الوطنيون والأعداء
ويبدو أنه لا أمل في الإصلاح، طالما أن اضطهاد المصلحين مستمر من الحكومات في الوطن العربي
من قديم الأزل وإلى الآن، وهذه حلقة يبدو أنها لن تنتهي في بلاد المسلمين، وهذا شيء مخزي لنا جميعاً، والسبب عدم إعطاء الفرصة ولو لمرة واحدة إلى من يطالبون بالإصلاح على جميع الأصعدة، فإذا تحدث علماء الاجتماع على سبيل المثال وما يجب تطبيقه على أرض الواقع لكي يحدث توازن يستفيد منه المجتمع في كل شيء، من خلال دراستهم في هذا المجال تفاجئ هؤلاء الأشخاص الذين يسعون من أجل الإصلاح الحقيقي بأن الدولة أو الدول توظف أو تخصص أشخاص من أجل مهاجمة هؤلاء وبما أن الدولة لها النفس الطويل من حيث الإمكانيات تسخر طاقتها لإسكات أي صوت ينطق بكلمة حق، حتى يصبح الوطنيون هم الأعداء، الذين يسعون من أجل هذه الدول ومن أجل شعوبها، ولا يملكون إلا القلم، ويصبح الأعداء هم الوطنيون في نظر المجتمع، فلا إصلاح حقيقي إلا إذا علمنا من هم أعداء الوطن ومن هم الوطنيون الحقيقيون، إذا علمت المجتمعات العربية ذلك من الممكن أن تسير مسيرة الإصلاح والتقدم في هذه الدول، أي أن كل إنسان يجب أن يبحث عن حقه ويعلم من هم دعاة الإصلاح ومن هم الذين يتصدون له، ليظل جيل يورث جيل في الظلم والاستبداد.
وكلما زاد الاستبداد في هذه الدول، يعني البعد عن التقدم، أي الفشل من جديد يحالفنا، ويبدو أن هذه الدول متمسكة أو تسعى في مسيرة الفشل وليس الإصلاح، والدليل على مرأى ومسمع العالم من هجرة العلماء سواء أكانوا في الدين أو الاقتصاد أو الاجتماع وخلافه، وفي كل شيء يفيد البشرية، يهاجرون إلى الغرب تاركين هذه البلاد خاوية على عروشها، بسبب أشخاص لا هم لهم إلا أنفسهم، حتى أن هؤلاء المهاجرون إذا تحدثوا إلى إصلاح بلادهم بلغة القلم والحوار والعلم وهم لا يملكون إلا ذلك، الجميع يتصدى لهم، ولكن إذا تحدث المتشددين في الفكر وأصحاب التفجيرات والخراب لا بد أن تستمع لهم الحكومات والمجتمع، خوفاً من أفعالهم، وأيهم أفضل إلى طريقة الإصلاح؟!.. التسامح والحوار، أم التهديد والعنف والتفجير؟!.. فلا إصلاح إلا بالتسامح وباسترجاع علماء وخبراء هذه الدول الذين خرجوا من بلادهم عن طريق الاضطهاد والتهديد.
الشيء المؤسف والغريب أن هؤلاء العلماء في جميع المجالات الذين أبدعوا ويبدعوا في الغرب، أن بلادهم الأصلية تفخر بهم وأن بلادهم الأصلية أيضاً هي التي أجبرتهم على الهجرة إلى بلاد أخرى، ومن ثم نقول أن الغرب تقدم على أيدي علماء عرب أو مسلمين، وأعتقد أن نابغات وخيرة الأشخاص من الوطن العربي لو أتيح لهم المجال في بلادهم كما أتيح لهم في بلاد أخرى لأصبحنا من أجمل بلاد العالم، ولكن الانتكاسة الكبرى أن معظم الدول العربية لا تقدر أبناءها إلا بعد أن يهاجروا منها أو يصبحوا يحملون جنسيات غير جنسياتهم الأصلية، فمن أين يأتي الإصلاح في هذه الدول؟!.. وهم الذين يحاربون ويتصدون إلى أي مشروع أو أشخاص يتحدثون عن لم الشمل العربي، والذي من خلاله من الممكن أن يكون بداية إصلاح حقيقي في هذه المنطقة من العالم، وإلى الآن لم يتفق العرب على شيء يذكر لهم، كما نشاهد على بعض فضائيات أوروبا وهم يتحدثون عن شؤون أوروبية وأوروبا الموحدة، وأوروبا المنفتحة، فأتحسر على كل إنسان عربي وعلى نفسي وأقول، هل سيأتي اليوم الذي سوف يصبح فيه شؤون عربية أو أن العرب أصبحوا متوحدون، ودون ذكر آيات من القرآن يوجد في كتاب الله آيات كثيرة تحث المسلمين على إصلاح أنفسهم وعن توحيد المسلمين، ونحن أقرب إلى ذلك من غيرنا، وقد يقول قائل أن هذه أفكار غربية أو تحيز مني إلى الغرب، سوف أقول نحن نؤيد العدل أينما وجد في الغرب في الشرق، العدل لا يختلف عليه اثنان.
رمضان عبد الرحمن علي