الثور ة المصرية تعني أشياء مختلفة ﻷشخاص مختلفين، لكن بالنسبة لمعظم الشعب كانت سببا للتفاؤل، فبعد الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في 2011 ، أصبح أمل الناس في حياة أفضل كبير ، فالثورة منحت اﻷمل للجميع، لكن واقع الحياة منذ الثورة وحتى اﻵن مختلف، ففي عهد الرئيس السيسي أصبحت الكآبة سمة الحياة.
هكذا وصفت صحيفة "فاينشال تايمز" البريطانية اﻷوضاع التي تعيشها مصر بعد سنوات من الثورة، وأين أصبحت اﻷحلام التي بناها الجميع لحياة أفضل بعد زوال مبارك، ودولتها البوليسية -التي بحسب البعض كانت سببا رئيسيا في سقوطه- إلا أن اﻷوضاع الحالية جعلت الحياة بالنسبة لغالبية المصريين "حزينة".
ونقلت الصحيفة عن شخص يعمل بواب في القاهرة -رفض اﻹفصاح عن اسمه خشية العواقب -قوله:” ليس هناك أمل بعد اﻵن.. المستقبل مظلم”.
البواب جزء أساسي من الحياة في العديد من شوارع القاهرة، مشيرا إلى أنه يقيم في المبنى الذي يعمل فيه، ويخدم السكان إلا أنه يلاحظ أن الكأبة أصبحت تعلو وجوه الجميع والمشاكل فيما بينهم أصبحت كثيرة يوما بعد يوم، تلك الملاحظات تجعل من البواب أيضا مخبر جيد بالنسبة للحكومة، فهذا الرجل يرفض الدولة البوليسية ويحملها مسئولية انهيار حكومة الرئيس المخلوع حسني مبارك التي استمرت حوالي 30 عاما.
وقال : بعد الثورة كنت آمل أن تتحسن اﻷحوال المعيشية في الريف بحيث يمكن لسكان تلك المحافظات والمدن أن يجدوا عملا، بدلا من القدوم للقاهرة بحثا عن فرص عمل، فنحن نكافح لتوفير نفقات المعيشة لعائلاتنا ونتجرع ألم الغربة، فأنا لدي ثلاثة أولاد كلهم أطفال"، مؤكدا أنه خلال هذه الفترة ﻷبد على اﻷب واﻷم أن يكونوا بين أولادهم، ولكن صعوبة المعيشية تجبرني على اﻷبتعاد".
وبعد حوالي خمس سنوات من الثورة، لا يزال لا يوجد عمل في قريته، ونتيجة لذلك لا تزال زوجته تربي أطفالهم وحدها بدونه، ولم يرى عائلته منذ 6 أشهر، ولا يتوقع زيارتهم مرة أخرى حتى الصيف، عندما يستطيع الحصول على إجازة لبضعة أسابيع خلال شهر رمضان.
وقال :" الحياة اليوم أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل ثورة 2011،مشيرا إلى أن معظم المصريين لا يستطيعوا التعبير عن رأيهم بصراحة في اﻷوضاع الحالية، وحتى أن قالوها فإنهم يقولوها بحذر شديد".
وبرر مخاوف الناس وحرصه الشديد قائلا:” السجون ملئية بالناس.. والكل خائف.. أنا لست ناشطا أنا بواب.. ولكن إذا كان طريقة الرئيس السيسي في إدارة البلاد صحيحة لكان هناك تنمية، وإنتعاش اقتصادي وبالتالي استقرار”.
الرئيس السيسي يصفه البعض بأنه المفتاح الوحيد للاستقرار بعد الاضطرابات التي تعيشها البلاد منذ ثورة 2011 ، والطريقة التي يتبعها الرئيس السيسي في قمع المعارضة – بحسب الصحيفة- ليست جديدة، فقد استخدمها الرئيس السابق حسني مبارك خلال ثمانينيات وتسعينيات القر ن المنصرم مع الجماعة اﻹسلامية وساهت إلى حد كبير في الحد من التطرف.
وبنبرة حزينة، قال البواب:" أنا حزين على حال البلد، فالمصريين معروفين دائما بالابتسامة والضحك، ولكن ذلك لم يعد اﻵن.. الحياة في القاهرة ليست قليلة اﻷمل.. ولكنها حزينة جدا".