كتب نادين قناوي ٢٦/٦/٢٠٠٧
قال الدكتور أحمد صبحي منصور المتهم الأول في قضية ازدراء الأديان، إنه المستهدف الأول في هذه القضية علي الرغم من عدم وجوده في مصر وكونه لاجئا سياسيا في الولايات المتحدة منذ عام ٢٠٠١. وأضاف منصور في اتصال هاتفي مع «المصري اليوم»: من الواضح أنني المستهدف الرئيسي، بدليل الهجوم علي بيتي ومكتبي في القاهرة وفي الشرقية، وترويع أهلي والقبض علي أقاربي وأولهم عبداللطيف سعيد -أخوه غير الشقيق- والآخرين لمجرد القرابة أو الصداقة، مشيراً إلي أن بعض المتهمين لا يعرفهم ولا يعملون معه.
وعن أسباب هذا الاستهداف قال منصور: إنه مفكر مسلم يحتكم إلي القرآن في إصلاح المسلمين، وناشط في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة، بما في ذلك الدفاع عن الأقباط، وكون أي داعية للإصلاح يكون مستهدفاً من النظام. وأشار منصور إلي أربعة أسباب قد تكون وراء عودة استهداف القرآنيين في هذا التوقيت بالتحديد، أولها أن يكون لموازنة اعتقال بعض الإخوان في الانتخابات، فكأن النظام يقول اعتقلنا الإخوان وأعداءهم ثقافياً.
وكان منصور قد صرح مسبقاً لـ«المصري اليوم» في بداية القضية قائلا إنهم مشهورون بأنهم ضد التطرف وثقافة الإخوان المسلمين، ليس كأشخاص أو كتنظيم وإنما لخلطهم الدين بالسياسة.
أما السبب الثاني فقال منصور إنه قد قد يكون بسبب جذب موقع «أهل القرآن» الإلكتروني للقراء، والذي وصفه منصور بأنه يحرز تقدماً في مجال إصلاح العقول. وأضاف: السبب الثالث هو «موضوع الأزهر» موضحاً أن فقهاء الأزهر وصلوا إلي درك رضاعة الكبير والتبرك ببول الرسول صلي الله عليه وسلم والفتاوي الساقطة وأثاروا الرأي العام ضدهم وهم يعتقدون أننا الذين أجبرناهم الدفاع عن هذه الأحاديث التي يعتبرونها سنة ونعتبرها نحن مسيئة للرسول صلي الله عليه وسلم.
وأكد أنه لا يعني الأزهر لأنه يعتبر نفسه جزءاً من الأزهر- الذي كان أستاذاً فيه قبل أن يفصل عام ١٩٨٧- موضحاً أنه يشير إلي المشايخ «فالنظام يعتبرهم مرجعية له وربما يكون هذا تحيزاً لهم ضدي». وقال إنه علي الرغم من خلاف النظام السياسي مع الإخوان فإنه متمسك بثقافة الإخوان الوهابية، لأنها ثقافة تدافع عن الاستبداد لذلك فهي الأقرب للنظام من الثقافة الديمقراطية التي ندعو إليها من داخل الإسلام.
وأضاف منصور سبباً رابعاً قد يكون وراء هذا الاستهداف وهو علاقته الوطيدة مع الدكتور سعدالدين إبراهيم رئيس مركز ابن خلدون، واصفاً إبراهيم بأنه «زميل نضال». وأوضح أنه كان يعمل في مركز ابن خلدون قبل انتقاله إلي الولايات المتحدة عام ٢٠٠١، وأنه كان مسؤولاً عن «أكبر مشروعين» في المركز وهما مشروع تعليم المصريين الحقوق السياسية، والممارسة الانتخابية. وقال منصور إنه تم وقتها إغلاق المركز و تلفيق قضية ازدراء أديان للقرآنيين وحكم علي بعضهم، مما اضطره وقتها إلي الامتناع عن أصدقائه القرآنيين خوفاً عليهم، ثم جاء إلي الولايات المتحدة خوفاً عليهم.
وحول القضية المرفوعة ضده قال: إنهم يبحثون حالياً عن محام ليمثلهم في مصر، موضحاً أن الدكتور عثمان محمد علي، المتهم الثاني في القضية، هو ابن ابن عمه و أنه لجأ سياسياً إلي كندا منذ عامين فراراً من الاضطهاد و الفتاوي التي تبيح دمه. وقال منصور: عندما كنت أناضل مع المفكر العلماني فرج فودة وكنا علي وشك إصدار حزب المستقبل عام ١٩٩٢، و أصدرت فيما يسمي بندوة «علماء الأزهر» بقيادة الشيخ عبد الغفار عزيز والشيخ النادي وغيرهما فتوي شهيرة تحرض علي قتل فرج فودة وأحمد صبحي منصور وجاءت باتهامات باطلة منها أني أنكر أن الرسول صلي الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء.
وأضاف منصور أنه في كتابه أثبت «أن الحديثين للذين يستندان عليهما كاذبان» وفي نهاية الكتاب أشار إلي الفتوي الشهيرة التي أصدرها الأزهر والتي كان يتزعمها الشيخ محمد عبدالله المشد ويقول فيها إن من ينكر الأحاديث لا يعد كافراً «لأنه أنكر شيئاً مختلفاً فيه»، مشيراً إلي أن هذه الأحاديث «أحاديث آحاد» أي أنها تفيد الظن ولا تفيد اليقين، أي أنها مشكوك فيها ولا تؤخذ منها أحكام. وأن هذه الفتوي الرسمية في حد ذاتها تجعل القضية المرفوعة ضدنا لا أساس لها قانوناً، لأننا لا ننكر شيئاً حقيقياً يقينياً إسلامياً إنما نناقش أشياء قابلة للشك.
وقال: إن الأزهر منذ بداية النهضة أيام الحملة الفرنسية وحتي الآن يسوده تياران، تيار التجديد وتيار التقليد والصراع بينهما مستمر، مشيراً إلي أن الشيخ محمد عبده كان ضده الشيخ عليش، وبعد ذلك طه حسين وأحمد أمين رائدا التنوير في مدرسة محمد عبده وبعدهما مصطفي المراغي وشلتوت، وأكد أن الشيخ محمد عبده كان قرآنياً صميماً.
وأوضح منصور أن تلميذ محمد عبده الأول الشيخ رشيد رضا هو الذي دمر حركته الإصلاحية، عندما انقلب علي أستاذه وإنحاز للوهابية وكون تنظيم الإخوان، موضحاً أنه ظل في الحركة بصيص من الأمل عندما ظهر الشيخ المراغي الذي كان يعتبر الأزاهره الذين يقرأون البخاري دون فهم «بالأبقار».
وقال منصور إن المناخ في الأزهر في ذلك الوقت كان أفضل من عصرنا، وأنه كان يسمح لأحدهم أن يكتب كتاباً يقول فيه «لماذا أنا ملحد»، فيرد عليه آخر بكتاب «لماذا أنا مسلم»، لكن المناخ تسمم اليوم لأن ثقافة الإخوان من خلال التعليم والأزهر والمساجد والإعلام أصبحت تقدم نفسها علي أنها الإسلام وأن المختلف معها هو عدو الإسلام.