حسرة الخاسرين يوم الدين

رمضان عبد الرحمن في السبت ٢٦ - أبريل - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

حسرة الخاسرين يوم الدين


أعتقد أن الدنيا وما فيها لا تساوي شيئاً أن يخسر الإنسان آخرته، وبالرغم من أن الله عز وجل قد ذكر لنا عن الأمم السابقة وما فعلوا من ظلم لأنفسهم لكي نعتبر ولا نفعل مثل ما فعلوا من كبرياء وتفاخر قد نهى الله عنه لجميع الناس، وللأسف ومع مرور الوقت يتجاهل الناس قول الحق، وقد تبين لنا من القرآن الكريم كيف فعل الله عز وجل بهؤلاء المتكبرين في الأرض بغير الحق، والذين يتفاخرون على الناس وما أتاهم الله من رزق إن أراد أن يزول هذا الرزق لا مرد لأمر الله، كما فعل لمن ظلم من الأمم السابقة، وأن الله أعطى قارون أموال وزينة وعلى سبيل المثال حين ظلم نفسه وتكبر وتفاخر على من حوله وأشرك بالله دمره الله وكأنه لم يكن له وجود، لأنه كان لا يبتغي في ما أتاه الله خير، ولهذا جاء التحذير بعدم التفاخر وحين يأتي التحذير من الله عز وجل إلى الناس ويفعلوا العكس فهم بذلك يظلمون أنفسهم كما نرى من البعض في هذا العصر، فيتسابقون على الكبرياء والتفاخر، وكما قلت أن الذي رزقهم قادر على أن يجعل هذا الرزق هباءً منثورا، يقول تعالى:
((وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ))
سورة لقمان آية 18.
وقد ضرب لنا الله أمثال عن بعض الأشخاص أيضاً منهم المتكبر والذي أشرك بالله من خلال ما أتاه الله من رزق ومنهم من هو مؤمن بالله حق الإيمان ولم يشرك بالله في أي شيء، يقول تعالى:
((وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً)) سورة الكهف آية 32.
ومن رحمة الله على الناس أنه عز وجل لم يأخذ المتكبرين والظالمين والمتفاخرين على الناس مثل الأمم السابقة وأعطاهم الفرصة ليتوبوا إلى الله وهذا بحد ذاته رحمة من الله لعباده لمن يدرك ذلك من الناس، فلا بد أن يعيدوا النظر فيما أتاهم الله من رزق وأن يعيدوا النظر في التعامل مع الآخرين وفي كل شيء، طالما أنهم على قيد الحياة، وأن الفرصة ما زالت قائمة أمام الجميع أفضل أن يصبح مثل صاحب الجنتان ولم تكن له فئة لكي تنصره فمن لا يعتبر من قصص القرآن كما قال الله عز وجل:
((لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) سورة يوسف آية 111.
أي اعتبروا حتى لا تصبحوا مثل هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم من قبلكم وتكونوا من الخاسرين أو تصبحوا مرافقين لهامان وفرعون وأبو لهب وقارون يوم القيامة، ومن الأفضل أن يسعى الإنسان في الحياة ليرافق الذين أنعم الله عليهم من الصديقين والشهداء والأنبياء في الجنة، أيهما أفضل لتسعى أن ترافقهم، يقول تعالى:
((وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً)) سورة النساء آية 69.
ومن حكمة الله عز وجل أنه جعل الإيمان والتقوى والعمل الصالح لا يحتاج إلى عضلات أو شهادات حتى لا يكون للناس حجة على الله، وإنما كل ما على الإنسان إذا قرأ في القرآن أو استمع إلى آيات الله أن يتفكر ويتدبر ليعلم هو على أي طريق يسير، ومن سوف يرافق يوم الدين، وإنما إذا ظل يسعى في الدنيا من أجل الدنيا وما فيها يكون بذلك قد خسر كل شيء، لأنه خسر الآخرة التي فيها دار البقاء، وأعتقد أنه ليس هناك بعد خسران الآخرة خسران، ومن رحمة الله أيضاً على الناس أنه جل شأنه العلي القدير لم يأخذ الظالمين في هذا العصر بظلمهم كما فعل بالسابقين ولكن يؤخرهم لعل وعسى أن يتوبوا إلى الله أو يبدلوا مكان السوء الحسنى فيتوب عليهم، هذا هو القصد من تأخير العقاب في الدنيا لمن يعقل كلام الله يقول تعالى:
((وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ)) سورة النحل آية 61.
وأعتقد الدنيا وما فيها لا تساوي شيئاً أمام خسارة الآخرة كما قال ربنا العظيم، يقول تعالى:
((فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)) سورة الزمر آية 15.
ثم ونحن في الحياة الدنيا إذا خسر أحد الأشخاص شيئاً من حطام الدنيا الزائل تستمع من البعض يقولون (يا حسرة إن فلان خسر كذا وكذا) ونحن بشر في بعض، فما بالك برب البشر؟!.. إذ وصف حسرة الظالمين والخسران يوم الدين، يقول تعالى:
((يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون)) سورة يس آية 30.
وليس بعد وصف الله وصف، وفي النهاية أذكر أن كل من يأتيه الله برزق من المال مثل السابقين ولا يبتغي به الخير والإحسان للناس كما أحسن الله له بهذا المال فمصيره مصير هؤلاء مثل قارون وفرعون وغيرهم، الذين توعد الله لهم بسوء الحساب يوم الحساب.

رمضان عبد الرحمن علي

اجمالي القراءات 11675