ادلة شريف هادي ترد على نفسها
رداً على مقال التواتر لشريف هادي -2-

عمر أبو رصاع في الأربعاء ٢٦ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

رابط القسم الأول من هذا المقال

 www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php

....... يورد السيد شريف هادي حججه على ما يراه من صحة التواتر دليلاً على صحة القرآن الذي بين ايدينا في مقاله بعد تقريعه لمحاورته و لكل من تسول له نفسه ان يختلف معه تحت ستار أن من اختلف في هذا جاهل ابتداء ذلك انه يخوض فيما لا يعرف و يقول ما لا ينبغي لباحث او طالب علم حسب نصه المتقدم موضوع نقدنا هذا ، علماً بأن سيادته شديد الحساسية ازاء اتهامه بالجهل إلى درجة انه هدد احد محاوريه بأنه إما أن يعتذر عن جملة فيها شبهة رميه بالجهل أو ان سيادته سيوقف معه الحوار لكن سيادته استكبر ان يعتذر في موقف مماثل هو الذي بين ايدينا بل ان صيغته كانت اشد وطأة بما لا يقاس مقارنة مع تلك التي اعترض هو عليها ، فمرة أخرى قبل لنفسه ما لم يقبله لغيره ، على اي حال سبق و تناولنا هذا في القسم الأول و سنخصص هذا القسم لدحض ادلته التي تفضل بها او ما بقي منها مما لم نعرج عليه في القسم الأول لكن قبل ذلك يتطلب امرنا نسف التواتر كحجة من حيث المبدأ.

نبدأ بسؤال هل كتابة النسخ تواتر؟
التواتر لا يقع في نسخة كتبت عن نسخة فهذا استنساخ لاصل لا علاقة له بالتواتر ، فأول ما وقع به سيادة المستشار هو توظيف مصطلح يدل على غير موضوع ، و التواتر ابتداء مصطلح غير قرآني أي انه نحت و وظف بعيداً عن مصطلحات القرآن و هو قد انتج و وظف عربياً في اطار مدرسة الحديث و النقل اسوأ مدارس التوثيق و افشلها في اثبات معرفة او تصحيح خبر.

بل ان مدرسة الحديث سنيها و شيعيها تكاد تتفق على مفهوم التواتر هذا ، فعندها الخبر المتواتر هو الذي انتقل من جماعة إلى جماعة بحيث يستحيل اتفاقهم بمقتضى العقل على الكذب و صنفوه لنوعان تواتر لفظي و تواتر معنوي.
فيما يقع التواتر ؟!
التواتر لغة التتابع ، تتابع الاشياء و بينها فترات اي متقطعة و لو اتصلت لكانت متداركة ، و نستعمله بهذا المعنى في الشعر العربي فنقول قافية متواترة إذا وقع فيها حرف متحرك بين ساكنين ؛ لان المتحرك فصل بينهما فوقع التواتر و حال دون اتصال الساكنين، و يقع التواتر في الإخبار من جماعة عن جماعة لحدث او كلم.
و في حالة القرآن سواء كتبه النبي بنفسه كما ذهب السيد شريف و غيره أو كتبه الكتبة بين يديه على الرقاع و سعف النخل و الجلود و العظام ...ألخ ثم جمع و استنسخ فلا مكان لتواتر هنا لأن النسخ تم عن مصدر أصلي و ليس برواية عن رواية لا بالنص و لا بالمعنى ، و إذا قبلنا بالتواتر مصدراً صحيحاً يعتد به و يقوم حجة لكان على أطروحة السيد شريف لا لها ذلك ان التواتر وقع في خبر جمع القرآن و نسخه و حرق النسخ الاخرى زمن عثمان و كذلك في الاخبار بأن النبي كان لا يعرف الكتابة و القراءة ، فيما لا نقع على رواية واحدة فضلاً عن ان تكون متواترة تؤيد اطروحة السيد شريف !!!!!!

قلت : التواتر لا يقوم دليلاً ألبته ، و لو صح دليلاً لكان علينا ان نقبل بما تواتر خبره من قصة كتابته بين يدي النبي ثم تدوينه ثم جمعه زمن ابي بكر ثم احراق غيره و نسخه على حرف واحد زمن عثمان ، بذا فإن اطروحة السيد شريف "التواتر دليلاً" يضرب بعضها بعضاً و تقوم دليلاً عليه لا له ، فلو كان التواتر دليله على صحة القرآن لكان التواتر كدليل ؛ دليل خطأ اطروحته بأن النبي الكريم كتبه بيده و أنه من هذه النسخة التي كتبها استكتب الصحابة و التابعون النسخ تباعاً وصولاً إلى النسخة التي بين يدينا.

اما ادلة السيد شريف القرآنية على ان النبي كان يعرف القراءة و الكتابة فنوردها تالياً:
"وقالوا اساطير الاولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة واصيلا" الفرقان 5
"وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذا لارتاب المبطلون"العنكبوت48
"لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) [سورة القيامة]

الأولى: هي على لسان من كَفَرَ الحق و زعم بأن النبي الكريم انما امليت عليه اساطير الاولين و كتبها ؛ فالآية الكريمة تنكر هذا بل ان جميع المتقدمين من المفسرين جعلوا عدم معرفة النبي بالقراءة و الكتابة حجة هنا ، و الآية لا تصلح دليلاً معنوياً على ان النبي الكريم كان يعرف القراءة و الكتابة بل و استشهد المفسرون بما تواتر خبره عن عدم معرفته القراءة و الكتابة!!!!!
و الثانية: كالأولى فالآية تنكر معرفته القراءة و الكتابة بل تتخذ من عدم معرفته هذا دليلاً و حجة تحول دون ان يرتاب المبطلون و ليس فيها ايما تقرير بأن النبي الكريم عرف الكتابة و القراءة.
و لا نعرف كيف اتفق للسيد شريف ان الثالثة فيها ما يدل على انه كان يكتب ، استنتج السيد شريف انه كان يحرك به لسانه ليحفظه ثم ليكتبه اما الأولى فنعم و أما الثانية فمن عندك لا من النص فالنص الذي اوردته لا يحمل اي دلالة على الكتابة!
اما ما قاله السيد شريف عن تواتر الكتابة ، فنقول للاسف ان ما عندنا من خبر متواتر هو القصة التراثية عينها التي ذكرنا و هي تتناقض مع ما جاء السيد شريف و لو انه ابتنى اطروحته على ما في القرآن نفسه لكان أجود أما ان يبتني الاطروحة على دليل يقوم عليه لا له فتلك نقطة الاطاحة باطروحته من جذورها.
بل يقوم الدليل على صحته بقوله تعالى :{إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون}
حتى في اطار الدليل المادي تنتقص الادلة المادية الأعلى في البرهان من حجة السيد شريف و ذلك لسببين:

الأول : انه ليس لدينا النسخة الأصلية التي زعمها و زعم أنها التي خطها النبي الكريم بيديه.

و أنا ارى انه من الحصافة و التمكين ان لا يكون النبي كتبها فعلاً بيده حتى لا تصير هذه النسخة وثناً يعبد و يقدس بحكم انها مكتوبة بيده و من يدري لعل البعض غلا فيها فجعلها نازلة من السماء و هي القرآن ........إلى آخر ما يمكن ان نصل إليه لو كانت عندنا ، بل انه استودع القرآن صدور الحفظة و استوثق حفظهم اياه و لم يجعل القرآن شيء مادي من حبر و مواد و هذه نقطة أرى من جانبي فيها حكمة عظيمة ، تخيل لو كان فعلاًَ عندنا مثل هذه النسخة ، سنقع عند إذ في مشكلة عويصة هي تعريف القرآن نفسه هل هو هذا الشيء المادي الذي كتبه النبي بنفسه او ربما نزل عليه من السماء ام انه ما حفظناه؟! ارجو التنبه لطرحي هذا و التفكير فيه.

الثاني : ما وصلنا من اقدم نسخ القرآن و ما غاب عنها من تنقيط و تشكيل يجعلنا في معمعة هنا فهي تدعم ادلة النقّال و خصوصاً حكاية التنقيط هذه فضلاً عن الشكل و تجعل من التنقيط و الشكل تحريفاً للنص ان صحت عن ما كان في نسخته الأصلية.
إلا ان المسألة بنظري كون القرآن نزل بلسان قريش قراءة و بالتالي و إن استغرقت الامة كل هذا الزمن لتضبط كتابته فليس هذا معناه أن القرآن لم يكن مضبوطاً على الألسنة محفظواً في الصدور و من ربه كما قرر في القرآن ،  لم يصلنا ان حافظاً واحداً شذ او اختلف في نص كلمه زيادة او نقصاً و هنا جوهر المسألة و من حيث الدليل المادي لم تصلنا اطلاقا نسخة فيها تحريف في الكلم نفسه اما اختلاف شكل الكتابة و ضبطها فتطور طبيعي للكتابة وصولاً إلى ضبط ما هو محفوظ و على لسان قويم بقراءة قريش.
أخيراً آمل ان يكون في ردي هذا ما يفيد الباحثين و المهتمين ، و إن كنت قسوت في ردي على الأخ شريف هادي فبقسوة اسلوبه الحواري علينا ، و من قبيل انكاري هذا عليه و على نفسي و على كل من يتفضل محاوراً و اني لا اجرح بهذا شخصه الكريم ، و في النهاية هذا ما رأيته أضعه امامكم.
و اختم بالسلام
                                                     تم

اجمالي القراءات 17058