مقدمة :-
1 ـ أشار القرآن الكريم الى التواتر فى آية تلخص معناه فى ايجاز واعجاز، يقول تعالى: (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضًا : المؤمنون 44 ) فالآية تشير الى تواتر الرسالات السماوية وتواتر التكذيب لها فى كل عصر.
2 ـ التواتر هو المتوارث الذى تتمسك به الأغلبية من عبادات وثقافات ، وفيه الصحيح والفاسد ، لذا يكون مرجع الحكم فيه لله تعالى فى القرآن الكريم.
3 ـ المشكلة هنا أن الاحتكام الى القرآن الكريم مهمة علمية لا يقوم بها إلا الراسخون فى العلم ، فاذا تدخل فيها غيرهم ضلوا وأضلوا ، وضاعوا واضاعوا.
4 ـ وفى نظرة سريعة إلى التدين العملى للمسلمين نجد فيه المتوارث الصحيح مثل وجود القرآن الكريم بيننا محفوظا من لدن الله تعالى بكتابته وقراءته والذى يقف ضد محاولات الالحاد فيما يسمى بعلوم القرآن التراثية ( المتواترة ايضا )، ونجد تواترا فى آداء الصلاة تبلغ صحته فوق التسعين فى المائة ، ونجد ملامح أخرى من التواتر الصحيح فى جوانب أخرى تراثية ، كما نجد أخطاء فادحة وابتداعات فى الدين لا سبيل إلى حصرها .
5 ـ ولأن وظيفة المصلح هو تتبع الخطأ لاصلاحه فان معظم عملنا يتركز على إصلاح التواتر الفاسد بالقرآن الكريم ، ولكن بعض القرآنيين يتطرفون فى نفى كل التواتر فيقعون فى نفس التطرف السنى فى تكذيب القرآن الكريم ولكن باسلوب آخر .
لذا نعطى توضيحا سريعا لهذا الموضوع الشائك المعقد .
أولا : - التواتر الإلهى والتواتر البشرى .
1 ــ هناك تواتر إلهى فى الرسالات السماوية من ( عقائد وتشريعات وعبادات ) وفى اللغة البشرية وفى الزمن . ولا يلبث الحق الإلهى المتواتر فى الدين والزمن أن يلحقه التحريف البشرى ، ولا يلبث التحريف البشرى أن يتحول إلى تواتر بمرور الزمن ، مما يستلزم التصحيح بارسال رسول برسالة سماوية أخرى ، ثم بعدها يعود التحريف ويتحول إلى تواتر ، ويرسل الله تعالى رسولا آخر ... وهكذا إلى أن نزلت الرسالة القرآنية الخاتمة محفوظة إلى قيام الساعة لتكون مرجعية حاكمة على كل تبديل يطرأ بعدها أو كل تواتر صحيح كان أم باطلا ..
2 ــ هنا نتذكر ونتأمل قوله تعالى فى قصة نوح (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ : الشعراء 105 ) ، الواقع أن قوم نوح لم يعرفوا رسولا سوى نوح أقدم الرسل المعروفين ، وقد جاءت البشرية كلها من نسل نوح عليه السلام (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ : الصافات 77 ) ، ولكن الواقع أن نوحا كلن يقول لقومه نفس ما قاله الأنبياء بعده (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ : الأنبياء 25 ) . أى أن قوم نوح عندما كذبوا رسالة نوح فقد كذبوا بكل الرسالات السماوية التى تواترت بعده.
ونتذكر أيضا قول النبى هود لقومه عاد يذكّرهم بماحدث لقوم نوح من قبلهم (وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) ( الأعراف 69 ) ثم قول النبى صالح لقومه ثمود يذكّرهم بما حدث لقوم عاد من قبلهم (وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ ) ( الأعراف 74)
3 ـ هنا نجد نوعين من التواتر فيما يخص الرسالات السماوية و تكذيب الملأ المتحكم لها:
*التواتر الإلهى فى الرسالات السماوية (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ: النساء 163 )،وايضا (الشورى 13 )
* والتواتر البشرى فى تكذيب القوم للرسل فى كل زمان ومكان.
وفى إعجاز وإيجاز يعبر رب العزة عن ذلك فيقول لخاتم الرسل محمد عليه السلام ( مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ: فصلت 43 ) ، أى ما يقال لك من وحى قرآنى وما يقال لك من تكذيب قد قيل لكل الرسل من قبلك، أى هو تواتر الاهى حق ، وتواتر بشرى معاند كافر.
وحتى إتهامهم له بأنه كاذب أو ساحر أو مجنون أصبح متواترا ، وقد عبر عنه رب العزة فى صورة ساخرة رائعة ، يقول تعالى (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ. أَتَوَاصَوْا بِهِ ؟ : الذاريات 52:53 ) .أى كأنما تواصى كفار قريش ومن سبقهم على قول نفس الكلام .
وفى تعبير آخر للقرآن الكريم كأنما تشابهت قلوبهم مع إختلاف الزمان والمكان : ( وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ: البقرة 118 ).ويوم القيامة يقال عن هذا التواتر المهلك الذى أوردهم الجحيم (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءهُمْ ضَالِّينَ فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ ُيهْرَعُونَ : الصافات 69 : 70 )
4 ــ والرسالات السماوية لها جوانب ثلاثة : عقيدة وأخلاق وعبادات . والتواتر الإلهى يتركز فى إقامة هذا الهيكل الثلاثى للرسالات السماوية .
ومثلا فإن الله تعالى يأمر بكل ما هو خير فى الأخلاق وينهى عن كل ما هو شر ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ : النحل 90 ) ، وهذا كله ما جاءت به كل الرسالات السماوية فى تواترها ، ولكن تذكر ذلك والعمل به لا يتأتى إلا لمن يطلب الهداية ، وبالتالى فإن للتواتر الإلهى جذورا داخل كل نفس بشرية ، بغض النظر على ما يبدو على السطح من عناد واستنكار ومحاولات للتسويغ والإعتذار ، يقول تعالى ( بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ : القيامة 14 : 15 ) بل أن الله تعالى احتكم إلى طاقة الخير هذه – أو الضمير الأنسانى – حين خاطب مشركى مكة المعاندين ، إذا طلب منهم أن يراجعوا أنفسهم فى لحظة صفاء إبتغاء مرضاة الله تعالى : (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ . سبأ 46)
وهذا دليل على وجود حقيقى للتواتر الإلهى داخل النفس البشرية مع طغيان التواتر البشرى أو التحريف البشرى.
والأمر بالمعروف و النهى عن المنكر تواتر فى كل الرسالات السماوية ، ولكن يلحقه التأويل الفاسد الذى لا يزال موجودا حتى الان فى حديث (من رأى منكم منكرا فليغيره .. ) وفيما يطبقه المطوعة فى السعودية ، وما كانت تفعله جماعات الارهاب فى مصر فى تسعينيات القرن الماضى. وسننشر بحثا عن التناقض فى الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر بين الاسلام والمسلمين ، ولكن نركز هنا على وجود نوعين من التواتر فى الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر ـ و أن المرجعية هى للقرآن الكريم ، وهو بالغ الوضوح فى حجته.
ثانيا :- ملة إبراهيم بين التواتر الإلهى والتواتر البشرى
أم المشاكل لدى المسلمين تتجلى أنهم فى تقديسهم للنبى محمد ورفعه فوق الأنبياء فقد ترسب لديهم إيمان خاطىء بأنه جاء برسالة جديدة ، وأنه – وحده – رسول الإسلام . وتناسوا أن الإسلام – وبكل اللغات السابقة على العربية – هو دين الله تعالى الذى نزلت به كل الرسالات السابقة بمعنى الإستسلام لله تعالى وحده والسلام مع البشر . وتناسوا ما كرره القرآن الكريم من أوامر للنبى محمد عليه السلام ولنا ولأهل الكتاب فى أن نتبع ملة إبراهيم حنيفا . والتفاصيل فى كتابنا المنشور على الموقع ( الصلاة فى القرآن الكريم . الجزء الأول ) .
ورث العرب وأهل الكتاب ملة إبراهيم فى أنه لا إله إلا الله ، وإخلاص العباد لله تعالى وحده ،وورثوا العبادات وكيفياتها من صلاة وصدقات وحج وصوم ، ولكنهم أضاعوا الصلاة بالوقوع فى الشرك وفى الإنحلال الخلقى والعصيان ، ونزل القرآن الكريم لإصلاح ملة إبراهيم وفق منهج محدد فى التعامل مع نوعى التواتر ؛ الالهى منه و البشرى.
فى التعامل مع التواتر الالهى فى الكتب السماوية السابقة فقد نزل القرآن مصدقا لها ومهيمنا عليها ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ: المائدة 48 ) ، (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ : آل عمران 3 ) لذا يقول تعالى لأهل الكتاب : ( وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ ِ: البقرة 41 ) . أى كان القرآن الكريم مصدقا لما سبقه وحكما عليه أو مهيمنا عليه.
وفى التواتر البشرى لملة ابراهيم المطلوب اتباعها والتى تعرضت للتحريف فقد أمر الله تعالى بعرض تواترها على القرآن لتوضيح الحق فيه من الباطل ، لذا تكرر فى القرآن الكريم دعوتهم إلى الإحتكام إلى القرآن الكريم فيما وجدوا عليه آبائهم، وكان مترفو العرب يرفضون الانصياع للقرآن الكريم تمسكا منهم بذلك التواتر (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا :البقرة 170 ) ، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا :المائدة 104) ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا: لقمان 21 )( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ : الزخرف 22 ) .
المصالح الإقتصادية هى أساس تمسك قريش بالتواتر ، حيث عبادة الأصنام وإقامة صنم لكل قبيلة فى الحرم المكى لضمان عدم إغارة أى قبيلة على رحلتى الشتاء والصيف لقريش ، وبذلك تمتعت قريش وحدها بالأمن والثراء فى وقت عانت فيه القبائل العربية من الفقر والغارات المستمرة ، ولذلك يقول الله تعالى عن السبب الإقتصادى فى التمسك بالتواتر الكاذب (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ : الواقعة 82 ) .
وعلى نحو ما جاء فى كتابنا فى ( الصلاة ) فقد كانت العرب تؤدى الصلوات الخمس بالفاتحة فى مساجدهم (كما نفعل الآن)، ولكن مع التمسك بتقديس قبورالأولياء ( كما نفعل الآن) ، لذا قال تعالى لخاتم المرسلين محمد عليه السلام فى عدم الإعتداد هذا التواتر الفاسد (فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـؤُلاء مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ: هود 109 ) ، وجاء هذا بعد أن قص الله تعالى قصص الأنبياء السابقين الذى يحوى على التواتر الإلهى الصحيح ، وتواترالعناد من المشركين .
وتكرار الأمر فى مكة للمشركين بأن يقيموا الصلاة ( وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ : الأنعام 72 ) (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ: الروم 31 ) يعنى أنهم كانوا يعرفون الصلاة ، فالله تعالى يأمرهم بإقامة ( الصلاة ) المعروفة لديهم ، وإقامتها ليس مجرد تأديتها ، وهم كانوا يؤدونها بنفس الشكل وفى نفس الأوقات ، ولكن كانوا يقعون فى الشرك والمعاصى والاعتداء والظلم ، وبذلك يضيعون الصلاة ولا يقيمونها ، وقد أوضح رب العزة معنى إقامة الصلاة وأن الهدف منها ومن كل العبادات هو التقوى ، ولم تتوفر لديهم التقوى ، وهو نفس الحال فى حياتنا الدينية الان حيث تجد أكثر الناس صلاة أكثرهم غلظة وتعصبا وتطرفا وتمسكا بثقافة الارهاب. فالعرب المشركون عرفوا الصلاة و الصوم و الحج وايتاء الصدقات ، وكلها من شعائر ملة ابراهيم ، ولكنهم لم يقيموا الصلاة بل أضاعوها بالوقوع فى ظلم الله تعالى و ظلم البشر .
أما الخبل العقلى الذى يزعم أن الصلاة قد شرعها الله تعالى فى اسطورة المعراج فان نفس الاسطورة تنفيها ، حيث تزعم أن محمدا صلى إماما بالأنبياء قبل المعراج المزعوم، فكيف يصلى وهو لا يعرف الصلاة و لم تكن قد وجبت عليه بعد؟ .
أما حديث (صلوا كما رأيتمونى أصلى ) فهو يريح كل مسلم من أداء الصلاة لأنه لم ير الرسول يصلى ، وبالتالى فلا يشمله الأمر .!!
إن أساس تلك الخرافات هو الاعتقاد بأ محمدا عليه السلام جاء بدين جديد وشرع جديد وصلاة جديدة . وهذا كله إفك يناقض القرآن. وأصحاب الديانات الأرضية من المسلمين ـ والذين يتفقون معا فى تقديس محمد وتأليهه ـ يشتد بهم الغضب حين تؤكد لهم من القرآن الكريم أن محمدا عليه السلام تابع لملة ابراهيم مأمور باتباعها .
لذا هم لا يفهمون منهج القرآن الكريم فى التعامل مع تشريع العبادات المتواترة. لو أخلصوا لله تعالى قلوبهم لعرفوا أن منهج القرآن هنا هو التأكيد على إخلاص الدين والعقيدة لله تعالى وحده فقط ، وترك التواتر الصحيح كما هو، مثل معنى الصوم وكيفية الصلاة ومواقيتها ، ولكن عندما يأتى تصحيح للتواتر الفاسد أو حينما يأتى تشريع جديد يأتى بيان القرآن الكريم بالتفصيل.
ثالثا : - التواتر الإلهى والبشرى بعد نزول القرآن الكريم .
يتجلى التواتر الإلهى فى إعجاز الحفظ للقرآن الكريم برغم ما اخترعته أديان المسلمين الأرضية من حرب للقرآن الكريم بالنسخ التراثى واختراع الأحاديث والقراءات والتأويل والتفسير والتغنى بالقرآن مع محاولات لا تنتهى من الإلحاد فى الكتاب العزيز. ويتجلى التواتر الإلهى فى إعجاز الحفظ للقرآن الكريم ولغة القرآن الكريم الفريدة والمختلفة فى كتابتها – بعض الشىء – عن الكتابة العربية ، والمختلفة بعض الشىء عن القواعد النحوية التى توسع فيها علماء النحو فى العصر العباسى بعد نزول القرآن الكريم بقرنين أو أكثر .
والمستفاد أن هناك تواتر إلهى فى حفظ القرآن الكريم ، ويسير معه بالتوازى تواتر بشرى بعضه صحيح فى السير على كتابة المصحف بنفس الطريقة التى كتبه بها خاتم الرسل محمد عليه السلام الذى قام بكتابة القرآن بنفسه ( إقرأ بحثنا عن النبى كان يقرأ ويكتب ) . ثم هناك تواتر بشرى خاطىء أقام ما يعرف بعلوم القرآن التى تطعن فى القرآن الكريم بالإضافة إلى ما يعرف بالتأويل والتفسير والحديث .... إلخ .
وحتى اللغة العربية ، فهناك تواتر حافظ عليها ، وتواتر أخر باعد بينها وبين لغة القرآن الكريم وهى اللسان العربى الأصيل الذى كان ينطق به النبى محمد وقومه من العرب ، والمطلوب هنا تأمل معنى قوله تعالى (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا : مريم 97 ) ، ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ : الدخان 58 ) ، ( بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ : الشعراء 195 ) ، فالقرآن الكريم ذكر (اللسان ) ولم يذكر (اللغة ) وهذا موضوع شرحه يطول ، وليس الان بيانه ..
وفى كيفية الصلاة ومواقيتها تجد التواتر صحيحا ماعدا شيئين:قصر الصلاة فى السفر ـ لأن قصرالصلاة هو فى الجهاد والمطاردة عند الهجرة فقط ـ والتأثر بأسطورة المعراج بوضع (التحيات ) بديلا عن التشهد القرآنى :( شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ : آل عمران 18 ).
أما فى العقائد فالتواتر المزيف هو الأغلب والأبشع وهو الذى أضاع ثمرة الصلاة وثمرة الحج ، حيث تكاثرت الأضرحة المقدسة المقصودة بالحج والزيارة وحيث تؤدى فيها الصلاة لله تعالى و للولى المدفون بالتوسل وقراءة الفاتحة و الركوع و السجود والوقوف القانت الخاشع أمام الضريح. وأقيمت تلك الأضرحة للأئمة والفقهاء وآل البيت والأولياء الصوفية وللنبى محمد نفسه. كما نسج التواتر الزائف شخصية إلهية للنبى محمد تخالف حقيقته فى القرآن، ولكن أصبح الإعتراض عليها يعنى الأتهام بالكفر ، ونشأت أديان أرضية على أساس الشرك بالله سبحانه وتعالى .
ومن ألاعيب الشيطان أنه فعل بالمسلمين مثلما فعل بالعرب قبل نزول القرآن ، تركهم يتمسكون بالشكل الظاهرى للصلاة فى مواقيتها ، ولكنه جعلهم يضيعونها بتقديسهم البشر والحجر والإنهماك فى العصيان بزعم وجود الشفاعات وأن الصلاة هى الهدف فى حد ذاتها وليست وسيلة للتقوى ، فإذا صليت فلا عليك بعدها مهما عصيت ، أى بعد أن كانت الصلاة وسيلة للتقوى أصبحت وسيلة للعصيان !.
ومن تلاعب الشيطان ببعض المساكين أنه جعلهم يقفزون للناحية الأخرى وهى إنكار التواتر نهائيا ، وإعتباره إلها وصنما ، وبالتالى يعتمدون على أنفسهم فى إبتكار دين جديد وعبادات جديدة حسب علمهم المتواضع،وينتهى بهم الأمر إلى أن يجعلوا أنفسهم شركاء لله تعالى فى التشريع .
رابعا التواتر والزمن :-
والتواتر ألصق بالزمن . لأنه أفعال البشر المتراكمة عبر الزمن .
والحديث عن علاقة التواتر بالزمن يطول ، ونختصره فيما يخص الأسلام على النحو التالى
1 ــ فالله تعالى أشار إلى الحساب القمرى والشمسى ، أو السنة القمرية والشمسية فى الحديث عن الشمس والقمر (الرحمن 5 )( الأنعام 96 ) واشار الى الفرق بين السنة الشمسية والقمرية فى حساب المدة التى قضاها أهل الكهف ( الكهف 25 ) .
2 ــ ولله جل وعلا حرم مكانى هو الكعبة ،وصلته بالزمن أنه أول بيت وضعه الله تعالى للناس فى هذا الكوكب ( آل عمران 96 ) واسماه البيت العتيق ( الحج 29 ) ، وإلى جانب هذا الحرم المكانى هناك الحرم الزمانى الذى حدده رب العزة يوم خلق السماوات والأرض ،وفى الحج يجتمع الحرم المكانى بالحرم الزمانى حيث يحج الناس الى البيت الحرام فى الأشهر الحرام ـ من ذى الحجة الى ربيع الأول ، وهى الأشهر الأربعة الحرم خلال الأثنى عشر شهرا فى كل عام ( التوبة 36 ) .
3 ــ إلا إن هذا التواتر الإلهى فى الزمن ما لبث أن لحقه التحريف بالنسىء فى الأشهر الحرم ، وتبديل موعد تلك الأشهر واستحلال القتال فى بعضها (التوبة 37 ) ، وهذا التحريف فى النسىء صار متواترا يخالف التواتر الإلهى مما استدعى التصحيح القرآنى . وارتبط هذا التحريف فى النسىء ( الزمن ) بتحريف أيضا صار متواترا فى شعائر الحج إلى الحرم المكانى فى الكعبة ، فقد ابتدعت قريش لنفسها حج (الحمس) نوعا من التدين السطحى الذى يزعم البر والتقوى المظهرية لتتميز عن بقية العرب ، وأصبح ذلك التحريف متواترا قبل نزول القرآن استوجب أن ينفيه القرآن الكريم (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ : البقرة 189،) وجعلت قريش التقوى مظهرا سطحيا عبر تأدية مظهرية للعبادات فى احتفالات موسم الحج ـ كما يحدث الان فى السعودية ـ فنفى الله جل وعلا أن تكون التقوى والبر هى تلك المظاهر السطحية ، وشرح معنى البر و التقوى ( البقرة 177 ) ، وقد جعلت قريش من قيامها على خدمة البيت مظهرا من مظاهر التدين السطحى والسيادة الدينية ـ كما يحدث فى السعودية الآن ـ فجاء الرد عليهم :(أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ ؟ التوبة 19 ).
أى أن التواتر البشرى القائم على التحريف قبل نزول القرآن الكريم ، والذى صححه القرآن الكريم ـ مالبث أن عاد تحريفا أخذ طريقه للتواتر ، ففى فريضة الحج ـ التى يرتبط بها تواتر الزمان بتواتر المكان فى الحج للكعبة خلال الأشهر الحرم ـ ترى المسلمين وقد نسوا الأشهر الحرم الحقيقية كما نسوا جواز الحج فى خلال الأشهر الأربعة ، لأنه تواتر عندهم حصر الحج خلال إفتتاح موسم الحج فى الأيام العشرة الأولى من شهر ذى الحجة .( راجع مقالنا عن :الحج أشهر معلومات )
4 ــ والتاريخ الميلادى المرتبط بميلاد المسيح عليه السلام تعرض للتغيير الجزئى فى عهد الأمبراطور أغسطس ، وعندما قامت الثورة الفرنسية اخترعت توقيتا جديدا وأشهرا جديدة ، ثم ما لبثوا أن ألغوها ، والأخ معمر القذافى إخترع تقويما جديدا وأشهر جديدة مخالفا للتقويم الهجرى واخترع تقويما موازيا للتقويم الميلادى وسمى فيه الأشهر أسماءا جديدة من نوعية النار والسحاب والريح والباذنجان .. وكوفى عنان ..
أى أن التواتر الزمنى فى الأشهر الأثنى عشر من كل عام ما لبث أن لحقه الزيف الذى قد يصبح متواترا أيضا ، ويقف القرآن الكريم حكما على ذلك التواتر الزمنى البشرى القائم على التحريف .
5 ــ ولم يذكر القرآن الكريم أن الأسبوع يتكون من 7 أيام ولم يذكر أيام الأسبوع، وحتى لم يذكر عدد الأشهر فى العام الواحد إلا فى سياق الحديث عن إستحلال الأشهر الحرام بالنسىء، ولم يذكر من أيام الأسبوع سوى يومين فى سياق إستحلال " السبت " عند بنى إسرائيل والتهاون فى صلاة الجمعة لدى الصحابة، ولولا ذلك السياق ما ذكر القرآن الكريم أشياء هى معلومة بالتواتر.
فهل ننكر أيام الأسبوع الأخرى التى لم ترد فى القرآن لأنها لم ترد فى القرآن ؟!!.
وأخيرا .....
1 ـ نزل القرآن فى بيئة تراكمت فيها الموروثات من ملة إبراهيم ومن الثقافة العربية المحلية والوافدة ، وتعامل القرآن مع هذه الثقافة وعالج المتوارث – أو المتواتر – من ملة إبراهيم بالتصحيح ...
2 ـ لو أنكر القرآن الكريم كل التواتر لكان مطلوبا منه أن يبدأ من الصفر ليوضح كل شيىء من البديهيات والأولويات من المعارف والثقافة إلى أن ينتهى لما فيه إشارات علمية معجزة وبلاغة فى البيان وإعجاز فى القصص والتشريع.
ومعنى أن يبدأ القرآن الكريم من الصفر إلى النهاية أن تتكاثر سور القرآن الكريم لتصبح ملايين السور ومئات الملايين من الآيات ، فهل يتفق ذلك مع كونه ميزانا يحتكم اليه الناس؟ وهل يتفق ذلك مع قيام الدين الالهى على التيسير والتخفيف ، وترك حرية البشر فى الاجتهاد ؟.
إن القرآن الكريم نزل يبنى على تواتر سابق فى ملة إبراهيم وفى ثقافة البشر وحضارتهم ولذلك تراه مع التكرار والشرح والتفصيل جاء محددا فى عدد السور والآيات ، وأكد على أنه ما فرط فى شىء ( من الدين ) يكون تركه تفريطا ، وأنه نزل تبيانا لكل شىء (فى الدين يحتاج إلى بيان) وأنه فصل كل شىء (فى الدين)، وجاء تفصيله على علم وهدى وليس عن ثرثرة ولغو.
3 ـ ومن هنا فإن إنكار التواتر جملة وتفصيلا يعتبر جهلا قد يؤدى بصاحبه إلى الخروج عن ملة الإسلام .
إن منكر التواتر قد يكون واحدا من إثنين :
* أن يكفر بقوله تعالى (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ : النحل 89 ) ، ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ: الأنعام 38 ) (وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً ) ( الاسراء 12) (وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) ( الأعراف 52 ) ، ويرى أنه لابد أن يذكر القرآن كل شيىء معلوما كان أم مجهولا ، من البديهيات أم من خفايا العلم ، وحيث لا يوجد ذلك فى القرآن فلابد أن يكذب بتلك الأيات .
* وإما أن يتعسف تأويل أيات القرآن الكريم ليثبت أن فى القرآن كل شىء ، فيتفنن فى التأويل بما يجعله يخرج عن العبادات وعن العقل وعن الإسلام .
4 ـ هناك هداية ايمانية يجدها كل باحث عن الهداية فى القرآن الكريم ، الذى ترى فيه المستوى الميسّر للذكر . يكفيه أن يأتى ربه يوم القيامة بقلب سليم ،ليس فيه تقديس لبشر أو حجر ، مع عمل صالح وعبادة خالصة لوجه الله جل وعلا. إن أخطأ فلا عليه شىء طالما لم يتعمد الخطأ ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا : الأحزاب 5 ). ليس مطالبا بالبحث فى القرآن والتعمق فى فهم مستوياته الخاصة بالعلماء الراسخين.
هذه هى وظيفة الراسخين فى العلم الذين أمضوا رحيق العمر فى معايشة القرآن وفهم دقائق اللغة العربية وتاريخ المسلمين وتراثهم الفكرى والتشريعى ومللهم ونحلهم وفرقهم وطوائفهم وتلك الغابة المتشابكة من مصطلحاتهم ، مع فهم لمجريات عصرنا و ثقافاته. من هنا يكون الراسخ فى العلم مؤهلا للحكم على المتواتر البشرى بالرجوع الى القرآن الكريم.
5 ـ إن حضارتنا الأنسانية الحالية هى حصيلة تراكم وتواتر معرفى متصل ، بدأ بحضارة مصر والرافدين والهند والصين ، وأسهم الدين الحق وما قام على أشلائه من أديان أرضية وملل ونحل ومذاهب فى إثراء وتطور هذا التراكم أو التواتر الحضارى، وحين نزل وحى القرآن كانت البشرية قد دخلت فى طور التعقل فكانت رسالة الإسلام الأخيرة كتابا عقليا وليس مجرد آيه حسية وقتية محلية كما كان يحدث مع الأنبياء السابقين ، وتعامل القرآن مع التواتر الموجود فى عصره بالإصلاح ، ولا يزال يتعامل مع التواتر الذى يطفوا فى كل عصر بمنهج الإصلاح أيضا ، وسيظل هكذا إلى قيام الساعة ، لأن الذى أنزل الكتاب هو الذى أحاط بكل شىء علما ، يعلم ما سيحدث للبشر إلى قيام الساعة .
6 ـ والواقع أن عناصر الهداية واحدة ومتواترة فى كل عصر لأن مصدرها دين الله تعالى الحق، كما أن عناصر الغواية متواترة أيضا لأن مصدرها واحد هو إبليس ، أى أن هناك تواترا فى الخير وتواترا فى الشر ، حدث هذا قبل وبعد نزول القرآن ولا يزال يحدث ، وسيظل يحدث الى آخر يوم فى هذه الدنيا. ويوم القيامة سيقول الله تعالى لأغلبية البشر أن الشيطان أضلهم جيلا بعد جيل دون أن يتعقل جيل بما حدث لسابقيه (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ه؟ : يس ـ 63 )، أى سيظل تواتر الخير وتواتر الشر مستمرا إلى قيام الساعة.
مقابل هذا التواتر البشرى الذى يختلط فيه الحق و الباطل يقف القرآن الكريم حكما ، فهو الميزان الذى أنزله الله تعالى قبيل قيام الساعة ( اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ : الشورى 17 ) وإلى هذا الميزان الإلهى يحتكم الراسخون فى العلم فى معرفة التواتر الصحيح والتواتر الباطل ( أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً : الأنعام 114 ) ونلاحظ أن رقم الأية هنا 114 وهى إشارة إلى عدد سور القرآن الكريم .
7 ـ إن من إعجاز القرآن الكريم فيما يخص التواتر أن محور الإرتكاز فى دعوة القرآن الكريم هى فى تصحيح العقيدة ، حيث تركز التواتر الإلهى على أنه لا إله إلا الله بينما دار التواتر البشرى على تقديس غير الله مع الله ، ومشكلة البشر قبل وبعد نزول القرآن أنهم دائما يتخذون الهوى إلها مع الله تعالى ، قد يكون ذلك الهوى تقديسا لنبى أو لولى أو إمام او للمال أو للشهوات أو لمجرد حيوان أو حجر ، يقول تعالى ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا : الفرقان 43 : 44 ) .
وفى تركيز القرآن الكريم على مشكلة تصحيح العقيدة ـ التى لا تزال مشكلة حتى الأن ـ فإنه لم يذكر كيفية الصلاة ومواقيتها ، لأنها لم تكن مشكلة قبل نزول القرآن ولم تكن مشكلة بعد نزول القرآن .
المشكلة فى عبادة الهوى ، وبعض الناس أفلت من عبادة البشر والحجر ولكن أوقعه الشيطان فى عبادة هواه ، فانطلق يؤول آيات القرآن الكريم ليقوم بتشريع صلاة وحج وصيام ما أنزل الله به من سلطان ، فجعل نفسه إلاها من حيث لا يدرى ، وهو بذلك أسوأ ممن يتخذ آلهة مع الله .