أكد مفتي مصر الدكتور علي جمعة مجددا رؤيته للرسول محمد في اليقظة. وقال جمعة ردا على سؤال حول حقيقة رؤيته للرسول "نعم رأيت النبي في الحقيقة للحظات فقلت في نفسي كم شعرة شائبة في لحيته؟ فاختفى مباشرة...!!. ونفى جمعة تعرض المفتي في مصر لأي ضغوط سياسية لإصدار بعض الفتاوى.
وأشار جمعة في حوار أجراه الصحفي أحمد ياسين ونشر في صحيفة "الجريدة" الكويتية إلى أن أسباب انتشار فوضى الفتاوى في القنوات الفضائية هي لجوء هذه القنوات إلى غير المتخصصين إطلاقاً في الدين وإلى بعض المتشددين الذين يصدرون فتاوى تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وفيما يلي نص الحوار:
ما أسباب انتشار فوضى الفتاوى في القنوات الفضائية من وجهة نظر فضيلتك؟
السبب الرئيس في ذلك هو لجوء هذه القنوات الفضائية إلى غير المتخصصين إطلاقاً في الدين وإلى بعض المتشددين الذين يصدرون فتاوى تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وما تدعو إليه دائماً من ضرورة التيسير على المسلمين لأن الدين الإسلامي الحنيف دين اليسر والوسطية والاعتدال ويرفض التطرف والغلو في الدين بأشكاله كافة.
كيف يتم إصدار الفتوى؟
أصل الفتوى بها ثلاثة أركان هي المصادر، والواقع الذي نسقط عليه الفتوى، وكيفية الوصل بينهما، فإن الواقع جزء من الفتوى وركن من أركانها، والوصل يتم عن طريق دراسة المصالح والمقاصد الشرعية ودراسة المآلات، أي ماذا ستؤول إليه هذه الفتوى، ودائماً نتحرى ذلك لأن هذه أصول الفتوى.
هل هناك ضغوط سياسية في إصدار بعض الفتاوى؟
لا إطلاقاً وكل المفتين يشهدون بهذا، نحن عندنا في دار الإفتاء المصرية 120 ألف فتوي منذ عام 1895 إلى يومنا هذا ولا توجد فتوى فيها أيدت ورسخت شيئاً يتعلق بالحاكم أو بالحكومة، ولما تتكلم مع من يعتقدون غير ذلك، يضربون لنا مواقف بأن واحداً خطب خطبة فهل هي فتوى؟ أو كتب مقالاً فهذه كلها ليست فتاوى. الحقيقة أنني لم أجد مطلقاً أي لون من الخلط بين الفتوى والسياسة وعلى مدى 112 سنة لم يحدث أي تأثير أو ضغوط سياسية، وإن كانت الشائعة غير هذا، والذي ندعو إليه هو التثبت والحقيقة.
ما الدوائر التي يعمل من خلالها المفتي ويحرص على عدم تخطيها؟
المفتي عنده دائرتان الأولى دائرة الداخل الإسلامي والأخرى دائرة الخارج يعني العالم من حولنا ونحن جزء منه، أو يمكن أن نقسم المسألة تقسيماً آخر وهو دائرة الخبر ودائرة العمل الأولى لا يترتب عليها عمل فحينما يسألني سائل أين حديث "إنما الأعمال بالنيات" أقول له رواه البخاري فهذا لا يترتب عليه عمل وهذه ليست فتوى، أو يسألني في الخبر هل الحادثة الفلانية حدثت أم لا؟ أسئلة من هذا القبيل كثيرة. ذات مرة سألني أحد الأشخاص: هل النبي صلي الله عليه وسلم تزوج من مارية القبطية؟ فاعتبرت أنها ليست فتوى لأنها من قبيل الخبر فلم أجبه فرفع عليَّ قضية متهماً إياي بالتقصير في الإفتاء، لأنه مسكين لم يعرف الفرق بين الإجابة عن السؤال المردود على دائرة الخبر والسؤال المردود على دائرة العمل.
ولذلك ترانا دائمًا نحاول جادين ومجتهدين أن نراعي مقاصد الشرع ومصالح الناس وطبيعة العصر في دائرة العمل ومنها نبني جسورنا مع من حولنا في العالم، أما دائرة الخبر فلا نحاول أن نتدخل فيها كثيرًا لأن هذا قد يؤذي الشعور الديني ويحدث من الأضرار المترتبة على ذلك بل ومن ذهاب هيبة المرجعيات والثقة فيهم والصدق معهم إلى أن يذهبوا إلى المتطرفين والإرهابيين وإلى آخره.
نحن كمن يسير علي الحبل لا نريد أن نغيب عن عصرنا ولا نريد أيضًا أن نقدح فيما هو لدى الناس من هياكل مردودها إلى الخبر وهذه الموازنة قد لا يدركها كثير من الناس وهم يتكلمون عن قضية الإفتاء والآراء وفوضى الفضائيات. كثيرًا ما يخلطون بين الدائرتين إنما الصناعة الصحيحة تجعلنا نفرق بين الدائرتين.
هل ترى أن الحوار مع الآخر له فائدة ويأتي بنفع على العالم الاسلامي؟
دائما ما تدعونا الشريعة الإسلامية الغراء إلى التعاون مع الآخر لتحقيق النفع والخير للبشرية والقرآن الكريم لا يوجه إلى الحوار فحسب بل يلفت الأنظار إلى القواسم المشتركة التي ينبغي أن ينطلق منها المتحاورون، كما أن الحوار هو الذي يقود إلى معرفة الحقيقة والتعرف على الآخر عن قرب وتتيح الفرصة إليه أيضاً ليعرف حقيقة الدين الإسلامي الحنيف.
لكن نجد أصواتاً في الغرب تقول بتصارع وتصادم الحضارات؟
الحضارات لا تتصادم ولا تتصارع كما يزعم البعض خطأ وإنما تتعاون وتتكاتف فيما بينها لتحقيق الخير والنفع لكل البشرية لذا يفترض أن يتأدب الجميع بآداب الحوار، لأنه لا يقول عاقل بتصارع الحضارات لأن الحوار هو الطريق الصحيح الذي يرسم معالم الطريق إلى الحضارة لذا ينبغي أن يرتكز على الأسلوب الإنساني.
لكن الهجوم على الإسلام والنبى لم يتوقف من جانب الغرب رغم استمرار الحوار مع الآخر؟
لقد دأب الطغاة عبر العصور على العدوان على رب العالمين وعلى عباده المرسلين وأوليائه المصطفين الأخيار وكتبه المنزلة وعلى الشريعة الإسلامية منذ ظهورها حتى الآن ، وسبب هذا العدوان قد يكون نفسيا من حقد وغل، أو سياسياً لتحصيل مصلحة لهم ولدنياهم التي يحرصون عليها والتي أعمتهم عن الحقيقة والآخرة مصداقا لقول المولى عز وجل "يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ" (سورة الروم آية 7).
ما الهدف من هذه الحملات المسيئة للإسلام ورسوله الكريم من وجهة نظرك؟
الهدف الكامن من استمرار الإساءات للرسول وللإسلام هو شغل المؤمنين عن واجبهم وما كلفهم به المولى عز وجل وشغلهم في معارك جانبية واستفزازهم ليخرجهم أعداء الأمة الإسلامية من حد الاعتدال إلى أي نوع من الشطط بعيداً عن الدعوة إلى الله تعالى التي هي سبب السعادة في الدنيا والآخرة والمنهج النبوي الذي تركه لنا النبي (صلى الله عليه وسلم).
ما أفضل طريقة يتبعها المسلمون من وجهة نظرك للدفاع عن دينهم ونبيهم الكريم؟
أفضل طريقة هي أن يتبعوا منهج المولى عز وجل ويتمسكوا بكتابه الكريم وينتهجوا منهج رسول الله في الحوادث والنوازل والأزمات وأن يستنوا بسنته، ويقوموا بالتعريف بالإسلام تعريفاً صحيحاً مستمراً يسمعه المنصفون والباحثون عن الحق.
هل الجلوس على كرسي الإفتاء أمر صعب؟
الإفتاء يمكن أن يكون نوعًا من العبادة حينما يكون لوجه الله تعالي، وعندما يكون على خطوات صناعته لأن الإفتاء صناعة تتكون من أربعة أشياء: تصوير المسألة ثم تكييفها ثم الحكم فيها ثم إيقاعها على الواقع، وكل مرحلة من هذه المراحل تحتاج إلى علم وقيم وتدريب، وإذا لم يكن المفتي "صنايعياً" فإنه يكون قد جانبه الصواب أي لم يفعل الصواب، فهذه المهنة تتحول إلى عبادة وهذا الكرسي يصبح شيئًا نبتغي به وجه الله عندما نحافظ على الإخلاص والصواب أي إخلاص النية لله تعالى، والصواب باتخاذ مقتضيات الصناعة حتى يكون صنايعيا.
هل فعلاً رأيت الرسول في اليقظة؟
نعم رأيت النبي في الحقيقة، نص الحديث يقول "من رأني في المنام فسيراني في اليقظة" أخرجه مسلم، ورأيت الرسول فعلياً ومن أجل ذلك كتبت كتاباً عن "مدى حجية الرؤيا"، قلت فيه إن الرؤيا البصرية مثل الرؤيا المنامية وليس فيها حجة مثلما تراه في المنام، ولقد رأيت الرسول في اليقظة لحظات فقلت في نفسي كم شعرة شائبة في لحيته؟ فاختفى مباشرة، وحينما سأل أحد الأشخاص الشيخ سيد سابق في أحد اللقاءات في مسجد عمر مكرم عن إمكانية رؤية الرسولفي اليقظة وكان هذا أمامي، فقال أنا رأيته يقظة ببساطة، وما الغريب في أن يرى المسلم الرسول في اليقظة؟، والمرسي أبو العباس يقول "لو غاب عني، صلى الله عليه وسلم، لحظة ما عددت نفسي من المسلمين". إذاً الخرافة هي إنكار الواقع.