الجزء الأول
محاولة إستقرائية وحقائق عددية

محمد صادق في السبت ٠٧ - يونيو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

                              محاولة إستقرائية وحقائق عددية 
                             

  من رتب سور القرءآن الكريم 
                             هل وحيا من اللـــه أم من صنع البشر
                                           الجزء الأول

إبتداءا أوجه شكرى وتقديرى للإستاذ الكريم إبراهيم دادى على طرح هذا السؤال الذى بإعتراف معظم المسلمين أنهم لا يجدون الإجابةة التى تقنعهم وتعطيهم القوة الإيمانية، مع العلم بأن هناك العدد الهائل من المعلومات والأبحاث فى كتب التراث وكتب التفاسير والتىتتضارب بعضها البعض ولا تعطى أى نتيجة يقينية ولا أى معلومات تُدخل الطمأنينة فى قلوب الذين يجاهدون فى اللــه حق جهاده. وأن جميع المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها يؤمنون كل الإيمان الصادق أن هذا الكتاب الكريم هو من عند اللــه السميع العليم وبالرغم من ذلك يتردد على ألسنة المؤمنون حقا هذا السؤال وغيره من عشرات الأسئلة التى لا يجد المؤمن الصادق الإجابة الشافية الخالية من الشوائب. وأقول أن الإجابة على هذا السؤال وغيره الكثير يتطلب من الذين يريدون رؤية الحق أن يعيدوا النظر فى ما يسمى بالإعجاز العددى فى القرءآن أو بمعنى آخر الحقائق العددية والرقمية فى القرءآن الكريم.

يقول اللــه سبحانه فى سورة المدثر – ولنا لقاء مع هذه السورة الكريمة إن شاء اللــه –
" وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ....." المدثر 31

وما سيأتى فى هذا الجزء والأجزاء التالية ليس كله من إجتهادى الشخصى ولكن ملخص من مذكراتى فى موضوع الأعداد ومن بعض إجتهادات الذين بذلوا الجهد وهوليس بالسهل فى الوصول إلى أقرب ما يمكن إلى الحق. واللــه أعلم

فهذه محاولة لتوضيح بعض التساؤلات التى جائت مؤخرا فى هذا الموقع الموقر، وتشتمل على قسمين:
أولا: مقدمة لا بد منها قبل الخوض فى التفاصيل،
ثانيا: مقارنة مختصرة جدا فى الوقت الحالى بين " مصحف سمرقند " الذى كُتب بخط اليد فى القرن ألأول من الهجرة ويقال كُتب بعد حوالى خمسون عاما من وفاة الرسول عليه السلام، والمصحف الموجود بين أيدينا اليوم. وباللــه التوفيق...

أولا: مقدمة لابد منها قبل الخوض فى التفاصيل
" القرآن الكريم (آية ) ألاهية يتحدى الله تعالى بها الجن والإنس فى كل زمان ومكان. عند نزول القرآن الكريم تحدى العرب بالاتيان بمثله أو بعشر سور من مثله أو بسورة واحدة فعجزوا . وقد أسلم كثيرون من العرب عندما سمعوا القرآن الكريم و ليس فقط عمر بن الخطاب .
ليست هذه هى القضية ، القضية هى أن التحدى هنا فيما اشتهر به العرب من فصاحة. ولكن التحدى مستمر فى كل وقت. وهناك اعجاز تاريخى فى القصص القرآنى فيما يخص الماضى و الحاضر و المستقبل ـ و سنتكلم عنه فى مقالات آتية ، وهناك إعجاز علمى يتحدى بها القرآن عصرنا و العصور القادمة حيث يشير القرآن الى حقائق علمية اكتشفنا بعضها و لم نكتشف حتى الان البعض الآخر.
من لا يقرأ العربية ليس مطالبا بالاعجاز الفصاحى اللغوى فى القرآن الكريم. لديه الاعجاز العددى فى القرآن الكريم ، والأعداد هى اللغة العالمية الآن ، وهى لا مجال فيها للآراء و انما القطع و اليقين ، والاعجاز العددى فى القرآن الكريم لا يزال مجالا جديدا أمام الباحثين ، كل يضرب هنا وهناك فيكتشف بعضا منه ،إلا إنه الاعجاز الحقيقى للبشرية كلها ـ و سياتى الوقت الذى يصل فيه الباحثون الى اكتشاف أسس هذا الاعجاز الرقمى فى القرآن ." هذا الجزء مقتبس من مقالة للدكتور أحمد منصور.
" وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ "
, لقد تحدى الله سبحانه الجن و الإنس أن يأتوا بمثل هذا القرآن كما هو معلوم للجميع , كلمة " مثل " لا تعني الفصاحة والبلاغة فقط كما يحب البعض أن يفهم , القرآن لم يحدد الوجه الذي يتحدى به , معنى ذلك أنه ترك الباب مفتوحا لكل اكتشاف جديد ولا يحق لأحد أن يغلق هذا الباب , ويظن أنه يقدم خدمة لكتاب الله , هذا العمل في حالة حدوثه هو حجر على العقل المسلم.

إن ترتيب سور القرآن وآياته هو معجزة القرآن التي ادخرها لهذا العصر , وأنه ترتيب يستند إلى قوانين وأنظمة رياضية تؤكد حفظ القرآن وعدم تعرضه لزيادة أو نقصان أو تحريف.
إن ترتيب القرآن هو الرد القاطع على المفترين والمشككين بالقرآن , تسقط معه كل الشبهات التي أثيرت حول جمع القرآن وترتيبه قديما وحديثا ،كما أن فيه حسما لتضارب الأقوال في هذه المسألة .
إن المتدبر في ترتيب القرآن – بعيدا عن التعصب والمكابرة وأهواء النفس - بغض النظر عن لغته ومعتقده يمكنه أن يكتشف بنفسه أن ترتيب القرآن دليل قاطع على أن القرآن هو كتاب الله المحفوظ ولن يحتاج في ذلك إلا إلى فهرس لسور القرآن، دون أي استخدام للنص القرآني .

كيف نجيب على تساؤل غير المسلم أو المسلم الذى يريد الحُجة واليقين التام، مثلا عن عدد آيات القرآن هل نقول له لقد اختلف العلماء في عدد آيات القرآن ، قيل كذا وقيل كذا، وإذا سأل عن ترتيب سور القرآن، هل نقول له لقد اختلف العلماء في ترتيب سور القرآن، هل سنجيب على كل سؤال ب : قيل وقيل ؟
إن أكثر الذين تناولوا هذه المسائل بالبحث من المعاصرين لم يخرجوا في أبحاثهم عما خلفه لنا القدماء , بعبارة أخرى لم يخرجوا عما كتبه السيوطي المتوفى سنة 911 هـ وهي في أغلبها تكرار للقديم وإعادة إخراجها على نحو يوهم بالمعاصرة . لم أجد في أي منها إجابة لما أثارته مسألة ترتيب القرآن من تساؤلات ..

**كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي , المفاجأة الأكبر كانت ما يذكره السيوطي عن اختلاف القدماء في كثير من المسائل المتعلقة بترتيب القرآن , اختلاف في ترتيب سور القرآن , اختلاف في عدد آيات القرآن , اختلاف في عدد آيات أربع وسبعين سورة من سور القرآن , اختلاف في رسم القرآن .. ومسائل أخرى
والبعض يقولون أنه لا يترتب على تلك الاختلافات زيادة أو نقصان في كتاب الله , فسواء أكان عدد الآيات كذا أو كذا فالقرآن كتاب الله الكريم المحفوظ . ومسألة الاختلاف في ترتيب سور القرآن ليست بهذه الأهمية , وأن القرآن كتاب هداية ....., ما الحل ؟
بعد اطلاعي على عدة كتب تناول أصحابها مسألة ترتيب القرآن , أثارت لدي أسئلة مهمة : ما الحكمة من ترتيب القرآن على نحو مغاير لترتيب النزول ؟ ما الحكمة من ترتيب هذه السورة هنا وهذه هناك ؟ ما الحكمة أن يكون في القرآن سورة كسورة البقرة عدد آياتها 286 آية وهناك سور تتألف الواحدة من ثلاث آيات ؟ ما تعريف السورة الطويلة والسورة القصيرة ؟ هل سورة الأنفال وسورة التوبة سورتان أم سورة واحدة ؟ ما عدد آيات القرآن ؟ ما الذي كان يهدف إليه جبريل من تعيينه لمواقع الآيات والسور
للرسول صلى الله عليه وسلم ؟ كيف يتفق هذا مع تضارب الأقوال في المسألة الواحدة ، ما عدد كلمات القرآن ؟ ما السر في تجميع السور القصيرة في آخر المصحف والطويلة في أوله ؟ ..وأسئلة أخرى لم أجد لها جوابا شافيا في كل الكتب التي رجعت اليها. القرآن كتاب الله المحفوظ , ولا بد أن يكون لهذا الكتاب ترتيب يليق بصاحبه ويدل عليه ,إن كل شي في هذا الكون يخضع إلى ترتيب محكم ابتداء من الذرة وانتهاء بالمجرة , أفلا يكون القرآن مرتبا ؟ إنه كتاب الله وكفى , لا بد أن يكون محكم الترتيب معجزا في ترتيبه , ولا بد أن يكون فيه من الأسرار ما فيه إجابة لكل تساؤلاتي , إذن الحل هو القرآن نفسه منطلقا من قناعة بأن القرآن محفوظ بتعهد من الله , ولا بد أن يكون فيه من الأسرار ما يؤكد هذا الحفظ ..وقد بت على يقين تام أن ترتيب القرآن هو معجزة القرآن التي ادخرها لهذا العصر , وأن تلك الأقوال المتضاربة في مسألة الترتيب ليست اكثر من اجتهادات .** هذه الفقرة مقتبسة من أبحاث الأستاذ الكريم جلغوم إننا ندين للقدماء بكل ما لدينا ومن واجبنا أن نقدرهم ونحترمهم , ولكن هناك فرق بين أن نحترم القدماء ونجل الموروث وبين أن نقدسه ونحيطه بخطوط حمراء نمنع تجاوزها . مثلا : لقد عد السيوطي البحث في العدد من البطالات وكان يعني بكلامه ابن الجوزي , السخاوي قال : لا اعلم لعدد كلمات القرآن من فائدة .. إذا توقفنا عند هذين القولين فمعنى ذلك أننا سنتوقف في بحثنا عند حدود القرن التاسع الهجري , يجب علينا أن نراعي التغير الزماني وتغير أدوات العصر , أستطيع في عصري هذا أن اجري من
العمليات الحسابية المعقدة باستخدام آلة حاسبة في ساعة واحدة ما لو فكر السيوطي أن يفعلها لاحتاج إلى عمره كله , هذا إذا توفرت له الأقلام والورق , وهذا هو السر في أنني اكتشفت ما لم يكن السيوطي قادرا على اكتشافه , لقد وفر لي العصر ما لم يكن متوفرا لدى السيوطي . وكما قلت إن من رحمة الله بعباده أن جعل معجزة القرآن المعجزة الخالدة المتجددة في كل عصر وجيل , إن لجيلنا منها نصيب ولا يجوز لأحد أن يحرمنا منه , بحجة أن السلف الصالح لم يعرف عنه شيئا .

من المعلوم أن القرءآن قد نزل في 23 سنة حسب الوقائع والأحداث وحاجات الناس ( مع العلم بأن القرءآن نزل دفعة واحدة على قلب الرسول عليه السلام فى ليلة القدر ونزل بعد ذلك متفرقا وهذا الذى نحن بصضضه الآن ) ، وكان جبريل عليه السلام يعين للرسول كلما نزل عليه بشيء من القرآن موضع السورة والآية .. هناك ترتيب محدد يهدف جبريل إلى تحقيقه ومن الطبيعي أن لا يظهر هذا الترتيب إلا بعد اكتمال نزول القرآن ذلك انه كان في تغير مستمر تبعا لنزول آيات القرآن واتخاذها مواقع جديدة في ترتيب القرآن .
هنا أن ترتيب سور القرآن وآياته قد اخذ شكله النهائي بوفاة الرسول واكتمال نزول القرآن وهو ترتيب مغاير تماما لترتيب النزول حسب الحوادث .. يمكننا هنا أن نفهم الحكمة من ذلك ليكون هذا الترتيب حين اكتشافه دليلا ماديا ملموسا على مصدر القرآن وإعجازه ..
ونفهم أيضا أن ترتيب القرآن لم يكن موجها للناس الذين عاصروا الرسول كان لديهم من بلاغة القرآن وبيانه ما يدلهم على مصدره ، كما أن علوم الرياضيات لم تكن من علوم زمانهم . إعجاز الترتيب القرآني موجه إلى الأجيال القادمة. حينما تتطور العلوم وأدوات العصر يُظهر الله سبحانه ترتيب القرآن على أيدي فئة من عباده ليكون حجة على الناس في الوقت المناسب وأعتقد أن زماننا هذا هو زمن معجزة ترتيب القرآن ذلك أن العالم اليوم يتكلم لغة واحدة هي لغة الأرقام , اللغة المشتركة بين الناس
جميعا ، هنا يأتي ترتيب القرآن ليخاطب الجميع كل بلغته التي يفهمها .

كيف نفسر مجيء سور القرآن وفق ترتيب رياضي وأنظمة وقوانين رياضية مع ما نعلمه من نزول القرآن مفرقا وترتيبه على نحو مغاير لترتيب النزول .. التفسير الوحيد لدينا أن هذا الترتيب ترتيب الهي لا علاقة للبشر في تشكيله . يمكننا أن نتخيل أن ترتيب القرآن سابق لنزوله وقد تم نقل هذا الترتيب من خلال التوجيهات التي كان يحملها جبريل عليه السلام . إن أكبر الشبهات التي يوجهها خصوم الإسلام
للقرآن هو الزعم بأنه من تأليف محمد عليه السلام أعانه عليه بعض معاصريه . إن من المستحيل نسبة ترتيب القرآن إلى محمد عليه السلام فما بالك بالتأليف والذي هو اكبر من الترتيب.

تجميع السور القصيرة في آخر المصحف والطويلة في أوله . ما السر في ذلك ؟
لقد تم في ترتيب سور القرآن وآياته الربط بين أعداد الآيات في سور القرآن ومواقع ترتيبها بعلاقات رياضية محكمة, مثلا : إذا تدبرنا السور زوجية الآيات في المصحف " عدد الآيات في كل منها عدد زوجي " نجد أنها 60 سورة ، 27 سورة مرتبة في النصف الأول من المصحف و 33 سورة مرتبة في النصف الثاني .. إذا أردنا أن يكون مجموع الآيات في إحدى المجموعتين مساويا لمجموع أرقام ترتيب سور المجموعة الثانية .
فليس أمامنا إلا أن نرتب السور الطويلة في النصف الأول والسور القصيرة في النصف الثاني , ذلك أن السورة المرتبة في النصف الأول ستأخذ أحد الأرقام من 1-57 للدلالة على موقعها وهي الأرقام الأصغر، بينما السور المرتبة في النصف الثاني ستأخذ أحد الأرقام من 58 –114 للدلالة على موقعها وهي الأرقام الأكبر . وهذا ما هو موجود في القرآن، فمجموع أعداد الآيات في السور المرتبة في النصف الأول يساوي 2690 آية ، هذا المجموع مماثل تماما لمجموع الأرقام الدالة على مواقع ترتيب السور زوجية الآيات المرتبة في النصف الثاني فهو أيضا 2690 .. هذا التماثل لا يمكن أن يتحقق إلا بترتيب السور الطويلة في النصف الأول والسور القصيرة في النصف الثاني .. فالترتيب هنا ترتيب رياضي وقد تم بتدبير وحساب وإحكام ولا يمكن نسبته إلى البشر .
والمسألة لا تتوقف عند هذا الحد , حيث نجد في ترتيب القرآن من الأدلة ما يدفع أي شبهة محتملة.
من المعلوم أن عدد السور المفتتحة بالحروف المقطعة 29 سورة ، بالتدبر في ترتيب سور القرآن نجد أن السور القرآنية التي عدد الآيات في كل منها يقل عن 17 آية : 29 سورة أيضا ( المعيار هنا وهو العدد 17 ليس عشوائيا بل له مبرراته ) عدد مماثل لعدد السور المفتتحة بالحروف الهجائية ، إذا تدبرنا ترتيب السور في المجموعتين نجد أن :
من بين السور المفتتحة بالحروف رتبت 28 سورة في النصف الأول من القرآن بينما رتبت سورة واحدة وهي سورة القلم في النصف الثاني . بالمقابل نجد أن من بين السور القصيرة 28 سورة رتبت في النصف الثاني بينما رتبت سورة واحدة في النصف الأول والتي هي سورة الفاتحة .. في ترتيب القرآن العلاقة الرياضية تقودك إلى علاقات أخرى , وهذه سمة في ترتيب سور القرآن ، فالسورة القرآنية ترتبط بعدد من العلاقات، كل واحدة تزيد الأخرى قوة ودلالة وتؤكد صحتها. ومن العجيب أن السادة علماء المسلمين والمؤسسات الدينية مازالت تتجاهل عظمة هذا الترتيب ومكانته ودوره في خدمة القرآن.

إن ما نحن فيه الآن من نعمة الايمان ليس سببه ما في القرآن من وجوه الإعجاز , ببساطة نحن ولدنا مسلمين ,وهذا فضل من الله , وسواء فهمنا بلاغة القرآن أم لم نفهمها فلن يحول ذلك بيننا وبين إيماننا , ومن هنا يأتي الشعور لدى البعض انه ليس في حاجة إلى وجه إعجاز جديد, والصحيح أن وجود ذلك الإعجاز ضروري ومهم ولا غنى عنه , إنه الدليل على صدق الرسول عليه السلام , وهذا شرط في النبوة وإلا لكان بإمكان من شاء من الناس أن يدعي النبوة ما دام غير مطالب بمعجزة تدل على صدقه . هذا يعني أن بعض الناس إذا اطلعوا على حقيقة ترتيب القرآن – وهذا ممكن الآن بغض النظر عن اللغة
والعقيدة – قد يجدون في هذا الترتيب دليلا ماديا واضحا مفهوما لديهم على صحة الرسالة ومن ثم قد يقبلون بها وحتى إذا لم يحدث ذلك فان مواقفهم من القرآن ستتغير .
وما المانع أن يزيد هذا الوجه من الإعجاز في إيمان المؤمنين ويعمل على تثبيتهم ؟
إننا في أمس الحاجة إلى هذا التثبيت في عصرنا هذا ,حيث يحارب الإسلام في كل مكان , ويواجه فيه القرآن حملة شرسة منظمة تهدف إلى النيل منه والتشكيك فيه , آخرها ما سمي بالفرقان الحق.

أن ما نسميه اليوم "الإعجاز العددي" لا يزال محل جدل، ومن هنا لم يحظ باهتمام العلماء والدارسين، مع وجود محاولات نجحت جزئياً كما هي مع " عبد الرزاق نوفل"، ومع الباحث الأردني "عبد الله جلغوم" في كتابه "أسرار ترتيب القرآن قراءة معاصرة". ونحن هنا نعرّف القارئ بأهم فكرة وردت في كتابه.
القرآن الكريم ( 114 ) سورة، إذا قمنا بجمع الأعداد الخاصة بترتيب السور هكذا:
(1+2+3+.......+114) فسيكون المجموع ( 6555 ) وحتى لاتضيع الوقت في الجمع يمكنك أن تستخدم هذا القانون الرياضي: ( 114+1) 114 ÷ 2 = 6555

والسؤال هنا : هل لـهذا المجموع علاقة بمجموع آيات القرآن الكريم، والذي هو (6236) آية؟
استقرأ الباحث "جلغوم" السور القرآنية فوجد أن هناك (60) سورة زوجية الآيات، مثل: البقرة (286) آية، والنساء (176) آية….إلخ؛ بالتالي يكون عدد السور فردية الآيات هو (54) سورة مثل الفاتحة (7) ، التوبة (129) ….إلخ.

أما لماذا (60) و (54) فنقول لمن لم يقرأ حول العدد (19) وملابساته، ولمن قرأ والتبس عليه الأمر، حيث تنازع هذا العدد (19) أهل الحقيقة وأهل الباطل، حتى استقر الأمر بالاستقراء الرياضي، وخرجت الحقيقة من رحم الفتنة (6 × 19 = 144 ) فاذا ضربنا
(6 × 10 = 60) ، وإذا ضربنا (6 × 9 = 54). وجد "جلغوم" أن السور الزوجية ال (60) تنقسم إلى (30) سورة رقمها في ترتيب المصحف (زوجي)، و (30) سورة ترتيبها (فردي)، أما السور ال (54) الفردية فوجدها تنقسم إلى (27) سورة رقمها في ترتيب المصحف فردي، و (27) ترتيبها زوجي.

وإليكم هذا الرسم التوضيحي:
(114) سورة
(60).. (30) (30)
(54).. (27) (27)

لو افترضنا أن السور ال (60) زوجية الآيات هي أول (60) سورة في ترتيب المصحف، لنتج عن ذلك أن يكون هناك (30) سورة منها فردية الترتيب، وتكون ال (30) الأخرى زوجية الترتيب. وكذلك لو كانت السور ال (54) فردية الآيات هي آخر (54) سورة في ترتيب المصحف، لنتج عن ذلك أن يكون (27) منها فردية الترتيب، وال (27) الأخرى زوجية الترتيب. ويمكن الحصول على النتيجة نفسها عندما نعكس الترتيب السابق ونـجعل السور ال (54) الفردية في بداية المصحف، والسور ال (60) الزوجية في القسم الثاني من ترتيب المصحف. وعلى خلاف هذين الترتيبين يكون من الصعب أن تأتي النتيجة على هذا النسق المبين في الرسم التوضيحي. وعلى الرغم من أن ترتيب السور الزوجية والفردية ليس على هذه الصورة المفترضة، فقد جاءت النتيجة وفق هذا الترتيب اللافت للانتباه وعلى خلاف المتوقع.
يترتب على ما سلف أن يكون هناك (57) سورة متجانسة، أي زوجية الآيات زوجية الترتيب، وفردية الآيات فردية الترتيب، مما يعني أن هناك أيضاً (57) سورة (30+27) غير متجانسة.

أمثلة على السور المتجانسة وغير المتجانسة:
سور متجانسة مثل:
الفاتحة- ترتيبها (1)، وآياتـها (7) فردي-فردي
البقرة- ترتيبها (2)، وآياتـها (286) زوجي-زوجي
النساء- ترتيبها (4) وآياتـها (176) زوجي-زوجي
سور غير متجانسة مثل:
آل عمران- ترتيبها (3)، وآياتـها (200) فردي-زوجي
المائدة- ترتيبها (5)، وآياتـها (120) فردي-زوجي
الأنعام- ترتيبها (6)، وآياتـها (165) زوجي-فردي
والآن: إذا قمنا بجمع أرقام ترتيب السور المتجانسة، وأضفنا إليها عدد آياتـها، فسنجد
أن حاصل الجمع هو (6236) وهذا هو مجموع آيات القرآن الكريم.

وإذا قمنا بجمع أرقام ترتيب السور ال (57) غير المتجانسة، وأضفنا إليها عدد آياتـها، فسنجد أن حاصل الجمع هو (6555) وهذا هو مجموع أرقام ترتيب سور القرآن الكريم من (1-114).
النتيجة بلغة أخرى :
- ترتيب + آيات(متجانس)=مجموع آيات القرآن الكريم= (6236)،
- ترتيب + آيات(غير متجانس)=مجموع ترتيب القرآن الكريم= (6555).
بـهذا يثبت أن هناك علاقة بين رقم كل سورة وعدد آياتـها، بحيث يكون لدينا إحداثية تقتضي ارتباط رقم السورة بعدد آياتـها، وارتباط هذا بكل سور القرآن الكريم.
حتى ندرك عمق المسألة نقوم بإنقاص سورة البقرة آية واحدة فتصبح (285) آية، وبالتالي تصبح فردية الآيات، مما يعني أن السور الفردية ستصبح (55) والزوجية (59). عندها ينهار كل شيء. وإذا حافظنا على عدد آيات البقرة (286) وقمنا بجعلها السورة رقم (3)، وجعلنا سورة آل عمران رقم (2) فستصبح سورة البقرة غير متجانسة، وتصبح سورة آل عمران متجانسة. أي أن المجموع (286+3) يصبح ضمن السور غير المتجانسة، والمجموع (200+2) في السور المتجانسة، مما يعني أن مجموع ال (57) سورة المتجانسة سوف لا يكون (6236)، ومجموع ال (57) سورة غير المتجانسة لن يكون (6555).

هذا ينطبق على كل سورة من السور ال (114) وعلى ضوء ذلك إذا قمنا بحساب احتمال الصدفة وفق نظرية الاحتمالات، فسوف نجد أنفسنا أمام عجيبة من عجائب القرآن الكريم، تُثبت أن ترتيب السور وعدد الآيات هو وحيٌ من الله العزيز الحكيم.

ولما كانت الأرقام والأعداد هي السبيل واللغة الوحيدة لإظهار ترتيب القرآن والكشف عنه ، كان لا بد من استخدام هذه اللغة لغة الأرقام ، ولذلك فأنا أرى أن التسمية الصحيحة هي : إعجاز الترتيب القرآني وليس الإعجاز العددي في القرآن ..وأن كل منهما له واجب منفصل عن الآخر ولكل هدف لتحقيقه والكل ينتهى إلى نتيجة واحدة.
المراجع:
القرءآن الكريم-الرسم العثمانى
أبحاث الأستاذ الباحث عبد اللــه إبراهيم جلغوم
مركز نون للدراسات القرءآنية
كتاب الإتقان لعلوم القرءآن للسيوطى
أبحاث المهندس عمر فتاح
أبحاث الأستاذ عبد الدائم الكحيل
رياضيات الأستاذ محمد فودة-الأعداد فى القرءآن
دراساتى الشخصية

القسم الثانى: مقارنة مختصرة بين" مصحف سمرقند" و" المصحف الكريم" الموجود بين أيدينا لنا لقاء فيه شئ من التفصيل فى الأجزاء القادمة إن شاء اللــه تعالى.

اجمالي القراءات 19347