“كلما زادت قوة تنظيم داعش، كلما زاد نفعه للنظام السوري”.
هكذا يقول رجل أعمال سوري سني طلب من (التايم) ألا يتم كشف هويته لأن له علاقات اقتصادية مع كلا الجانبين. يزيد بعدها بأن العلاقة بين النظام السوري وتنظيم داعش كانت علاقة نفعية منذ البداية.
رجل الأعمال السني ينقل البضائع في كل مكان في سوريا، ولذلك يتعامل سائقو شاحناته مع أفراد من تنظيم داعش في الرقة ودير الزور.
يضرب رجل الأعمال مثالًا للتعاون بين النظام، والتنظيم بشبكات المحمول، فشركتا الاتصالات الرئيسيتان في سوريا مازالتا تعملان بشكل كامل في الرقة، يتم إيفاد المهندسين والفنيين لإصلاح أي مشاكل في الشبكتين في المناطق التي تسيطر عليها داعش.
الشاحنات التي تنقل الأغذية تدخل المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش بسهولة بعد دفع ضريبة بسيطة وختم أوراقهم بشعار تنظيم الدولة.
أحد سائقي رجل الأعمال يسكن منطقة قريبة من دير الزور، ويصف له الأحوال تحت حكم داعش بالجيدة، يمكنه أن يترك باب منزله بدون إغلاقه بدون أن يخاف من السرقة. صحيح أن الحجاب مفروض على السيدات، ويُحذر على الرجال ارتداء البنطلونات الجينز أو التدخين، ولكن في المقابل فالرشوة غير موجودة في المصالح العامة. إنهم لا يقتلون الناس يوميًّا كما يظهر في التليفزيون.
كما أن داعش تدفع أجورًا جيدة، أقل بالتأكيد من الأجور قبل الحرب، ولكنها أجور جيدة جدًا في ظل ظروف الحرب التي قطعت أوصال سوريا، المهندس الذي يعمل في حقول النفط يحصل على ٢٥٠٠ دولار شهريًّا، الأطباء يحصلون على ١٥٠٠ دولار. غير السوريين يحصلون على بدل غربة.
بشار لا يرى داعش كمصدر الخطر الرئيسي عليه، هو يخاف الجيش السوري الحر وجبهة النصرة وليس داعش. الجيش السوري الحر وجبهة النصرة يقولان إن هدفهما الرئيسي هو إزاحة بشار عن الحكم، بينما لا تقول داعش إن ذلك ضمن أهدافها. لم تهدد داعش دمشق مطلقًا.
يذكر رجل الأعمال بأنه لو كانت داعش تمثل خطورة على النظام السوري لكان قصفها، ولكنه يقصف فقط المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر.
النظام السوري يرى أن ازدياد قوة داعش تجعل الولايات المتحدة أكثر قلقًا، ويجعلها ترى النظام السوري حصنًا في مواجهة داعش.
دبلوماسي غربي كبير متخصص في الحرب الأهلية السورية يرى أن داعش بالفعل رأس مال للنظام السوري. “سيفعلون أي شيء لإضعاف المقاومة حتى وإن كان ذلك يعني تزايد قوة داعش. هم يعلمون أنه لو كان الخيار أمام المجتمع الدولي في النهاية بين رايات داعش السوداء، وبين نظام الأسد في دمشق فإن المجتمع الدولي سيختار نظام الأسد. وهذه الاستراتيجية تعمل بشكل جيد حتى الآن، فخلال عدة أشهر ستكون المقاومة المعتدلة أصبحت ضعيفة لدرجة أنها لن تغدو عاملًا مهمًا. لذلك ففي غضون أشهر قليلة سيصل النظام السوري لهدفه الاستراتيجي في إجبار المجتمع الدولي للاختيار بين دمشق، وبين الرايات السوداء”.
“لذلك فإن تجاهل النزاع بين المعارضة، وبين نظام الأسد والتركيز على القضاء على داعش قد يكون حلًّا للمشاكل على المدى القصير”. يتابع الدبلوماسي الغربي: “ولكنه سيخلق المزيد من المشاكل في المستقبل. شرائح ضخمة من السنة لن تجد أمامها إلا الانضمام لداعش. ليس لأسباب أيديولوجية، ولكن لأنهم سيفعلون أي شيء في سبيل إزاحة النظام السوري في دمشق”. لن يوسع ذلك من مساحة النزاع الجغرافية فقط بجعل المعركة هي معركة كل السنة، “هذه وصفة واضحة ليتخطى النزاع كل الحدود الجغرافية الحالية”.
ولكن النظام السوري يعتقد أنه بعدما يستطيع القضاء على المعارضة سيكون بإمكانه هزيمة داعش بسهولة. “داعش بمفردهم يمكن لبشار أن يهزمهم، ما يطمح فيه بشار هو اعتراف دولي بشرعية النظام السوري” هذا ما أضافه رجل الأعمال السوري، ويقول أيضًا: “عندما تنتهي الحرب، سيكون باستطاعة بشار أن يهزم داعش بمساعدة حزب الله اللبناني، والحرس الثوري الإيراني”.