الانترنت وطنين الدبابير
من المفترض أن الإنسان العاقل الذي يتحدث في أي موضوع أن يتحدث بكل صدق وأن يكون صادقا مع نفسه قبل الجميع، حتى ولو كان مخالفا في الرأي أو العقيدة لجميع الناس، ولكل فرد حرية ما يختار لنفسه، ولكن قبل أن يبادر هذا الشخص باتهام الناس بالباطل وبالكفر وإنكار كذا وكذا كالعمالة وخلافة وكلها اتهامات سمعية بلا دليل او برهان يمتكله هذا الشخص المسكين..
أولا:يجب عليه أن يقرأ ليعلم الحق من الباطل، وإذا توصل إلى الحق سوف يُعرف عن نفسه ويظهر حقيقة شخصه، ولا يكون منكرا لذاته بسبب الجبن أو الخوف من الآخرين أو المستقبل، أي مستقبل يجعل الإنسان يكون ناكر لذاته؟!.. أي مستقبل هذا الذي يجعل الإنسان يكتب وهو ناكر لوجوده؟!.. أي لا يتحدثون إلا في الظلام كالخفافيش، هكذا صعاليك الإنترنت لا يكتبون إلا بأسماء مستعارة فمنهم من يكتب ويقول فاعل خير، ومنهم من يقول أنا من إيران وخلافه، فكيف يتحدث أي شخص في أي موضوع وهو ناكر لشخصه؟!.. وعلى أي أساس سوف يتعرف الناس عليه؟!.. ولنفترض أن صعاليك الإنترنت لهم وجهة نظر تجاه أي قضية سواء كانت تخص الدين أو الاقتصاد أو السياسة أو ما شابه ذلك، وقد تكون صحيحة أو غير صحيحة، فكيف نتناقش مع هؤلاء وهم يختبئون وراء أسماء مستعارة، وكيف سيتعرف عليهم المجتمع وهم قد حكموا على أنفسهم أنهم أموات، وهم أحياء، ومنهم الأطباء والمهندسين والمدرسين الذين يدرسون ويتكلمون عن المبادئ والقيم والأخلاق وهم منكرون لأشخاصهم، فهؤلاء حين يموتون بالفعل لا يذكرهم التاريخ إلا كالسراب، وإن التاريخ لا يذكر إلا من يعرف عن شخصه أو ذاته، سواء أكان على صواب أو على خطأ، فإذا كان لهؤلاء الشجاعة أو الرجولة فليعرفوا عن أنفسهم بلغة الحوار والقلم إن كانوا يستطيعون ذلك، وإن الخلاف في الرأي بين أي شخص لا يقلل من شأنه كإنسان طالما أنه يحترم الآخرين، ولكن حين يختبئ أي شخص وراء اسم مستعار ويكتب ويسب الناس دون وجه حق هو بذلك لا يقلل من شأن أحد إلا نفسه، لأنه يطن مثل الدبور، وإن الدبور الواحد يطن بعدد خلية من النحل، ولكنه لا يأتي بغرام واحد من العسل، هكذا صعاليك الإنترنت، وإن كان للدبور قيمة لأنه يطن باسمه، وهنا يكون الدبور صاحب مبدأ عكس هؤلاء يطنون دون مبدأ، إذاً الهدف من كتابة هؤلاء ليس له وزن أو قيمة إلا الشوشرة وإشغال القارئ عن أي شيء مفيد، لسبب بسيط جداً، ولكي يعلم القارئ المحايد لو كان لهؤلاء هدف من الكتابة لقاموا بالنقد لكل شيء، ولكنهم لا يستطيعون ذلك، وتعودوا على الضرب على القفا والذل، فهل هناك ذل أكثر من أن ينكر الإنسان ذاته، هل هناك ذل أكثر من أن يكتب الإنسان بغير اسمه؟!...
وإن كان لهؤلاء أبناء أو أخوة وسأل أحدهم عن بعض ما يكتبون على الإنترنت فماذا سيجيبون؟!.. وهل سيقولون أنهم يكتبون بأسماء مجهولة؟!.. إن قالوا ذلك فهم من حكموا على أنفسهم بأنهم مجهولون، وإذا قالوا العكس فكيف نبحث عن مجهول على الإنترنت، وإن كل هذا الكلام من الممكن أن يسقط ولا يكون موجه لأي شخص إذا تحدث هؤلاء بأسماءهم الحقيقية، وإن الإنسان المثقف هو الذي يحترم الحرية في الرأي للناس ولنفسه، لو اختلف معهم، ولكن إذا ظل يكتب وهو مجهول سوف يظل مجهول إلى الأبد، ولو تخيلنا أن الأمم السابقة لم يكتبوا عن التاريخ أو كانوا يكتبون بأسماء مستعارة، هل كنا سنعلم شيئاً عن السابقين أم كنا سنحذر لكي نعلم من كتب هذا أو ذاك، ولو تخيلنا أحد الأشخاص له عشرة أولاد وتركهم دون تسمية، كيف سيتعامل معهم؟!... وإذا أخطأ احد أولاده كيف سيعلم من الذي فعل هذا الخطأ؟!.. أعتقد هذا أقرب شيء إلى الذين يكتبون تعليقات تسب وتشتم وتشوه صورة الكاتب أي كاتب يعلقون عليه بأسماء مستعارة لكي لا يعلم عنهم أحد ويدعون أنهم على حق، ولكنهم في قمة الجحود مع أنفسهم، إن الذي يتكلم في أي موضوع لا بد أن يكون واضح وضوح الشمس ويترك للقارئ أن يختار ما يشاء..
رمضان عبد الرحمن علي