قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن قمع النظام المصري لمعارضيه قد يفضي إلى ثورة جديدة في الشارع المصري، خاصة وأن تجربة الثورة لا تزال حية في أذهان الشعب المصري، ورصدت الصحيفة بعضًا من الاحتجاجات واسعة النطاق التي شهدتها الساحة المصرية في الوقت الأخير.
تقرير الصحيفة البريطانية الذي كتبه الصحفي ويندل ستيفنسون، جاء تحت عنوان: بقمع المعارضة.. السيسي يخاطر بإحداث ثورة جديدة في مصر.
جوليو ريجيني
أشار التقرير إلى حادثة مقتل جوليو ريجيني، وهو طالب دراسات عليا إيطالي كان يتواجد في مصر لدراسة النقابات العمالية، للقاء صديق في القاهرة يوم 25 يناير، ذكرى الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في عام 2011.
وبعد عدة أيام، تم العثور على جثته ملقاة على جانب الطريق السريع، تظهر بها آثار جروح وحروق السجائر، بصمات تعذيب على يد الشرطة. وقالت السلطات المصرية في أول رد فعل لها أن الطالب الإيطالي تعرض لحادث سيارة.
واعتبر التقرير أن الضجة الدولية بشأن حادثة الاختطاف الواضحة وقتل مواطن أجنبي (لا يوجد معلومات رسمية بأن ريجيني تعرض للاعتقال)، أبرزت انتهاكات حقوق الإنسان في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
فبعد الإطاحة بالرئيس الإسلامي، محمد مرسي، في انقلاب عسكري شعبي في عام 2013، تم حظر جماعة الإخوان المسلمين ومنعت المظاهرات غير المرخص بها. انتخب السيسي في عام 2014 بينما توسعت الحملة لتشمل منظمات المجتمع المدني والناشطين الليبراليين والصحفيين.
مفارقة
من جانبهم، ينظر المصريون إلى السيسي باعتباره قوة استقرار بعد فوضى ما يسمى بالربيع العربي. وفي الوقت الذي عانت فيه بقية دول الشرق الأوسط من نيران الفوضى والصراع، بدأ أحد التنظيمات التابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في سيناء حملة من الهجمات على موظفي الدولة، بدا أن معظم المصريين قد قرروا، لأسباب مفهومة، الجنوح لمعادلة الأمن، وفق ما ذكره التقرير.
كما رصد التقرير ما أسماها بالمفارقة التي لا يمكن الاحتجاج بها، ففي الوقت الذي يحب فيه السيسي أن يقول أن الجيش هو الحامي والضامن لثورة 2011، تقوم أجهزة الأمن بالقبض على الأشخاص الذين يحاولون إحياء ذكرى هذه الثورة.
وقال التقرير أن حادثة موت ريجيني كشفت عن تجدد حالات العنف من قبل جهاز أمن الدولة الذي كان واحدًا من المظالم الرئيسية للحشود التي تجمعت في ميدان التحرير قبل خمس سنوات.
340 حادثة اختفاء قسري
التقرير استشهد باللجنة المصرية للحقوق والحريات، وهي مجموعة حقوقية مقرها في القاهرة، والتي وثقت 340 حالة من حالات “الاختفاء القسري” بين أغسطس ونوفمبر من العام الماضي. وقد بدأ حتى المعلقون في وسائل الإعلام الرئيسية في انتقاد ثقافة إفلات الشرطة من العقاب.
حالتان، على وجه الخصوص، تسببتا في غضب واسع النطاق: شيماء الصباغ، وهي شاعرة، أظهرت لقطات فيديو مقتلها بعد إطلاق النار عليها من قبل الشرطة بينما كانت تسير في الشارع أثناء مظاهرة في ذكرى ثورة يناير العام الماضي. والثانية هي إسراء الطويل، وهي فتاة كانت قد أصيبت بتلف في العمود الفقري عندما أصيبت بعيارٍ ناري في يناير 2014 وقضت في وقت سابق أسابيع رهن الاحتجاز.
من وقت لآخر، أعلن السيسي عن عدم الموافقة على مثل هذه التجاوزات. وقال بأنه أصدر عفوًا عن بعض الناشطين وأمر بالتحقيقات في الحوادث الفردية. وقد خضع بعض ضباط الشرطة للمحاكمة بتهمة الاعتداء، ولكن لم تسفر تلك المحاكمات – بحسب التقرير – في كثير من الأحيان إلا عن عقوبات مخففة. يخلق ذلك علاقة بين الدولة والمواطن لا يمكن التنبؤ بها.
سلاح ذو حدين
وقال التقرير: “عدم القدرة على التنبؤ يمكن أن تكون سلاحًا ذا حدين، ومع ذلك، شنت حكومة السيسي حملة على الاحتجاجات لأنها تعلم أنه مثلما جلب الشارع الجيش إلى السلطة، فإنه يمكن أن يطيح به مرة أخرى. قد يبدو وكأنه قد تم ترويع المعارضة المصرية، ولكن تجربة الثورة لا تزال حية في أذهان الناس”.
ولم يفت التقرير الإشارة إلى أن حالات سوء معاملة الشرطة قد أدت إلى موجة من الغضب التي أحدثتها حالة موت ريجيني.
في نهاية يناير، تعرض طبيبان للاعتداء في مستشفى بالقاهرة من قبل الشرطة أثناء مشادة حول العلاج. وردًا على ذلك، تظاهر الآلاف من الأطباء ونظموا إضرابات جزئية. ودعوا إلى محاكمة رجال الشرطة الذين قاموا بالاعتداء على الطاقم الطبي، كما طالبوا باستقالة وزير الصحة. وكانت هذه هي بعضًا من أكبر الاحتجاجات في مصر منذ تولي السيسي السلطة.
واختتم التقرير بقوله أنه فيما يعتقد السيسي أنه بحاجة إلى الشرطة للحفاظ على السيطرة، فإن أساليبها شديدة الوطأة والصارمة هي أيضًا أكبر مسئولياته.