الرياض- آفاق
1
طالب رجل الدين السعودي عبد المحسن العبيكان إلى إنشاء مجمع فقهي يضم كل الطوائف والمذاهب الإسلامية ولا يخضع لأي سلطة سياسية للتدقيق في الفتاوى الحساسة والخطيرة. فيما رأى الكاتب الليبرالي خالد الغنامي ان فوضى الفتاوى لن تتوقف واقترح إن يتم فتح المجال للكتاب بالرد وانتقاد الفتاوى ومناقشة المفتين لإزالة القداسة عنهم.
وقال العبيكان وهو مستشار بوزارة العدل وعضو بمجلس الشورى بحسب صحيفة "الرياض" السعودية "أقترح أن يكون هناك مجمع فقهي واحد تابع لجميع المسلمين داخل وخارج العالم الإسلامي ويشترك فيه عدد لا يقل عن 100 من علماء المسلمين".
وأضاف "هذا المجمع يرجع له المسلمون في كل مكان وليس عليه سلطة سياسية وتخضع الفتاوى إلى مناقشات طويلة ودقيقة. ويكون لديهم عدد كبير من الباحثين والدارسين، ويقوم بإصدار فتاوى منقحة". واعتبر العبيكان وجود العديد من المجمعات الفقية المتعارضة "أمر غير نافع".
وطالب العبيكان أيضا بـ"منع أي شخص يتاجر بالفتاوى" وقال واصفا بعض المتاجرين بالفتوى "قد لا يكون معروفاً بالعلم الصحيح والفقه الدقيق. ويضحك على الناس السذج بأخذ أموالهم". وأرجع العبيكان سبب فوضى الفتاوى إلى غياب الرقيب.
وأوضح العبيكان "إن المشكلة تكمن أساساً بعد التفريق بين الفتوى العامة والخاصة .. الفتوى العامة التي تتعلق بالصلاة والصوم وغيرهما فمجال الفتوى واسع فيها. ولكن الفتوى التي تتعلق بسمعة الدولة والمسلمين عموماً فهناك من يثير فتاوى قد تسبب إثارة الفتن والقلاقل والمشاكل وتحرض الأعداء علينا".
وأضاف "يجب أن يتم التحلي بحس الواقعية وإدراك ما يدور في العالم. في السابق قد تظل الفتوى محصورة داخل جماعة الشخص الذي يطلق مثل هذه الفتوى ولكن الأمر بات مختلف تماما. الفتوى باتت الآن خطيرة وهي تنتقل بسرعة لتثير زوبعة عالمية وتتناقلها وسائل الإعلام. يجب أن يتم مراعاة كل ذلك".
ويرى مراقبون أن الإشكالية الكبرى هي عدم وجود صوت إسلامي موحد يمكن التواصل معه، ويطالب بعضهم بوجود مرجع إسلامي موحد يمكن أن يلعب دورا دينيا وسياسيا كبيرا على أتباعه. ولكن مثل هذه المطالبات تبدو مثالية جداً وغير قابلة للتحقيق في التدقيق بتاريخ إسلامي عرف كثيرا بالتشتت والتناحر. وتدور هذه الأيام معركة مذهبية أثارها الشيخ يوسف القرضاوي أحد أكبر علماء السنة الأمر الذي يكشف صعوبة مثل هذا التواصل والاتفاق.
ولكن مثل هذه المطالبات بتجمع فقهي يثير أيضا مخاوف من أن يؤدي هذا إلى تشكيل مجموعة هرمية من الفقهاء تحتكر تفسير الدين كما يحدث في الكاثولوكية مثلاً. وكل الدعاوى من قبل بعض القيادات الإسلامية لتشكيل نوع من الجماعة الفقهية المغلقة والمحتكرة تواجه من قبل تيارات متعددة بالتنديد خشية أن تتحول إلى كنهوت جديد يستمد سلطته الروحية من الله ويقوم بإقصاء جميع التيارات الأخرى.
ويعتمد القائلون برفض مثل هذه المجمعات هو في الميزة العظيمة التي يمتلكها الإسلام حيث لا يخصص طبقة واحدة تحتكر الإسلام وتفرض تفسيراً واحداً مخصصا للنصوص الدينية. ويعتقد مثل هؤلاء الرافضون أن هذه الميزة في الإسلام تمنع تشكيل طبقة مستبدة من الفقهاء ورجال الدين يمكن أن تتسبب في فوضى كبيرة.
من جانبه قال الكاتب خالد الغنامي إن الفوضى الحاصلة في العالم الإسلامي بخصوص الفتوى لن تتوقف أبداً وسنستمع بشكل مستمر إلى مزيد من الدعاة والعلماء الذين يبيحون قتل الناس أو جلد الصحفيين كما صدر في فتوى مؤخراً.
أما الحل بوجهة نظر الغنامي فإنه يكمن في التركيز على توعية الناس وفتح المجال لنقد هذه الممارسات والسماح بالرد ومناقشة رجال الدين وإزالة القداسة عنهم.
وتعتبر مسألة ضبط الفتوى من أكثر الإشكاليات التي تواجه المسلمين على مستويات متعددة، فهي تتهم أحيانا بأنها وسيلة لشل العقل عن التفكير الذاتي والمنطقي، وتخلق حالة من التعبية الشخصية، إضافة الى أنها قد تتسبب بإشكالات كبيرة على مستويات سياسية وأمنية ودولية.