تغيرت العلاقات بين تركيا وداعش بشكل كبير في الأيام القليلة الماضي. ففي العشرين من يوليو، جذب التفجير المدمر الذي ضرب بلدة سروج انتباه العالم إلى جنوب تركيا، حيث قُتل أكثر من ثلاثين شخصا في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة يُعتقد أن تنظيم داعش يقف خلفه (1). الانتحاري استهدف أعضاء في الأجنحة الشبابية لحزب المقموعين الاشتراكي واتحاد جمعيات الشباب الاشتراكي عندما كانوا يلقون بيانا صحفيا قبيل عبورهم للحدود بين بلدتي سروج وكوباني لتنفيذ مشروع إعادة بناء في كوباني يستمر لثلاثة أيام. من جانبها أدانت الحكومة التركية الهجوم، وفي الثالث والعشرين من يوليو، نفذت غارات جوية على طول الحدود مع سوريا استهدفت مواقع تنظيم داعش لأول مرة (2). شددت تركيا أيضا من إجراءات الأمن على الحدود (3)، ونجحت في القبض على مقاتلين ينتمون للتنظيم أثناء محاولتهم التسلل عبر الحدود إلى تركيا (4). في الخامس والعشرين من يوليو، بدأت الطائرات المقاتلة التركية في قصف المقاتلين الأكراد في العراق وأهدافًا تابعة لداعش في سوريا بشكل متزامن. لم تتساوَ الغارات على مواقع الأكراد وداعش، بل يبدو أن الأكراد كان لهم نصيب الأسد في هذا الهجوم. بطبيعة الحال، أطلق وسم (هاشتاج) حظي بتفاعل كبير كرد فعل على الهجمات تحت اسم #تركيا_تهاجم_الأكراد_وليس_داعش أو بالإنجليزية #TurkeyAttackKurdsNotISIS. تلك الخطوات الجريئة طرحت أسئلة حول كيفية وصول الأمور إلى تلك النقطة؟ ومن يتحالف مع من؟ وعلى أي أساس؟ سنحاول هنا العودة قليلا إلى الوراء في محاولة لرؤية كيف أدى موقف تركيا من النزاع السوري إلى إبقائها على حافة الصراع المسلح المتزامن مع كل من تنظيم داعش والمجموعات الكردية (وحدات حماية الشعب الكردي وحزب العمال الكردستاني).
دخلت الحرب السورية عامها الرابع بين من يحاولون إسقاط بشار الأسد وبين الدولة السورية التي يسيطر عليها هو، وأصبحت موجات اللاجئين أمرا واقعا في الدول المجاورة مثل لبنان (5) والأردن (6) وتركيا (7) والعراق (8). تلك الدول نفسها يدور فيها نقاش حول إمكانية التدخل العسكري في النزاع وتوقيته. الحدود المفتوحة بين لبنان وسوريا سمحت لعدد كبير من المسلحين والمقاتلين بالدخول والخروج متى أرادوا. ووقعت اشتباكات بين الجيش اللبناني ومجموعات مسلحة مختلفة، خاصة في طرابلس والقلمون، لكن الجيش اللبناني لم يتدخل بشكل كبير في سوريا. معاناة الجيش اللبناني الأساسية أتت من حقيقة أن حزب الله أثبت كفاءة أكبر منه بكثير في السيطرة على المناطق اللبنانية (9). الأردن الموجودة في الجنوب استقبلت أكثر من مليون لاجئ وانضمت إلى التحالف الدولي الذي يستهدف داعش، وأرسلت طيارين مقاتلين لقصف مواقع التنظيم. العراق وعلى الرغم من تمتعه بقدر من الاستقرار بعد إصرار الولايات المتحدة على الإطاحة بصدام حسين، إلا أن الوجود المتزايد للجهاديين السنة مثل داعش وجبهة النصرة وآخرين، أخرج العراق من حالة الاستقرار الهشة تلك وأعاد البلاد إلى الفوضى مرة أخرى. لكن من بين تلك الدول الأربعة فإن تركيا هي صاحبة أكثر العلاقات تعقيدا مع تنظيم داعش. فبينما لا يمكن الحديث عن دعم أردني أو لبناني سواء ضمني أو علني لتنظيم داعش، إلا أن الموقف التركي من القضية السورية أكثر تعقيدا واستعصاءً على الفهم بسبب العوامل المختلفة التي تجمع السياسات الداخلية مع العلاقات الدولية. هناك ثلاث مراحل للسياسة التركية بخصوص سوريا منذ أن بدأت الحرب. ولعبت العلاقات المتغيرة بين أنقرة ودمشق دورا حاسما في بلورة العلاقات التركية مع داعش والأكراد.
الأسد أو داعش
في مارس عام 2011، اندلعت احتجاجات مناهضة لنظام الأسد في مدن سورية مختلفة. الاحتجاجات أصبحت دموية عندما فتحت قوات الأمن النار على المحتجين في درعا. وفي الوقت الذي أعلنت فيه مجموعات مختلفة عن تأييدها الكامل للأسد على الرغم من تصاعد العنف، قامت تركيا بالتخلي عن الأسد بشكل سريع نسبيا. حاولت تركيا، في النصف الأول من عام 2011، لعب دور المفاوض بين الأسد والقوى الغربية وكذلك بين الأسد والشعب السوري. اقترحت الحكومة التركية توفير دعم سياسي خلال الانتخابات وأن تكون وسيطًا سياسيًا بين الأسد والقوى الغربية حال قبول حكومة الأسد البدء في عملية الإصلاح (10). كانت تلك هي نفس الفترة التي وصفت فيها هيلاري كلينتون الأسد بأنه مُصلح وسيستجيب لمطالب شعبه بشكل جيد (11). كانت آخر مفاوضات بين الحكومة التركية ونظام الأسد في التاسع من أغسطس عام 2011 في دمشق. بعدها، أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن حكومة الأسد اتفقت على قائمة تتضمن أربع عشرة نقطة للإصلاح لكنها لم تطبقها. وفي الثامن عشر من نفس الشهر قال الرئيس أوباما إن الأسد يجب أن يتنحى (12). كانت تلك هي نهاية مفاوضات تركيا والأسد. بعد شهر من آخر اجتماع بين حكومتي أنقرة ودمشق ألقى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خطابًا في جامعة القاهرة قبل لقائه بقيادات جماعة الإخوان المسلمين. خلال خطابه سار أردوغان على نفس خطى أوباما ووصف حكومة الأسد بأنها تقتل مواطنيها، وتهاجم المدن وتذبح المدنيين ولا يمكن لتركيا أو غيرها أن يكونوا أصدقاء لها (13).
بعد قطع العلاقات بشكل مفاجئ مع نظام الأسد حاولت تركيا لعب دورٍ في تشكيل المستقبل السوري من خلال دعم قوى معارضة مختلفة. أبرز معالم تلك الفترة هو سماح تركيا لمقاتلي المعارضة بالعبور من خلال حدودها، حتى في ذلك الوقت وخلال السنة الأولى من الحرب، وقبل أن تصبح القوى المهيمنة على المعارضة هي داعش وجبهة النصرة (14). صعود داعش كان يعني صعود المتشددين لكنه كان يعني أيضا وجود حركة إسلامية سياسية سنية في مواجهة الحكومة السورية التي يسيطر على العلويون. بالنسبة لتركيا، كان الأمر خطيرا لكن ذلك الصعود كان يعني وجود حليف جديد في المشهد السياسي المتغير في المنطقة قد يسمح لتركيا بلعب دور، وإن لم يكن في الشرق الأوسط بأكمله، فعلى الأقل في الأجزاء السنية من المنطقة. قبلت تركيا المخاطرة. وجعلت تلك الشراكة الخطيرة تركيا هي نقطة الدخول إلى الحرب السورية واقعيا بالنسبة للمقاتلين الأجانب المتعاطفين مع داعش بالإضافة إلى توفير قاعدة للتدريب والإعداد للحركة.
كانت المخابرات التركية بدأت بالفعل في تدريب بعض المتمردين السوريين في أوقات مبكرة تبدأ ربما من شهر مايو عام 2012 (15). ويبدو أن المخابرات التركية كانت ترسل أسلحة أيضا عبر الحدود (16). بدأت الأسئلة تُطرح عام 2013 حول استخدام الأسلحة الكيماوية في الحرب، وتبادل كل الأطراف الاتهامات بأنه إما المتمردون أو جنود النظام قد استخدموا أسلحة كيماوية ضد المدنيين في الغوطة ومدن أخرى. الصحفي المخضرم سيمور هيرش كتب مقالة مثيرة للجدل تقول إن المخابرات التركية زودت جبهة النصرة بغاز السارين. واستشهد في مقالته بمجموعة من التقارير الصحفية التي تناولت احتجاز سوريين في تركيا بالقرب من الحدود وبحوزتهم غاز السارين، كما نقل عن مسئولين في الحكومة والمخابرات دون ذكر أسمائهم (17). ادعى هيرش في مقالته أن الولايات المتحدة أسست شبكة لنقل الأسلحة التي صودرت في ليبيا إلى جنوب تركيا ثم إلى المتمردين السوريين الذين يقاتلون ضد الأسد. هيرش قال أيضا إن رئيس الوزراء التركي أردوغان يرغب في حدوث شيء ما في الحرب السورية يتجاوز “الخط الأحمر” ويدفع الولايات المتحدة الأمريكية للتدخل عسكريا. لم تثبت أي من ادعاءات هيرش وذلك يعود بشكل كبير إلى اعتمادها على مسئولين في المخابرات دون ذكر أسمائهم. بعد تلك المقالة، ظهرت وجهة نظر قوية تخالف ما طرحه هيرش، وتصر على أن نظام الأسد وليس جبهة النصرة المدعومة من تركيا هو الذي أنتج واستخدم غاز السارين في تلك المناطق(18). وبغض النظر عن مدى صحة الدور التركي كما وصفه هيرش فهناك دليل آخر، حيث قُبض على أحد عملاء المخابرات التركية في الموصل كان مزروعا وسط مقاتلي تنظيم داعش في المدينة. ومؤخرا، نفذت قوات من الجيش الأمريكي عملية مداهمة أدت إلى مقتل قيادي في داعش وحصلت خلال العملية على عدد كبير من الأدلة يظهر وجود اتصالات مكثفة بين القيادي والمسئولين الأتراك (20). وفي شهر مايو نشرت جريدة الجمهورية في تركيا مقاطع مصورة يعود تاريخها إلى شهر يناير من العام الماضي تظهر نقل ذخائر على متن شاحنات تابعة للمخابرات التركية ادعت الحكومة أنها تحمل مساعدات إنسانية(21). وهنا يجب القول أيضا أن تنظيم داعش نجح بشكل كبير في تهريب النفط من خلال تركيا، وهو أمر يصر النائب المعارض في البرلمان التركي علي أديب أوغلو أن الدولة التركية تعرفه بلا شك(22). للمفارقة الساخرة، فإن هذا يحدث بالتوازي مع التعاون الصامت لنظام الأسد مع التنظيم، حيث أنه من المعروف أن نظام الأسد يشتري النفط من داعش من خلال وسيط يسمى جورج حسواني(23). كما يحقق التنظيم أرباحًا جيدة جدا من تهريب الآثار المنهوبة عن طريق تركيا(24)، وارتفع المعدل الإجمالي للتجارة بين تركيا والمناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش بينما تأثر المعدل الإجمالي للتجارة مع سوريا بشكل سيء بسبب الحرب(25). وبالتالي فإنه يتضح أن أموال داعش لم تكن لتصبح على ما هي عليه الآن بدون التعاون الصامت الذي توفره كل من تركيا وسوريا. وبغض النظر عن العداوات الظاهرة على السطح بين تركيا ونظام الأسد وداعش فإنها لا يجب أن تلهينا عن الواقع الأكثر تعقيدا والذي يكشف عن نفسه لو أمعننا النظر فيه.
التقارب بين الحكومة التركية وتنظيم داعش تسبب في استياء بالغ من جانب الأسد. ففي يونيو عام 2012، اتهم الأسد في مقابلة مع صحفي تركي أردوغان بالتدخل في الشئون الداخلية السورية(26). وفي مايو عام 2013، وقع هجوم دموي إرهابي على بلدة الريحانية على الحدودية التركية. أسفر الهجوم عن مقتل واحد وخمسين شخصا، ويُعتقد أن منفذيه أتراك مرتبطون بحكومة الأسد. وأعلنت الحكومة التركية عن القبض على تسعة أشخاص مسئولين عن التخطيط للتفجير(27). استمرت الخلافات بين الأسد وأردوغان، وفي عام 2015 حمّل الأسد بشكل صريح أردوغان شخصيا مسئولية الفوضى السورية وصعود تنظيم داعش في المنطقة (28). الأهم من ذلك، أن نظام الأسد وكخطوة استراتيجية ضد تركيا قام بدعم الحركات الكردية في شمال البلاد والقريبة من الحدود التركية. وبدأ الأكراد السوريون في إنشاء كانتونات شبه مستقلة أصبحت تمثل تحديًا داخليًا وخارجيًا لتركيا.
تركيا والأكراد وداعش
في السادس عشر من يوليو عام 2013، هاجم مقاتلون من جبهة النصرة دورية تابعة لوحدات حماية الشعب الكردي التي تسيطر على بلدة راس العين. كانت تلك هي نقطة البداية للاشتباكات بين القوات الكردية وداعش والمستمرة حتى الآن. الصراع بين الأكراد وداعش يمثل شأنا داخليا تركيا بقدر ما يمثل شأنا دوليا. في ظل الظروف الجديدة فإن دعم داعش بشكل واضح يعني اتخاذ موقف معادٍ للأكراد وهو ما يضفي شرعية ويقوي موقف المعارضة الكردية داخل تركيا. على الجانب الآخر، فإن نصرا كرديا في المنطقة سيرفع سقف المطالب أو حتى يشجع الأكراد في تركيا على تتبع نفس المسار. كان هذا بالضبط هو رد فعل الحكومة التركية تجاه الكانتونات الثلاثة الكردية التي اعلنت حكما ذاتيا بين ديسمبر عام 2013 ويناير عام 2014. في حال انتصار الأكراد في معركتهم ضد داعش فمن الممكن أن يُقبلوا بشكل واسع كمقاتلين في سبيل الاستقلال وهو ما يقوض الموقف الذي تتبناه الحكومة التركية بأن الأكراد انفصاليون وإرهابيون ولا يمكن الثقة بهم. هذا يفسر أن واحدا من أهم الشروط التركية خلال مفاوضاتهم مع الولايات المتحدة للانضمام إلى التحالف الدولي ضد داعش(29) أن يتم خلق منطقة عازلة تسمح للحكومة التركية بالسيطرة على الكانتونات الكردية بل وضربها إن لزم الأمر. قبل التغيرات الأخيرة، كان أحد السيناريوهات المطروحة أن تدعم الحكومة التركية داعش للانتصار في الحرب ضد الأكراد في شمال سوريا. انتصار داعش في الشمال السوري سيؤدي إلى نتيجتين، أولا: إضعاف قوات حماية الشعب الكردي والكانتونات الكردية وتقليل مخاطر اندلاع احتجاجات كردية في تركيا مستقبلا، وثانيا: تقوية الموقف التركي داخل التحالف الغربي ضد داعش وتسهيل الحصول على الدعم اللازم لفكرة خلق منطقة عازلة بين تركيا وسورياداعش. هذه المنطقة العازلة ستضعف قوة واستقلالية الكانتونات والمجموعات المسلحة الكردية(30).
ومن ثم فإن عدم انتصار داعش في الحرب ضد قوات حماية الشعب الكردي واحتمال انتصار الأكراد كان كابوسا بالنسبة لتركيا لأنه سيؤدي إلى تقوية الأكراد وخلق تحالفات جديدة عبر الحدود بين المجموعات الكردية. الانتخابات العامة في يونيو عام 2015 كانت مفاجأة وشكلت صدمة كبيرة لحزب العدالة والتنمية الذي يحكم البلاد منذ عام 2002. فقد العدالة والتنمية 69 مقعدا وحصل حزب الشعوب الديموقراطي الكردي على 53 مقعدا جديدًا. التوزيع الجديد لمقاعد البرلمان جعل من المستحيل على حزب العدالة والتنمية أن يحكم منفردا وفرض عليه تشكيل حكومة ائتلافية. ويحتاج العدالة والتنمية إلى زيادة أصواته قبل انتخابات مبكرة محتملة في نوفمبر من العام الحالي. هجوم داعش على الاشتراكيين الذاهبين إلى كوباني في بلدة سروج الحدودية الكردية أعطى الحكومة الفرصة المثالية. أدان الرئيس أردوغان الهجوم باعتباره حادثًا إرهابيًا ضد تركيا على الرغم من أن الحكومة تعتبر تلك المجموعات مناصرة للأكراد. من خلال السطو السياسي على الهجمات تحركت حكومة العدالة والتنمية نحو هدفها التي عجزت الحرب بين داعش والقوات الكردية عن تحقيقه. فكرت الحكومة في التخلص من التحالفات الكردية عبر الحدود وداعش بشكل متزامن، لتضرب بذلك عصفورين بحجر واحد. كانت الخطة أن تحصل تركيا على الدعم من الحلفاء الغربيين وخاصة الولايات المتحدة. وبعد ثلاثة أيام من هجوم سروج وافقت تركيا على السماح للولايات المتحدة باستخدام قاعد انجرليك الجوية الموجودة جنوب تركيا في مقابل الموافقة الأمريكية الضمنية على إنشاء منطقة عازلة ومنطقة حظر طيران، وهو ما يعد تغيرا حاسما على مستوى العلاقات الدولية. بعد خمسة أيام من الهجوم، بدأت تركيا في شن غارات جوية تستهدف داعش وحزب العمال الكردستاني، وسط إشارة من البعض إلى أن أغلب الهجمات كانت موجهة ضد الأكراد وليس داعش(31). حتى أن باتريك كوكبيرن ذهب إلى أن ذلك قد يكون الخطأ الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية في سياساتها تجاه الشرق الأوسط من غزو العراق عام ألفين وثلاثة (32).
إجمالا، فإن الدولة التركية، وخاصة حزب العدالة والتنمية والذي يتمتع بنفوذ واسع داخلها، لعبت لعبة خطيرة لبعض الوقت. تحدث العديد من الصحفيين والمعلقين عن رغبة تركيا الظاهرة لغض الطرف عن وجود داعش طالما نجحت الأخيرة في تحجيم وجود الأكراد في سوريا. بعد انتخابات يونيو من العام الجاري قال الرئيس أردوغان إن تركيا لن تسمح أبدا بإنشاء دولة مستقلة للأكراد على حدودها الجنوبية(33). واتهم أردوغان القوات الكردية بالتطهير العرقي في سوريا (34). اليوم، تركيا مستمرة في لعب لعبة شديدة الخطورة. فبعد فتح الحدود لمقاتلي داعش والسماح لهم بالتجنيد واكتساب تعاطف المجموعات الدينية المتشددة في تركيا، سيكون من الصعب جدا على تركيا أن تضمن الاستقرار والأمان داخل أراضيها ناهيك عن المناطق الحدودية. بالإضافة إلى ذلك فإن الهجوم على الأكراد يخاطر بإعادة تركيا مرة أخرى إلى التسعينات عندما كانت تحارب حزب العمال الكردستاني ووصل عدد الهجمات الإرهابية والضحايا المدنيين إلى ذروته. ويجب أن يضع الجميع في الحسبان أن تلك الهجمات الجريئة تقوم بها حكومة مؤقتة عانت من عثرة في الانتخابات منذ وقت ليس بالقصير. وأخيرا، وبالنظر إلى أن وحدات حماية الشعب الكردي كانت الأكثر مرونة وفعالية في مواجهة داعش، فإن الدولة التركية تساهم في إضعاف أحد أهم أعداء داعش.