لماذا فكر الدكتور أحمد منصور؟
يقولون من كلامهم تعرفهم ،وأضيف من كتاباتهم تعرفهم .....الحمد لله، انه منحني شيئا من الفراسة الثقافية ،جعلتني أسمع وأقرأ ما بين الكلمات والسطور لأكتشف صدق الكلام ،وصدق المشاعر ،وأكتشف ايضا في كلام الناس قول الحق من النفاق. هذه المزية سهلت عليَّ اختيار الاصدقاء والاحبة ،وسهلت عليّ اختيار الكتاب الذي اختاره للقراءة أو الدراسة ،فيكفيني قراءة مقدمة الكاتب ،لتعطيني كامل التصور عنه وعن فكره ....وقد أخطأ في بعض الاحيان ...فسبحان الله.... الكãde;ال لله وحده .
كيف توصلت الى فكر الدكتور أحمد منصور:
من عادتي كل يوم تصفح بعض المواقع السياسية ،وذلك للوقوف على رأي السياسين والكتاب ،ازاء الاحداث السياسية التي تعصف في شرقنا ،وربطها بالأحداث العالمية .هذه العادة السيئة لا استطيع منها خلاصاً....لأنها مثل ابرة المخدر التي حقنت بها في شبابي وأحدثت لدي حالة الادمان هذا .....قبل عام تقريباً ...لفت نظري عنوان مقالة للدكتور أحمد على موقع ايلاف على ما أذكر...وكانت المقالة ملخص لفكر الدكتور (القرآن وكفى).بعد قراءتي لها مرتين ...قمت بطباعتها .وشدني اليها فكر هذا الكاتب وأراءه القيّمة .ومن حسن حظي أنه ختم المقالة بذكر عنوان موقع أهل القرآن ....وبدون تردد وبسرعة ذهبت الى الموقع لاتصفح ما فيه من فكر ،وبدأت استخدم فراستي الثقافية المتواضعة ، لأقيّم مصداقية هذا الموقع والفكر الذي يتبناه ...لأنني في الحقيقة اتجول في الكثير من المواقع التي تدّعي الحداثة وتدّعي الصحوة ...الخ . ولكني كنت أكتشف دائماً أنها ليست هي مرادي ،ولا تعبر عن فكر ابحث عنه ،كونها تتخبط ثقافياً وفكريا وحتى عقدياً.
بدأت قراءة المقالات ....واول ما لفت نظري مربع الأخ العزيز فوزي فراج ..وتساؤلاته القرانية .أعجبت بأسلوبه ومحاكاته العقلية ،ومن ثم الأخ أحمد شعبان في مقالته "اشكالية الاختلاف" شدني أليه ،وشدتني افكاره لقراءة مقالته "نسق معرفي جديد للفكر القرآني"
قلت في نفسي انذاك إذا كان هؤلاء من كتاب أهل القرآن ،وهم يحملون هذا الفكر النير الذي طالما بحثت عنه... فكيف سيكون فكر الأخ الدكتور أحمد استاذ الجميع .وكان لقائي الروحي مع الأخ الدكتور أحمد ،عندما لفت نظري وانا اتصفح مربعه كتاب "القرآن وكفى"
طبعت الكتاب فوراً ... ومن عاداتي السيئة أنني أذا أعُجبت بعنوان الكتاب ...انسى ما حولي واترك أهم الاعمال واشرع فوراً في قراءة المقدمة لكي أقف على فكر هذا الكاتب. اقولها الآن واكتب ما اقوله صادقاً ..لامجاملة..لأنني لم أتعود المجاملة في حياتي....وحتى وإن عبرت عن مشاعر الاحترام الكبيرة للدكتور أحمد ...فهي مشاعر اللقاء الروحي ..لأنني لم اتعرف عليه شخصيا أبداً..هذا من جهة ومن جهة أخرى لاتربطنا مصالح مادية ما !!!! حتى اجامله ...تربطني به قضية وأحدة أعتز بها ....هي أنني تعلمت منه كيف أكون انسانا قرآنياً بصدق.
بدأت بقراءة المقدمة ،وكانت السطور العشرة الاولى ،كافية لفراستي الثقافية ،لي أحكم من هو هذا الانسان الكبير في علمه . يقول في المدخل:
في مطلع التسعينات ،1990 كنت في حرب ضروس :
- ضد الفقر المدقع والخصوم التقلديين ،وخصومي هم فقط (الصوفية ،والسنيون السلفيون، والأزهريون وجميع مؤسساتهم الدينة والعلمية والتعليمية والدعوية في مصر وخارجها،بالإضافة الى خصم وديع رقيق القلب وهو اجهزة الحكم القمعية في مصر المحروسة التي تتابع انفاسي وتتلمظ لا فتراسي)
- كنت –ولا أزال- ضد تدين الجميع أناقشه بالقران. من الطبيعي أن يغلقوا كل ابواب الرزق في وجهي ,ان يحيلوا حياتي الى رعب مستمر ومستقر كنت اداريه خجلاً من نفسي .ولكن المفكر المسلم إذا دخل السجن-زخصوصاً السجون المصرية-ولو لبضع اسابيع فإنها لاتخرج منه ابدا.
فورا ،وبدون تردد.... قلت في نفسي ،ان في كلامه صدق ،ومشاعره اتجاه مايؤمن به صادقة قد يسألني البعض ،وكيف توصلت الى هذه الحقيقة من هذه السطور الاولى للمدخل ... أجيبه بكل وضوح
أن ما لفت نظري هم اعداء الدكتور أحمد ...وخاصة عدوه الاول ...الفقر المدقع .هنا تكمن مصداقية الدكتور أحمد ،وهنا تكمن عدالة التوجه الفكري الذي يحمله ،ومن هنا ومن هذه الكلمات شعرت أن يحمل هم الامة ،هذا الهم الذي شغلني لسنوات طويلة ،ألا وهو الفقر لقد ادرك الدكتور أحمد أن الفقريكاد يكون كفراً ،الفقر يولد الجهل ،وانه لا مستقبل لهذه الامة إلا بايجاد حلول تكفل العدالة الاجتماعية للجميع. لقد أراد أن يقول لنا ،أن الله قد أوجد الفقر ولكنه أو جد الشرع الذي من خلاله ينتفي الفقر....أراد أن يقول أن الاديان الارضية من سنة وشيعة وغيرهم... لاهم لهم سوى مصالحهم الدنيوية وتركوا افراد الامة وما يعانون وعاشوا في ترفهم الفكري البعيد عن أكبر مصائب المسلمين ألا وهو الفقر ....أكبرت فيه هذه الصفة التي قدمها على كل شيء ...لأن حلّها هو المحك العملي لصدق العقيدة .
الشيء الأخر .... انه فضل الفقر الشخصي ،والحياة الغير مستقرة ،له ولأفراد اسرته من أجل ماذا؟ من أجل فكره ،وعقيدته ،من اجل كتاب الله والدعوة إليه....أليس في هذا مصداقية لما يؤمن به....كان يمكنه أن يهادن ،أو أن يستخدم التقية ....ليعود على نفسة وأهله بالخير والامان والاستقرار في بلده التي يحبها ....
اما تصديه للمؤسسة الدينية الازهرية وكل مؤسساتها العلمية والتعليمية ....وكونها الناطق الرسمي باسم السلطة السياسية في البلد وكونها المضللة لفكر الامة ....وهوشخص ،أنسان لوحده ....أكبرت فيه هذا الموقف كونه يعارك الشرك والضلال بدون مرجعية حزبية أو غيرها من مرجعيات البترو دولار ،مرجعيته الوحيدة القرآن والتوكل على الله ...وأكبرت فيه موقفه من الصوفية التي هدمت فاعلية الامة ،وحولتها الى امة روحانية لاجياة فيها ويا ليتها كانت روحانية على حقيقتها ...أكبرت فيه أنه مدافع قوي ضد العنف والارهاب والآكره مهما كان مصدره .
وفي قوله " هذا الفقر المدقع المغلف بإرهاب الدولة وارهاب المتطرفين لم يوقف انتاجي العلمي ولا أصراري على استمرار الجهاد السلمي لاصلاح المسلمين بالاسلام".
ذكرني أخي الدكتور أحمد بكل المناضلين العندين المجاهدين في سبيل مبادئهم الانسانية ،المناضل صاحب العقيدة ،هو الذي يتحدى ما أصابه في سبل رايه وفكره من فقر وأرهاب وظلم ،ورغم ذلك لم يرفع يديه مستسلماً ،بل تحداهم باصدار كتبه وانتاجه العلمي،والأهم من كل ذلك أن الطريق الذي أختاره لنفسه هو طريق النضال السلمي .هو طريق الدعوة القرآنية ،طريق الجهاد الذي يعتمد الحجة بالحجة ،بل وأكثر من ذلك الارهاب والظلم من قبلهم قابله بالحكمة والموعظة الحسنة .
وفي ختام المدخل كتب الأخ احمد" وها هو الكتاب بين يديك عزيزي القارئ بعد 14 سنة من المصادرة يقدم لك حجة ناصعة لا يبقى معها عذر بالجهل.بعد قراءة هذا الكتاب ستتضح الحقائق وسيزول الجهل ويبقى اتخاذ القرار عن عمد وعن علم: إما بالتبرؤ من البخاري وغيره نصرة لله تعالى ورسوله الكريم،وإما بنصرة البخاري وأئمة الحديث في ظلمهم لله تعالى ورسوله الكريم.كل منا حر فيما يعتقد وسيكون مسؤلاً امام الله تعالى يوم القيامة عما اختاره لنفسه،وسيلقى الجزاء بالخلود في الجنة أو الخلود في الجحيم. انها قضية خطيرة ومسؤلية أخطر.
لهذا قلت في نفسي أنذاك ....هذا هو طريقي الذي كنت ابحث عنه...وهذا هو الفكر الذي نحن بحاجة إليه وبدات من يومها أقرأ كل ما كتب ويكتب ....لهذا أرجوا من الأخوة وخاصة شباب الموقع ،عليكم بدراسة فكر الأخ احمد ،وتفعليه على أرض الواقع ....ونقاشه في الامور التي اشكلت وتشكل عليكم ....والله الموفق
في الختام .لايسعني إلا أن أقول يا أحوتي من أهل القرآن .... الطريق طويل طويل ..وأصلاح الاسلام بالأسلام ..ليست رحلة في حدائق الورد والياسمين ....اصلاح الاسلام بالاسلام ....طريق مليئ بالشوك ،مليء بالتضحيات ...مليء بالعمل المضني ... وذلك لنفعيل هذا الفكر وجعله حقائق مادية تعيش في وعي الامة ....
أما ما أود أن أختم به هذه المقالة ،هو رجائي من الله تعالى أن يطيل بعمر الدكتور أحمد ويعطيه الصحة والقوة والصبر ،ليعطينا وبعطي الاجيال اللاحقة الكثير الكثير من فكره وعطاءه في تدبر كتاب الله العزيز ..القرآن