انتظر السواد الأعظم رحيل محمد عليه الصلاة والتسليم ليتقولوا عليه كل ال

يحي فوزي نشاشبي في الخميس ٢٦ - يونيو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

انتظر السواد الأعظم رحيل محمد عليه الصلاة والتسليم ليتقولوا عليه كل الأقاويل

(( وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا )). – 73 + 74 +75 سورة الإسراء –

تشير هذه الآيات إلى بشرية محمد بن عبد الله الرسول وإلى إنسانيته ، إذ يبدو أنه كان يقاوم محاولة الضالين وضغط المضلين ، وتشير كذلك إلى رغبتهم وإلحاحهم في أن يأتي لهم بحديث غير الذي أوحى &Egrarave;ه الله حتى يرتاحوا ويبقوا منسجمين مع ما ألفوه وما تركه لهم آباؤهم أو ما توحي به غرائزهم ومصالحهم .

وتشير الآيات كذلك إلى الصعوبة التي يعاني منها الإنسان عندما يدعى إلى التغيير والتغير وترك المألوف الموروث وهجره ، وتشير كذلك إلى كم كان يود الضالون المضلون أن يركن إليهم الرسول ويتأثر بوسوستهم ليتخذوه أخيرا خليلا .

وعليه ، ما دام الله صرح بل هدد عبده ورسوله بما هدده به من أنه سيتخلى عنه في حالة ضعفه وسقوطه وأنه لا يكون له نصيرا في حالة فتور ثقته به وتضعضع عزمه وإرادته .

وما دام الله لم ينفذ أي شئ من وعيده .
وما دام الله لا يحابي أحدا .
وما دام رسول الله نجح في البلوى أيما نجاح ولم يضعف بل كاد ولن يركن إليهم .
وما دام نصر الله لازم محمد ا الرسول عليه الصلاة والتسليم طوال حياته وبشهادة الله نفسه .
وما دام واجبنا نحن هو أن نؤمن ونبقى مؤمنين ومعتقدين ومرتاحين ومطمئنين إلى أن الذي أوحي به الموحي لعبده ورسوله هو القرآن العظيم لا شريك له ولا غيره ولا مماثل له ولا موازي .

فإن واجبنا يصبح إيماننا واعتقادنا وارتياحنا واطمئناننا إلى أن الذي أوحى به الخالق لا يمكن أن يكون إلا الحديث المنزل. ( وهو أحسن الحديث) وبالتالي فإن واجبنا هو أن لا نتحرج في إزاحة وإبعاد أي حديث آخر عندما يكون متناقضا أو مصطدما بالذي أوحى به الله لعبده ورسوله المأمور بتبليغه إلينا حتى لا نتعرض لتهمة ومسؤولية وعواقب الذين في صدورهم حرج أو ميل أو تقديس السلف أو مرض التشبث بالمألوف وبالمتروك والموروث إلى درجة السقوط في فخ الرغبة الدفينة التي تصبو إلى اتخاذ محمد خليلا على حساب قليل أو كثير أو بعض ما أنزل الله عليه ..ولعل لهذه الآيات المذكورة أعلاه علاقة حميمة بتلك التي وردت في سورة الحاقة رقم 69 الآيات من رقم 39 إلى 52 -

ولعل التساؤل والسؤال الكبير الذي يجب علينا أن نطرحه ونتأمله ونحدق فيه طويلا ومليا بدون حرج وبدون أية رأفة - إن جاز التعبير- لعل السؤال يكون هكذا :
ألا تكون حالة السواد الأعظم من المسلمين الذين وصلهم القرآن الكريم ، ذلك الوحي الذي أنزله الله الرحمن الرحيم على عبده ورسوله ، ألا تكون حالتهم المعروفة والمتميزة حاليا بطابور طويل من صفات سلبية من : ضعف وهوان وسذاجة وجهل وبلادة وتثاقل وتثاؤب وفقدان عزم وضعف إرادة وعقم في التفكير وضيق في الصدور وخوف ثم وتخويف للغير وغلظة وفظاظة وتعارك وتناحر وتباغض وبعيدة كل البعد عن المفروض وهو التحول إلى خير أمة أخرجت للناس .

ألا تكون حالتنا تألقت أيما تألق بمثل تلك الصفات القاتمة وبغيرها ، لا لشئ إلا لأننا لم نكد نركن بل ركنا فعلا شكلا وموضوعا إلى كل ما هو سلبي من عادات وتقاليد وموروث ومتروك الآباء ، ركنا إلى مجاعة غريبة وبالتالي إلى نهم أغرب وهو الإحجام عن تلك المائدة الفاخرة التي أنزلها الله وهداها لجميع الناس ، فولينا وجوهنا وصرفنا جهودنا إلى سواها من مفتريات لا تسمن ولا تغني من جوع . ولأمر ما لم نتخذ الرسول خليلا لأنه بلغ الرسالة ، بل إن هناك آثارا وإشارات عديدة وقرائن قوية تتهمنا بأننا اتخذنا الرسول خليلا لأننا انتظرنا رحيله إلى الرفيق الأعلى لنخونه ولنعيث في شخصه وفي فحوى الأمانة فسادا كثيرا .

وإذا كان الله مقرا في كتابه المحكم أن عبده ورسوله لم يتقول عليه بعض الأقاويل فإن لسان حالنا نحن يقول وببلاغة : إننا تقولنا على الرسول كل الأقاويل .

ألا تكون حالتنا التي لا نحسد عليها لأننا ركنّا إلى كل شئ ما عدا القرآن فقد اتخذناه مهجورا ؟ فكيف يصل بنا الطمع إلى هذه الدرجة وننتظر النصر من الله ؟ ولا نخشى أن يذيقنا ضعف الحياة وضعف الممات ؟

اجمالي القراءات 13369