قرون من التعتيم والتجاهل والتزوير، ساد فيها (اسلام مغشوش )بينما توارى الاسلام الحقيقى. و نتج عنها حاليا أن يوصف بالاسلاميين شيوخ وقادة ثقافة الارهاب . وتلك طعنة كبرى للاسلام يجب انقاذ الاسلام منها .
6 ـ دخل التاصيل القرآنى مرحلة جديدة من خلال الانترنت ، وخصوصا بعد انطلاق موقع أهل القرآن ..
ثالثا :

1 ـ ولذلك فقد افتتحنا باب التاصيل القرآنى فى موقع (أهل القرآن ) لنشر بحوث التأصيل القرآنى .
2 ـ وباب التأصيل فى موقع (اهل القرآن ) يفتح قلبه وابوابه لكل الباحثين والمفكرين المسلمين للتعليق والنشر وفق شروط النشر فى الموقع ..
والاتصال بنا عبر mas5949@yahoo.com

3 ـ أهلا بكم فى باب التأصيل أملا فى غد أفضل لأبنائنا وأحفادنا ..



اجمالي القراءات 16709