أزمة جديدة تضرب الشارع السياسي المصري بعدما أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قانونًا يعزل رؤساء الهيئات الرقابية، بالمخالفة لبعض النصوص الدستورية والقانون الإداري الذى يحظر فصل الموظف العام إلا بحكم قضائي.
ونصت المادة الأولى من القانون على أنه “يجوز لرئيس الجمهورية إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم فى 4 حالات، أولها إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، وثانيها إذا فقد الثقة والاعتبار، والثالثة إذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد أو أحد الأشخاص لاعتبارية العامة، والرابعة إذا فقد أحد شروط الصلاحية للمنصب الذى يشغله لغير الأسباب الصحية”.
فيما تنص المادة 216 من الدستور المصري على أن “يصدر بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابى قانون، يحدد اختصاصاتها، ونظام عملها، وضمانات استقلالها، والحماية اللازمة لأعضائها، وسائر أوضاعهم الوظيفية، بما يكفل لهم الحياد والاستقلال، ويعين رئيس الجمهورية رؤساء تلك الهيئات والأجهزة بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يُعفي أي منهم من منصبه إلا في الحالات المحددة بالقانون، ويُحظر عليهم ما يُحظر على الوزراء”.
كما تنص المادة 215 من الدستور أيضًا على أن “يحدد القانون الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، وتتمتع تلك الهيئات والأجهزة بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال الفني والمالي والإداري، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عملها، وتعد من تلك الهيئات والأجهزة البنك المركزي والهيئة العامة للرقابة المالية، والجهاز المركزي للمحاسبات، هيئة الرقابة الإدارية”.
ويحذر بعض الفقهاء القانونيين من عدم دستورية القانون، مؤكدين أن نصه يستخدم كلمات فضفاضة ومصطلحات مطاطة تحتمل أكثر من تفسير، بالإضافة إلى أن القرار يغفل القاعدة الفقهية التى تتطلب ضرورة أن يشمل القانون العموم ولا يحدد فئة أو جهة معينه أو شخص.
يقول الدكتور محمود كبيش، أستاذ القانون بجامعة القاهرة، إن مواد القانون بها مصطلحات غير محددة تحتمل أكثر من تفسير، في حين أن المادة 216 من الدستور تركت للقانون تحديد حالات العزل من المنصب، وكان من الممكن تأجيل القانون لحين انتخاب البرلمان أو تحديد الحالات التي يحق لرئيس الدولة عزل الموظف العام من منصبه.
من جانبه أوضح محمد رشوان، المحامي بالنقض، أن حق عزل الموظف عام محددة في الدستور، وهو من سلطات مجلس النواب، وفي حالة غياب المجلس يمتلك رئيس الجمهورية حق التشريع، لكن في حالات محددة وطارئة، متابعًا: “لا أعتقد أن إصدار قانون العزل كان ضروريًّا، خاصة أن الانتخابات البرلمانية اقتربت”.
وأضاف “رشوان” أن القانون جاء متماشيًا مع تصريحات السيسي بأن “يد الدولة مغلولة بسبب القانون” بعد اغتيال النائب العام الأسبوع الماضي، ما يعني أن الرئيس يسعى للحصول على هذه السلطة من أجل محاسبة مجموعة من رؤساء وموظفي الهيئات الرقابية، ممن لم يستطع عزلهم بسبب القانون الإداري، مختتمًا: “الأزمة ليست في القانون، لكن في تطبيقه، خاصة أنه لا يجوز عزل أي موظف عام بشكل تعسفي”.