اهل القرآن مابين التراث والمستقبل. .
تنوعت الآراء في دراسة التراث الاسلامي،حيث تم الاجماع من قبل الأكثرية السلفية والمعتدلة الاسلامية ،وخاصة من قبل دارسي التراث ،أن هذا التراث بكمه وكيفيته له استقلالية مطلقة عن تاريخيته.هذه النظرة المثالية للتراث أوقع الامة الاسلامية والعربية بحالة سكون وجمود عقلي.أي عطلت الرؤية والعلاقة الموضوعية مابين القوانين الداخلية لعملية الانجاز الفكري ،وبين القوانين العامة لحركة الواقع الاجتماعي .لهذا بقي الثراث الاسلte;امي تاريخا ذاتياً ساكناً ،أي أنه انقطع عن تاريخيه الحقيقي الموضوعي.
تصوري للخروج من هذاالمأزق ,وهذه السلبية لهذا الموقف من التراث، ومحاربة معتنقيه فكريا ، لابد من أيجاد منهج جديد لدراسة التراث ،بحيث يوضح هذا المنهج عن العلاقة ورؤية التراث في حركته التاريخية /ملاحظة هامة لااعتبر القرآن ثراثاً/ معاذ الله .وهذا المنهج عليه أن يعتبر معالجة مشكلة التراث الفكري كونها مشكلة الفكر الاسلامي الحاضر /وهذا ما رأيته في فكر الدكتور احمد منصور مشكوراً/لا مشكلة الفكر الماضي. وحتى نستطيع الوصول الى ما نبغي إليه من هذه الرؤية أو هذا المنهج ،بحيث يجب التميزمن خلال هذا المنهج بين الفكر في البنية الاجتماعية الحاضرة ،والفكر السابق في البنية الاجتماعية السابقة. وقد عالج موقع أهل القرآن من خلال كتابات بعض الأخوة ،واخص مشروع الدكتور أحمد في دراسته للتراث ومحاربته للفكر السلفي والوهابي ،عالجوا المشكلة الاساسية في تراثنا الاسلامي ونقدوها ،وهي أن تحديث الافكار والفلسفات التراثية القديمة والوسيطة ،او صلتنا الى فكرة التماثل بين افكار الماضي والحاضر ،وفي التطبيق العملي نرى أن اصحاب هذاالفكر هم السلفيون والوهابيون ،يحاولون دائما العودة الى الماضي ،ليعيشوه حاضراً ،رغم الفرق الكبير ما بين الماضي والحاضر، وفي هذا المقام أريد ان انوه أيضا الى أن العودة الى الماضي يرافقها أيضا نظرة اطلاقية ،كون البعض يعتبر أنه لولا الحضارة الاسلامية لما وجدت حضارة اوربية غربية ،ولولا المسلمين لانتهت الحضارة في العالم .وقد صرح أحد هؤلاء بندوة تلفزيونية ،أن الحضارة الاسلامية عرفت الغرب على العلوم التاريخية والاسلوب العلمي ،ووضعت اساس النهضة الايطالية ، وأثرت علىالفكر الاوربي حتى عمانوئيل كانط. طبعا هناك شيء من الحقيقة دون ادنى شك لكن الاطلاق اوقعنا بالتعصب ،واوقعنا بالنرجسية الماضوية ،وجمد فينا روح التقدم ،وهو يطابق فكر الغربين الذين ينكرون دور المسلمين بنقل التراث. هناك قول أعجبني جداً /ليس بالرغبة الذاتية يكون الشيء حقيقة أو لايكون/ الحقيقة ليست ذاتية ،ولم تكن ذاتية في يوم من الايام ،وإلا ليست بحقيقة بل وهماً تصوراً. لهذا وحتى نكون علمين في موقفنا من الحاضر ،ونكون غير علمين في موقفنا من ثراث الماضي ،هذا لايجوز .علينا صياغة موقف شمولي كلي لايتجزأ من الحاضر والماضي، موقف موضوعي وليس ذاتي ،ليكون له مصداقية ، نحن نعالج الحاضر من خلال رؤية قرآنية واضحة ،لأن كتاب الله مرجعيتنا الاساسية ،وليست الوحيدة ،لأننا نتعامل أيضاً مع المعارف الانسانية ، لهذا لابد لنا من تطبيق نفس الطريقة في التعامل مع التراث ،كونه تراثاً موضوعيا .وايضا علينا ان نتعامل معه من خلال حركته التاريخية. تخطرني فكرةالآن وانا أكتب هذه المقالة ،وهي أن أهل القرآن محكومون أيضا في حاضرهم بوجود رؤى متعددة تعالج الامورالمعاصرة ، بمعنى أنه ورغم تفرغنا لتدبرالقرآن ودراسة التراث ، فنحن جزء ايضاً من الصراع الكبير في المرحلة الحاضرة ما بين الافكار ،هذا الصراع المحموم الذي هو محتدم في كل المنطقة العربية والاسلامية ،محوره القضايا الوطنية والاجتماعية والديمقراطية والحرية ،وهذا يعني انه هناك أيضا أختلاف في الرؤى للحاضر والمستقبل ،وكأني أرى أن هناك حواضر متعددة ،حيث لكل فئة رؤيتها ، ولها حاضرها المستقبلي ،أو حاضرها الماضوي ، لهذا لايمكن أن نقف مكتوفي الايدي لنقول انه لاعلاقة لنا بما يجري ،نحن فقط نتدبر القرآن ،وندرس التراث . المستقبل هو الأهم بالنسبة لنا المستقبل الذي يستند الى مرجعية اخلاقية دينية سامية ،المستقبل الذي لو تخلينا عنه لدفعنا نحن الثمن قبل غيرنا ، لأن المستقبل الذي يهيئه لنا الفكر الوهابي والسلفي ،سيكون كارثة وطنية من الدرجة الأولى لو أنتصر.من هذا المنطلق أهيب بالأخوة الى معالجة الحاضر والمستقبل في مقالاتهم ،وأن لا نكون كالانعام الذين يدفنون رؤوسهم بالرمل حتى لايروا شيئاً مما يدورحولهم