المغرب: الشواطئ المشتعلة بين السلطة والإسلاميين

في الخميس ٠٤ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

العلاقة بين السلطة والتيار الإسلامي في المغرب، علاقة شد وجذب، وتوتر وصراع على أصعدةٍ مختلفة، يتبادل فيها الطرفان الاتهامات التي لا تنتهي.
وقد كان هذا الصيف صاخبًا بين الطرفين؛ حيث لم تشهد الشواطئ هذه السنة في المغرب مخيمات صيفية لجماعات إسلامية منظمة كما حدث لجماعة العدل والإحسان، (أكبر جماعة دينية محظورة بالمغرب)، في السنوات السابقة، حين كان ينظم أفرادها مخيمات في شاطئ أبو النعائم (قرب الدار البيضاء) وغيره، مقسمةً إلى مخيمات خاصة بالشباب والعزاب، ومخيمات خاصة بالأسر.


معاناة قمع

وأكد فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي لجماعة العدل والإحسان، أنه لاعتباراتٍ أمنية لا يمكن الحديث ولا الكشف عن "مخيماتنا الصيفية؛ لأننا مُتَابَعُون ومحاصرون، فالدولة تُحَاصِرُنَا، وتُحَاصِرُ أنشطتَنا، وتَقْمَعُنَا، وكنا نتمنى الحديث عن أنشطتنا الصيفية وماذا قمنا به، لكن لا يمكن الكشف عنها لدواعٍ أمنيةٍ صِرْفَة".
وقال الدكتور محمد ضريف، الخبير في شئون التنظيمات الإسلامية: إن جماعة العدل والإحسان لم تُقَدِّمْ معطياتٍ حول تنظيم مخيمات صيفية، فالمعروف أن بعض المناطق الشاطئية والجبلية كانت تحتضن مخيمات الجماعة، وكانت السلطات تأخذ علمًا بذلك، لكن بعد التضييق على الجماعة منذ شهر يونيو 2006 ، عقب مذكرة وزارة الداخلية الشهيرة التي جاءت فيها أوامر واضحة وصارمة للسلطات؛ كي تتعقب وتُضيّق الخناق على أنشطة الجماعة، تم اتخاذ قرارات منع إقامة تلك المخيمات الصيفية، فكان رد فعل الجماعة آنذاك هو النزول إلى الشواطئ بشكل جماعي؛ حيث كان الرجال يستحمون وحدهم والنساء وحدهن، ولكن لا يمكن اعتبار ذلك مخيماتٍ بذلك الشكل الذي كانت تقيم فيه الجماعة مخيماتها، لكن يمكن التأكيد على أن هناك مجموعاتٍ تابعةً للجماعة تلجأ إلى بعض الشواطئ للاستجمام فيها.


البحر للجميع

ويؤكد عبدلاوي لخلافة، صحفي مختص بالشأن الديني بالمغرب "أنه من حق كل إنسان، أيًّا كان اعتقاده الديني وانتماؤه السياسي، أن ينعم ويتمتع بجمال البحر والسباحة في مياهه، فالبحر مُلْكٌ مُشَاعٌ للكل وليس لفئةٍ مخصوصة من البشر.
مضيفًا أنّ التركيز على وَصْمِ التزام فئةٍ من المجتمع بزيٍّ محتشم عند الاستجمام في الشواطئ بأنه شيء غريب، أو غير مقبول، ينطلق من خلفية سياسية، تريد تقليص هامش التأطير والاستقطاب لدى بعض الجماعات ذات الصفة الإسلامية، أكثر منه إخلالًا بالقانون، خاصةً أن المغرب يتوفر على 3500 كلم من الشواطئ، وهو ما يمكن كل واحد من أن يتمتع بالشاطئ وَفْقَ رغباته، دون أن يخل بحق الآخر في الاستمتاع، مثل المبالغة في التعري الفاضح المستفز، أو إزعاج الآخرين بِحَثِّهِمْ على التستر أو لباس معين".


حرب الشواطئ

ويعتبر لخلافة أنه ارتباطًا بحضور البعد السياسي في تدبير الدولة للعلاقة مع الحركات الإسلامية التي لا تسايرها في التوجه السياسي، ليس فقط في مسألة الشواطئ، بل في كل الأنشطة الإشعاعية التي تقوم بها، فلا بد وأنها ستحرص على توظيف القانون والإعلام الرسمي للتشكيك في طبيعة التخييم لدى هذه الجماعات الإسلامية، وتصويره بأنه شيء غريب وغير طبيعي، مع غض الطرف على وجهه الفاضح.
وبالتالي، يقول الصحفي المغربي، فـ"حرب الشواطئ" بين الدولة والجماعة تدخل في هذا الإطار، وطبيعيٌّ أن تكون الغلبة للدولة وسلطاتها الأمنية، دون نفي وجود بعض المنزلقات التي تقوم بها بعض الجماعات، وهو ما يستفز الآخر ويدفعه إلى تشديد الحصار، بدل غض الطرف عنها؛ لأن الدولة في المبتدأ والمنتهى تريد الأمن، وكل أمر يستفزها تبحث له عن آليات لإقباره.
ويخلص المتحدث إلى كون ثنائية التضييق وعنصر الاستفزاز، كلها عوامل أرجعت الجماعة إلى العمل السري بطريقة ما، وهو ما نلاحظه من خلال تنظيمها لـ"رباطات" وأنشطة لا يتم الإعلان عنها إلا بعد الانتهاء، قائلا: "رأيي أن يغير الطرفان علاقة الشد والجذب إلى مزيد من الوضوح للانكباب على المشاكل الأساسية، بدل التيه في التنازع السياسي حول أشياء غير ذات شأن".

اجمالي القراءات 3059