العبودية انتهت في العصور الوسطى ولكن في بعض دول الخليج ما زالت قائمة
تتعرَّض الكويت، ودول الخليج عامة، للانتقادات على المستوى الدولي، بسبب نظام الكفالة فيها، الذي صنف على أنه إجبار على العمل القسري، واعتبر شكلاً من أشكال العبودية الحديثة.
قوانين الكفالة التعسفية، هي القوانين التي تنظم عمل العمالة المهاجرة, التي نتجت عنها أجور ضعيفة للعمالة، وعدم وجود أنظمة حماية لها ولحقوقها، سواء كانت مادية أم معنوية, بالإضافة إلى المتاجرة بها من قِبل مَن يدرج على تسميتهم «تجار إقامات»، ويحرم هذا النظام من الحصول على إقامة دائمة في الدولة، كما تتعامل الدولة مع هذه العمالة طبقاً لهذا النظام بشكل أمني تتولاه وزارة الداخلية أكثر من كونه مسؤولية وزارة العمل.
وتذكر الكاتبة في مجال حقوق الإنسان بريانكا موتبارتي، التي تعمل على إنتاج كتاب حول العمالة المهاجرة في الخليج، أن «الكفالة نظام سلطوي في سياق الهجرة، يسمح هذا النظام للحكومات بترك مسؤولية المهاجرين في أيدي المواطنين والشركات، حيث يعطي الكفلاء صلاحية قانونية للتحكم بمصير العامل، فمن غير إذن الكفيل لا يستطيع العامل تجديد أوراقه وتغيير وظيفته والاستقالة منها أو ترك البلاد, حينما يرحل العامل عن وظيفته من دون إذن الكفيل، فيحق للكفيل إلغاء إقامته، ما يضع العامل في وضع غير قانوني داخل البلاد، وبعدما يقوم الكفيل بإلغاء الإقامة لا يستطيع العامل الخروج من البلاد سوى من خلال إجراءات ترحيل تعرضه تلقائياً للحبس لمدة أسابيع أو شهور أو سنوات». وفق ما نشرته صحيفة الطليعة الكويتية
وعلى الرغم من الوعود الكويتية من قِبل وزراء الشؤون ومسؤوليها حول إلغاء نظام الكفالة ووجود خطط لذلك، فإن ذلك لم يتم، بل وأعلنت الكويت صعوبة تحقيق هذا، رغم الوعود الدولية والتصريحات الرسمية.
ويقول اختصاصي الهجرة في منظمة الهجرة الدولية أظفر خان «نظام الكفالة كان يهدف ليكون نظاماً جيداً يحمل المواطنين مسؤولية الاعتناء بغير المواطنين، لكنه أصبح الآن أداة تعسفية للاضطهاد والاستغلال، ومع أن الكفلاء لا يزالون قانونياً مسؤولين عن المهاجرين تحت كفالتهم، إلا أنهم نادراً ما يواجهون أي محاسبة قانونية عند تجاهلهم لهذه المسؤولية القانونية عن رعاية العامل المهاجر».
ويصادر الكفيل عادة وثيقة سفر العامل المهاجر، لإجباره على العمل وإرهابه من تركه دون أن يحاسب على ذلك، فنظام الكفالة لا يضمن للعامل حق تقديم الشكوى، في حال انتهاك أي من حقوقه، كما أن الكفيل يتمكن في حال رفع دعوى عليه من قِبل العامل تسجيل تغيُّب أو إلغاء الإقامة، ما يدخل العامل في دوامة الحبس، ثم الترحيل عن البلاد، بسبب عدم شرعية بقائه بلا إقامة وحتى في حال إعطاء إذن للعامل بالبقاء حتى البت في الشكوى، فإنه يكون مكلفا وفوق طاقة العامل المادية.
وتستفيد الشركات التي تتاجر بإقامات آلاف من العمالة المهاجرة من هذا النظام بشكل كبير، ويأتي بعدها من المستفيدين بعض المواطنين الذين يستغلون ذلك لصالحهم في انتهاك حقوق العمالة المنزلية، حيث إن إلغاء الإقامة وتسجيل حالات التغيب لا يؤخذ بعين الاعتبار فيها ما إذا كانت عاملات المنازل قد حصلن على حقوقهن المالية أم لا, ويأمل الجميع بتحسين أوضاع العمالة المنزلية في القانون الجديد الذي ينظمها.
كما أنه ليس من حق العمالة المهاجرة تأسيس نقابة للمطالبة بحقوقهم، كما حدث في لبنان، أخيراً، وهذا يعرقل أيضاً مسيرة الحقوق، رغم وجود بعض الحركات الاحتجاجية من قِبل بعض العمال في بعض الأحيان التي يكون فيها الانتهاك عسيراً.
المطلوب هو أن تلغي الدولة هذا النظام الاستعبادي، واستبداله بقوانين منصفة تنظم حق العامل ورب العمل وواجباتهما، بحيث لا تميل الكفة لطرف من دون الآخر, بالإضافة إلى التطبيق الحازم للقانون, وإيقاع العقوبات على الشركات التي تستغل العمالة المهاجرة التي تعاني الديون، للحصول على وظيفة داخل الكويت، ثم تكتشف بخدعة الأجور الزهيدة والعقد خلاف ما تم الاتفاق عليه, وتتاجر بهؤلاء البشر.. فرغم الشكاوى المقدَّمة بحق هذه الشركات، تبقى نفوذها هاتكة للحق الإنساني لا يطولها عقاب ولا يمسها.