أحمد الزند وصف التوريث في القضاء بـ
معظم التعيينات بالنيابة العامة المصرية لأبناء القضاة

في الثلاثاء ١٢ - مايو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

قال المتحدث باسم المستبعدين من العمل في القضاء المصري، محمود الطاروري لـ" إيلاف"، إن 70% من التعيينات في النيابة العامة تذهب لأبناء القضاة وأقاربهم، فيما تذهب بقية التعيينات إلى أصحاب النفوذ. وكشفت تصريحات وزير العدل المصري المستقيل محفوظ صابر عن تمييز ضد الفقراء في التوظيف بمؤسسات الدولة مثل سلك القضاء. 

القاهرة: رغم استقالة وزير العدل المصري محفوظ صابر من منصبه، على خلفية التصريحات التي أكد فيها على حرمان أبناء عمال النظافة من الإلتحاق بالعمل في القضاء، إلا أن الغضب ما زال متصاعداً، لاسيما أن تلك التصريحات أكدت واقعاً أليماً يعانيه الفقراء في مصر، الذين يشعرون بالتمييز السلبي بحق أبنائهم، ويحرمون من الإلتحاق بمؤسسات الدولة المهمة أو المؤسسات الإقتصادية الغنية.
 
وأعادت تصريحات صابر، التي قال فيها إنه لا يحق لإبن عامل النظافة الإلتحاق بالقضاء، فتح ملف قضية 138 شاباً ممن جرى تعيينهم بالنيابة العامة، ثم فصلوا لاحقاً، بسبب مهن آبائهم المتواضعة، أو لأنهم لا ينتمون إلى أسر تعمل بالقضاء.
 
وأجرت "إيلاف" مقابلة مع محمود الطاروري، المتحدث باسم المجموعة، وقال إن التعيينات الأخيرة بالنيابة العامة تضم نحو 70% من أبناء وأقارب القضاة، و30 % من أبناء أصحاب النفوذ.
 
"الزحف المقدس"
 
وأوضح الطاروري، أن رئيس نادي القضاة أحمد الزند وصف التوريث في القضاء بـ"الزحف المقدس"، داعياً الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ضرورة إصدار قرار باستكمال تعيينات باقي المستبعدين البالغ عددهم 138 شاباً، من أبناء الفقراء، معتبراً أن إصدار مثل هذا القرار يمثل بداية لتحقيق العدالة الإجتماعية في مصر.
 
كيف ترى تصريحات وزير العدل المستقيل، التي قال فيها إن ابن عامل النظافة ليس من حقه الإلتحاق بالعمل في القضاء؟
 
ليس فيها أي جديد، هناك طابور رموز القضاء، قالوا مثل تلك التصريحات، منهم المستشار حامد عبد الله رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق، الذي رفض تعييننا في النيابة العامة، ولما إلتقينا به، للتظلم سألنا: "أبوك وأمك حاصلين على مؤهل عال؟ وكان الرد مني: "لا"، فقال لنا: "خلاص اللي أبوه وأمه مش حاصلين على مؤهل عال ملوش (ليس) مكان عندنا في النيابة العامة".
 
وصدرت تصريحات أخرى مماثلة من المستشار أحمد عبد الرحمن نائب رئيس محكمة النقض، الذي قال في لقاء إعلامي إن ابن عامل النظافة لن يلتحق بالقضاء، لأن المنصب حساس ويحتاج إلى التنشئة في بيئة مناسة، وقال إن شرط حصول الوالدين على مؤهل عال لا تنازل عنه، مروراً رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند، الذي وصف التوريث في القضاء بـ"الزحف المقدس"، وانتهاء بوزير العدل المستقيل، علماً أننا تقابلنا معه، واستنكر استبعادنا من العمل بالقضاء، بسبب عدم حصول الوالدين على مؤهل عال، وقال لنا وقتها: "هذا ظلم، ووالدي لم يحصل إلا على الثانوية العامة"، ولذلك لم نصدم أو نندهش من تلك التصريحات، خاصة أننا نعلم أن ما قاله لنا لم تكن إلا من قبيل تهدئة غضبنا، وهي تكشف واقع مصري أليم، لا مكان فيه لأبناء الفقراء في مؤسسات الدولة المهمة، ومنها القضاء.
 
هل المقصود من تلك التصريحات أبناء عمال النظافة تحديدا، أما تؤشر على ممارسات طبقية بحق الفقراء عموماً؟
 
بالطبع المقصود عموم الفقراء، ولكن وزير العدل المستقيل صرح بأقل فئة في المجتمع، أعتقاداً منه بذلك، رغم أن عمال النظافة هم الأفضل، وبالتالي فإن الإلتحاق بالقضاء مقصوراً على أبناء الباشاوات والقضاة ورجال الأعمال فقط، الجميع شعر بالصدمة، لكني لم أصدم، فأنا أعاني من هذا الواقع، وأحد ضحاياه.
 
إلى أين وصلت أزمتكم، هل من بوادر أمل للحل والحصول على حقوقكم؟
 
للأسف الشديد، لم نصل إلى شيء، رغم أننا طرقنا جميع الأبواب، ووصل الأمر إلى حد تنظيم وقفة احتجاجية أمام رئاسة الجمهورية، بتصريح من وزارة الداخلية. وقابلنا وزير العدل المستقيل، ووزير العدالة الإنتقالية إبراهيم الهنيدي، ورئيس نادي القضاة أحمد الزند، وقال لنا إنه ابن فلاح بسيط، وسوف يقف إلى جوارنا، وقال أيضاً إن هناك وكلاء نيابة "ما بيعرفوش يكتبوا اسمهم"، وتوجهنا إلى أحزاب ومؤسسات حقوقية، وأخيراً توجهنا إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان، وأعلن تضامنه معنا، ولكن كل ذلك لم يثمر سوى المزيد من اليأس والإحباط.
 
وماذا أنتم فاعلون، لاسيما في ظل توالي تلك التصريحات؟
 
هذه التصريحات وهذا الواقع الاليم يناقض الدستور، الذي ينص على أن المواطنين متساويين في الحقوق والواجبات، لكن الأخطر ـ من وجهة نظري ـ أن يمارس بعض القضاة الظلم، فمن المفترض أنني إذا تعرضت إلى ظلم من أي شخص أو مسؤول في الدولة، ولو كان رئيس الجمهورية، أن ألجأ إلى القضاء، لكن إذا وقع علي الظلم من القضاء، فإلي من ألجأ إذن؟ ما ذنبي أن والدي لم يحصل على مؤهل عال؟ هل عدم حصول والدي ووالدتي على مؤهل عال يؤثر في نزاهة القضاء؟ من المفترض أن يتم تكريم الأب والأم اللذين استطاعا تعليم أبنائهم، والوصول بهم إلى مكانة جيدة. مات والد زميل لنا بعد أن علم باستبعاده من العمل بالقضاء، أصيب بجلطة وتوفي. وزميل آخر طلبت أمه من أبيه الطلاق، حتى لا تقف حجر عثرة أمام مستقبل إبنها. أنا ظلمت من المؤسسة التي يفترض فيها أن ترسي العدل، لمن أذهب للحصول على حقي؟ أورح لمين إذا كان من يفترض فيهم الدفاع عن حقي، هم من سلبوه مني؟
 
وكيف ترى الحل، لمواجهة هذه الأزمة، وحصول أبناء الفقراء على حقوقهم في الإلتحاق بالقضاء؟
 
لست ضد التوريث في القضاء، ولكن يجب أن يكون بالقانون وعلى أساس الكفاءة، فإذا كان ابن المستشار حاصل على تقدير عال من كلية الحقوق، ولديه كفاءة، لا بأس من تعيينه، لكن لا يجب ألا يتخطي من هم أكثر تفوقاً منه. هناك 35 %، من المعينين في النيابة العامة بالدفعة الأخيرة في 2011،  هم أبناء قضاة.
 
معنى ذلك أن 65% ليسوا من أبناء القضاة؟
 
نسبة ال65 % المتبقية، ممن يقال عنهم "أبناء الباشاوات"، وأقارب القضاة، وتضم من عمه أو خاله أو شقيقه قاض، ويمكن القول إن نحو 70 % من أبناء  وأقارب القضاة، ونسبة 30 % المتبقية من أبناء أصحاب النفوذ. أين حق أبناء العمال والفلاحين وأبناء الطبقة الكادحة الذين يشكلون نسبة 70 بالمائة من الشعب المصري؟ نحن نعود إلى عصر الإقطاع مرة أخرى، نحن نعيش في عصر وصفه مستشار قاض بقوله: "نحن السادة وهم العبيد". نحن لا نشكك في القضاء، فهو قضاء شامخ حقاً، ولكن يجب وضع أسس موضوعية لإختيار العاملين في القضاء، ليس من بينها أن يكونوا من أبناء القضاة فقط، وألا يتم استبعاد أبناء الفقراء وغير الحاصلين على مؤهلات عليا. نحتاج إلى تحقيق المباديء التيعلى أساسها تم تعيين 601 في النيابة العامة، وكنا نحن منهم، وهي التي لخصها القاضي محمد ممتاز بقوله، الحصول على تقدير عالي، وأن يكون من بيئة مناسبة، أي يتمتع والديه وأسرته بحسن السير والسلوك، وبالفعل صدر قرار بتعيننا بناء على هذه الضوابط، ولكن فوجئنا باستبعاد 138 شاباً، وأنا منهم.
 
وهل تكفي استقالة وزير العدل لحل الأزمة، هل تعتقد أن اجراءات أخرى ستتبعها؟
 
استقالة وزير العدل، ليست سوى حل سياسي لإمتصاص الغضب، ولكن الحل يتمثل في أن يخرج رئيس الجمهورية، وينتصر للعدالة الإجتماعية، ويصدر قراراً باستكمال اجراءات تعييننا في النيابة العامة. هذه بداية حل الأزمة في مصر، من وجهة نظري، لاسيما أن أي مسؤول قضائي أو في باقي مؤسسات الدولة، سيعلم أن أي قرار يتخذه يخضع للرقابة، وأن عملية تحقيق العدالة الإجتماعية وتمكين أبناء الفقراء بدأت.
 
هل تقصد أنه لا توجد إرادة سياسية حقيقية لتمكين أبناء الفقراء من الإلتحاق بالعمل في مؤسسات الدولة المهمة؟
 
لا أستطيع قول ذلك، ولكني أتساءل: لماذا يمتنع الرئيس أو يتأخر عن تمكين الشباب؟ وأقول له: يا سيادة الرئيس، أنت قلت أنك تحتاج الشباب إلى جانبك، ها نحن إلى جوارك، فلماذا لا تمنحني حقي.
 
لكن هناك من يرى ذلك تدخلاً في أعمال القضاء؟
 
 هذا ليست تدخلاً في القضاء، لأن إلغاء تعييننا قرار إداري، وليس حكماً قضائياً. قرارات التعيين في القضاء، لا تتم إلا بعد إقرارها من الرئيس. نحن لدينا مركز قانوني، وطبقاً للمادة 44 من قانون السلطة القضائية التي تنص على أن قرار التعيين أو الترقية يكون نافذاً من تاريخ موافقة مجلس القضاء الأعلى عليه. ونحن لدينا موافقة من المجلس، موقفنا القانوني والدستوري سليم، لماذا لا نحصل على حقوقنا؟
اجمالي القراءات 2014