انقلاب حزب الله في لبنان
مقاوم ام ازعر؟

عمر أبو رصاع في الثلاثاء ١٣ - مايو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

كم قبيح هو شكل هذه المليشيا التي سمت نفسها حزب الله و تدعي انها مقاومة وعدتنا بما بعد حيفا فإذا هو بيروت، لا بد ان ابدأ باعتذار أولاً عن مدحي لنصر الله فيما مضى عندما كنت كملايين العرب الرافضين للكيان الصهيوني المتحمسين لمن يقاومه اغض النظر عن عيوبه التي لا تخطئها العين فما اجده دوماً و عبر التاريخ ان هذه العيوب بالذات تتحول سكين تمزق احشاءنا بقسوة اشد وطأة علينا مما هي على اسرائيل ، لكن مهلاً علينا ان نتعلم من دروس التاريخ ليس كل من يرفع شعار مقاومة اسرائيل علينا ان نعطيه تأيد مطلقاً و غير مشروط ، نعم لنتحلى بجرأة الحسم في موقفنا هذا بعيداً عن موقف اظهار المغفرة لكل من يقاوم اسرائيل ازاء جرائمه و اخطائه السياسية القاتلة التي تُفرض علينا و تدفع شعوبنا ثمنها بصمت ، علينا ان نعترف ان المقاومة كانت هي الأخرى شماعة عُلقت عليها ملايين الجرائم التي ارتكبت في حق الشعوب العربية و في حق فلسطين نفسها و قضية المقاومة ذاتها .
لا لأي مقاومة تحول كل من يختلف معها إلى عميل و خائن و متآمر.
لا لأي مقاومة لا تتوانى عن رفع السلاح في وجه خصومها السياسيين في الداخل اي داخل عربي.
لا لأي مقاومة ايديولوجية تحاول ان تفرض علينا ايديولوجيتها سواء كانت يسارية او يمانية مذهبية اي مذهبية.
لا لأي مقاومة تعتدي على مؤسسات المجتمع المدني و تعطلها.
لا لأي مقاومة تعطي الشرعية للبندقية على حساب صندوق الاقتراع و طاولة الحوار.
لا لأي مقاومة تعجز عن ان تكون اجندة وطنية عامة و ليست لحساب فئة او جماعة او منطقة دون اخرى.
وحدها المقاومة الوطنية التي تتخذ من التحرر حصراً مشروعاً لها مشروعة و متى ارتدت القاومة رداء دينياً او ايديولوجياً وضعي او طائفي او جهوي سقطت عنها شرعيتها ، متى اقامت سلاحها بديلاً عن آليات المجتمع المدني في القرار فقدت شرعيتها ، متى وضعت نفسها فوق مجتمعها و فوق ادواته سقطت عنها شرعيتها ، إن ما هو مطلوب منا وعيه الآن و بعد مئات الدروس التي انهالت علينا عبر تاريخ الصراع مع الاستعمار في عالمنا العربي أن فعل المقاومة وحده ليس غطاء شرعياً يبيح لفاعله ما يشاء ، بل اكثر من هذا اقول غير آبق حرية الناس و كرامة الناس و أمن الناس و ارادة الناس و مصلحة الناس لا تقل قداسة عن قضية المقاومة و لا يحق لمقاوم ان يروع مواطناً آمناً و لا ان يعتدي على مؤسسة مدنية او يستولي بالسلاح على شارع او حي في مدينة غير محتلة ، عندما يحمل المقاوم سلاحه ليفرض ارادته السياسية على خصومه السياسيين من ابناء شعبه فهو ازعر و ليس مقاوم ، إن سلاح المقاومة لا يستعمل إلا للمقاومة غير هذا فهو فعلاً كسلاح الازعر في عراك يريد ان يتفوق به على خصمه من ابناء جلدته.
لست هنا في وارد الدفاع عن تيار المستقبل ضد حزب الله و لا من قبل في وارد الدفاع عن ابو مازن ضد حماس بل انا ضد انقلاب حماس و حزب الله و استعمال السلاح لفرض الارادة على الفرقاء السياسيين انقلاب كليهما على اشكال من السلطة الشرعية المنتخبة في كلتا الحالتين فأبو مازن رئيس منتخب تتبع له اجهزة الامن بموجب القانون و كذلك حكومة لبنان حكومة اغلبية نيابية منتخبة و معترف بها و حسب القانون ايضاً و لا يحق لخصم سياسي في مجتمع واحد ان يتجاوز الادوات التوافقية السياسية التي شرعها قانون تم التوافق عليه و قبوله، ان ماجرى في بيروت هو جريمة في حق لبنان و شعب لبنان كما كان ما جرى في غزة من قبل جريمة في حق الشعب كل الشعب و في حق قضية المقاومة و مفهوم الوطن.
و بعد
علينا ان نتجاوز ازمة الوعي التي نعيش كجمهور ظاهرة الببسي نفور مع كل من يغامر ثم ننتهي إلى الضياع ، علينا ان نبدأ التفكير المصلحي و الواقعي و العملي و ندرك كيف و متى و لماذا نقاوم و بأي وسائل و اشكال و نقدر ارباحنا و خسائرنا لنكسب معاركنا إن اردنا ان نخلع عنا رداء الأمة التي ضحكت من جهلها الأمم ، نعم ليس كل من رفع سلاحاً في وجه اسرائيل على حق و ليس كل من يعارضه عميل و خائن ، تريدون امثلة؟ انظروا حولكم انظروا لنتائج سلوك من زعموا انهم يقاومون علينا و على اسرائيل و احسبوها ، احسبوها جيداً.

اجمالي القراءات 12620