مترجم: بعد الفشل في ليبيا.. الحاجة إلى فكر جديد لإزاحة الطغاة

في الأربعاء ١٣ - مايو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

لطالما كان قرار الإطاحة بالطغاة عن طريق القوة مشكلة مزعجة منذ فترة طويلة بالنسبة لواضعي السياسة الأمريكية. مع نهاية الحرب الباردة في تسعينيات القرن الماضي، سقط العديد من الحكام المستبدين، وإن كانت مشاركة الولايات المتحدة في إزاحة هؤلاء الطغاة لم تكن كبيرة في ذلك الوقت.

غير أن قائمة الطغاة الذين سقطوا آنذاك لم تشمل بين سطورها الحكام المستبدين الأكثر قسوة وصلابة، بما في ذلك معمر القذافي في ليبيا، وصدام حسين في العراق، وسلالة كيم في كوريا الشمالية وسلالة الأسد في سوريا. بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر و«الحرب العالمية على الإرهاب» في عهد جورج بوش، كان هؤلاء الحكام محط أنظار أمريكا بدرجة أو بأخرى.

أظهر التمرد في العراق لصناع السياسة الأميريكية صعوبة وأهمية صياغة نظام سياسي واقتصادي جديد مع سقوط أحد الطغاة. لكن في عام 2011، انضمت واشنطن للعديد من الحلفاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) للمساعدة في الإطاحة بالقذافي، معتقدة بأن المشاركة في تلك العمليات من شأنه تفادي كارثة إنسانية.

 وكما اتضح، فإن وفاة القذافي ببساطة حولت الحرب الأهلية في ليبيا إلى حالة من التناحر والتأليب بين الجماعات المتطرفة ضد بعضها البعض. لم يتم تفادي الكارثة، على النقيض فقد تصاعدت وتيرتها.

الآن، جدّد الفشل الذريع في ليبيا الجدل في الولايات المتحدة بشأن إزاحة الطغاة. في مجلة أتلانتك، لاحظ كونور فريديسفورد بأنه وبعد مقتل القذافي مباشرة، فإن واضعي السياسة الأمريكية وخبراء السياسة الخارجية اعتبروا أن العمليات العسكرية في ليبيا نجحت على صعيد التدخل الإنساني، وباتت دراسة حالة لتطبيق التدخلات الليبرالية الأممية في المستقبل. بدأ الناس في الحديث عن النموذج الليبي كوسيلة للتعامل مع الطغاة بأقل تكلفة.

لم تدم هذه الفكرة طويلًا، فليبيا آلت بسرعة إلى حالة من عدم الاستقرار والعنف المدمر. وليس ذلك فحسب، بل إنها سحبت الدول المجاورة معها مثل مالي، ومنحت مساحة لصعود المتطرفين الذين ينتهجون العنف، وفتحت الباب على مصراعيه أمام تهريب البشر إلى أوروبا، والذي أفضى إلى نتائج ماساوية.

حالة التشاؤم العميق تجاه ذلك النهج الأقل كلفة للإطاحة بالطغاة عبر عنها السيناتور الجمهوري راند بول، أحد المرشحين المحتملين لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في 2016، بقوله «في كل مرة أسقطنا الديكتاتور العلماني، هبت رياح الفوضى، وبزغ نجم الإسلام الراديكالي».

إذن ماذا عسانا أن نفعل حيال ذلك؟

فريديسفورد يقول: «حتى في التدخلات المدروسة جيدًا، ليست هناك أي فكرة عن الكيفية التي ستتكشف عنها الأحداث الجيوسياسية».

هذا صحيح، ولكنه لا يقدم مساعدة لواضعي السياسة لاتخاذ قرار نهائي بشأن الإطاحة أو عدم الإطاحة بالحاكم المستبد. متى يكون الإطاحة بالمستبد، بكل ما يكتنفه من مخاطر وغموض، أهون الشرين؟

بالتأكيد ليست هناك أية مرجعية أو مبادئ ثابتة. كل حالة هي فريدة من نوعها. غير أن هناك ثلاثة مبادئ توجيهية تبدو منطقية في هذا الإطار.

 المبدأ التوجيهي الثالث، وربما الأهم، هو أن الولايات المتحدة يجب أن تقرر مقدمًا ما إذا كانت ملتزمة بما يكفي لتحمل تبعات التدخل. لا ينبغي أن يكون الهدف النهائي هو مجرد الإطاحة بالديكتاتور، وإنما وضع الدولة التي تشهد ذلك التدخل على المسار الناجح والصحيح.

إذا لم يصاحب التدخل العسكري «قوات برية» تعمل على تحقيق الاستقرار بعد أن يتم إزاحة الديكتاتور، فمن ثّم يجب أن يتم التخلي عن فكرة التدخل بشكل كلي. يجب أن يكون تحقيق الاستقرار على المدى البعيد، وإعادة بناء الاقتصاد والمجتمع المدني أولوية قصوى، لا أن يتم التعاطي معه كمرحلة لاحقة كما حدث في العراق.

لضمان نجاح هذه المبادئ التوجيهية، يجب أن تكون هناك تحضيرات مبكرة لمواجهة أية طوارئ فعلية. على سبيل المثال، فيما يتعلق بسوريا وكوريا الشمالية، ينبغي أن يكون هناك سلسلة من التخطيط والتحليل للبحث في كيفية مشاركة المجتمع الدولي في تحقيق استقرار وإعادة بناء تلك الدول في حال تمت الإطاحة بالطغاة.

في نهاية المطاف، يجب أن تكون عملية الإطاحة بالطغاة الملاذ الأخير. غير أنه قد يكون ضرورة في حالات نادرة بحيث تكون التكاليف المحتملة لعدم التدخل أعلى بكثير من مخاطر التدخل. ينبغي أن نتجنب التدخل للإطاحة بالطغاة كلما كان ذلك ممكنًا، ولكنه يجب أن يظل خيارًا على الطاولة.

اجمالي القراءات 3156