د. أسامة الغزالى حرب لـ«المصري اليوم»: نعيش «نكسة» بعد ثورتين.. واعتقال الشباب إهانة للنظام

في الخميس ٢٥ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

د. أسامة الغزالى حرب رئيس مجلس أمناء حزب المصريين الأحرار المستقيل لـ«المصري اليوم»: نعيش «نكسة» بعد ثورتين.. واعتقال الشباب إهانة للنظام

  حوار   عبدالعزيز السعدنى    ٢٥/ ٢/ ٢٠١٦

تصوير- نمير جلال
أسامة الغزالى حرب يتحدث لـ«المصرى اليوم»

قال الدكتور أسامة الغزالى حرب، رئيس مجلس أمناء حزب المصريين الأحرار المستقيل، إن المنافقين السياسيين يزدهرون فى المجتمعات اللاديمقراطية، عبر الهيمنة المصطنعة لرأى أو نظام محدد، وأشار إلى أننا نعيش نكسة بعد ثورتين، ولفت إلى أن استمرار حبس شباب ٢٥ يناير إهانة للنظام، ووصف ائتلاف مستقبل وطن بأنه صناعة أمنية، وائتلاف دعم مصر بأنه استمرار لسطوة الدولة، فيما وصف الحبس فى قضايا الرأى، بأنه عار على مصر قائدة التنوير فى العالم العربى، وأن ثورة ٢٥ يناير من أعظم الأعمال فى تاريخ مصر المعاصر، ووصف الأحزاب بأنها: «عبارة عن شوية مقرات على شوية اجتماعات، وتعانى الغربة فى الشارع».

وأضاف حرب، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن البرلمان يعبر عن الواقع، ولفت إلى اعتزال بعض شباب ثورة ٢٥ يناير، السياسة، فيما أقصى بعضهم بالسجن أو التخوين، ولفت إلى عودة وجوه نظام مبارك للانتقام من الثورة بدعوى أنها «مؤامرة»، وطالب الأزهر بتقبل حرية الرأى والتعبير، ومراجعة مواده التعليمية وتنقيتها وتعديلها لمواكبة العصر. وإلى نص الحوار:

■ سبق أن صرحت بأن آفة مصر فى المنافقين السياسيين.. كيف تتخلص مصر من آفتها؟

- هذه آفة أى مجتمع، ولن تتخلص مصر من آفتها إلا عندما يكون هناك مجتمع ديمقراطى حقيقى، وعندما يكون هناك نوع من الحكم الموضوعى على الناس دون تحيز تجاه قضية ما أو وجهة نظر، وعندما يكون هناك مناخ سياسى ناضج ونظيف يسمح بالحوار الحقيقى. وببساطة شديدة المنافقون يزدهرون فى المجتمعات اللاديمقراطية والشمولية واللا سلطوية، نظرا لأن الهيمنة مصطنعة لرأى ما أو حزب ما أو اتجاه ما، وبالتالى تكون بيئة خصبة لتكاثر المنافقين فى هذه الأجواء.

■ برلمان نتاج ثورتين متتاليتين واستكمال لخارطة الطريق.. هل هذا ما كان يستحقه المصريون؟

- مبدئيا البرلمان نتاج لعملية ديمقراطية حقيقية، رغم وجود بعض الشوائب والملاحظات عليه، وكبداية خاصة بعد ثورتين، منطقية جدا، وفى النهاية البرلمان يمثل واقع الشعب كما هو؛ فواقع المجتمع ليس مثاليًّا، بل يوجد فيه جميع التوجهات والأنماط المختلفة.

■ وما تقييمك لنسبة تمثيل الشباب فى البرلمان؟

- نسبة جيدة إلى حد ما حظيت بالمشاركة فى البرلمان، وكذا المرأة، مقارنة بالبرلمانات السابقة.

■ وهل يمثل المجلس الشباب، بعد ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو؟

- لا يوجد شباب يمثل ثورتين بشكل مباشر، وبعبارة أخرى، ليس هناك أعضاء يمثلون الثورتين بشكل مباشر، غير بضعة أفراد، وعدا ذلك لا نستطيع القول إن هذا التمثيل للثورة تحقق.

■ هناك اتهامات للبرلمان، بأن قرار منع البث يستهدف تمرير قوانين الرئيس والحكومة بعيدًا عن الرأى العام؟

- أولاً مسألة بث جلسات البرلمان ليس متفقا عليها فى دول العالم، وتختلف من دولة لأخرى، والبث له مزايا، وعدم البث له مزايا.

■ وما مزايا عدم البث من وجهة نظرك؟

- «الناس ما تقعدش تتمنظر»، فبعض النواب عندما يعرفون أنهم تحت الأضواء يسترسل فى كلمته ويصرخ فى محاولة لرسم صورة لنفسه أمام أهل دائرته ولسان حاله يقول لهم: «بصوا شوفوا النائب بتاعكم بيعمل إيه»، وعلى العكس عندما يعرف أنه ليس هناك إذاعة للجلسات يتصرف على طبيعته وبموضوعية، وللعلم بعض النواب لا يشعرون بالزهد تجاه الكاميرات.

■ وهل كانت فترة الـ ١٥ يومًا كافية لتمرير ٣٤٠ قانونًا؟

- لا أفهم لماذا كان هناك التزام حرفى من النواب بمدة الـ ١٥ يومًا، وأعتقد أن هذا التصرف ربما يثبت مستقبلا أنه كان غير سليم، وربما تظهر عورات بعض القوانين مستقبلا، ونحتاج إلى إعادة مناقشتها مرة أخرى. وكنت أفضل ألا يلتزم البرلمان بهذه المدة، لتأخذ القوانين فرصتها الكاملة فى المناقشة.

■ ما مدى تأثير اهتمام الرأى العام بقانون الخدمة المدنية على تمرير قوانين أخرى تنطوى على عوار سياسى؟

- هذه القوانين لم تأخذ حقها فى المناقشة الوافية؛ سواء الآن أو بعد ذلك، وسوف تظل هذه القوانين بها عيوب سوف تظهر آثارها فى المستقبل، وأنا ضد فكرة سلق القوانين أو مناقشتها على عجل، لمجرد قيود إجرائية يمكن التحكم فيها.

■ وما نصيحتك للبرلمان تجاه القوانين، التى مرت فى غضون دقائق، دون مناقشتها بشكل دقيق؟

- ليس هناك على الإطلاق ما يمنع إعادة مناقشة مثل هذه القوانين، وعندما نخرج من فترة التوتر الحالية ستهدأ الأحوال وأعتقد أننا دخلنا هذه المرحلة.

■ وهل هناك قلق من النواب تجاه النظام؛ خاصة بعد تعديل المادة ١٥٤ بشأن حل المجلس وإضافة جملة: «إذا كان إعلان الطوارئ جزئيًا أو كليًا»؟

فيما يتعلق بإمكانية حل مجلس النواب، لا نستطيع أن نتنبأ بحله، وكل شىء وارد، أيا كانت الظروف السياسية، ولكن ليس هناك سبب حتى الآن يستدعى القلق تجاه مسألة الحل.

■ رفضت لجنة إعداد لائحة البرلمان استجواب المحافظين واكتفت بإعلام وزير التنمية المحلية.. هل لك رأى آخر؟

- يبدو أنها مسألة يحكمها إلى حد ما القانون، وأعتقد أنه لا بد من تغيير هذا الوضع، من خلال الارتقاء بمفهوم الحكم المحلى فى كل محافظة، بمعنى أنه حال التوصل إلى وضع أستطيع من خلاله إجراء مساءلة حقيقية وجادة لبرلمان محلى للمحافظة، فهذا هو الوضع الأفضل. والحكم المحلى فى مصر «مشكلة»، وفى الحقيقة لا يوجد حكم محلى، وكل الأجهزة الشعبية هناك مشاكل كبيرة فى تكوينها وعدم تمثيلها الناس، ما يؤدى إلى تسرب ذوى النفوس والفساد فيها.

■ وما علاج هذه الأزمة؟

- أتصور إذا تم تغيير جذرى فى نظام الحكم المحلى، وأصبحنا إزاء نظام محلى ديمقراطى، وأن هناك محافظين يتم اختيارهم بطريقة سليمة، ويخضعون للمساءلة من فترة لأخرى أظن أنه وقتها يمكن أن نقول إننا نمتلك نظاما محليا سليما.

■ كنت من أشد المعارضين لطريقة اختيار المحافظين، خاصة التعديل الأخير الذى شمل عددًا من العسكريين.. هل يمكن أن توضح وجهة نظرك؟

- المحافظون يتم اختيارهم عن طريق رئيس الجمهورية، ولدى تصور بعيد المدى، إذا اقتربت مصر من اللامركزية بمنح صلاحيات حقيقية للمحافظين، وإحداث تغيير جذرى فى نظام الحكم المحلى، فهذا الأمر سيسمح لأبناء كل محافظة بتسيير أمور محافظتهم بشكل ديمقراطى وسليم، قطعًا هذا أفضل.

■ هل هناك نموذج يمكن الاقتداء به فى تعديل نظام الحكم المحلى؟

- نموذج ألمانيا دائما فى ذهنى، فالولايات الألمانية تملك حق التحكم فى كل صغيرة وكبيرة تخصها، إلا شؤون الدفاع والأمن والعدالة التى تتحكم فيها السلطات المركزية والمعنية فى الدولة، فالسلطات المحلية فى ألمانيا نموذج يحتذى به.

■ عودة إلى البرلمان.. ما تقييمك لائتلاف «دعم مصر».. وهل يستغل كتلته التصويتية فى تغيير قرارات البرلمان؟

- ائتلاف «دعم مصر» ما هو إلا استمرار لسطوة الدولة والأجهزة الأمنية على العملية السياسية؛ سواء «دعم مصر» أو «فى حب مصر» وهى تكوينات سعت أجهزة الدولة لتكوينها والتأثير فيها. ومنذ بداية تكوين الائتلاف وأنا أرفضه، ولن تتحقق الديمقراطية، إلا إذا تخلصنا من هذه العيوب الجسيمة فى النظام السياسى، وهى عبارة عن تدخل قوى الأمن وقوى الدولة بشكل يناقض القواعد المتعارف بها فى كل الدول الديمقراطية. وعندما ترفع هذه الأجهزة وصايتها عن الشعب، ويتمتع بنظام ديمقراطى حقيقى نستطيع القول إن هناك ديمقراطية فى مصر.

■ اعتزلت الحياة الحزبية.. فهل هذا اعتراف منك باستحالة إجراء إصلاح إدارى داخل أى حزب بداية من الحزب الوطنى المنحل؟

- لا تقاس بهذه الطريقة، والعنصر الرئيس فى اعتزالى الحياة الحزبية، شخصى، فقد أوشكت على عامى الـ ٦٩، وشعرت أنه ليس هذا هو العمر الذى أكون فيه نشيطا سياسيًا، أو أتولى منصبًا قياديًا فى أى حزب، وخبراتى موجودة فى أى وقت لأى حد، وفضلت التفرغ للكتابة والعمل الثقافى.

■ تاريخ العمل الحزبى تخطى نحو ١٠٠ سنة.. ما تقييمك للأحزاب حاليا؟

- جميع الأحزاب ضعيفة، فالوفد هو الوحيد الذى يمتلك تاريخًا، لكنه ليس قويًا، فأى شخص عندما يعرف أن الأحزاب يرجع تاريخها إلى نحو ١٠٠ عام، يقول «هذا عظيم»، وفى حقيقة الأمر لم يكن هناك ممارسة حقيقية للعمل الحزبى على مدار الـ ١٠٠ عام سوى ما بين ١٩٢٢- ١٩٥٢ التى كان يشكل فيها حزب الوفد الحكومة، وعدا ذلك هناك ٦٠ عاما من حكم الضباط الأحرار، وبالتالى لا يوجد أى حزب قوى فى الشارع، ولو سألت أى مواطن عن الأحزاب لن يعرف سوى الوطنى المنحل والوفد، الأحزاب تعانى من «غربة» فى الشارع المصرى.

■ رغم ضعفهم إلا أن هناك أحزابا عمرها لا يتخطى العام الواحد وحصدت مقاعد برلمانية كثيرة؛ مثل «مستقبل وطن»؟

- أولًا مستقبل وطن صناعة أجهزة الأمن، ومن الطبيعى أن يحصد مثل هذه المقاعد فى أقل من عام على نشأته بمساعدات أمنية.

■ ولكن الشارع يعتقد أن «مستقبل وطن» حزب شبابى نتاج ثورتين؟

- الشارع لا يعرف الأحزاب جيدًا، فأين شباب ٢٥ يناير فى البرلمان، جميعهم فى بيوتهم، منهم من اعتزل الحياة السياسية، ومنهم من تم إقصاؤه، ولكن أكررها أن «مستقبل وطن» ما هو إلا صناعة أمنية.

■ وأين الأحزاب من الشارع؟

- للأسف غير موجودة، وميزة السياسة أنها ليست كلاما نظريا، انزل الشارع وشوف بنفسك، هل تستطيع أن تلمس نشاطًا حزبيا، «الأحزاب عبارة عن شوية مقرات على شوية اجتماعات». ومصر بلغ تعدادها ٩٠ مليونا، وعدد المشتركين فى الأحزاب لا يتخطى النصف مليون، أين هى الحياة الحزبية.

■ والحزب الوطنى كان لديه أكثر من ٣ ملايين وماذا فعل للشارع؟

- أولا «إحنا مش خواجات، وعارفين بلدنا كويس، الناس كلها كانت بتجرى ورا كارنيهات الحزب الوطنى عشان فرصة عمل أو يأمن جانب الأجهزة الأمنية لا أكتر ولا أقل».

■ هل تمثيل الإسلاميين فى البرلمان يؤكد خسارتهم ثقة الشارع؟

- مما لا شك فيه، وأعتقد أن نسبة تمثيلهم تعبر عن الواقع، ولا أحد يستطيع أن ينكر وجود الإسلاميين فى الحياة السياسية، لكنه ليس بالقدر الكافى مقارنة بالأعوام الماضية. والمشكلة تكمن فى أن حزب النور قرر دخول العملية السياسية نتيجة الطمع السياسى، بحجة أن السياسة تقربهم للجمهور وتسلط الأضواء عليهم، أما عن التواجد فى الشارع فهناك الجماعات السنية، التى وجدت فى الشارع منذ عشرات السنين باعتبارها جماعات دينية دعوية.

■ ننتقل إلى ٢٥ يناير.. البعض يطلق عليها مؤامرة.. ما قولك؟

- كلام فارغ، وأشعر بالغثيان منه، كان هناك ملايين المصريين فى الشوارع، والحقائق السياسية مفيهاش هزار، هل الملايين من المصريين كانوا قابضين فلوس، ومين يا ترى القوة الشيطانية اللى قدرت تحرك هذه الأعداد المهولة، وتجبرهم على الاعتصام فى الميدان ويباتوا لأيام متواصلة. ثورة ٢٥ يناير من أعظم الأعمال فى تاريخ مصر المعاصر، وكانت سلمية وأبهرت العالم كله، وحضرت موقف زيارة وزير خارجية ألمانيا إلى مصر بعد الثورة، وطلب النزول إلى ميدان التحرير، وعندما ذهب إلى الميدان كان يجرى فى الميدان، يكفى أن الشعب تيقن أنها ثورة وكل واحد حر فى رأيه.

■ لكن الشعب تيقن من انحراف مسار الثورة؟

- تحدث فى كل الثورات، وحدث هذا الانحراف للأسف، لأن الثورة كانت تلقائية بحتة، وفى اللحظة التى سقط فيها النظام القديم، حدث خطأ جسيم من الذين كانوا فى مقدمة هذه الثورة، لأنهم تركوا الميدان والأمور للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، علمًا بأن الذى طلب من المجلس تولى شؤون البلاد هو الرئيس المخلوع، وكان من المفروض أن يكون هناك مجلس لقيادة الثورة هو الذى يحكم، ولو حدث هذا، وقتها، لتغيرت الأمور.

■ البعض يتهم ثورة ٣٠ يونيو بأنها كانت سببا فى عودة عناصر من نظام مبارك.. ما رأيك؟

- ٣٠ يونيو ثورة امتداد لـ ٢٥ يناير، ومن يحاول تشويه الثورتين من النظام القديم، وهو أمر طبيعى، من أشخاص تم إقصاؤهم من الساحة السياسية، فهم يحاولون الانتقام مرارا وتكرارا، وغير الطبيعى أن يحاول البعض تحويل رأيهم المحدود إلى رأى عام للشعب، والحمد لله أن ٢٥ يناير ثورة، وثابتة كحقيقة فى الدستور.

■ ما تقييمك لأداء حكومة شريف إسماعيل بعد التخبط مع البرلمان ورفض قانون الخدمة المدنية؟

- لم أر بعد ٢٥ يناير أى حكومة عبرت عن الثورة، أو مثلتها.

■ حتى حكومة عصام شرف الذى أتى من ميدان التحرير؟

- حتى حكومة شرف، لم تكن كما تمنت الثورة، وربما يكون هناك وزير أو اثنان فقط فى كل حكومة كان لديهم أفكار الثورة ومبادئها، وبشكل عام دعنا نجزم بأن الثورة لم تترجم فى تغييرات ملموسة أو جذرية فى الحكومات أو الجهاز الإدارى.

■ هل الحكومة قادرة على حل أزمة سد النهضة؟

- أزمة سد النهضة ليست مشكلة حكومة فقط، بل دولة بكل مؤسساتها، والدبلوماسية ليست إحدى الأدوات التى تتعامل مع الأزمة، ولكن المسؤولية تبدأ من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والحكومة كلها، بالإضافة إلى الأجهزة السيادية، وكمواطن عادى أظن أن هناك حالة من الغموض فى التعامل مع الأزمة.

■ هل تتوقع تغييرا وزاريا؟

- ليس بالضرورة، ومن الطبيعى أن يكون هناك تغيير جديد، إلا أنه لا يوجد ما يحتم التغيير.

■ هل الجيش والشرطة يسيطران على سيناء؟

- أعتقد أنه حتى الآن سيناء ليست تحت السيطرة، هذه حقيقة مرة، لأنه ليس من المعقول أن تكون هناك سيطرة وتحصل حادثة بمعدل ثابت ومنتظم ضد أفراد الأمن.

■ وما تقييمك للرئيس عبدالفتاح السيسى؟

- أداء الرئيس لم يكن على مستوى كثير من الدول الحرة، وقطعا كان يتمتع- عندما تولى الرئاسة- بشعبية جارفة، التى تقلصت وتأثرت، وبالتالى يجب أن يكون هناك معالجة جادة للأمور، وعلى رأسها الشباب واعتقالهم، يجب أن تؤخذ بجدية أكثر، فاستمرار الحبس لبعض الشباب، الذين وقفوا أمام نظام مبارك، إهانة للنظام ويسهم فى الفجوة بينه والشباب.

■ هل تؤيد الحبس فى قضايا الرأى؟

- هذا أمر يشين مصر كلها، وعار على مصر التى كانت تقود التنوير والثقافة فى العالم العربى، فيأتى عاما ٢٠١٥ و٢٠١٦ تسجن شخصيات بسبب آرائهم ومعتقداتهم هذا كلام لا يجوز، فهذه ردة ينبغى أن نخجل منها.

■ هناك أزمة بين الأزهر والمثقفين ويرى كل طرف أنه يقف على أرض صلبة دون الآخر.. ما تعليقك؟

- سياسيًا؛ الأزهر فى معظم فترات تاريخه ينظر إليه أنه حصن وقلعة الإسلام المعتدل المتوازن الذى يعبر عن روح مصر، الإسلام بالشكل الأقرب بكل صور التسامح وتقبل الآخرين، ويبدو أنه فى العقود الماضية، نجح الإخوان فى التسلل إلى المشيخة، وهذه كارثة لأنه كان يتصدى لهم وأعتقد أن شيوخ الأزهر الأجلاء لم يتوافقوا ولو لمرة واحدة مع الإخوان، لكن الجماعة نجحت فى التسلل للأزهر والتأثير فيه.

وعلى المستويين الثقافى والفكرى، لا شك أن هناك الكثير من النواحى يحتاج تعديلا وتنقية، مثل التعليم الأزهرى الذى يحتاج مراجعة، ليس فقط من الناحية الثقافية والاجتماعية والعلمية، بل القيم التى تدعو إليها ومدى اتساقها مع التحديث.

■ هل تحول الأزهر إلى مؤسسة سياسية بدلا من كونها دينية؟

- من المفترض أن الأزهر مؤسسة دينية بعيدة عن السياسة بقدر الإمكان، وأرى أن أسوأ ما تعرض له الأزهر فى العقود الأخيرة، خاصة فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى رسخ فى ذهنه فكرة مثالية، تستهدف الجمع بين خريج للأزهر وتخصصات ميدانية، وأعتقد أن الفكرة فشلت فشلا ذريعًا، ويجب فصل هذه التخصصات عن التعليم الأزهرى الخاص بالشأن الدينى.

■ لماذا شن التيار الإسلامى هجوما على ترشيح سيد القمنى لجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام؟

- أولا، سيد القمنى له رؤيته فى تاريخ الإسلام وله رأيه المتحرر والنقدى، وأتفهم هذا الغضب من التيار الإسلامى، لأن القمنى ناقد حاد لكثير من المسائل الأساسية فى الإسلام، وأنا شخصيًا من أنصار حرية الفكر والتعبير.

■ وما قراءتك لأزمة الصراع السنى الشيعى؟

- الصراع تاريخى وموجود منذ الدعوة الإسلامية، وللأسف ممتد حتى هذه الأيام وعانى منه العالم الإسلامى كثيرا ودفع آلاف الأرواح ثمنًا له.

■ ولكنه صراع دينى قديم.. لماذا أصبح سياسيًا؟

- أصبح سياسيًا مع قيام الثورة الإيرانية واختلاط الدين بالسياسة، ومن الخطورة أن تعتبر إيران نفسها مسؤولة عن الشيعة فى جميع الدول العربية، ما يؤدى إلى مشاكل كبيرة مستقبلا، إذا استمر الوضع كما هو عليه.

■ وما تقييمك لمستوى الإعلام؟

- هناك حالة من التشتيت فى الإعلام، لم يعد هناك إعلام واحد فقط، فهناك إعلام الدولة والإعلام الخاص والإعلام الحر وكل طرف يخضع لبعض القوى السياسية، لتقول رأيها، وهناك طرف آخر يحاول إعادة وجوه النظام القديم، وثالث يدافع عن الدولة باستماتة، وأتصور انه وضع مؤقت وسوف يختفى.

■ هناك إعلاميون يمارسون النفاق السياسى للتقرب من السلطة.. هل هذا بمثابة عودة لإعلام ١٩٦٧؟

- لا، هذا النوع من الإعلام الردىء موجود فى كل المجتمعات، وأعتقد أنه من النضج الديمقراطى والفكرى والشعبى أن يتم رفض هؤلاء، «هما متخيلين إنهم بيضحكوا على الناس وما حدش يعرف يضحك على الناس بعد الثورتين خاصة الشعب المصرى، ماحدش يعرف يضحك عليه».

■ ومن تعتقد أنه وراء أمثال هؤلاء الإعلاميين؟

- أكررها دائمًا: تدخل الأجهزة الأمنية بشكل كبير فى حياتنا، يؤثر بالسلب على كل المجالات بما فيها الإعلام، وأنا وأنت والشعب ما حدش يضحك علينا بسهولة، والمصريون لديهم حس فطرى ذكى بعد الثورة ولديهم قدرة على التمييز بين الإعلام الحقيقى والمزيف.

■ وهل الحكم الأخير على مبارك ونجليه فى قضية القصور الرئاسية قضائى أم سياسى؟

- أعتبر أن أحد عيوب ثورة يناير الجسيمة، محاكمة مبارك وأسرته جنائيا وليس سياسيًا. «إحنا ما خرجناش فى ٢٥ يناير عشان مبارك خد قصور وفيلات، إحنا خرجنا لأنه حكم البلد ٣٠ سنة دون تغيير، والتعليم بقى فى الحضيض، وكذا الصحة وانتشرت الرشاوى، واعتراضا على سيطرة رجال الأعمال على البلد».

■ هل تغير الشعب، بعد ثورتين، إلى الأحسن أم رجعنا لما قبل ٢٥ يناير؟

- أعتقد أننا فى نكسة حقيقية، واستمرار وجود الشباب فى المعتقلات والسجون نكسة، التضييق على حريات التعبير بأى شكل نكسة، بالإضافة إلى عودة وجوه نظام مبارك إلى الساحة مثلما ولدتهم أمهاتهم، وتنتقم بدعوى أن ٢٥ يناير مؤامرة، فهناك اتجاه للقضاء على ثورة يفتخر بها الشعب.

اجمالي القراءات 3264