ديمقراطية الإخوان المسلمين تشعل حرب ضروس بين الباحثين فى الغرب
ديمقراطية الإخوان المسلمين تشعل حرب ضروس بين الباحثين فى الغرب

في الخميس ١٦ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

بين السلم و الإعتدال والعنف والإرهاب

ديمقراطية الإخوان المسلمين  تشعل حرب ضروس بين الباحثين  فى  الغرب

 الإخوان المسلمين ليس كياناً مثيرًا للجدل فى مصر فقط، فالجدل حول الجماعة أشد إحتداماً فى الغرب، وتتواصل الدراسات والمراكز البحثية عنها يوماً بعد يوم، بعضها تقف فى صف الجماعة والبعض الآخر ضدها وفى العادة تعكس النتائج آراء القائمين عليها والجهات الداعمة لهذة الدراسات ومدى إتفاق أو تعارض مصالحها مع الإخوان من عدمه.

وقد رصدت" إيلاف " دراستان تمثلان فريقان مختلفان، أثارتا جدلاً واسعاً ولغطاً كبيرًا في الغرب ربما لم تستثنى الدراستان من الهجوم اللاذع أيضاً من قبل الفريق الآخر الذي أثر الرد على الفريق الأول.  الدراسة الأولى نشرتها مجلة " فورين افيرز " المتخصصة فى الشؤون الدولية، للباحثان "روبرت ليكن"  بمركز نيكسون و"ستيفن بروك" بنفس المركز، تحت عنوان " الإخوان المسلمون المعتدلون " وتتبنى الدراسة وجهة نظر إيجابية عن الجماعة حيث تؤكد في البداية أنها الأقدم والأكبر نفوذًا والأكثر جدلاً بين المنظمات الإسلامية بسبب رفضها لمبدأ الجهاد ودفاعها عن الديمقراطية، كما أنها إنتهجت منذ مبكر طريق الإعتدال لإيمانها الراسخ بأن "الديمقراطية هى الوسيلة الأنسب لأسلمة المجتمعات والوصول الى السلطة " هو ما دفعها لعقد تحالفات مع العلمانيين والقوميين والليبراليين أثناء الإنتخابات البرلمانية الاخيرة.

وأضاف الباحثان أن الجماعة تبنت الديمقراطية وهو ما أزعج الجهاديين الذين إعتبروا هذا السلوك خروجاً عن الدين مشيرًا في الوقت ذاته الى تشكيك بعض المحللين فى هذا بدعوى أن موقف الجماعة من الديمقراطية ليس أكثر من تكتيك هدفه القفز فوق السلطة على غرار ما أقدمت عليه تنظيمات مشابهة مثل البلشفيين والنازيين وحزب البعث.

وأكد الباحثان أن الإخوان يختلفون عن كل هؤلاء فى أنهم لا يلجأون الى الثورة بل يسعون الى كسب مشاعر الناس " بالتي هي أحسن " وينتهجون إستراتيجية حذرة متأنية لتحقيق جميع أهدافهم السياسية.

ورفض الباحثان الإتهامات الموجهة للإخوان بأنهم يدعون الى التطرف والعنف مؤكدين أن مثل هذه الإتهامات محض إفتراء والحقيقة أنهم يقاومون التطرف ويجففون منابعة لذا فأنهم بمثابة صمام أمان للإسلام المعتدل كما ذكر الباحثان أنهم يلتزمون منهجاً مدروساً لإبعاد كل صور التطرف وأشكاله عن صفوفهم بدليل أنهم يتخلصون من كل من يقدم على إرتكاب أي جريمة إرهابية.

وقال الباحثان إن هناك فرقاً كبيرًا بين الإخوان والجهاديين الذين يرتكبون المجازر الوحشية لكن الإخوان مستغرقون في تحقيق أهدافهم الإستراتيجية بدليل النتائج الإيجابية التي حققوها في إنتخابات مجلس الشعب الأخيرة رغم أجواء التزوير والبطش التي واجهوها مما دفع الحكومة الى التحرش بهم والتضييق عليهم.

وأشارا أن إخوان مصر هم الأقوى تأثيرًا لكن فروع الجماعة فى الشرق الأوسط إزدهرت وترعرعت بشكل لافت ومميز يفوق التنظيم الدولي الذي يبدوا تحالفاً فضفاضاً وخفيفاً ويخضع لأولويات فردية وطنية. ويؤكد الباحثان أن الإخوان لا يتفقون على الجهاد إلا عند مقاومة المحتل كما حدث فى أفغانستان ضد السوفيت وتعتبر مقاومة إسرائيل واجباً إسلامياً كما أكد المرشد الحالي مهدي عاكف في مناسبات عدة.

ولفت الباحثان الى أن الإخوان أقلية في أوروبا وسوف يظلون أقلية مما يدفعهم الى التركيز على حقوق الأقليات الدينية دائماً وأبدًا وبدت إعتدالية الجماعة بحسب الباحثان إبان أزمة الرسوم الدنمركية المسيئة للرسول "ص" حيث دعا الجهاديون الى الفتك بالرسام فيما دعت شبكتهم العالمية الى تنظيم إحتجاجات سلمية وبحسب الإستخبارات الفرنسية لم يضطلع الإخوان بأي دور في الإنتفاضة التي إندلعت على خلفية منع الحجاب بل كانوا أكثر هدوءًا مطالبين بضبط  النفس وإنتقدوا كل أشكال العنف ويرى الباحثان أن الإخوان مثل أميركا يتفقان في معارضة تنظيم القاعدة وتشجيع الديمقراطية ومقاومة المد الإيراني كما طالبا أميركا بالتمييز بين الإخوان والجماعات الراديكالية المتشددة.

لكن صحيفة " فرونت بيج" كان لها رأياً آخر في الإخوان وردّ الباحث الأميركي " باتريك بول " بتحليل طويل أكد من خلاله أن الإخوان جماعة ليست ديمقراطية ولم تنبذ العنف وتجمع بين الإيدلوجية الجهادية والعقيدة الوهابية وقال بول إنها لم تتخلى عن عقيدة الجهاد الدائم وتلزم المسلم بأن يكون محارباً وفى وضع الإستعداد لذلك.

وأكد بول أن الجماعة لا تزال تعتنق أفكار سيد قطب وهى التى خططت لإغتيال السادات ومن عباءتها خرج  من وصفهم بالإرهابيين مثل الدكتور ايمن الظواهري ساعد بن لادن الأيمن، ومحمد عاطف ومهندس أحداث 11 سبتمبر خالد الشيخ كان من ضمن  العناصر التى إشتركت بمعسكر الجماعة فى الكويت قبل سنوات. وأضاف بول أن الإخوان عندما فشلوا فى إشعال ثورة في مصر وخسروا حربهم فى الجزائر قفزت أوروبا على أجندتهم لتكون على قائمة أولوياتهم متكئاً على تصريح منسوب الى الشيخ يوسف القرضاوى قال فيه " إن الإسلام سيعود الى أوروبا وأن الفتح لن يكون بحد السيف فقط " وأكد بول مجددًا أن الجماعة لم تنبذ العنف ولكن فقط إنتهجت أسلوب التهدئة مذكرًا بتصريح منسوب الى أبو مصعب الزرقاوي قبل موته " أدعو الإخوان الى الذهاب الى أرض العراق والتخلي عن أسلوب التهدئة والمهادنة ".

وقال أن الجماعة تتظاهر بتخليها عن الجهاد والدليل إتهام الحكومة المصرية لأحد أقطابها يوسف ندا بتمويل الإرهاب وإندهش بول من تجاهل الباحثان لتصريح منسوب الى المرشد الحالي وصف فيه إسرائيل بالسرطان وأباح المقاومة في العراق مقلدًا القرضاوي الذي حرض على الجهاد فى الشيشان وكذلك إبداء عاكف إستعدادة لإرسال 10 آلاف من الإخوان الى لبنان لمحاربة إسرائيل فى حربها الأخيرة مع حزب الله.

وقال أن الجماعة الأردنية قدمت واجب العزاء لأسرة الزرقاوي بعد إغتياله وهو ما يعتبر جرماً كبيرًا من وجهة نظره وساق بول ضمن أسبابه تصريح لسكرتير إتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا فؤاد العودى قال فيه " القرآن دستور الجماعة " وإندهش بول تجاهل الباحثين لما وصفه بجرائم الترابى فى جنوب السودان وإستضافته لأسامة بن لادن زعيم القاعدة.

وأضاف أن الجماعة سواء إنتهجت طريق الجهاد مثل الظواهري أو الإتجاه الإصلاحي مثل خيرت الشاطر فى مصر فإن هدفها الأول والأخير هو فرض سيطرتها على العالم كله كما أنهم غيروا أسلوبهم الخططي لكن يظل هدفهم إضعاف الأنظمة الغربية وتحاول الجماعة أسلمة ما لا يتفق مع الديمقراطية وإعتبر بول مظاهرة الجماعة بالزي العسكري في الأزهر الشريف مؤشرًا خطيرًا على العودة الى عهد الخلافة السرية والقدرة على العمل العسكرى المنظم وذكر أن الإخوان يخططون لإقامة دول داخل دول ولا تغيب عن أذهانهم أبدًا فكرة الخلافة وحذر بول من أخطار وصول الإخوان الى السلطة والتى سيكون على رأسها غياب الديمقراطية مذكرًا بتصريح منسوب الى المرشد الأسبق مصطفى مشهور قال فيه " الديمقراطية تتعارض مع الإسلام ".    

 

اجمالي القراءات 3768