لجنة الحريات الدينية الأمريكية: الحكومة المصرية تضع قيوداً علي «ممارسة الطقوس الدينية» قال تقرير «الحريات الدينية حول العالم» للعام ٢٠٠٨، الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية مساء أمس الأول إن الحكومة المصرية تضع قيوداً علي حقوق ممارسة الطقوس الدينية، علي الرغم من أن الدستور يوفر حرية العقيدة وممارسة هذه الطقوس. أضاف التقرير أن هناك بعض الخطوات الإيجابية في دعم الحرية الدينية، إلا أن وضع احترام الحرية الدينية من قبل الحكومة تراجع بشكل عام، خلال الفترة التي شملها التقرير «نهاية العام ٢٠٠٧ وحتي تاريخ النشر الشهر الجاري». وأشار التقرير إلي أن أعضاء الأقليات غير الإسلامية التي تعترف بها الحكومات رسمياً، يمارسون العبادة بوجه عام، دون تحرش، ويحتفظون بعلاقات لهم مع أبناء دياناتهم في الدول الأخري، مستدركاً بأن أعضاء الجماعات التي لا تعترف بهم الحكومة المصرية، خاصة الديانة البهائية، يعانون صعوبات علي المستوي الشخصي والجماعي. ونبه إلي أن القانون ٢٦٣ عام ١٩٦٠، الذي لا يزال قيد التطبيق، يحظر المؤسسات البهائية والأنشطة الخاصة بالبهائيين و يحرمهم من الاعتراف القانوني، مضيفاً أن الحكومة صادرت ممتلكاتهم وأكدت أن بطاقات الهوية تشترط أن يصنف جميع المواطنين كمسلمين أو مسيحيين أو يهود، بينما تصف وزارة الداخلية، وفي حالات نادرة، ديانة ما بـ«أخري» أو لا تذكر الديانة، ولكن ليس واضحاً ما إذا كان يتم تطبيق هذه الشروط. وأكد أن البهائيين والجماعات الدينية الأخري، يتم إرغامهم علي «تمثيل أنفسهم علي نحو خاطئ» أو يسيرون دون أوراق هوية سارية، مما يعرضهم لصعوبة تسجيل الأبناء في المدرسة وفتح حسابات مصرفية أو إقامة شركات تجارية. وقال التقرير إن السلطات الحكومية قامت باعتقال بعض «المتحولين» من الإسلام إلي المسيحية وبعض أنصار الحرية الدينية. واتهم التقرير الحكومة بـ«فشلها» في تخفيف «صرامة» القوانين والممارسات الحكومية التي تمايز ضد المسيحيين، مشيراً إلي أن ذلك يسمح فعلياً بنتائج تميزية وترسيخها في المجتمع. ونبه إلي أن استجابة الشرطة لبعض الحوادث الطائفية - حسب بعض المراقبين - كانت بطيئة. وقال التقرير إن التمييز الديني والتوتر الطائفي في المجتمع استمر خلال فترة إعداد التقرير، مشيراً إلي أنه كان هناك عدة أحداث عنف وقعت في صعيد مصر، والتي تشمل «الاعتداء» علي دير أبوفانا، و«الحرق المتعمد» لمحال يملكها مسيحيون في أرمنت، والاعتداء علي كنيسة قبطية ومحال يملكها أقباط في إسنا. وأكد التقرير أن السفير الأمريكي، وكبار مسؤولي الحكومة الأمريكية وأعضاء الكونجرس، ظلوا يعبرون عن المخاوف الأمريكية بشأن التمييز الديني، مع كبار مسؤولي الحكومة المصرية، التي يتعرض لها المسيحيون في بناء وترميم الكنائس، فضلا عن التمييز الرسمي ضد البهائيين ومعاملة الحكومة للمواطنين المسلمين الذين يرغبون في التحول عن دينهم. ونبه التقرير إلي أن الحكومة المصرية لا تعترف بتحول المسلمين إلي المسيحية أو أي ديانات أخري، مشيراً إلي أن مقاومة مثل هذه التحولات من قبل المسؤولين المحليين، تكون من خلال رفض الاعتراف بها رسمياً مما يشكل حظراً علي ممارستها. وقال: «علي الرغم من أنه لا يوجد حظر قانوني علي تحويل المسلمين عن دينهم، فإن الحكومة تقيد مثل هذه الجهود»، مضيفاً: «الدستور أو القانون المدني أو قانون العقوبات لا تحظر تحويل المسلمين عن دينهم، ولكن الشرطة تحرشت بالمتهمين بتحويلهم بتهم ازدراء أديان سماوية أو التحريض علي النزاع الطائفي». وأشار إلي أن أي جماعة دينية ترغب في الاعتراف بها رسمياً، يتعين عليها أن تقدم طلبا لإدارة الشؤون الدينية بوزارة الداخلية، التي تحدد ما إذا كانت هذه الجماعة تشكل خطراً أو «تكديراً للوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي أم لا». ولفت إلي أن هذه الإدارة تستشير الشخصيات الدينية الكبري، خاصة بابا الكنيسة الأرثوذكسية، وشيخ الأزهر، ثم يحال تسجيل «الجماعة» إلي الرئيس والذي يصدر مرسوماً، في حال موافقته، بالاعتراف بالجماعة الجديدة، وفقاً للقانون ١٥ لسنة ١٩٢٧، مستدركاً أنه إذا تجاوزت الجماعة الدينية عملية التسجيل الرسمي، فإن أعضاءها يتعرضون للاعتقال وقد يواجهون الاضطهاد، والعقاب، بمقتضي المادة ٩٨ من قانون العقوبات، والتي تمنع ازدراء الأديان. وانتقد التقرير الأمريكي أسلوب الحكومة في إدارة المساجد في مصر، قائلاً: «يجب علي جميع المساجد أن تحصل علي تراخيص من وزارة الأوقاف، في حين تقوم الحكومة بتعيين أئمة تدفع لهم رواتب، لإقامة الصلاة، فضلا عن أنها تراقب خطبه، ولكنها لا تساهم في تمويل الكنائس المسيحية». وأشار إلي أن الوزارة قالت في تقرير لها إن هناك ١٠٠ ألف و٦ مساجد وزوايا في جميع أنحاء البلاد، وأنها أصدرت قراراً عام ٢٠٠٤ قامت بموجبه بسحب تراخيص بناء المساجد ووضعت المساجد «الخاصة» تحت سيطرة الأوقاف الإدارية، إلا أنه لايزال هناك ٥ آلاف مسجد وزاوية لا تخضع لإشراف الوزارة. وتحول التقرير إلي تطبيق قانون الأسرة، وقال إنه يشمل الزواج والطلاق والنفقة وحضانة الطفل والدفن، ويعتمد علي دين الفرد، إلا أنه في الممارسة العملية لا تعترف الحكومة إلا بالأديان السماوية الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية، والتي لا تعترف بزواج مواطنين ينتمون إلي أديان أخري، سوي هذه الأديان الثلاثة. وقال التقرير إن الحكومة، قامت، حسبما ذكرت التقارير، بوقف جلسات «النصح والإرشاد» عام ٢٠٠٦ في حال تحول المسيحيين إلي الإسلام دون إخطار سابق أو نقاش، مشيراً إلي أن هذه الجلسات كانت تعمل علي حل قضايا النزاع التي تنشأ بسبب التحول عن الدين، في حين كانت تتم عودة الفتيات المسيحيات إلي دينهن الأصلي وعائلاتهن في كثير من الحالات. وذكر التقرير أن الحكومة حظرت طائفة «شهود يهوا» في عام ١٩٦٠، التي تتعرض بدرجات متفاوتة للتحرش والمراقبة، مشيراً إلي أن الحكومة ترجع رفضها تسجيل شهود يهوا بأنها معارضة للكنيسة الأرثوذكسية التي أدانت الجماعة ووصمتها بـ«الهرطقة»، فضلا عن الاشتباه القائم منذ عهد عبدالناصر بأنها ترتبط بعلاقة مع إسرائيل. ولفت التقرير إلي أن الحكومة منحت مؤسسة الأزهر السلطة لمصادرة المطبوعات، والشرائط، والخطب، والأعمال الفنية التي تعتبر «غير متوافقة» مع الشريعة الإسلامية، ولكنه نفي وجود تقارير حول ممارسة هذه السلطة أثناء إعداد التقرير. وأشار إلي أن الحكومة لم تمنح الاعتراف القانوني لكنيسة طائفة «المورمون» في القاهرة رغم أنها ظلت تقيم الصلاة في البلاد منذ أكثر من ٣٠ عاماً. وأكد التقرير أن الحكومة تحظر جماعة الإخوان المسلمين، التي تمارس أنشطة «دعوية، وخيرية، وسياسية»، ولكنها تهاونت مع «عملياتهم» بمستويات مختلفة من التدخل، فالجماعة تتحدث صراحة، وعلانية عن آرائها وأعضاؤها يعرفون أنفسهم علي أنهم ينتمون إلي تنظيم، وعلي الرغم من هذا لايزالون يتعرضون لاعتقال «تعسفي» وضغط من قبل الحكومة. وأكد أن مئات الإخوان تم اعتقالهم واتهامهم بالانضمام لعضوية تنظيم «محظور» والتخطيط لإحياء أنشطة جماعة محظورة وحيازة منشورات مناهضة للحكومة، وتعويق عمل الدستور والقانون، وتنظيم مظاهرات دون الحصول علي إذن مسبق من الأمن، فضلا عن منع عدد من أعضائها من السفر إلي الخارج. ونبه التقرير الأمريكي إلي أن وزارة التربية والتعليم تحظر الحجاب في المدارس الابتدائية، وتسمح به فقط في المدارس الإعدادية والثانوية بناء علي طلب مكتوب من ولي أمر الفتاة. وقال إن المشاعر المناهضة للسامية ظهرت في كل من الصحف الحكومية والمعارضة، رغم عدم وجود حوادث عنف مناهضة للسامية في السنوات الأخيرة الماضية ولكن المقالات المعادية ظهرت في الصحافة المطبوعة والكاريكاتير والصحافة الإلكترونية، مشيراً إلي أن رسومات كروتنية ومقالات معادية للسامية تم نشرها علي مدار العام الجاري، جسدت رسومات «شيطانية» لليهود والقادة الإسرائيليين ورموزهم وشبهتهم بهتلر والنازيين. وانتقد التقرير وضع الحريات الدينية في كل من الجزائر والأردن والصين وذكر أن الحكومة في الجزائر تنتهج ممارسات أدت إلي تدهور وضع الحريات الدينية، مشيرا إلي قانون صدر في فبراير الماضي يعتبر «التبشير» بديانة غير الإسلامية جريمة. كما استنكر التقرير «القمع»، الذي تمارسه الحكومة الصينية إزاء الحريات الدينية والذي تكثف في بعض مناطق من بينها التبت ومنطقة الأويجور ذات الحكم الذاتي، ولكن التقرير ذكر «بعض التقدم» الذي تحقق في السعودية واستمر الوضع في بورما، وإريتريا، وإيران، وكوريا الشمالية، والسودان، وأوزباكستان، رغم أنها دول مدرجة مع الصين علي «القائمة السوداء» الأمريكية للدول التي تنتهك الحريات الدينية في العالم.