حسام بهجت.. كاسر التابوهات يُحاكم عسكريا

في الإثنين ٠٩ - نوفمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

شاب أسمر نحيل، صغير السن، لكنه كبير الأثر..

قبل أن يكمل عامه الثلاثين،  عُرف بأنه الأكثر قدرة على تكوين الحملات المؤثرة، بعد أن استطاع التحرك بقوة في مجال الحريات المدنية بمصر، في وقت شهدت فيه المحروسة سجلا حافلا بالانتهاكات، وفقا لتقارير العديد من المنظمات الحقوقية.

بدأ حسام بهجت عمله في جريدة كايرو تايميز القبرصية في عام 1998 بعد تخرجه في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إلا أنها كانت دائمة المُصادَرَة من قبل الأجهزة الأمنية، ليرفع المحامي أحمد سيف الإسلام دعوى ضد الدولة بأن وقف الجريدة مصادرة لحق القارئ في المعرفة، ويكون ذلك بداية لتعارفهما.

انتقل بهجت للعمل كباحث في المنظمة المصرية لحقوق الإنسان لكن انتقاداته الدائمة كانت سببا في طرده بعد مقاله الذي انتقد فيه ما وصفه بـ"كسل"، جماعات حقوق الإنسان في الدفاع عن 52 رجلا قبض عليهم على سفينة بالنيل في مايو 2001 واتهامهم بممارسة الشذوذ.

كانت تلك بداية عمل حسام في الدفاع عن حقوق الأقليات بعد أن رأى من خلال القضية فشل النظام في حماية حقوق الأفراد، خاصة فيما يتعلق بالتحول الديني والسلوكيات الشخصية والاغتصاب، تلك القضايا التي اعتبرها المجتمع جدلية ورفض الحديث فيها، لكن حسام كعادته "كسر التابوهات".

في لقائه الثالث مع الحقوقي الراحل أحمد سيف الإسلام، أبلغه برغبته في تأسيس منظمة للدفاع عن الحقوق الشخصية، كان ذلك في عام 2002، وعرض سيف عليه البدء بها كمبادرة من داخل مركز هشام مبارك، أو مساعدته في تأسيسها كمنظمة مستقلة، وهو ما كان يريده حسام.

يروي حسام ما حدث وقتها، قائلا: "فتح سيف كيس أسود وأعطاني 5 آلاف جنيه"، ليبدأ بهجت تأسيس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

ومع بداية عمل المنظمة الجديدة بدأ الهجوم عليه من قبل الصحافة التي صورته بأنه منفذ لأجندة غربية ومؤامرة ضد الدين والمبادئ والتقاليد المصرية، لكنه استطاع تحقيق نجاحاته في الدفاع عن حقوق وحريات الأفراد، مجاهرا بانتقاد انتهاكات الحكومة للحريات الدينية والحق في الخصوصية.

وصفته منظمة هيومن رايتس ووتش بأنه "صوت رائد" ضد مقاضاة الأفراد أو التحرش بهم على أساس معتقداتهم الدينية او سلوكياتهم الخاصة، وأهلته نجاحاته للحصول على الجائزة السنوية للمدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم في 2010، خاصة بعد أن لعب دورا بارزا  في كشف إخفاق الحكومة في مقاضاة مرتكبي العنف الطائفي ضد الأقباط.

وبذلك حقق بهجت أحد المكاسب الكبرى من خلال المبادرة المصرية عبر صراع قضائي دام 5 أعوام مع وزارة الداخلية لإلغاء سياسات حكومية قال إنها تقوم على إجبار البهائيين على تغيير معتقداتهم أو الكذب بشأنها في مقابل الحصول على الأوراق الثبوتية اللازمة لحصولهم على الخدمات.

فضل حسام دائما العمل على قضايا المهمشين تطبيقا لما ردده دائما ":كنشطاء لحقوق الإنسان، مهمتنا مش دايما الشغل على القضايا المشهورة، لكن الشغل على قضايا مش معروفة للأغلبية، وفي الحقيقة هو ده اللي احنا محتاجينه".

كانت طبيعة القضايا التي عملت عليها المبادرة المصرية سببا في رفض وزارة التضامن الاجتماعي إعطائها الترخيص لممارسة عملها طبقا لقانون الجمعيات رقم 84 لسنة 2002 في بداية إصداره.

ومع حلول عام 2013 عرض على حسام بهجت منصب في المجلس القومي لحقوق الإنسان في بداية تشكيله، لكنه رفض، ليتخلى بعد فترة عن منصب مدير المبادرة التي أسسها، ويبقى عضوا في مجلس الأمناء فقط، تاركا الإدارة للحقوقي خالد منصور.

عاد مرة أخرى للعمل في مهنة الصحافة من خلال موقع "مدى مصر"، لينفذ عددا من التحقيقات الاستقصائية كان آخرها عن تفاصيل محاكمة 26 ضابط جيش في تهمة محاولة الانقلاب، وهو ما تسبب في استدعائه من قبل المخابرات الحربية يوم الخميس الماضي.

وكعادته في اختيار معاركه،  قرر بهجت الذهاب إلى مقر المخابرات الحربية برابعة العدوية في التاسعة من صباح أمس، رغم علمه بما يمكن أن يتعرض له، وظل داخله 6 ساعات ليتلقي عددا من المحامين اتصالا منه بخضوعه للتحقيق في النيابة العسكرية، والتي قررت حبسه 4 أيام على ذمة التحقيق، بعد توجيه اتهامات له بنشر أخبار كاذبة والترويج لإشاعات من شأنها تعريض الأمن العام للخطر.

لم يتخل حسام عن روح المداعبة في أحلك الظروف، فبعد تسلمه لحقيبة الطعام مساء أمس من أحد محاميه الذي قال له "أكل يكفيك 10 أيام"، رد ساخرا: " متنساش تجيبلي زيهم بعد الـ10 أيام دول".

اجمالي القراءات 3969