How old are you?
عنــــدك كـــــم ســــــنة?

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١١ - يونيو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


أولا :
• منذ سنوات وبعد صدور كتابي "السيد البدوي بين الحقيقة والخرافة" جاءتني دعوة من شاب لإلقاء محاضرة في بلدتهم عن الحقائق التي تضمنها كتابي عن السيد البدوي ، فقد رأى الشاب أن بلدته أسرى للخرافات التي تدور حول البدوي وضريحه. وألقيت المحاضرة في دوار العمدة وهو والد ذلك الشاب ، وكان العمدة يستمع إلى في انبهار وأنا أحكى عن خرافات البدوي وأنه لا سند لها من الواقع وأنه في حقيقته رجل تستر بالتصوف ليتآمر على المماليك ويقيم في مصر دولة شيعية ، وأوضحت أن كل ذلك مخالف للاسلام الذى لا ولى فيه إلا الله وحده جل وعلا ، وأنه لا يصح أن نطلب المدد من أى ضريح أو ولى حى أو ميت لأن الله تعالى هو قريب من عباده و ليس فى الاسلام واسطة ، بل ذلك هو الشرك والكفر ، وأنه لاينبغى لنا كمسلمين أن نتبرك بالبشر و الحجر ..
• ولأن الحاضرين كانوا من الفلاحين البسطاء فقد تبسطت في الشرح إلى أدنى مستوى ، وكان مما يسعدني أن أرى علامات الرضي والسعادة على وجه العمدة وهو ينصت في انتباه واهتمام ، وانتهت المحاضرة بالتصفيق وقام العمدة يعانقني فخورا ويدعوني للغداء واعتذرت له في تصميم واضح ، وفوجئت به يقول "أبعد هذا الكلام الحلو عن سيدي السيد البدوي نخليك تروح مصر .. أبداً والله، وحياة سي السيد البدوي ما يحصل أبداً" !!
• إذن ضاع كل جهدي في المحاضرة وضاعت الأدلة العلمية والنقلية والعقلية .!! ونظرت إلى العمدة ـ فى إشفاق ـ وهو يستعطفني في صدق وكأني أرى طفلاً تعدى الستين من العمر ..
• وفعلاً فإن هناك عمراً زمنياً وعمراً عقلياً لكل إنسان ،وذلك العمدة قد يتجاوز عمره السنوي الستين ولكن عمره العقلي لا يتجاوز عمر طفل في الخامسة ، ومهما أوتى من ضخامة في الجسم ومهما تحلى من شوارب ومن لحية ففي داخله عقل طفل لا يزال.!!
• وتذكرت ما حدث حين اعتدت ركوب مترو الدراسة ، كانوا لا يزالون يقيمون مسجد الشيخ صالح الجعفري ، وبدأوا في إقامة ضريحه وكنت أمر عليهم كل يوم أشهد إقامتهم لذلك للضريح خطوة خطوة ، وبالمناسبة قد أقاموا له ضريحين ، ضريح في الدور الأرضي وضريح فوقه ، وهو بالطبع مدفون في أسفل الضريح الأرضي، ولكن يتمتع الضريحان معا بالتقديس ،"وما فيش حد أحسن من حد"!! والمهم أنني في متابعتي لخطوات بناء الضريحين رأيت التشطيب النهائي وقد وقف أحد العمال يدهن السقف بالزيت ، وقد وضع جهاز المسجل فوق رأس الضريح ، وصوت أحمد عدوية يشدو بالأغنية الشهيرة "حبة فوق.. وحبة تحت" بينما وقف ذلك العامل بحذائه فوق الرأس الأخرى للضريح، وهو منهمك في عمله متراقصاً على نغمات الأغنية. وقتها ضحكت وأنا أتخيل ماذا سيحدث بعد ذلك حين يتم تشطيب الضريح على أعلى مستوى من الديكور ، وحين يتوافد الناس للتبرك والسجود والتقبيل في خشوع لما كان العامل يقف عليه بقدميه..!! وتذكرت قول إبراهيم عليه السلام لقومه "أتعبدون ما تنحتون؟" ورأيتها تنطبق علينا.
• وبالطبع حدث ويحدث ما توقعته ، فلم يمض وقت طويل حتى كان الناس يتوافدون على الضريح وفي مقدمتهم علماء أجلاء وقد عكفوا على الضريح تقديسا وتبركا .. قد يكون الواحد منهم قد تعدى الخمسين من العمر،وقد يبهرك بمنطقه وفصاحة لسانه والشهادات التي يتحلى بها والمناصب التي يتبوؤها والزى الذي يرتديه، ولكنه يظل مع ذلك طفلا في عقليته، إذ يتبرك بأحجار وزخارف مصنوعة وربما ينكب على القفل الموضوع على المقصورة يلثمه ويقبله ويتبرك به ، مع أن ذلك القفل قد يكون مصنوعا في الصين ومكتوبا عليه made in china ولا يفعل ذلك إلا من يتمتع ببراءة الأطفال وعقلياتهم ..
• وقد يدافع بعضهم فيدعي أنه لا يقدس الضريح المبني من الأحجار والزجاج ومواد البناء، ولكنه يقدس الولي المدفون تحته .. هذا مع أن الميت المدفون قد تحول إلى سوأة وتراب ورماد .. إن الفتية من أهل الكهف الذين مدحهم الله تعالى بالهدى فقال: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ) ( الكهف 13)حين ناموا في الكهف تلك المدة أصبح منظرهم مخيفاً ، يقول تعالى عنهم وقتها: (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا) ( الكهف 18 ) ، وكانوا مجرد أحياء ناموا مدة طويلة ، فكيف بالميت الذي تحول إلى رماد.
• وقد يقول بعضهم أن الأرض لا تأكل أجساد الصالحين ، ولو سلمنا بهذه الأسطورة وتخيلنا أن الولي المدفون قد خرج بجسده من الضريح فاتحا ذراعيه مبتسما لأولئك الذين يتبركون بالضريح يريد أن يحتضنهم ويحوطهم ببركته المزعومة، فماذا سيفعلون؟ ستنطبق عليهم الآية الكريمة (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا) ( الكهف 18 ) . إذن فما الداعي لتقديس تلك الأحجار اللهم إلا إذا كانت تعبيراً عن طفولة عقلية، وأناس لم يبلغوا سن الرشد بعد ؟!!
• وحدث في بغداد في القرن الثالث الهجري أن كان أحد الشعراء يسير في السوق يأكل الطعام ، ولم يكن ذلك من اللائق وقتها ، وقابله صديق له وحذره من استنكار الناس عليه، فرد عليه الشاعر قائلا أو تظن أن أولئك ناس؟ إنما هم بقر .!! وحدث بين الشاعر وصديقه رهان على ذلك، وقام الشاعر ليثبت لصديقه أن أولئك الناس مجرد بقر ، فوقف ينادي في الناس يدعوهم ليحدثهم عن رسول الله فأقبل الجميع حوله، ووقف بينهم خطيباً واعظاً، يروي لهم الأحاديث ويخرج من موضوع إلى موضوع حتى استحوذ على اهتمام الحاضرين وملك مشاعرهم، إلى أن قال لهم " حدثنا فلان عن فلان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من بلغ لسانه أرنبة أنفه دخل الجنة" ونظر الشاعر وصديقه إلى الحاضرين فوجداهم جميعاً وقد أخرج كل منهم لسانه يحاول أن يصل به إلى أنفه، فقال الشاعر لرفيقه: ألم أقل لك أنهم بقر ..!!
• وفي إحدى الندوات كان الحاضرون من الوجهاء وكنت أتحدث عن ضرورة التيقن لكل ما يلقى على أسماعنا من أحاديث منسوبة للنبي على السلام وحكيت لهم هذه الحكاية ، وفوجئت بالأفندية المحترمين وكل منهم أخرج لسانه لكي يتأكد من دخوله الجنة .. وقلت في نفسي: أطفال ورب الكعبة..!!
• إن الإسلام هو دين العقل ، والقرآن يتكرر فيه قول الله تعالى "أفلا تعقلون" "أفلا تبصرون" بل إن نزول القرآن باللسان العربي لكي نعقل أو نستعمل العقل (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) ( يوسف 2 ) (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) ( الزخرف 3 ) ومع ذلك فإن عقلنا يتوقف في الأغلب عند سن الطفولة بينما يظل الجسد ينمو والشوارب واللحى تطول فنصير عجباً خصوصاً إذا تكلمنا بما ينبئ عن عقليتنا الطفولية، ولقد ضرب الله تعالى مثلا تصويريا رائعا لأصحاب تلك العقلية الطفولية فقال : (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ) ( المنافقون 4 ) .!!
• لقد ظل العرب يرفضون قرارات الأمم المتحدة منذ عام 1947م مع أنهم لا يملكون القوة التي يستعيدون بها حقهم الضائع وأخيراً انتبهوا بعد أن ضاع منهم كل شيء.. هى إذن نفس الطفولة العقلية في مجال السياسة كما كانت في التدين..
• وبالمناسبة عزيزي القارئ : how old are you ?!!

ثانيا :
نشرت جريدة الأحرار هذا المقال لى بتاريخ 3 فبراير 1992. وقتها كان خصومى من شيوخ الأزهر أطفالا قد تجاوزوا الستين من العمر. ومضى على هذا المقال أكثر من 16 عاما ولا يزال نفس الشيوخ أطفالا مع أنهم وصلوا أرذل العمر..
المشكلة ليست فيهم فحسب بل فى النظام التعليمى و المناهج التى يتخرج على أساسها بشر أوتوا بسطة فى الجهل وفى الجسم ، ثم يقوم هذا الجيل بتعليم الجهل للجيل التالى .. وهكذا..
ولذا نتصرف بحمق الأطفال فى كل شىء خصوصا فى الدين حيث حولنا شعائر الاسلام الى لهو ولعب تنافس ألعاب الأطفال فى الروضة .
والأمثلة كثيرة وقد تعودنا عليها ، فالمؤذن يصرخ على المنبر فى الأذان يتغزل فى محاسن النبى محمد ويقول فيه ( يا كحيل العينين يا أحمر الخدين ) ولو قال نفس المؤذن هذا الكلام عن أبيه لانتفض والده غضبا وضربه بالحذاء ، ولو قال المؤذن هذا الكلام علنا عن زوجته لوقع فى مشكلة مع السيدة والدته التى ترى رأيا آخر فى زوجة ابنها ، ولكن الشيخ المؤذن لا يرى بأسا أن يصعد الى اعلى مكان فى مبنى ( يقال انه مسجد لذكر الله تعالى وحده ويجب ألا ندعو فيه مع الله أحدا وألا نقدس ونعظم فيه مع الله تعالى أحدا ) يصعد المؤذن فلا يكتفى بتأليه النبى فى الأذان بل ويتغزل فيه بعبارات جنسية .!!. هل هناك حمق يتفوق على هذا ؟
نعم ..إذ يبلغ الحمق بذلك المؤذن مداه فيقول عن النبى (يا نور عرش الله ) أى ان عرش الرحمن بدون محمد يكون مظلما ..!!
وليس المؤذن حالة فريدة لأننا إعتدنا ان نمارس الحمق فى حياتنا الدينية على انه حق من حقوق الانسان (أقصد حقوق الأطفال ) ، وإلا كيف تفسر أن تتمسك شعوب المسلمين فى الشرق الأوسط ـ وعلى مدار القرون واختلاف البلاد والأقطار وبغض النظر عن كونهم سنة وشيعة ـ بتقديس ضريح الحسين الذى يزعمون أن فيه رأس الحسين ، وهم يعلمون أن هناك أضرحة كثيرة يزعم كل منها أن تحته رأس الحسين ، فهل كان للحسين عدة رءوس ؟ ثم ما الذى تستطيع أن تفعله راس الحسين لمن يطلب منها المدد؟ إذا كانت هى فى حياة صاحبها قد قطعها سيف ظالم وعجزت عن حماية عنقها فهل تستطيع نجدة غيرها.. هذا مع فرض أنها لا تزال حية ؟ وهل هناك رأس حية بلا جسد ؟ أسئلة كثيرة يضحك منها العقلاء ولكن يغضب منها الأطفال ..أى من لا يزالون يعيشون بعقلية الأطفال..
فالأطفال الأبرياء ( الحلوين ) لا يفهمون هذا الكلام ، ولكن يستهويهم اللهو واللعب ، والموالد والأعياد الدينية التى يعقدونها عند الأضرحة هى أكبر وأفضل الفرص للهو اللعب ..ألا ترى تلك الموالد وقد حفلت بالمراجيح و عروض السيرك الشعبى والأراجوز ، بينما يمارس الكبار (فى السن فقط ) بقيادة الشيوخ الرقص بكل جدية ، ويعتبرونه عبادة.
من هذه العقلية الطفولية فى الدين الى شئون الدنيا ، وهى كثيرة نقتصر منها على مثل واحد ، إذ تقوم مظاهرات مليونية فى مصر عندما يهزم الأهلى الزمالك ، ولكن عندما يجوع الناس ويخرجون فى مظاهرات فلا يزيد العدد عن بضع مئات بينما يقبع الملايين فى البيوت ينافسون أطفالهم فى الخوف من البعبع .
ومن حسن حظ المستبد أن يحكم أطفالا ـ أو بشرا توقف نموهم العقلى عند التاسعة ، لأن الشخص البالغ العاقل يكون صعبا أن يخدعه حاكم مستبد أو سياسى أفّاق أو شيخ دجال..
ولذلك فانه من المستحيل أن يقوم المستبد باصلاح التعليم ، لأنه يريد شعبا يركبه ولا يريد للشعب ان يركبه . فالعادة أن الحكومات فى الدول الديمقراطية و الشعوب العاقلة هى التى تخاف من شعوبها ، اما حين تكون الشعوب فى مرحلة الطفولة العقلية فيسهل لحاكم فرد أن يخيف تلك الشعوب بعصاه ..
الشعوب الحرة تركب حكامها و تستخدمهم وتمن عليهم بأنها هى التى تدفع مرتباتهم. الشعوب التى تعيش فى طفولتها العقلية لا بد لها من حاكم مستبد يلوّح لها بعصاه حتى تخضع له فيركبها ويتربع على ظهرها وهى تهتف له ( بالروح ..بالدم نفديك يا عباس ) فاذا مات عباس أو تعرض لخطر انفضوا عنه وتركوه قائما ..

تقول ايه؟؟ عيال بقى .. !!

اجمالي القراءات 19067