قالت صحيفة "كوريير انترناسيونال" الفرنسية في تقرير لها إن جماعة الإخوان المسلمين استطاعت أن تقدم نفسها بوصفها البديل لما يسمى بـ "العلمانية الفاسدة" لنظام الحزب "الوطني" وذلك تحت شعارها "الإسلام هو الحل".
واستدركت الصحيفة قائلة "لكن الحركة بحاجة لتوضيح رؤيتها وسياساتها أكثر بعدما أثارت استفزاز الرأي العام المحلي والدولي بنشرها وثيقة برنامج حزبها المزمع في أكتوبر الماضي".
وأضافت" أن النقاش الذي أعقب نشر تلك الوثيقة كشف عن الانقسامات الأيديولوجية بين أجيال جماعة "الإخوان" متوقعة أن يكون لتلك الانقسامات انعكاسات خطيرة ليس فقط على مسار الحركة نفسها وإنما على المشهد السياسي المصري بل قد يمتد تأثيره على المنطقة بأكملها.
وأشارت الصحيفة إلى إن النظام الحاكم شن حملة اعتقالات شرسة لعدم إدماج "الإخوان" في العملية السياسية وذلك كرد فعل على صعودهم السياسي خلال الفترة الماضية، واعتبرت أن المظاهرات التي نظمتها جماعة الإخوان للتنديد بحصار غزة أول ظهور للحركة في الشارع منذ سنوات.
واهتمت الصحيفة بالتركيز أكثر على الخلافات داخل الحركة وقالت" أنه منذ عام 2005 أجريت انتخابات داخلية على مستوى الشعب والمناطق والمكاتب الإدارية للحركة وفقًا للائحة الداخلية الجديدة التي يجري العمل بها منذ ثلاثة أعوام والتي تنص علي ضرورة وجود مجالس إدارات في كافة المستويات التنظيمية للجماعة على أن يجري انتخابها كل أربعة أعوام من خلال آلية التجديد النصفي.
وحسب الصحيفة "فقد طرأ تغيير على نمط العضوية داخل الجماعة كي تصبح ثلاث مراتب هي (المحب والمنتظم والعامل) حيث يحق للأول التصويت أو الترشح في أية انتخابات داخلية بينما يملك الثاني حق التصويت في انتخابات مجلس إدارة الشعبة فقط دون الترشح فيما يتمتع الثالث بكافة حقوق العضوية تصويتا وترشيحا.
وكشفت عن أن نسبة كبيرة من شباب "الإخوان" لا يمانعون في انضمام الأقباط لعضوية الجماعة كما أنهم يرفضون مبدأ الجزية باعتباره لا يتناسب مع الواقع، لكنها قالت إن أكثر من 90 بالمائة من شباب الجماعة يرفضون تولي الأقباط والمرأة منصب الولاية العامة (رئاسة الدولة) كما يرفضون أن تتحول الجماعة لحزب سياسي بشكل كامل.
وأكدت الصحيفة ضعف الوعي السياسي داخل الجماعة وتري أنه من الصعب الحديث عن وجود مناهج محددة للتنشئة السياسية علي غرار المناهج الدينية والتربوية التي تتمتع بها الجماعة وهو ما يساهم في تناقض مواقف القواعد الإخوانية وتشويشها تجاه العديد من القضايا ،وفيما يتعلق بموقفها من مسألة الديمقراطية.
وأشارت إلى "أن ثمة خلطًا وغموضا في فهم جماعة "الإخوان" لها، حيث ترى الصحيفة أن الجماعة تؤمن بالديمقراطية كممارسة أكثر من كونها قيم ومفاهيم أساسية تحتاج إلي ترسيخ داخل بنية العقل الاخواني وهو ما قالت إنه يعكس تخبط الجماعة في تحديد موقفها من إشكالات الديمقراطية كالمواطنة والمساواة والدولة المدنية.
وأبدت الصحيفة تشاؤما حيال مستقبل "الإخوان" مؤكدة "أن الجماعة تقف على مفترق طرق بسبب الكثير من أعراض الشيخوخة الفكرية والتنظيمية التي بدأت تسرى في جسم الجماعة وأنها باتت أمام أحد بديلين إما: القيام طوعا بثورة تصحيح داخلية أو "بيروسترويكا" إصلاحية أو مواجهة مشاكل وتحديات غير مسبوقة قد تفضي بالجماعة إلى الذوبان في أطر إسلامية بديلة على المدى الطويل أو تظل في حالة مواجهة دائمة مع النظام.