اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)
هذه الآيات الكريمة تحمل في طياتها معاني جليلة ، فكلمة اقرأ أول ما نزل على سيد الخلق محمد صلى الله عليه و سلم ، و مخاطبة جبريل عليه السلام جاءت بصيغة الأمر (اقرأ) و الرسول صلى الله عليه و سلم كما نعرف كان أميا ، وهذا بحد ذاته إعجاز علمي لعظمة هذه الكلمة حولت الرسول الكريم إلى &Cceاعلم الناس ، علم البشرية كل العلوم بل العلماء لم يتوصلوا بكل وسائلهم الحديثة إلى علم النبي الكريم ، أعظم علماء القرن العشرين حائرون في أمور جاء بها القرآن و درسها سيد الخلق منذ 14قرنا ، بل الرسول كان أول مخلوق يصعد إلى الفضاء إلى سدرة المنتهى التي لا يمكن لأي عقل بشري أن يستوعب كيف اسري بالرسول في لحظات وجيزة كما جاء في السيرة النبوية أن فراش النبي صلى الله عليه و سلم لازال ساخنا حين عودته من رحلة الإسراء و المعراج ، و العلم الحديث لا زال حائرا في علوم كقطرة ماء في محيطات الأرض عند العليم الخبير سبحانه و تعالى. و مما سبق يتبين انه لولا تلك الكلمة العظيمة ( إفرأ) لكننا نعيش في دهاليز الجهل و بمعنى آخر في عصور ما قبل العصر الحجري
و التعريف الاصطلاحي لمفهوم القراءة كما شرحها قاموس المنجد في اللغة والإعلام :
قرأ: قرأ قراءة وقرآنا. واقترأ الكتاب: نطق بالمكتوب فيه، أو ألقى النظر عليه وطالعه. وقرأ قراءة عليه السلام: أبلغه إياه. ويقال في الأمر منه: ((اقرأ عليه السلام)). وتعديته بنفسه خطأ، فلا يقال: أقرأه السلام.
قارأ قراءة ومقارأة: شاركه في القراءة أو الدرس. أقرأه إقراء الرجل: جعله يقرأ. وأقرأه السلام، أبلغه إياه، كأنه حين يبلغه سلامه، يحمله على أن يقرأ السلام ويرده. تقرأ: تفقه. استقرأ استقراء فلاناً: طلب إليه أن يقرأ. وقرأ الأمور: تتبعها لمعرفة أحوالها وخواصها.
القراءة (مص) ج. قراءات: كيفية القراءة. الأقرأ، الأفصح قراءة // الأكثر قراءة. يقال: ((أقرأكم فلان)). القَرّاء ج. قراؤون: الحسن القراءة. الاستقراء: الاستتباع // والقراء عند المنطقيين: هو إثبات الحكم للكل بواسطة ثبوته لأكثر أفراد ذلك الكلي، كقولك: كل حيوان يحرك فكه الأسفل عند الأكل، لأن الإنسان، والبهائم، والسباع كذلك. . .
المَقْرَأُ: ما يجعل عليه الكتاب عند القراءة. المقروء، والمقري، والمقروء: ما قرئ.
و يمكن أن نعرفها أيضا بأنها تجميع الحواس و العقل و الذاكرة ، بإيجاد مصادر متعددة و متنوعة للحصول على رصيد مهم يتناسب مع القدرات الذاتية للقارئ من أجل تحقيق هدف الاستيعاب و الفهم و الوعي.
و لا شك أن تقدم الأمم تقاس بدرجة تعلم و قراءة شعوبها ، و ما نسمع و نقرأ عن النسب الكبيرة للكتب المطبوعة و المستهلكة بالدول الغربية بنظيراتها العربية و الإسلامية ، و هذا ما استاثرني لكتابة هذا المقال. انظروا إلى الأجانب الذين يزورون بلادنا العربية في كل المرافق العمومية (المقاهي ، المطارات ، محطات القطار، داخل القطار ، أو الطائرات..) إلا وذهنهم و فكرهم منغمس في كتاب، بينما تجد أصحاب لغة الضاد عيونهم إما تسرق نظرات بعضها البعض أو غارقة في نوم عميق لا تستفيق منه إلا لتعود مرة أخرى للنوم..شعوبنا تنام ثلثي عمرها بينما الأمم الأخرى أعينها لا تنام ، و حتى إذا نامت تحلم بنظريات جديدة تطور إنسانيتها ، أما نحن فأحلامنا كوابيس في كوابيس...
و لا نتعجب كثيرا إذا كانت آخر أرقام شركة توزيع فرنسية أن عدد قراء الجرائد في سنة 2007 حوالي 17 مليون قارئ و عدد قارئ الصحافة المجانية قرابة 6 ملايين ، أي ما يزيد عن ثلث السكان الذين تهافتوا على جميع قنوات المعرفة هذا بخصوص الجرائد أما الكتب فذاك أمر آخر !!..
و كانت القراءة منذ القدم تستخدم للتمييز بين أفراد المجتمع، بل هي المعيار الأساسي التي توزن درجة تقدم الأمم. و لا نقصد بالفرد القارئ الذي يعرف القراءة و الكتابة فحسب ، بل الذي يتخذ القراءة إحدى أساسيات حياته، يقبل عليها و يلتهمها كما يلتهم طعامه المفضل ، بل يفضلها عليه، فغذاء البطن يزول و يندثر أما غذاء الروح يبقى خالدا مدى حياته ، ؟ أو حتى بعد مماته إذا كان إنسانا منتجا نافعا لأمته..
و الإنسان الواعي يعتبر القراءة المصباح الذي ينير حياته ، بها يعرف نفسه و من خلالها يسهل عليه التواصل و التفاعل مع محيطه بصورة منطقية واعية ، يميز بين الجيد و الرديء ، يأخذ و يعطي ، يقبل و يرفض .
و القراءة بأبعادها المتعددة تعتبر سلوكا إنمائيا ، اقتصاديا ، سلطويا ، و معدا نفسانيا و ركيزة قوية لشخصية الإنسان القارئ.
و العزوف لا يجوز تبريره بمصاعب الحياة أو قلة الوقت ، فللأسف أمتنا وقت فراغها أكثر من وقت عملها ، انظروا إلى أقرب مقهى في حيك (حارتك) و سيحز في نفسك بل تشفق على هؤلاء ..أو غلاء الكتب فالمكتبات العمومية فارغة إلا من الكراسي و الطاولات..أما الانترنيت أو الفضائيات لا يمكنها أن تأخذ دور الكتاب، هذا الأخير سيبقى حيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها..
أذا تأملنا في كلمة (اقرأ) اقرأها من اليمين إلى الشمال ثم اعد قراءتها من اليسار إلى اليمين ستقرؤها ارقا و هذا إعجاز كبير لهذه الكلمة العظيمة .. لابد من نهج سياسة تربوية نربي بها أجيال الحاضر و المستقبل..
يا أمة اقرأ ارقَيْ فلا رُقي إلا بالقراءة و التعلم..