رأى جديد فى ناسخ ومنسوخ القرآن الكريم!
ßÊÇÈ لا ناسخ ولا منسوخ فى القرآن الكريم
الملاحق

في الخميس ٢١ - نوفمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

هذه الدراسة ليست جديدة فحسب وإنها هى جريئة أيضاً لأنها أتت على كل معطيات التراث فى هذه القضية.
ولأن الدكتور أحمد صبحى منصور منتج أيدلوجى من نمط خاص- غير مألوف فى وسط يقدس كل أصفر من الورق والأفكار وإن لم تكن ذهباً- فإن الذين عارضوه وصادروا أراءه بالأمس عادوا اليوم ولم يؤمنوا بها فقط بل سرقوها ونسبوها لأنفسهم!!
وقضية النسخ فى القرآن موضوع ذو صلة وثيقة بقضية الدكتور أحمد صبحى منصور مع السنة، فهو يرى أنه لا يوجد ناسخ أو منسوخ فى القرآن، وإن العصر العباسى الذى تم فيه تدوين المذاهب المختلفة من السنة هو نفسه العصر الذى قننوا فيه قضية الناسخ والمنسوخ فى الوحى القرآنى.
فى الدراسة نلمح أصابع الدكتور صبحى تشير بالاتهام إلى العصر العباسى الذى مازلنا ندين له بتبعيتنا الفكرية، والدليل الذى تسوقه الدراسة على هذا الكلام والفلسفة هم أبناء العصر العباسى، وأن أسفار التراث المقدسة هى ما كتبها العصر العباسى خصوصاً ما اتصل منها بالحديث والتفسير والتصوف.
فى العصر العباسى أتيح لأبناء اليهود والنصارى والمجوس الذين أسلموا أن يقودوا الحركة العلمية بما لهم من تراث ثقافى سابق، ومن الطبيعى أن تعود من خلالهم المفاهيم القديمة التى كانت سائدة قبل الإسلام واستترت فى فترة الفتوح ثم عادت للظهور مستترة بأحاديث منسوبة للرسول وبتأويلات للقرآن، فأمكن تطويع العقائد الإسلامية الأصلية لأهواء المسلمين الجدد، ومن خلال الحديث والتفسير كان علاج الفجوة بين ما يقوله القرآن وبين ما يؤمن به المسلمون فى العصر العباسى، فما لا يتفق فى القرآن مع هواهم كانوا يعطلون حكمه بدعوى أنه منسوخ وما يريدون إضافته للإسلام كانوا يخترعوا له حديثاً ينسبونه للنبى، أو يقوم "التفسير" بذلك حين يضعون آراءهم وأهواءهم ليغيروا بها معانى الآيات، وبمرور الزمن تصبح آراء المفسرين حكماً على كلام الله، ولا تقوم الآية القرآنية بمفردها دليلاً إلا إذا كان معها ما يؤكدها من كلام المفسرين!!
على أن مفهوم النسخ بمعنى الحذف والتبديل والإلغاء له جذوره فى التاريخ الإسرائيلى- والكلام ما زال للدكتور صبحى منصور- حيث تفنن اليهود فى التحايل على أوامر الله فكانوا يبطلون العمل ببعض الآيات وآمنوا ببعضها وبتعبير القرآن "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض" وبتعبير العصر العباسى قالوا أن هذه الآيات تنسخ سابقتها، وذلك لأن الأحفاد فى ذلك العصر سلكوا مسلك أجدادهم شبراً شبرا!!
يعود مؤلفنا إلى لغتنا العادية ليؤكد أننا نستخدم كلمة "نسخ" بمعنى الكتابة والإثبات وليس بمعنى الحذف والإلغاء، فنحن نقول "نسخ المذكرة" أى كتبها ونقول "أطبع لى من هذا الكتاب ألف نسخة" وهو نفس المعنى المستخدم فى آيات القرآن الأربعة التى وردت فيها كلمة "نسخ" فهى تعنى فى نص "ما ننسخ من آية أو ننسها" تعنى الإثبات والكتابة وليس الحذف، وأن كلمة آية هى المعجزة التى يأتى بها كل نبى وقد كانت معجزة النبى خير الآيات ولأن الحديث هنا عن معجزات يتلو بعضها بعضاً فى تاريخ الأنبياء كان تذييل الآية بتقرير قدرة الله على كل شىء.
الغريب كما يقول الدكتور صبحى أن كتب التراث والأحاديث استخدمت كلمة "النسخ" بمعنى الإثبات والكتابة وليس العكس، فالبخارى فى أحاديثه عن كتابة المصحف يقول أن عثمان أمر بأن "ينسخوها من المصاحف" أى يكتبونها!
الذى لم تقله الدراسة أن القائلين بالنسخ فى الوحى القرآنى يؤمنون بأن هناك نسخاً لا فى الأحكام والمعاملات بل فى الأخبار والتاريخ أيضاً!! وأن هناك أحكاماً نسخت مع بقاء نصوصها (للتعبد بتلاوتها!!) وأن هناك نصوصاً نسخت مع بقاء حكمها (مثل رجم الزانى المحصن) أى أن الإسلام- فى رأيهم- ينص على حكم غير معمول به فى حين يأمر بحكم لا نص له!!
حسين جبيل
الأهرام المسائى 25/11/1994م