مايكل منير: سقوط الإخوان لم يحسن أوضاع الأقباط

في الأربعاء ٢٩ - أبريل - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

يرى الناشط القبطي المصري المقيم في الولايات المتحدة مايكل منير أن تصرفات النظام تضر بمحاولات تحسين صورة مصر في الخارج، مؤكدا أن أوضاع الأقباط لم تتحسن كثيرا بعد رحيل حكم جماعة الإخوان المسلمين وذلك رغم الجهود التي يبذلونها في سبيل الدفاع عن وطنهم في المحافل الدولية.

القاهرة: قال الناشط القبطي مايكل منير، إن أوضاع الأقباط في مصر لم تتغير كثيراً بعد رحيل حكم جماعة الإخوان، مشيرا إلى أن تصرفات النظام الحالي تهدر جهود تحسين صورة مصر في الخارج.
 
وأوضح منير في الحلقة الثانية من مقابلته مع "إيلاف" أن قانون أزدراء الأديان لا يطبق إلا علي المسيحيين فقط، فضلاً عن التمييز يتعرضون له في المناصب العليا للدولة، داعياً إلى ضرورة احترام الدين المسيحي في المناهج الدراسية.
 
تجديد الاتهام
 
وجدد منير إتهام المجلس العسكري السابق بقتل الأقباط في أحداث ماسبيرو، التي وقعت في 11  أيلول (سبتمبر) 2011، مشيراً إلى أن الحادث سيظل في ذاكرة الأقباط مثل حادثة دنشواي. ودعا إلى ضرورة تقديم الجناة للمحاكمة، وكذلك محاكمة الجناة في جرائم قتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير 2011، وقال إن ذلك لا يسيء للقوات المسلحة.
 
وأشار الناشط القبطي المقيم في الولايات المتحدة إلى أن الأقباط هم أكثر المدافعين عن مصر دولياً بعد ثورة 30 يوليو 2013، لافتاً إلى أنه عقد الكثير من اللقاءات مع مسؤولين بالخارجية الأميركية ورؤساء تحرير صحف ومجلات أميركية، بناء على طلب من الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور، لتوضيح أن ما حصل في مصر ليس إنقلاباً عسكرياً، بل ثورة شعبية.
 
 عرض الإخوان المسلمين
 
وقال الناشط القبطي إن ممثلين جماعة الإخوان زاروا أميركا، وتعهدوا بالحفاظ على حقوق المثليين جنسياً، ووعدوا بالحفاظ على الحقوق والحريات، وروج أفرادها لجرائم قتل واغتصاب ترتكبها الشرطة المصرية ضد المعارضين.
وإلى تفاصيل المقابلة:
 
 يطبق على الأقباط وحدهم
 
 هل صار وضع الأقباط في مصر الآن أفضل بعد رحيل حكم جماعة الإخوان المسلمين؟
 
بصراحة وضع الأقباط لم يتغير كثيرا، فما حصل هو اختفاء الهجوم على منشآت الأقباط فقط، فمثلا ألقي القبض على شاب مسيحي؛ لأنه  شارك على صفحته الشخصية بفيس بوك، حلقة لتوني خليفة مع أحد شيوخ الأزهر، واتهم الشاب بازدراء الإسلام، فهل مشاركة الشاب لحلقة توني خليفة التي تشاهدها كل جمهورية مصر العربية يجعلهم يوجهون إليه اتهام بازدراء الدين؟ ازدراء الأديان يطبق على المسيحيين فقط. هناك تطرف كبير في تطبيق القوانين، ولم تنفذ مطالب كثيرة لازال المسيحيون يطالبون بها حتى الآن، منها القانون الموحد لدور العبادة الذي لم يتم تفعيله حتى الآن ولا نرى أي تشريعات في مسألة ازدراء الكنائس.
 
تمييز 
 
ورغم ذلك فإن الأقباط الآن يقولون إن مصر أهم منهم، وذلك رغم مرورهم بمشاكل عصيبة، ومنها ذبح 21 قبطيا في ليبيا، إلا أنهم لم تهتز وطنيتهم يوما ولم يدافع أحد عن مصر مثلما دافع عنها الأقباط بعد 30 يونيو في كل المحافل الدولية.
وقد طلب مني الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور، السفر للخارج، لتحسين صورة مصر. نحن الآن نقارن بين ما كنا فيه أيام الإخوان وبين ما وصلنا إليه، وليس ما ينبغي أن يكون، ومطلوب أن يكون هناك احترام لديننا في الكتب المدرسية، وأن يكون لهم نصيب في المناصب العليا دون تمييز، وللأسف لم أجد محافظين أقباط في الحركة الأخيرة، ويبرر المسؤولون ذلك بأن وضع البلد لا يسمح والظروف الامنية لا تسمح، حتى لا تتعرض الحكومة لهجوم من الإخوان والسلفيين. نحن نعاني الكثير من الظلم، ومن مظاهر هذا الظلم، تجاهل تقدم الجناة في أحداث ماسبيرو للمحاكمة.
 
القاتل معروف
 
لكن البابا تواضروس قال في أحاديث إعلامية، إن الوقت ليس مناسباً للحديث في هذه القضية، وتعرض لإتهامات بإهدار دماء الأقباط، فهل ترى أنه حقاً تخلى عن دماء أقباط ماسبيرو؟
 
لا اعتقد أن البابا تخلى عن دماء الأقباط ولا يملك أحد، التخلي عن دماء الأقباط، والقاتل معروف، ويجب أن يخرج المصريون من هذا بنتيجة مهمة، أنه عندما يخطئ فرد في مؤسسة، يجب أن يحاكم، فلا ندافع عن كل المنظومة، وفي ذات الوقت لا نهاجم كل المنظومة. وأنا قدمت 36 فيديو لمساعد وزير العدل في لجنة تقصي الحقائق، تظهر بوضوح أن سيارات تابعة للجيش هي التي دهست الأقباط في ماسبيرو، وكان ممكنا أن نتغاضى ونقول حادث فردي والسلام، لكن هذا لا يجوز لأنه يجب معاقبة المخطئين.
 
 أعرف أن البابا رأى أن الظرف السياسي الآن غير مناسب للحديث عن القضية، لكن هذا ليس معناه أن الموضوع سينتهي لأنها( أحداث ماسبيرو) محفورة في ذاكراة الأقباط مثل حادثة دنشواي ( وقعت عام 1905، وتعرض فيها أربعة مصريين للإعدام وجلد وسجن 36  آخرين بتهمة قتل جندي بريطاني).
 
 لجان التحقيق لامتصاص الغضب
 
شكلت لجان لتقصي الحقائق في مختلف الأحداث بداية من ثورة 25 يناير، ثم أحداث ماسبيرو، وأحداث محمد محمود، وأحداث استاد بورسعيد، وأخيراً أحداث فض أعتصام رابعة العدوية، والمحصلة النهائية صفر، كيف يمكن الوصول إلى الحقيقة؟
 
الحكومة تستغل لجان تقصي الحقائق لامتصاص غضب الشعب، وليس لاظهار الحقائق، وأرى أن لجنة تقصي الحقائق الوحيدة التي قامت بمهامها على أكمل وجه، هي اللجنة التي تقصت أحداث رابعة العدوية حيث ضمت أعضاء محايدين ولديهم تاريخ ثوري معروف، ووضعوا تقارير مدروسة بما انتهوا إليه، سواء كان ما قالوه صحيح أم غير صحيح، ولكنهم قاموا بدورهم على أكمل وجه أما فيما عدا ذلك فإن لجان تقصي الحقائق تكون فقط لامتصاص الغضب الشعبي.
 
 وحدي من أجل مصر 
 
ذكرت أن الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور، طلب منك أن تتحدث مع الأميركيين، لتشرح ماذا حدث أثناء ثورة 30 يونيو، هل من تفاصيل أكثر؟
 
في في أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو 2013، كنا جميعا نحاول أن نفعل أي شيء لأجل مصر، ولذلك كونت لجنة للسفر لأميركا والحديث مع دوائر صنع القرار هناك ، وطلب منصور في حينها مني أن نوصل للعالم الخارجي أهمية ثورة يونيو، وأنها لم تكن انقلابا عسكريا كما يشاع وأنها امتداد لثورة 25 يناير،  لكن اللجنة لم تسافر وسافرت وحدي، وعقدت لقاءات مع دوائر صناعة القرار في الخارجية الأميركية ورؤساء تحرير الصحف والمجلات والمراكز البحثية، ونظمت ندوات كان معظمها لقاءات خاصة، لأننا كنا نحتاج لإقناع الإدارة الأمريكية ورؤساء تحرير الصحف أن المعلومات التي تصلهم ليست كلها صحيحة.وتحدثت عن 30 يونيو وأكدت أنها ثورة شعبية جمعت كل طوائف الشعب المصري، وقلت  إنه إذا لم يتدخل الجيش لصالح المصريين المحتشدين بالشوارع، كان الناس سيفقدون السيطرة على انفسهم.
 
عندما زار الرئيس السيسي أميركا اجتمع بمجموعة من المصريين بالخارج فهل كنت من بينهم وهل قابلته شخصيا؟
 
لا لم يحالفني الحظ، فقد تمت دعوتي أكثر من مرة من الرئاسة لحضور لقاءات مع السيسي ضمن لقاءات مع رؤساء الأحزاب، ولم يسعفني الوقت.
 
 صورة مصر قاتمة 
 
بما أنك من المقيمين بين مصر وأميركا، فهل يمكن أن تشرح لنا كيف يرى الغرب المصريين الآن؟
 
للأسف هناك أمور كثيرة عملت على تشويه سمعة مصر في الغرب، فالسياسة الخارجية سمحت بتشويه الصورة والبحوث الكثيرة التي توضع في المراكز البحثية هناك ساعدت أيضا، وبصرف النظر إن كنا مع النظام الحالي أو ضده، فإن هذا التشويه يسيء إلى مصر، لأن السياحة تعد مصدرا رئيسيا للدخل القومي المصري. وقال لي صديق إنجليزي ذات مرة إن لديه فرصة لأن يذهب في أسبوع نزهة مع عائلته خارج بلده إلى المغرب أو شرم الشيخ، ولما نصحته بشرم الشيخ، رفض ذلك، بعد أن شاهد في الإعلام أن مصر يحدث بها انفجارات قنابل وفوضى أمنية، وهذا سيسبب قلقا كبيرا له ولعائلته. 
 
 النظام لا يساعد
 
كيف يمكن تصحيح هذه الصورة المشوهة؟
 
يجب أن تعمل الدبلوماسية الشعبية المصرية في الخارج بقوة لتصحيح الصورة، ونحن نقوم بالفعل بمحاولة الآن لتحسين الصورة بالمشاركة مع الهيئة القبطية الهولندية، وننظم مؤتمرا داخل البرلمان الأوروبي ونعمل في أماكن مختلفة للرد على تلك الاتهامات، ولتوضيح الصورة، لكن النظام لا يساعد عندما يأخذ خطوات صعبة ضد النشطاء، وما زلت أطالب الرئيس السيسي بالإفراج عن جميع المعتقلين من شباب ثورة 25 يناير.
 
وطالبت أيضا بالإفراج عن الصحفيين الذين سجنوا بسبب جنسياتهم فقط، فلا يجب أن نضع المصريين في وضع ضاغط وعصيب يضطرهم إلى التنازل عن جنسيتهم ليفرج عنه. نحن ننادي دائما بسيادة القانون ولا نطبقها، وإنني أرى أن الرئيس السيسي بحاجة إلى مستشارين سياسيين مدنيين وليس خبراء عسكريين، لأن المستشار العسكري لا يعرف عن العلاقات الخارجية شيئا، ولا يعلم تداعيات القرارالسياسي.
 
 الإخوان تعهدوا بحفظ حقوق المثليين 
 
زارات وفود من جماعة الإخوان أميركا، وعقدت لقاءات بدوائر صناعة القرارهناك، هل حقاً قالوا إنهم مهتمون بحماية حقوق المثليين؟
 
حدث ذلك بالفعل، ولدي فيديو يؤكد ما أقول، فالإخوان قالوا إنهم يحافظون على حقوق المثليين، وتعهدوا بالحفاظ على حقوق اليساريين والليبراليين وعدم إدخالهم السجون، وضمان الحريات العامة، وقالوا إن الجنرالات لن ينعموا بالحياة الهادئة، وتوددوا لليهود والمسيحيين والنساء والاطفال وتوددوا كذلك للمثليين، وكانت محاولة لتجييش المشاعر لكل تلك الفئات وتوصيل رسالة بأن ما يحدث في مصر الآن هو هجوم على الحريات والحقوق واغتصاب للأطفال والنساء بالشوارع من قبل الشرطة، وكل هذه حزمة من الأكاذيب لم يجدوا من يرد عليهم بخصوصها.
 
ضعف أداء الخارجية
 
هل لقاء الإخوان بدوائر صنع القرار في الإدارة الأميركية يؤكد أنهم متشعبون في علاقاتهم هناك،أم أن الأميريكيين يجلسون مع من يريدون الحديث إليهم، ويتواصلون مع مختلف الأطراف؟
 
الإخوان المسلمون الذين لم يتم إدراجهم في قائمة الإرهاب الأميركية يستطيعون أن يقابلوا صناع القرار بالكونجرس، وذلك لأن مصر دولة مهمة بالنسبة لأميركا ويريدون السيطرة عليها. ويجب أن تتدخل وزارة الخارجية المصرية، وتبعث برسالة احتجاج إلى أعضاء الكونجرس الأمريكي ودوائر صنع القرار للحد من تلك الممارسات، لكن أعضاء الكونجرس ليس عندهم وقت ولا يركزون في سماع كل شيء، فمصر ليست الدولة الوحيدة في العالم، والإخوان يمكن أن يتكلموا ويهاجموا ويسيئوا ولا أحد يسمع لهذا الكلام وهنا يأتي دور اللوبي والتنظيم السياسي في الخارج، ويأتي دور مندوبي وزارة الخارجية في السفارة المصرية للدفاع عن وجهة نظر الحكومة وقد كانوا يقومون بهذا الدور على أكمل وجه في أيام مبارك، أما الآن فلا نعرف ماذا حدث؟
اجمالي القراءات 3929