لماذا يتمسك الجيش المصري بالمحاكمات العسكرية للمدنيين ؟
في
الثلاثاء ١٠ - نوفمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً
كتبت/ سارة مهني
أصبحت المحاكمات العسكرية الكابوس الأكبر لدى المصريين , فبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ظن الشعب المصري أن الحرية باتت ترفرف بأجنحتها في سماء المحروسة لكن المؤسسة العسكرية كانت تخبأ غرابا أحمقا سيقضي على تحليق تلك الحرية, الا وهي المحاكمات العسكرية للمدنيين التي أصبحت محاكمة من لا محاكمة له , فخرجت أصوات الشباب منددة بهذا القانون الذي يقضي على كل مطالب ثورة يناير الا ان الامر قوبل بالرفض من قبل الجيش المصري واصبح القبض العشوائي على المواطنيين وتحويلهم لمحاكمة عسكرية امرا بات وطبيعي على مسامع الجميع بعد ان كان نادرا وخاصة الي حد ما بجماعة الاخوان المسلمين لكن المؤسسة العسكرية المتمثلة في الجيش يؤمن بمبدأ المساواة للجميع فتساوى كل فئات الشعب في الإحالة لتلك المحاكمة , فالعامل البسيط الذي يخرج في وقفة احتجاجية بسبب ظلم المؤسسة التي يعمل بها يتعرض بالتأكيد للمحاكمة العسكرية و يرجع السبب الرئيسي إلى أن من يلقى القبض على ذلك العامل البسيط ضابط بالجيش المصري وذلك لان افراد الجيش اصبحوا قابعين في كل شوارع المحروسة بدلا او شريكا مع الداخلية وذلك لسرعة تدخلهم في اي مظاهرة عمالية او وقفة سلمية تطالب بحقوق اجتماعية, فمن الواضح ان قوات الجيش تدخل في مسابقة مع قوات الداخلية في سرعة إلقاء القبض وطالما ان الداخلية المصرية تصل متأخرة كعادتها في الافلام المصرية فقوات الجيش دائما ما تفوز والخاسر هو العامل الذي يتحول لمحاكمة عسكرية ويبكي بشده لسوء حظه لانه وقع في يد قوات الجيش فهو يرى ان الداخلية مع كل اجرامها فهي الأرحم .
لم يتلقى المدنيين إجابة على سؤال يدور دائما في أذهانهن الا وهو ” لماذا يتمسك الجيش بالمحاكمات العسكرية للمدنيين؟ لكن الإجابة باتت واضحة فهو دائما ما يأخذ احتياطاته لمعرفته تمام المعرفة انه المتحكم الوحيد والاوحد في الشأن السياسي المصري منذ حكم جمال عبدالناصر مرورا بحكم السادات ومبارك ومرسي ختاما بحكم عبدالفتاح السيسي , ففي عام 2013 مع إنعقاد لجنة الخمسين إجتمع عمرو موسى مع الرئيس عبدالفتاح السيسي والذي كان حينها ” وزير الدفاع ” لحسم الصراع القائم بين رفض بعض أعضاء لجنة الخمسين قانون المحاكمات العسكرية للمدنيين وقبولها من قبل البعض الاخر والمتمثل في المسسة العسكرية وانصارها , الا ان المؤسسة العسكرية تمسكت بموقفها وهو عدم إلغاء المادة التي تنص على محاكمة المدنيين عسكريا , فعندما تقرأ المشهد منذ ذلك الحين الي الآن لابد ان تعلم تمام العلم ان المؤسسة العسكرية كانت تعد رئيس عسكري لتولي شئون البلاد لذلك تمسكت بتلك المادة لعلمها عن تجربة سابقة بأن سيكون هناك اعتراضا واسعا من قبل المدنيين على الحكم العسكري كما كانوا معترضين على حكم المجلس العسكري عقب تقلدهم إدارة البلاد أبان ثورة يناير , فوجدت المؤسسة العسكرية لابد من التمسك بالكارت الاخضر الذي يجعله سيتيح له الموافقة بفعل مايحلو له دون الإعتراض من أحد ولتأمين انفسهم من غضب المدنيين الذين يكبحون جماح غضبهم أمام ذلك القانون لانهم يعلمون ان عقوبات المحاكم العسكرية تفوق أضعاف مضاعفة العقوبات في القانون المدني فأغلب الأحكام التي تصدر من القضاء العسكري هي احكام بالإعدام او المؤبد او السجن المشدد ويعلم الجميع ايضا ان السجن العسكري هو أسوأ بكثير من السجن المدني .
فكما أشرنا في الاعلى أن المحاكمات العسكرية باتت متلازمة للمدنيين طوال الحكم العسكري لمصر منذ حكم جمال عبدالناصر مرورا بالسادات ومبارك لكن كانت بنقاط وشروط محدده فكان المدني يتعرض للمثول أمام القضاء العسكري في القضايا السياسية او متهمين بالتواجد في منطقة عسكرية اوالمدونيين المنتقدين, لنظام الحكم القائم , لكن بعد ثورة يناير و تولي المؤسسة العسكرية مقاليد الحكم بطريقة مباشرة وبكامل طاقتها وافرادها التي تم توزيعهم على كل محافظات مصر وأغلب الوزارات تم تحويل 12الف مدني للمحاكمة العسكرية وبعد تقلد الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم ازادا الامر سوءا حيث طالت المحاكمات العسكرية أصحاب الرأي مثلماحدث مؤخرا مع الزميل حسام بهجت فكل من ينبث بكلمة تعارض المؤسسة العسكرية أو تكشف ما بها من فساد يتم الزج به سريعا امام القضاء العسكري وكأن المؤسسة العسكرية إمبراطورية فوق الجميع .
سيناء والمحاكمات العسكرية :
تمسك الجيش بمحاكمة المدنيين عسكريا أمرا متعلقا بنسبة كبيرة بما يجرى في سيناء , فبات من الواضح ان الجيش يستخدم ذلك القانون ذريعة لتهجير اهالي سيناء قسرا من منازلهم وإخلائها تماما لا نعلم لمصلحة من ؟وأيضا القبض العشوائي على اي مدني بسيناء بدون اي تهم حقيقية سوى انه مخلوق من تلك الارض او التصفية المباشرة بذريعة انهم يتعرضون لقوات الجيش ,ففي سيناء يتم القبض العشوائي والتصفية المباشرة والإحالة للقضاء العسكري دون المراقبة من القضاء المدني او تحويل المدنيين له للبت في موضع الاتهام , فبات من الواضح ان تلك المادة هي كارت اخضر يلوح به الجيش المصري دائما .
فبتاريخ 28 -11-2013 نشر موقع “d.w” تصريح لمسعد أبو فجر ممثل بدو سيناء داخل لجنة الخمسين أنه اذا تم إقرار المحاكمات العكسرية للمدنيين سيكون لذلك تأثير سلبي على بدو سيناء بشكل خاص , خاصة أن الوضع في شبه الجزيرة المصرية حاليا مؤسف.” فهذا التصريح يؤكد صحة ما نقوله .
فالجيش يعلم انه اذا تخلى عن تلك المادة من الدستور لن يستطع السيطرة على الإحتجاجات التي ستخرج ضده منتقده سوء إدارته للبلاد ومطالبتها بإخلاء المدن المصرية والعودة للسكنات الخاصة به على الحدود للحفاظ على الوطن بدلا إتخاذ شوارع المحافظات سكنه عسكريه لهم وتركهم للحدود معراه اما العدو الصهيوني الذي يترقب الحدود الفارغه لينقض في الوقت المناسب والذي بات قريبا .