السويسريون يختارون التمسك بإنسانيتهم رغم إغراق أوروبا باللاجئين | ||||||||||
|
||||||||||
العرب [نُشر في 29/02/2016، العدد: 10200، ص(5)] | ||||||||||
وبلغت نسبة الرافضين للاقتراح 59 بالمئة بعد إغلاق مكاتب الاقتراع، بحسب تقديرات معهد “جي اف اس” للاستطلاعات. وشاركت غالبية الناخبين المدعوين بانتظام للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاءات والمبادرات التي تشكل أساس الديمقراطية السويسرية، في التصويت عن طريق البريد أو الإنترنت. وعلقت النائبة عن حزب اتحاد الوسط سيلين امودروز للتلفزيون السويسري على النتيجة بقولها “إنها خيبة أمل للضحايا”. وأضافت أن حزبها علم بقرار المواطنين لكنه لن يكتفي بذلك. وأثار المقترح الشعبوي جدلا كبيرا في البلاد مع تصاعد وتيرة النقاش حول التعامل مع أزمة المهاجرين في القارة الأوروبية. ويقول مراقبون إن المقترح يكرس التمييز والعنصرية، خاصة أنه لم يستثن أولئك المقيمين في البلاد منذ فترة طويلة لمجرد تورطهم في جرائم قد يقترفها السويسريون أنفسهم. وتأتي هذه الخطوة في أعقاب جهود متكررة في الأعوام الأخيرة لتشديد الإجراءات ضد الأجانب، غير أن حزب الشعب السويسري يقول “إن تلك الجهود لم تنجح بالشكل الكافي”. وتقول منظمات حقوقية إن المقترح الذي تم رفضه ساهم في تشويه سمعة الأجانب بشكل كبير دون الأخذ بعين الاعتبار لمساهمات الأجانب في بناء قوة البلاد، لكن الحزب اليميني يصر أن تلك هي إرادة المواطنين. وتندرج الخطوة السويسرية ضمن مزاج أوروبي عام بدأ بالتغير تجاه الأجانب منذ اندلاع أزمة اللجوء الكبيرة العام الماضي، وقد سارعت عواصم أوروبية عديدة باتخاذ إجراءات لاقت استهجان المنظمات الحقوقية وذلك لتعارضها مع القواعد الأساسية للديمقراطية في القارة.
وتخشى الجماعات المدافعة عن حقوق اللاجئين من إقدام دول أوروبية أخرى على تبني الخطوة السويسرية إزاء الأجانب، وتحولها إلى نهج عام لكافة دول الاتحاد الأوروبي. ويؤكد محللون أنه بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء على المقترح الجديد فإن مجرد الإقدام على رفع هذا المقترح سيسدي خدمات كبيرة للسياسات المناهضة للأجانب تقودها دول في شرق أوروبا والبلقان. وفي عام 2010، سبق للسويسريين أن وافقوا بالفعل بنسبة 52.9 بالمئة على مبادرة لاتحاد الوسط الديمقراطي (أكبر حزب سويسري) للمطالبة بطرد المجرمين الأجانب، لكن البرلمان أدخل في مارس الماضي بندا يسمح للقضاة بتجنب الطرد التلقائي للمدانين في بعض الحالات. وهذه المرة، تجري استشارة الشعب السويسري حول مبادرة أقسى بكثير، تطلب “الإبعاد الفعلي للمجرمين الأجانب”. فهذه المبادرة القاضية بـ”تطبيق” قاعدة التلقائية في طرد المدانين الأجانب توسع من قائمة أسباب المخالفات التي تؤدي إلى الطرد. وتطالب المبادرة بالإبعاد التلقائي لأي أجنبي صدرت بحقه إدانة في السنوات العشر الماضية، في حال ارتكابه جنحا مثل “إصابة جسدية بسيطة” أو تورط في مشاجرة. لكن الحكومة والبرلمان يعتبران اقتراح حزب اتحاد الوسط الديمقراطي يتعارض مع “القواعد الأساسية” للديمقراطية. ولا تدعم الأحزاب الأخرى أو النقابات وأوساط الأعمال هذه المبادرة. والمبادرة الشعبية حق معطى للمواطنين السويسريين لاقتراح تعديل للقوانين. ويتطلب إقرارها غالبية مزدوجة، غالبية الناخبين وغالبية الكانتونات. وقد هز حزب اتحاد الوسط الديمقراطي الحياة السياسية في الأعوام الأخيرة، خصوصا من خلال حملات ناجحة لحظر بناء المآذن وضد ما وصفه بـ”الهجرة الجماعية”. كما يؤكد هذه المرة أن بين كل عشرة مجرمين في السجون السويسرية هناك سبعة أجانب. ويقول الحزب “الأجانب من مرتكبي جرائم خطيرة والذين يكررون فعلتهم لا يستحقون البقاء على أرضنا”. وتظهر الملصقات الانتخابية للحزب خروفا أسود يطرده خروف أبيض من العلم السويسري. وشكل هذا الرفض الواضح للسويسريين نكسة لحزب اتحاد الوسط الديمقراطي الشعبوي الذي جعل من قضية الهجرة في الأعوام الأخيرة شغله الشاغل في مختلف نشاطاته. لكن “المبالغة” في مبادرته هذه المرة أثارت تنديدا لدى معارضيها الذين أطلقوا حملة كثيفة ضد المقترح في الأسابيع الأخيرة. وقال المحلل السياسي باسكال سياريني للتلفزيون السويسري إن “تأييد المبادرة تبخر، وهذا غير اعتيادي”. |