على الرغم من أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أكد في أكثر من مناسبة ضرورة تجديد الخطاب الديني، إلَّا أن القضايا والأحكام الخاصة بازدراء الأديان ازدادت في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، ورغم أن الدستور المصري كفل حرية العقيدة والتعبير إلَّا أن هناك عددًا من الدعاوى القضائية التي رفعت مؤخرًا ضد بعض من المفكرين أو الكتاب بتهمة ازدراء الدين أو سب الذات الإلهية.
وصلت بعض الدعاوى إلى حد السجن، وكان آخرها الحكم الذي صدر بحق الكاتبة فاطمة ناعوت بالحبس 3 سنوات بتهمة ازدراء الأديان، بعد إبداء رأيها في ذبح الأضحية في عبيد الأضحى.
الجدير بالذكر أن المادة 98 فقرة (أ) من قانون العقوبات تؤثم الازدراء بالعقيدة الدينية وتعاقب مرتكبها بالحبس من ستة شهور إلى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة جنيه إلى ألف جنيه مصري”.
بينما تحدد المادتان “160 ـ 161″ من قانون العقوبات تتحدد الجنح المتعلقة بالأديان، وهي واحدة من الأفعال الإجرامية الآتية «كل من شوش على إقامة شعائر ملة أو احتفال ديني خاص بها أو عطلها بعنف أو التهديد، كل من ضرب أو كسر أو أتلف أو دنس مبانٍ معدة لإقامة شعائر دين أو رمز أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء الملة، كل من استغل الدين في الترويج أو التحبيذ بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي، أو الطعن في كتاب مقدس أو تحريفه عمدًا، أو السخرية من الاحتفالات الدينية».
من جانبه علق الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر على تهمة ازدراء الأديان، بأنه فيما يتصل بالتشريع الإسلامي لا يوجد ما يسمى بازدراء الأديان؛ لأنها عبارة فضفاضة ومطاطية تخلط ما بين الأعمال البحثية والنقض البنَّاء والهدام وفيها تغاضيه عن عدد من التفرقة بين الأصول والفروع والقطعيات والظنيات والثابت والمتغير، وعلى ضوء هذا المصطلح لا صلة له بالتشريع الإسلامي.
وأضاف: لكن يوجد شيء آخر اسمه حد الردة بشرائطها وأركانها وآثارها، فقبل إصدار الحكم القضائي على الأشخاص لابد من عمل جلسات مراجعة تسمى في الفقه الاستفادة، والغرض من ذلك هو إزالة الشبه ومعالجة الفكر المنحرف.
في السياق ذاته قال الباحث الحقوقي بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات مينا ثابت: إن قضايا ازدراء الأديان ليست بالظاهرة الجديدة؛ فقد ارتفعت معدﻻت قضايا ازدراء الأديان بعد الثورة بشكل مخيف؛ وقد رصدنا نمط استهدافها للمواطنين المنتمين لأقليات دينية كالمسيحيين والشيعة والأحمديين، كما استهدفت أيضًا مُفكرين وكتابًا وأصحاب رأي ومبدعين؛ والأمر شديد الخطورة ويستوجب تحركًا عاجلًا من البرلمان حيال المواد القانونية التي تستخدم في التنكيل بأصحاب الرأي أو المعتقدات المختلفة.
وأضاف: كما أشرت الأمر ليس بجديد، وأنا شخصيًّا تابعت ما يزيد عن 20 قضية، تم اتهام فيها مواطنين بازدراء الأديان؛ وأشار إلى خطورة المادة 97 من قانون العقوبات، مؤكدًا أنه طالما هذه المادة موجودة بالقانون فسيتم سجن مبدعين ومفكرين ومواطنين منتمين لأقليات دينية استنادًا إليها.