الفلسفة
الفلسفة -4 -(اليونانية)

زهير قوطرش في الأربعاء ٢٥ - يونيو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الفلسفة العربية الاسلامية 4
( العالم مبد ،أومصير)
في هذه المقالة ،وقبل الدخول على واحة الفلسفة العربية الاسلامية ،لابد لنا من العودة الى أصل الفلسفة التي استمدت منها الفلسفة الاسلامية مقولاتها . وأعني الفلسفة اليونانية ،وبشكل سريع ومبسط سوف نستعرض اساسيات هذا الفكر الفلسفي الذي يمثله ثلاثة فلاسفة كبار بالاضافة الى الافلاطونية الجديدة..أستطيع أن اسمي كل واحد منهم نبي الحكمة بدون رسالة ولا وحي  بما اعملوا فيه الفكر والاجتهاد . وهم حسب الترتب
سقراط (469-399 ق م) ،أفلاطون (428-348 ق م ) ، أرسطو (384-322 ق م ) . الاil;فلاطونية الجديدة(25ق.م-270م) ..وسوف نناقش أفكار هؤلاء الفلاسفة بموضوع العالم مبدأ،ومصير والذي سننتقل منه الى الفكر الفلسفي الاسلامي الاول على يد الكندي ....

سقراط:

يعتبر سقراط ابا الفلسفة الغربية،حتى أنهم كانوا يعتبرونه أنذاك أكثر البشر حكمة ، لكنه بعد بحثه الطويل والشاق لاكتشاف مكامن تفوقه المفترض ، وبعد أن استطاع اثبات ذاته كفيلسوف وحكيم إلا أنه في النهاية قال جملته المشهورة "كل ما أعرفه هو أني لا أعرف شيئاً،بينما الاخرون أنهم يعرفون ما لا يعلمون" بهذه العقلية وهذا الفكر الثاقب جعل حساده وأعدائه يتهمونه بالالحاد والتجديف وافساد الشباب الى أن ساقوه الى الموت من خلال محاكمة تاريخية ،دافع فيها عن نفسه ،ولكنه أختار نهايته كما يريد هو ... لقد كان شعار سقراط "حياة لا يُفحص عنها لا تستحق أن تعاش " .سقراط كان يؤمن بخلود الروح ،وكان يعتبر أن أكثر مايشد العزيمة،حينما يتعلق الامر بفناء الجسد ،هو الايمان بخلود الروح" ،وأنا شخصياً اكبر فيه تلك الروح التي تبدت أثناء شربه السم الذي وضع حداً لحياته باختياره وهو رافع الرأس ، ويومها قارن نفسه بالبجعة التي تغني قبل أن تموت،ليس لأنها تخاف الموت ،وإنما بدافع ما تتطلع إليه من سعادة ومن أمل بعد الموت.

بعض من افكار وحكمة سقراط :
" الكرامة الحقيقية للنفس إنما تنبثق من العلم الذي هو ميراثها"
" لا أحد شرير باختياره وإنما بسبب الجهل"" الروح التي تخلت عن محاولة فهم الكون، يجب عليها الهبوط الى أعماق نفسها ،كي تستنبط الحقائق الاساسية الكامنة في تلك الاعماق على شكل حالات بالقوة " وهنا يقصد ارسطو أن النفس الانسانية قادرة على الاحاطة بالمعرفة بدون أن تقع أسيرة للاشياء الخارجية .
" موهبة العيش السليم كطريق الىالسعادة ،مرتبطة بمعرفة النفس ،فإنها متجاوزة حذاقة السفسطائين ،تكشف ضلال البشر الذين لا يهتمون،في معظم الاحوال،إلا بالاشياء التافهة الزائلة(كالثروة ،والسمعة ،الخ) ويتجاهلون ما هو اساسي ،أي الحقيقة الكامنة في نفوسهم ."
" المعرفة تكون بفعل التطهر ،أي من خلال التخلص من الافكار المسبقة بإظهار بطلانها ،مختلف الخصال الحميدة (كالاعتدال ،والعدالة ..الخ) تلك إن احسن المرء استعمالها ،تتحول الى فضائل " لا أحد شرير باختياره"
كان سقراط يعتبر أن قوته في الاقناع لا في الابداع ....
كان سقراط بحق مؤسس فلسفة الأخلاق ،وأول منظر للعقلانية ،وكان داعية الى حرية الراي والتفكير الفردي .



أفلاطون :

أسمه أرسطوقليس . لقبه أفلاطون وأفلاطون تعني ضخامة الجسد . ويعتبر من أشهر فلاسفة اليونان . تتلمذ على يدي سقراط في العشرين من عمره. محاكمة استاذه وانتحاره بالسم بعد الحكم الجائر، هذا الامر جعله يعي أن الدول محكومة بشكل سيء،واعتبر أنه من اجل استتباب النظام والعدالة ينبغي ان تصبح الفلسفة أساساً للسياسية. وهذا مادفعه للسفر الى مصر ،ثم الى جنوب إيطاليا ،والتقى بالفيثاغوريين ،ثم الى صقيلية التي اراد لها أن تحكم من قبل الفلاسفة لكنه فشل.وعاد بعدها الى أثينا . كانت فلسفة افلاطون ،تعتمد طريقة الحوار ،والتي قيل عنها أنها دراما فلسفية ، وكان يتمثل سقراط في اسلوبه.فلسفته تعتبر فلسفة مثالية ،وافلاطون بميتافزيائه يميز بين عالمين ..العالم المحسوس وهو العالم الآول وهو عالم التعددية،عالم الصيرورة والفساد ويقع هذا العالم بين الوجود واللاوجود ،ويعتبره منبعاً للأوهام ،لإن حقيقته مستفادة من غيره من حيث كونه لا يجد مبدأ وجوده إلا في العالم الحقيقي للمُثل المعقولة،التي هي نماذج مثالية تتمثل فيها الاشياء المحسوسة بصورة مشوهة .ذلك ان الاشياء لا توجد إلا عبر المحاكاة والمشاركة ،ولأن كينونتها هي نتيجة ومحصلة لعملية يؤديها (الفيض) كصانع الهي ،أعطى شكلاً للمادة التي هي في حد ذاتها،ازلية وغير مخلوقة.أما علم المحسوسات عنده يتألف من أفكار ميتافيزيائية(كالدائرة،والمثلث) ومن أفكار غير افتراضية (كالحذر،والعدالة ،والجمال ..الخ) تلك التي تشكل فيما بينها نظاماً متناغماً، لأنه معماري البيان ومتسلسل بسبب وعن طريق مبدأ المثل السامي الموحَد الذي هو منبع الكائن وجوهر المُثُل الأخرى،أي مثال الخير.لكن كيف يمكننا الاستغراق في عالم المُثُل والتوصل الى المعرفة يشرح افلاطون في كتابه فيدروس عملية سقوط النفس البشرية التي هوت الى عالم المحسوسات بعد أن عاشت في العالم العلوي من خلال اتحادها مع الجسم ،لكن هذه النفس،وعن طريق تلمسها لذلك المحسوس،تصبح قادرة على دخول أعماق ذاتها لتكتشف،كالذاكرة المنسية،الماهية الجلية التي سبق أن تأملتها في حياتها الماضية: وهذه نظرية التذكر ،التي يعبر عنها في كتابه مينون ،من خلال استجواب العبد الشاب وملاحظات سقراط الذي توصل لأن يجد في نفس ذلك العبد مبدأً هندسياً لم يتعلمه هذا الأخير في حياته.إن فن الحوار والجدل (الديالكتيكا) هو ما يسمح للنفس بأن تترفع عن عالم الأشياء المتعددة والمتحولة الى العالم العياني للأفكار .لأنه عن طرق هذه الديالكتيكا المتصاعدة نحو الاصول،يتعرَف الفكر الىالعلم انطلاقاً من الرأي الذي هو المعرفة العامية المتشكلة من الخيالات والاعتقادات وخلط الصحيح بالخطأ. ويقول ايضاً: إن علم الرياضيات العلم الفيثاغوري المتعلق بالاعداد والأشكال مجرد دراسة تمهيدية.لأنه عندما نتعلم هذه الرياضيات من اجل المعرفة،وليس من أجل العمليات التجارية يصبح بوسعنا عن طريقها تفتيح النفس للتأمل وللحقيقة. لأن الدرجة العليا من المعرفة،التي تأتي نتيجة التصعيد الديالكتيكي.هي تلك المعرفة الكشفية التي نتعرف عن طريقهاعلى الاشياء. لذلك فإنه يجب على الإنسان الذي ينتمي الى عالمين أن يتحرر من الجسم (المادة) ليعيش وفق متطلبات الروح ذات الطبيعة الخالدة،من اجل هذا على الإنسان أن يعيش على أفضل وجه ممكن.فمعرفة الخير هي التي تمنعه من ارتكاب الشر ولأنه "ليس احد شريراً بإرادته" فإن الفضيلة،التي تقود الىالسعادة الحقيقية تتحقق ،بشكل أساسي عن طريق العدالة،التي هي التناغم النفسي الناجم عن خضوع الحساسية للقلب الخاضع لحكمة العقل ..

أرسطو:

يسمى ارسطوطاليس ..في عام 367 أضحى أرسطو من تلامذة أفلاطون ومن بعده مريده الأثير لمدة عشرين عاماً . لكن بعد موت الفيلسوف الآلهي ،تمايزت فلسفة التلميذ عن فلسفة الاستاذ . علم الاسكندر المقدوني الفلسفة والعلم . وبموافقة الاسكندر عاد الى أثينا ليؤسس مدرسته الفلسفية والتي سماها الليكون.بجوار معبد يسمى معبد الليكون.(مروض الذئاب) قسم وقته الى الصباح ،حيث كان يدرس الخاصة من طلابه ،الذين عرفوا فيما بعد بالمشائين ..لأنهم كانوا يتلقون العلم وهم يمشون. ودروسهم كانت صعبة وقد اطلق عليها الباطنية. وبعد الظهر كان يحاضر لمن أراد إليه الاستماع ودروسهم كان يطلق عليها الظاهرية السهلة النقاد والباحثين اعتبروا أفلاطون مثالي الاتجاه ،بيمنا أرسطوا كان واقعي الاتجاه . أختلف مع استاذه افلاطون في موضوع التذكر حيث رفض المسبقات الأفلاطونية. معيدا للفرد بُعده الواقعي وكرامته الانطولوجية . فالعلم برأي أرسطو ،لايوجد إلا ككليات ،أي كخواص مشتركة بين الافراد،والناس هم الذين يضفون على هذه الخواص تلك الصفات التي تجردها النفس كمفاهيم متدرجة ،وفق الاجناس والأنواع. ويقول : إذا استقصينا الكائن الفرد نجده عرضة للتغير الدائم،وبالتالي،نلاحظ انه يحقق في نفسه صفات كانت من قبل صفات افتراضية: مما يعني أنه يوجد وسيط بين اللاوجود وبين الوجود.وهذا ما ندعوه بالوجود بالقوة،أو لنقل تلك القدرة الساعية الى التفعل التي تعطينا،عبر فعلها،الكائن الذي نرى. فالمادة في نظر ارسطو هي ما ينجم عن القدرة التي تتخذ لها صور من خلال الفعل. وتكون الصورة أو الشكل ،بالتالي،هي المبدأ المنظم للمادة الذي يعطيها معناها.لإن المادة هي إحدى العلل (الاسباب المادية) التي يؤكد عليها أرسطو لتفسير بنية الكائن. مثال على ذلك موضوح الحجر والتمثال .الحجر يمكن اعتباره من منظوره المحرض المادي للتمثال الذي سينجم عنه بعد النحت. إذن الباعث الشكلي هو الفكرة التي ستحدد شكل هذا التمثال( أي الخيال والصور في الذهن) بينما العلة الفاعلةهي الاداة المباشرة التي بفعلها ستتغير قطعة الحجر الى تمثال الازميل أو ضربات الازميل. اما العلة النهائية التي من اجلها يصنع التمثال هي الرغبة في الربح المادي ،أو حب الفن. ولأن الكائنات تسعىجميعها سعياً كاملاً الى التحقق ،نراها تتوزع وفق تسلسل رتبي يتناسب مع اتقان شكلها .إذا افترضنا ان النفس هي الباعث الشكلي للأجسام الحية،فإن الكرامة الأونطولوجية للأحياء تتناسب مع نفوسها التي قد تكون نباتية (النباتات) أوحسية (الحيوانات) أو ناطقة (البشر)
وقول أرسطو: هناك علّة .أو لنقل أصل لجميع الحركات(الحركات تعني حسب أرسطو جيع التغيرات الكمية والنوعية التي تؤثر في جميع الكائنات في الكون)،وبالتالي،لما كان من غير الممكن تلمُّس ماهية العلة عبر التتبع المباشر لمعلولاتها.لأن المرء يوجب ادائماً في هذه الحال التوقف عند نقطة معينة فإن المنطق يقودنا الى اسنتتاج وجود محرك أول سرمدي في حدَ ذاته.محرك هو الفعل المحض والمجرد الذي يتمتع بجميع الصفات ويبلغ حدّ الكمال. ونصل هنا الى ما سمّي ب إله ارسطو الذي هو ذلك الفعل المحض ،غير المعرض للتغير ،والمحرك كل حركات في الكون،واهمها تلك الحركة العقلية التي يمكن اعتبارها أرقى أشكال الحركة. ويشير هنا الى أن فعل العقل الإلهي في الكون ليس مباشراً،وإنما هو يفعل كنموذج مطلق وعلَّة نهائية يتمارس جاذبيتها على الكائنات طرا.


نظرة ارسطو الفلسفية الى العالم
يعتبر ارسطو أن المحرك الأول أو المبدع الأول ،لايحرك العالم بوصف كونه العلة الاولى الفاعلة ، ،بل بوصف كون العلة الغائية له .بمعنى وبشكل مبسط ،أن العالم يشتاق الى كمال الله عز وجل (المحرك الاول) الذي هو "أفضل سعيد و اجل مبتهج" وبهذا الشوق الدائم يتحرك العالم نحو الله عز وجل تحركاً متصلاً دائماً،رغبة في نيل السعادة،والبهجة الشبيهتين بسعادة الله وبهجته . فهذا هو معنى كون الله عز وجل محركاً اول .
ارسطو يعتبر انطلاقاً مما سبق بأن العالم قديم أي أزلي ، وينكر القول بخلق العالم من العدم المطلق.
ارسطوا ينفي العلية الفاعلة عن الله عز جل.(المحرك الاول) وحصر علاقة العلية بين الله عز وجل والعالم بالغائية.أي بمعنى بسيط وسهل .نفى ارسطو كون الله مصدر الفعل المباشر للحركة ،حركة الوجود،في العلم .وهذا النفي قائم عند أرسطو على مبدأ أن تحريك الله للعالم ،كعلة فاعلة ،تقتضي حصول مماسة بينه وبين العالم ،ليحصل التحريك ،والمماسة هنا ممتنعة ،لأن العالم مادي ،جسمي في حين أن الله غير مادي ،غير جسمي .
المادة الاولى (الهيولي) القابلة للوجود بالفعل مع أية صورة يمكن أن تتحد معها وتتجوهر بها، وكما يقول أرسطو هي موجودة بالقوة دائماً.أي أن هذه المادة العامة غير المتعينة ،ليست عدماً مطلقاً،كما أنها ليست وجودا مطلقاً،بل هي ذات وجود ما أزلي،هو ما سماه الوجود الامكاني (بالقوة) ،ولنبسط الامر ،حيث أن ارسطو يعتقد أن العدم المطلق هو نفي لقابلية الوجود الفعلي ،فانه مالم يكن الشيء موجود بالقوة أي بالامكان يمتنع أن يكون موجودا بالفعل. فان العدم لايمكن أن ينتج وجودا البته. إذن وجود المادة أزلي غير مسبوق بالعدم.
مفهوم الله عز وجل. ارسطو ينطلق من نظرة عقلانية ،ويعالجها بطريقة عقلانية . الله عز وجل كما يراه أرسطو هو عقل نظري ،وليس الله الديني العادي.هو عقل صافي محض.لذا لايمكن فهمه إلا بطريق العقل.

الافلاطونية المحدثة:

الافلاطونية المحدثة (وهي مذهب الاسكندرانين) نظراَ لنشأة هذا المذهب وظهوره في مدينة الاسكندرية منذ أواخر القرن الاول قبل الميلاد ،وقد امتد تأثير هذا المذهب الى عصر نشوء الفلسفة العربية) ويعتبر أفلوطين(205-270 م) ثاني القطبين الؤسسين لمذهب الافلاطونية المحدثة .أما القطب الاول فهو فيلون الاسكندراني(25ق.م-4م) واهم كتاب لهذا المذهب هو التاسوعات يحتوي الكتاب على ستة فصول وكل فصل على تسعة أقسام .
تقوم فكرة الافلاطونية المحدثة على أن الماهية(فكرة) وان العالم الحسي هونتاج الفكرة.فالعالم الحقيقي عندها هو عالم الفكرة. كما عند افلاطون ،لكنها تقدمت عليه بطرح سؤالها ،كيف نشأ العالم الحسي من الفكرة. أي كيف تحولت الفكرة فاصبحت عالمنا هذا.وهي المسألة التي صعبت على أفلاطون إذ بقي عنده عالم الفكرة في حالة ثبات مطلق.لكن الافلاطونية المحدثة طبقت قواعد الديالكتيك التي تجري في العالم الموضوعي (الموجود خارج وعي الانسان) . لقد استخدم افلاطون الديالكتيك لكنه كان ينحصر في مقارنة الاراء المتناقضة خلال الحوار وهذا مايعرف بالديلكتيك الذاتي.لكن افلوطين فسر العالم لا على أساس ثباته بل على اساس حركته وتغيره. في ضوء الافلاطونية المحدثة ،نرى أن العالم يوجد بعملية،ونرى الفكرة في اساس هذه العملية .والفكرة هذه هي الله عز وجل.اما العملية ذاتها فهي فيض الوجود من الفكرة كفيض شعاع الشمس من الشمس.وهذا الفيض هو عملية الخلق فالمذهب يقول بالخلق على النحو التالي
أول ما صدر العالم (الصدور ،الفيض،والانبثاق،والصدور..كلها على معنىواحد في هذا المذهب)إذن العالم صدر عن الاول (الواحد) ..أي الفكرة ...صدر على درجات .فالكائنات لذلك تتفاضل بمدى نسبة قربها أو بعدها عن مركز الصدور .وبما أن العالم الحسي اخر درجات الفيض (الخلق) فهو إذن أبعدها عن الله عز وجل: مركز الفيض ,هو إذن ادنى الكائنات واخسها.فالعالم المادي في منظور الافلاطونين المحدثين ،عالماً سفلياً خسيساً.
الفيض (الخلق) يصدر عن الله بحكم الطبع والضرورة لا عن ارادة واختيار .لإن الارادة كما تعتقد الافلاطونية المحدثة تنتهك وحدانية الله. والطبع هنا يعني أن كمال الله بذاته أقتضى أن يفيض عنه النور الذي هو وجود الكائنات ،وفق نظام متراتب الدرجات . وبما ان العالم المادي وجد بطريق الفيض من المبدأ الأول بوسائط العقول الفلكية المفارقة،فإن الفيض ما أن ينتهي الى هذا العالم حتى يكون نصيبه من الاشعاع الالهي ضئيلاً .لذا ترى الافلاطونية الجديدة أن العالم المادي يمثل الظلام بالقياس الى الافلاك المفاضة عن الله مباشرة أو بدرجات قريبة اليه.هذه النظرة تبدو وكأنها تتضمن نوعاً من الانفصال بين الله عز وجل والعالم .لإن الظلام نقيض النور.لكن على العكس فأن الافلاطونية الاتصال بين الله عز وجل  والعالم يكاد يكون كاملاً،اما في الافلاطونية الجديدة الاتصال يكونجزئياً ...وهذه النظرية قادت الى مفهوم الحلول أو الحلولية لأنها ترى أن لكل شيء اساساً آلهياً .والفيض فينظرية الافلاطونية المدثة يجري لا في زمن لأنه أزلي .


تعريفات :
الفكرة ،الاول ، العقل الاول ...... الله عز وجل
الفيض،الانبثاق،الصدور ....تعني خلق المادة
الهيولي ...... المادة القابلة للوجود مع اية صورة تتحد معها.

المقالة التالية الفكر الفلسفي الاسلامي (الكندي) دراسة ومقارنة

اجمالي القراءات 15122