مصر توجّه ضربة أخرى للسلفيين بغلق معاهد إعداد الدعاة

في الجمعة ٠٧ - أغسطس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

مصر توجّه ضربة أخرى للسلفيين بغلق معاهد إعداد الدعاة
  • بعد حملة مصادرة كتب الإخوان والتيارات السلفية من المساجد اتخذت السلطات المصرية قرارا جديدا بإغلاق معاهد إعداد الدعاة من أجل سد الطريق أمام الخطباء والأئمة الذين جعلوا من المساجد منابر لبث أفكار التطرف والعنف، إضافة إلى منع استغلال هذه المنابر في المجال السياسي من جهة اعتماد حزب النور السلفي عليها في التحضير للانتخابات البرلمانية ما يمنع توظيف الدين في السياسة وهو المنهج الذي تقوم عليه دعوة حركات الإسلام السياسي.
العرب  [نُشر في 07/08/2015، العدد: 10000، ص(13)]
 
مصادرة كتب التطرف وغلق معاهد تخريج المتشددين تكشف استغلال الأحزاب الإسلامية للدين من أجل المطامح السياسية
 
القاهرة - حالة من الارتباك الشديد تسود قادة التيار السلفي في مصر هذه الأيام للبحث في كيفية التعامل مع قرار الحكومة المصرية أخيرا، بإغلاق معاهد إعداد الدعاة والثقافة الإسلامية، غير الخاضعة لرقابة الأزهر الشريف أو وزارة الأوقاف.

وكانت وزارة الأوقاف في مصر ومن خلال مديرياتها في المحافظات قبل اتخاذ قرار إغلاق هذه المعاهد قد بدأت في شن حملات تفتيشية على المساجد لمصادرة كتب الإخوان والسلفية لأنها خالفت النهج الوسطي الذي تدعو إليه مؤسسة الأزهر.

وقد تمت مصادرة الكتب التي تحمل الفكر المتشدد والمتطرف سواء كان فكرا إخوانيا أو سلفيًا بما أنه مناف لنهج الوسطية والاعتدال اللذين يميزان الدين الإسلامي ومن بين الكتب المصادرة مؤلفات سيد قطب، وسيد سابق، ومحمد بن عبدالوهاب، وياسر برهامي، وأبو إسحاق الحويني وأبو الأعلى المودودي.

وبما أن حزب النور وهو أكبر أحزاب التيار السلفي قد جاء برعاية من قيادات الدعوة السلفية بالإسكندرية أمثال ياسر برهامي ومحمد إسماعيل المقدم وعلاء بكر وعبدالمنعم الشحات فقد وجهت وزارة الأوقاف ضربة جديدة للتيار السلفي بمصادرة كتب منظريه وشيوخه من خلال الحملة التفتيشية على مساجد الإسكندرية وصادرت كتبا لوجدي غنيم، وأحمد حطيبة، وأحمد فريد، ومحمد إسماعيل المقدم.

ويعد التيار السلفي أبرز المتضررين من قرار إغلاق معاهد تخريج الدعاة الذي اتخذ بغية محاصرة منابع الفكر المتطرف، والحد من اختراق الجماعات والتنظيمات لمجال الدعوة عبر هذه المعاهد التي تخضع لإشراف جمعيات أهلية، حيث يمتلك 72 معهدا لإعداد الدعاة، تخرج سنوياً مئات الخطباء الموالين للتيار السلفي، يستند إليهم في استقطاب آلاف الشباب.

القرار وتوقيته ضربة قوية، بحسب ما أكد متابعون لـ”العرب” لطموحات السلفيين السياسية، حيث كانت المعاهد والمساجد ورقة مهمة بأيديهم للترويج السياسي لحزب النور السلفي ومرشحيه في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

واشترطت الحكومة المصرية ضرورة حصول أيّ معهد على تصريح كتابي من الأزهر أو وزارة الأوقاف وتقديم ما يفيد التزامه بمناهج الجهتين والخضوع الكامل لإشرافهما، كوسيلة وحيدة لاستمراره.

تستقبل تلك المعاهد راغبي دراسة علوم الشريعة والدعوة، من الحاصلين على مؤهلات عليا، وخريجي الثانوية العامة من غير الدارسين بالأزهر الشريف.

إغلاق معاهد إعداد الدعاة جاء لمحاصرة الفكر المتطرف، والحد من اختراق الجماعات المتشددة مجال الدعوة

ويعد القرار خطوة جديدة ضمن حملة تجديد الخطاب الديني ومنع صعود المتشددين منابر المساجد، حيث كان مختار جمعة وزير الأوقاف قد قرر في وقت سابق منع كل من لا يحمل ترخيص خطابة من صعود المنابر، ومنح أئمة المساجد من خريجي الأزهر حق الضبطية القضائية، لمن يعتلى المنبر بالقوة، وحظر استغلال المساجد ودور العبادة في الترويج السياسي، حتى وإن كان بالدعاء للرئيس عبدالفتاح السيسي ذاته.

الدكتور محمد زكي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف قال في تصريحات لـ”العرب”، إن قرار رئيس الوزراء متأخر، لكنه يقضي على فوضى العمل الدعوي، ويساعد في اقتلاع الفكر المتطرف من جذوره، من خلال اشتراط امتلاك المتصدي للدعوة الدينية الحد الكافي من العلم والدراية بصحيح الدين، والعلوم الشرعية، والتزامه بالخطاب المحافظ على وحدة الأمة وسلامتها وتنمية وعيها.

وأضاف زكي أن بعض التنظيمات التي تتخذ من الخطاب الديني وسيلة سياسية، استخدمت تلك المعاهد لغرس أفكارها وفهمها المغلوط في عقول شباب، إذ يدفعون بهم للدعوة على غير علم فيَضلِّون ويُضلُّون غيرهم من أجل تحقيق بضعة مكاسب سياسية.

كما أكد زكي أن على وزارة الأوقاف مراجعة الدعاة المصرح لهم بالعمل في المساجد، وإلزامهم بالمثول أمام لجان علمية للوقوف على مدى قدراتهم العملية ويتم إيقاف صاحب الفكر المتطرف، حتى لا يصدّر خطابه لآلاف المصلين.

كانت الدولة قد غضت الطرف عن تلك الجمعيات طوال فترة حكم مبارك ضمن مخطط كسب ولائهم، حيث كان السلفيون يرفضون تأسيس أحزاب أو الترشح للانتخابات، باعتبار أن الرئيس الأسبق “وليّ الأمر واجب الطاعة”، وهو الموقف الذي رتب لهم عددا من المكاسب منها إفساح مجال الدعوة الإسلامية أمامهم لحصار جماعة الإخوان ومزاحمتها في جذب الشباب ذوي الميول الإسلامية.

صبرة القاسمي الباحث في شؤون الجماعات الدينية قال إن وضع تيارات الإسلام السياسي، أمام خيارين لا ثالث لهما، الأول أن تنخرط في اللعبة السياسية بشروط الدولة وتحت مظلة الوطن، أو تتلاشي من الساحة بعدما سعت الدولة لسحب ورقة الدين التي كانت تستخدمها في استقطاب الأتباع والأصوات الانتخابية.

المعاهد والمساجد ورقة مهمة بأيدي السلفيين للترويج السياسي لحزب النور في الانتخابات البرلمانية المقبلة

وفي الوقت الذي أعلن فيه ياسر برهامي رئيس مجلس إدارة جمعية الدعاة والقيادي بحزب النور السلفي الالتزام بالقرار، هاجمه عدد من قادة التيار بزعم أنه يستهدف تحجيم الدعوة الإسلامية ومحاصرتها، وهو ما رد عليه القاسمي قائلاً إنه “في دول مثل السعودية لا يمكن لغير المرخص لهم من جهة الاختصاص صعود المنبر”.

لكن ومع عدم اعتراض أئمة التيار السلفي على غلق المعاهد التابعة لهم في تخريج الدعاة ودعوتهم منتسبيهم من الراغبين في الدراسة في المعاهد التابعة لوزارة الأوقاف إلى المشاركة في اختبارات القبول في هذه المعاهد، ألا يعتبر هذا مواصلة لمشروعهم في التأسيس لخطابهم المتشدد، ذلك أن الخريجين الجدد المتشبعين بمبادئ هذا التيار سوف يعتلون المنابر ويلقون الخطب وهم أيضا بطريقة قانونية معتمدون من وزارة الأوقاف، وسيسمح لهم ذلك بتمرير خطابهم بكل سهولة.

كما أن بعض شيوخ السلفية تحدثوا عن عدد يفوق ستمئة من التابعين للحركة السلفية سيتقدمون لاختبارات القبول في معاهد الدعاة التابعة لوزارة الأوقاف والتي ستجرى بداية من منتصف أغسطس.

وفي خضم كل هذه الإجراءات لمحاصرة نشاط حركات الإسلام السياسي هل تستطيع المؤسسات الدينية في مصر وقف تمدد خطاب التشدد والعنف والتطرف، والوقوف في وجه ممارسات هذه التيارات التي اتخذت من الدين وسيلة ومطية لغاياتها السياسية للوصول إلى الحكم؟

اجمالي القراءات 3571