روسيا تلوح بفكرة تقسيم سوريا | ||||||||||
طرح موسكو وواشنطن خيار التقسيم في سوريا للضغط على الأطراف المتصارعة للقبول بالحل السياسي. | ||||||||||
العرب [نُشر في 01/03/2016، العدد: 10201، ص(1)] | ||||||||||
ويلتقي الروس بذلك مع فكرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي لوح باللجوء إلى الخطة (ب) إذا فشلت جهود الحل السياسي، وهي خطة تقوم على دعم دولي لتقسيم سوريا إلى مناطق وفق التوزيع الطائفي والعرقي للأقليات. وقال سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي إن موسكو تؤيد ما يتوصل إليه المشاركون في المفاوضات السورية بما في ذلك فكرة إنشاء جمهورية فدرالية. وأكد ريابكوف في مؤتمر صحافي الاثنين استبعاده تطور الأحداث في سوريا وفق “سيناريو كوسوفو”، وشدد على ضرورة وضع معايير محددة للهيكلة السياسية في سوريا في المستقبل، تعتمد على الحفاظ على وحدة أراضي البلاد، بما في ذلك إمكانية إنشاء جمهورية فدرالية، خلال المفاوضات السورية. وأضاف “إذا خلصوا، نتيجة للمحادثات والمشاورات والمناقشات بشأن نظام الدولة في سوريا في المستقبل، إلى أن النموذج (الاتحادي) سيخدم مهمة الحفاظ على سوريا موحدة وعلمانية ومستقلة وذات سيادة فمن سيعترض على ذلك حينها؟”. وقال الخبير الروسي وأستاذ العلاقات الدولية في المدرسة العليا بموسكو ليونيد سوكيانين “إن فكرة تشكيل اتحاد فدرالي في سوريا تم طرحها في السنوات الأخيرة في مختلف المحافل الدولية سواء كانت رسمية أو بحثية غير رسمية”.
واعتبر سوكيانين في تصريح لـ”العرب” أن التنوع السوري والفسيفساء الدينية والعرقية من عرب وأكراد بأديان وطوائف متنوعة مسيحية وشيعية وعلوية وسنية، يفضي إلى أن الحل الفدرالي هو الأفضل لإدارة البلاد. وأضاف “الفدرالية أو الحكم الاتحادي لا يعني تقسيم سوريا إلى دويلات بل يحافظ على سوريا كدولة موحدة مع الأخذ بعين الاعتبار إقامة إدارات ذاتية محلية وهذا يتوافق مع الخصوصية السورية أكثر من الدولة المركزية”. لكن مراقبين لم يستبعدوا أن يقود نظام الفدرالية إلى التقسيم في بلد متعدد الطوائف والأقليات ولم تنجح الدولة فيه في فرض التجانس والقبول بالآخر إلا عبر القوة. وأشاروا إلى أن فكرة التقسيم لن تقبل بها المعارضة أو النظام إلا تحت الضغوط الخارجية، خاصة أن الرئيس السوري بدأ يسوق لعودته لإدارة البلاد وكأن شيئا لم يحصل، وهذا ما بدا من خلال إعلانه عن انتخابات تشريعية في أبريل المقبل دون استشارة أي جهة دولية معنية بالأزمة. وقال مراقب سياسي إن المعارضة تخشى بدورها أن تكون التصريحات الروسية تمهيدا لتمرير فكرة التقسيم، معتبرا أن تقسيم سوريا يعد بمثابة إجهاض لواحدة من أهم ركائز الثورة، وأن لا معنى لاستلامها الحكم كليا أو مناصفة في حالة فشلها في الحفاظ على وحدة التراب السوري. ولفت إلى أن ما يُسمى بـ”دولة الساحل”، وهي كيان علوي مغلق، والتي قد يقبل بها الأسد اضطرارا، فإن إنشاءها سيصطدم برفض روسي، ذلك أن قيامها سيحصر مصالح الروس في الساحل، متسائلا: هل يكتفي الروس بالساحل، بعد أن صارت سوريا كلها في قبضتهم؟ ويرى خبراء في الشأن السوري أن طرح فكرة التقسيم هدفه التهديد أكثر مما هو التنفيذ في حد ذاته، مشيرين إلى أن هذا التهديد بالتقسيم يهدف إلى حث الأطراف المتصارعة في سوريا للقبول بالهدنة والانتقال إلى الحل السياسي وفق القرارات الأممية التي تقوم جميعها على أساس وحدة الأراضي السورية. وبالرغم من هشاشة الهدنة يسعى الطرفان الدوليان اللذان يشرفان عليها (الروس والأميركان) إلى الحفاظ عليها. فهي فرصتهما الوحيدة لإنجاز اتفاق يقود إلى المفاوضات التي ستقرر الصيغة الأخيرة للوضع الانتقالي. وهي صيغة ليست مقبولة، لا من قبل النظام ولا من قبل المعارضة، غير أن الجهتين ستضطران إلى الموافقة عليها. وتعمل روسيا ما في وسعها لقطع الطريق على تركيا التي تسوق للتدخل العسكري في سوريا تحت مظلة الخطة البديلة التي طرحها كيري ويدعمها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، مع أن الأميركيين لم يشيروا بشكل واضح إلى التدخل العسكري لفرض خطتهم ولا إلى أي دور تركي فيه. واعتبر ريابكوف أن تصرفات أنقرة بمثابة قنبلة موقوتة تحت طاولة الهدنة في سوريا. وقال “الأتراك لم يتراجعوا عن فكرة توجيه ضربات عبر الحدود، وفكرة إنشاء مناطق ما على طول الحدود التركية في الأراضي السورية”. من جانبها، قالت الحكومة السورية الاثنين إن وزير خارجية السعودية يحاول إحباط اتفاق هش لوقف الأعمال القتالية باقتراحه خطة بديلة في حال فشل الاتفاق. وكان الجبير أعلن الأحد أن الحكومة السورية وحليفتها روسيا انتهكتا الهدنة وستكون هناك خطة بديلة إذا اتضح أن دمشق وحلفاءها غير جادين بشأن وقف القتال. ولم يورد تفاصيل عن الخطة. |